الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5الصفحة 6الصفحة 7الصفحة 8
قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَسورة الشعراء الآية رقم 31
" قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ " أي: ذكر الحيات.
" مُبِينٌ " ظاهر لكل أحد, لا خيال, ولا تشبيه.
فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌسورة الشعراء الآية رقم 32
وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَسورة الشعراء الآية رقم 33
" وَنَزَعَ يَدَهُ " من جيبه " فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ " أي: لها نور عظيم, لا نقص فيه لمن نظر إليها.
قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌسورة الشعراء الآية رقم 34
" قَالَ " فرعون " لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ " معارضا للحق, ومن جاء به.
يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَسورة الشعراء الآية رقم 35
" إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ " موه عليهم لعلمه بضعف عقولهم, أن هذا من جنس ما يأتي به السحرة, لأنه من المتقرر عندهم, أن السحرة يأتون من العجائب, بما لا يقدر عليه الناس, وخوفهم أن قصده بهذا السحر, التوصل إلى إخراجهم من وطنهم, ليجدوا ويجتهدوا في معاداة من يريد إجلاءهم عن أولادهم وديارهم.
" فَمَاذَا تَأْمُرُونَ " أن نفعل به؟
قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَسورة الشعراء الآية رقم 36
" قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ " أي: أخرهما " وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ " جامعين للناس
يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍسورة الشعراء الآية رقم 37
" يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ " أي: ابعث في جميع مدنك, التي هي مقر العلم, ومعدن السحر, من يجمع لك كل ساحر ماهر, عليم في سحره فإن الساحر يقاتل بسحر من جنس سحره.
وهذا من لطف الله أن يرى العباد, بطلان ما موه به فرعون الجاهل, الضال, المضل أن ما جاء به موسى سحر, قيضهم أن جمعوا أهل المهارة بالسحر, لينعقد المجلس عن حضرة الخلق العظيم, فيظهر الحق على الباطل, ويقر أهل العلم وأهل الصناعة, بصحة ما جاء به موسى, وأنه ليس بسحر.
فعمل فرعون برأيهم, فأرسل في المدائن, من يجمع السحرة, واجتهد في ذلك, وجد.
فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍسورة الشعراء الآية رقم 38
" فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ " قد واعدهم إياه موسى, وهو يوم الزينة, الذي يتفرغون فيه من أشغالهم.
وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَسورة الشعراء الآية رقم 39
" وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ " أي: نودي بعموم الناس بالاجتماع في ذلك اليوم الموعود.
لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَسورة الشعراء الآية رقم 40
" لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ " أي: قالوا للناس: اجتمعوا لتنظروا غلبة السحرة لموسى, وأنهم ماهرون في صناعتهم, فنتبعهم, ونعظمهم, ونعرف فضيلة علم السحر.
فلو وفقوا للحق, لقالوا, لعلنا نتبع الحق منهم, ولنعرف الصواب.
فلذلك ما أفاد فيهم ذلك, إلا قيام الحجة عليهم.
فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَسورة الشعراء الآية رقم 41
" فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ " ووصلوا لفرعون قالوا له: " أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ " لموسى؟
قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَسورة الشعراء الآية رقم 42
" قَالَ نَعَمْ " حكم أجر, وثواب " وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " عندي.
وعدهم الأجر والقربة منه, ليزداد نشاطهم, ويأتوا بكل مقدورهم, في معارضة ما جاء به موسى.
فلما اجتمعوا للموعد, هم وموسى, وأهل مصر, وعظهم موسى وذكرهم وقال: " وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى " فتنازعوا وتخاصموا ثم شجعهم فرعون, وشجع بعضهم بعضا.
قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَسورة الشعراء الآية رقم 43
" قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ " أي: ألقوا كل ما في خواطركم إلقاؤه.
ولم يقيدهم بشيء دون شيء, لجزمه ببطلان ما جاءوا به من معارضة الحق.
فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَسورة الشعراء الآية رقم 44
" فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ " فإذا هي حيات تسعى, وسحروا بذلك أعين الناس.
" وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ " فاستعانوا بعزة عبد ضعيف, عاجز من كل وجه, إلا أنه قد تجبر, وحصل له صورة ملك وجنود.
فغرتهم تلك الأبهة, ولم تنفذ بصائرهم إلى حقيقة الأمر.
أو أن هذا قسم منهم بعزة فرعون والمقسم عليه, أنهم غالبون.
فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَسورة الشعراء الآية رقم 45
" فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ " تبتلع وتأخذ " مَا يَأْفِكُونَ " فالتقفت, جميع ما ألقوا, من الحبال والعصي, لأنها إفك, وكذب, وزور وذلك كله, باطل لا يقوم للحق, ولا يقاومه.
فلما رأى السحرة هذة الآية العظيمة, تيقنوا - لعلمهم - أن هذا ليس بسحر, وإنما هو آية من آيات الله, ومعجزة تنبئ بصدق موسى, وصحة ما جاء به.
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَسورة الشعراء الآية رقم 46
" فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ " لربهم
قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَسورة الشعراء الآية رقم 47
" قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ " .
وانقمع الباطل, في ذلك المجمع, وأقر رؤساؤه, ببطلانه, ووضح الحق, وظهر حتى رأى ذلك الناظرون بأبصارهم.
ولكن أبى فرعون, إلا عتوا وضلالا, وتماديا في غيه وعنادا.
فقال للسحرة:
رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَسورة الشعراء الآية رقم 48
قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَسورة الشعراء الآية رقم 49
" آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ " يتعجب, ويعجب قومه من جراءتهم عليه, وإقدامهم على الإيمان من غير إذنه ومؤامرته.
" إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ " .
هذا, وهو الذي جمع السحرة, وملأه, الذين أشاروا عليه بجمعهم من مدائنهم.
وقد علموا أنهم ما اجتمعوا بموسى, ولا رآوه قبل ذلك, وأنهم جاءوا من السحر, بما يحير الناظرين, ويهيلهم, ومع ذلك, فراج عليهم هذا القول, الذي هم بأنفسهم, وقفوا على بطلانه.
فلا يستنكر على أهل هذه العقول, أن لا يؤمنوا بالحق الواضح, والآيات الباهرة, لأنهم لو قال لهم فرعون عن أي شيء كان, إنه على خلاف حقيقته, صدقوه.
ثم توعد السحرة فقال: " لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ " أي: اليد اليمنى, والرجل اليسرى, كما يفعل بالمفسد في الأرض.
" وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ " لتختزوا, وتذلوا.
فقال السحرة - حين وجدوا حلاوة الإيمان, وذاقو لذته-:
قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَسورة الشعراء الآية رقم 50
" لَا ضَيْرَ " أي: لا نبالي بما توعدتنا به " إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا " من الكفر والسحر, وغيرهما " أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ " بموسى, من هؤلاء الجنود.
فثبتهم الله وصبرهم.
فيحتمل أن فرعون, فعل ما توعدهم به, لسلطانه, واقتداره إذ ذاك ويحتمل, أن الله منعه منهم.
ثم لم يزل فرعون وقومه, مستمرين على كفرهم, يأتيهم موسى بالآيات البينات.
وكلما جاءتهم آية, وبلغت منهم كل مبلغ, وعدوا موسى, وعاهدوه لئن كشف الله عنهم, ليؤمنن به, وليرسلن معه بني إسرائيل, فيكشفه الله, ثم ينكثون.
فلما يئس موسى من إيمانهم, وحقت عليهم كلمة العذاب, وآن لبني إسرائيل أن ينجيهم الله من أسرهم, ويمكن لهم في الأرض, أوحى الله إلى موسى:
إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَسورة الشعراء الآية رقم 51
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَسورة الشعراء الآية رقم 52
" أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي " أي: اخرج ببني إسرائيل أول الليل, ليتمادوا,, ويتمهلوا في ذهابهم.
" إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ " أي: سيتبعكم فرعون وجنوده.
ووقع كما أخبر, فإنهم لما أصبحوا, إذا بنو إسرائيل قد سروا كلهم مع موسى.
فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَسورة الشعراء الآية رقم 53
" فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ " يجمعون الناس, ليوقع ببني إسرائيل, ويقول مشجعا لقومه " إِنَّ هَؤُلَاءِ " أي: بني إسرائيل " لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ " .
" وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ " فلا بد أن ننفذ غيظنا في هؤلاء العبيد, الذين أبقوا منا.
إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَسورة الشعراء الآية رقم 54
وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَسورة الشعراء الآية رقم 55
وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَسورة الشعراء الآية رقم 56
" وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ " أي: الحذر على الجميع منهم, وهم أعداء للجميع, والمصلحة مشتركة.
فخرج فرعون وجنوده, في جيش عظيم, ونفير عام, لم يتخلف منهم, سوى أهل الأعذار, الذين منعهم العجز.
فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍسورة الشعراء الآية رقم 57
فال الله تعالى: " فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ " أي: بساتين مصر وجناتها الفائقة, وعيونها المتدفقة, وزروع, قد ملأت أراضيهم, وعمرت بها حاضرتهم وبواديهم.
وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍسورة الشعراء الآية رقم 58
" وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ " يعجب الناظرين, ويلهي المتأملين.
تمتعوا به دهرا طويلا, وقضوا بلذته وشهواته, عمرا مديدا, على الكفر والفساد, والتكبر على العباد والتيه العظيم.
كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَسورة الشعراء الآية رقم 59
" كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا " أي: هذه البساتين والعيون, والزروع, والمقام الكريم.
" بَنِي إِسْرَائِيلَ " الذين جعلوهم من قبل عبيدهم, وسخروا في أعمالهم الشاقة.
فسبحان من يؤتي الملك من يشاء, وينزعه عمن يشاء, ويعز من يشاء بطاعته, ويذل من يشاء بمعصيته.
فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَسورة الشعراء الآية رقم 60
" فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ " أي: اتبع قوم فرعون, قوم موسى, وقت شروق الشمس, وساقوا خلفهم محثين, على غيظ وحنق قادرين.
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5الصفحة 6الصفحة 7الصفحة 8