الصفحة 1الصفحة 2
قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَسورة الطور الآية رقم 31
وَقَوْله : { قُلْ تَرَبَّصُوا } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَك : إِنَّك شَاعِر نَتَرَبَّص بِك رَيْب الْمَنُون , تَرَبَّصُوا : أَيْ انْتَظِرُوا وَتَمَهَّلُوا فِي رَيْب الْمَنُون , فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُتَرَبِّصِينَ بِكُمْ , حَتَّى يَأْتِيَ أَمْر اللَّه فِيكُمْ .
أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَسورة الطور الآية رقم 32
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْم طَاغُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : أَتَأْمُرُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ أَحْلَامُهُمْ بِأَنْ يَقُولُوا لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ شَاعِر , وَإِنَّ مَا جَاءَ بِهِ شِعْر { أَمْ هُمْ قَوْم طَاغُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مَا تَأْمُرهُمْ بِذَلِكَ أَحْلَامُهُمْ وَعُقُولُهُمْ " بَلْ هُمْ قَوْم طَاغُونَ " قَدْ طَغَوْا عَلَى رَبّهمْ , فَتَجَاوَزُوا مَا أَذِنَ لَهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِهِ مِنَ الْإِيمَان إِلَى الْكُفْر بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25064 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا } قَالَ : كَانُوا يُعَدُّونَ فِي الْجَاهِلِيَّة أَهْلَ الْأَحْلَام , فَقَالَ اللَّه : أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامهمْ بِهَذَا أَنْ يَعْبُدُوا أَصْنَامًا بُكْمًا , صُمًّا , وَيَتْرُكُوا عِبَادَة اللَّه , فَلَمْ تَنْفَعْهُمْ أَحْلَامُهُمْ حِين كَانَتْ لِدُنْيَاهُمْ , وَلَمْ تَكُنْ عُقُولهمْ فِي دِينهمْ , لَمْ تَنْفَعْهُمْ أَحْلَامهمْ , وَكَانَ بَعْض أَهْل الْمَعْرِفَة بِكَلَامِ الْعَرَب مِنْ أَهْل الْبَصْرَة , يَتَأَوَّل قَوْله : { أَمْ تَأْمُرُوهُمْ أَحْلَامهمْ } : بَلْ تَأْمُرهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { أَمْ هُمْ قَوْم طَاغُونَ } أَيْضًا قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25065 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { أَمْ هُمْ قَوْم طَاغُونَ } قَالَ : بَلْ هُمْ قَوْم طَاغُونَ . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد { أَمْ هُمْ قَوْم طَاغُونَ } قَالَ : بَلْ هُمْ قَوْم طَاغُونَ .
أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لّا يُؤْمِنُونَسورة الطور الآية رقم 33
وَقَوْله : { أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : أَمْ يَقُول هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ : تَقَوَّلَ مُحَمَّد هَذَا الْقُرْآن وَتَخَلَّقَهُ. وَقَوْله : { بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : كَذَبُوا فِيمَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ , بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ فَيُصَدِّقُوا بِالْحَقِّ الَّذِي جَاءَهُمْ مِنْ عِنْد رَبّهمْ .
فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَسورة الطور الآية رقم 34
وَقَوْله : { فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْله } يَقُول : جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَلْيَأْتِ قَائِلُو ذَلِكَ لَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِقُرْآنٍ مِثْله , فَإِنَّهُمْ مِنْ أَهْل لِسَان مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَنْ يَتَعَذَّر عَلَيْهِمْ أَنْ يَأْتُوا مِنْ ذَلِكَ بِمِثْلِ الَّذِي أَتَى بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فِي أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقَوَّلَهُ وَتَخَلَّقَهُ .
أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَسورة الطور الآية رقم 35
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْر شَيْء أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : أَخُلِقَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ غَيْر شَيْء , أَيْ مِنْ غَيْر آبَاء وَلَا أُمَّهَات , فَهُمْ كَالْجَمَادِ , لَا يَعْقِلُونَ وَلَا يَفْهَمُونَ لِلَّهِ حُجَّةً , وَلَا يَعْتَبِرُونَ لَهُ بِعِبْرَةٍ , وَلَا يَتَّعِظُونَ بِمَوْعِظَةٍ , وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : أَمْ خُلِقُوا لِغَيْرِ شَيْء , كَقَوْلِ الْقَائِل : فَعَلْت كَذَا وَكَذَا مِنْ غَيْر شَيْء , بِمَعْنَى : لِغَيْرِ شَيْء .
أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لّا يُوقِنُونَسورة الطور الآية رقم 36
وَقَوْله : { أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } يَقُول : أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ هَذَا الْخَلْق , فَهُمْ لِذَلِكَ لَا يَأْتَمِرُونَ لِأَمْرِ اللَّه , وَلَا يَنْتَهُونَ عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ ; لِأَنَّ لِلْخَالِقِ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ { أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } يَقُول : أَخَلَقُوا السَّمَاوَات وَالْأَرْض فَيَكُونُوا هُمُ الْخَالِقِينَ , وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ : لَمْ يَخْلُقُوا السَّمَاوَات وَالْأَرْض , { بَلْ لَا يُوقِنُونَ } يَقُول : لَمْ يَتْرُكُوا أَنْ يَأْتَمِرُوا لِأَمْرِ رَبّهمْ , وَيَنْتَهُوا إِلَى طَاعَته فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى ; لِأَنَّهُمْ خَلَقُوا السَّمَاوَات وَالْأَرْض , فَكَانُوا بِذَلِكَ أَرْبَابًا , وَلَكِنَّهُمْ فَعَلُوا ; لِأَنَّهُمْ لَا يُوقِنُونَ بِوَعِيدِ اللَّه وَمَا أَعَدَّ لِأَهْلِ الْكُفْر بِهِ مِنْ الْعَذَاب فِي الْآخِرَة .
أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَسورة الطور الآية رقم 37
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِن رَبّك أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : أَعِنْد هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللَّه خَزَائِنُ رَبّك يَا مُحَمَّد , فَهُمْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ بِذَلِكَ عَنْ آيَات رَبّهمْ مُعْرِضُونَ , أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ . اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَمْ هُمُ الْمُسَلَّطُونَ . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25066 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ } يَقُول : الْمُسَلَّطُونَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَمْ هُمُ الْمُنْزِلُونَ . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25067 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { أَمْ عِنْدهمْ خَزَائِن رَبّك أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ } قَالَ : يَقُول أَمْ هُمُ الْمُنْزِلُونَ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَمْ هُمُ الْأَرْبَاب , وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : يُقَال : سَيْطَرْت عَلَيَّ : أَيْ اتَّخَذْتنِي خَوَلًا لَك . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَمْ هُمُ الْجَبَّارُونَ الْمُتَسَلِّطُونَ الْمُسْتَكْبِرُونَ عَلَى اللَّه , وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسَيْطِر فِي كَلَام الْعَرَب الْجَبَّار الْمُتَسَلِّط , وَمِنْهُ قَوْل اللَّه : { لَسْت عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ } 88 22 . يَقُول : لَسْت عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ مُسَلَّط .
أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍسورة الطور الآية رقم 38
وَقَوْله : { أَمْ لَهُمْ سُلَّم يَسْتَمِعُونَ فِيهِ } يَقُول : أَمْ لَهُمْ سُلَّم يَرْتَقُونَ فِيهِ إِلَى السَّمَاء يَسْتَمِعُونَ عَلَيْهِ الْوَحْي , فَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا هُنَالِكَ مِنَ اللَّه أَنَّ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ حَقّ , فَهُمْ بِذَلِكَ مُتَمَسِّكُونَ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ .

وَقَوْله : { فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِين } يَقُول : فَإِنْ كَانُوا يَدَّعُونَ ذَلِكَ فَلْيَأْتِ مَنْ يَزْعُم أَنَّهُ اسْتَمَعَ ذَلِكَ , فَسَمِعَهُ بِسُلْطَانٍ مُبِين , يَعْنِي بِحُجَّةٍ تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَقّ , كَمَا أَتَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا عَلَى حَقِيقَة قَوْله , وَصِدْقِهِ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَالسُّلَّم فِي كَلَام الْعَرَب : السَّبَب وَالْمِرْقَاة ; وَمِنْهُ قَوْل ابْن مُقْبِل : لَا تُحْرِزِ الْمَرْءَ أَحْجَاءُ الْبِلَادِ وَلَا و تُبْنَى لَهُ فِي السَّمَاوَات السَّلَالِيم وَمِنْهُ قَوْله : جَعَلْت فُلَانًا سُلَّمًا لِحَاجَتِي : إِذَا جَعَلْته سَبَبًا لَهَا .
أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَسورة الطور الآية رقم 39
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ لَهُ الْبَنَات وَلَكُمُ الْبَنُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ مِنْ قُرَيْش : أَلِرَبِّكُمْ أَيّهَا الْقَوْم الْبَنَات وَلَكُمْ الْبَنُونَ ؟ ذَلِكَ إِذَنْ قِسْمَةٌ ضِيزَى ,
أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَسورة الطور الآية رقم 40
وَقَوْله : { أَمْ تَسْأَلهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَم مُثْقَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَسْأَلُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَرْسَلْنَاك إِلَيْهِمْ يَا مُحَمَّد عَلَى مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه وَطَاعَته ثَوَابًا وَعِوَضًا مِنْ أَمْوَالهمْ , فَهُمْ مِنْ ثِقَل مَا حَمَلْتهمْ مِنَ الْغُرْم لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إِجَابَتك إِلَى مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25068 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَمْ تَسْأَلهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَم مُثْقَلُونَ } يَقُول : هَلْ سَأَلْت هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ أَجْرًا يُجْهِدُهُمْ , فَلَا يَسْتَطِيعُونَ الْإِسْلَام . 25069 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَم مُثْقَلُونَ } قَالَ : يَقُول : أَسَأَلْتهمْ عَلَى هَذَا أَجْرًا , فَأَثْقَلَهُمْ الَّذِي يُبْتَغَى أَخْذه مِنْهُمْ .
أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَسورة الطور الآية رقم 41
وَقَوْله : { أَمْ عِنْدهمُ الْغَيْب فَهُمْ يَكْتُبُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : أَمْ عِنْدهمْ عِلْم الْغَيْب , فَهُمْ يَكْتُبُونَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ , فَيُنَبِّئُونَهُمْ بِمَا شَاءُوا , وَيُخْبِرُونَهُمْ بِمَا أَرَادُوا .
أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَسورة الطور الآية رقم 42
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : بَلْ يُرِيد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ يَا مُحَمَّد بِك , وَبِدِينِ اللَّه كَيْدًا { فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ } يَقُول : فَهُمُ الْمَكِيدُونَ الْمَمْكُور بِهِمَا دُونَك , فَثِقْ بِاللَّهِ , وَامْضِ لِمَا أَمَرَك بِهِ .
أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَسورة الطور الآية رقم 43
وَقَوْله : { أَمْ لَهُمْ إِلَه غَيْر اللَّه } : يَقُول حَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَمْ لَهُمْ مَعْبُود يَسْتَحِقّ عَلَيْهِمْ الْعِبَادَة غَيْر اللَّه , فَيَجُوز لَهُمْ عِبَادَته , يَقُول : لَيْسَ لَهُمْ إِلَه غَيْر اللَّه الَّذِي لَهُ الْعِبَادَة مِنْ جَمِيع خَلْقه { سُبْحَان اللَّه عَمَّا يُشْرِكُونَ } يَقُول : تَنْزِيهًا لِلَّهِ عَنْ شِرْكهمْ وَعِبَادَتهمْ مَعَهُ غَيْرَهُ .
وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌسورة الطور الآية رقم 44
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَاب مَرْكُوم } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَإِنْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ قِطْعًا مِنَ السَّمَاء سَاقِطًا , وَالْكِسْف : جَمْع كِسْفَة , مِثْل التَّمْر جَمْع تَمْرَة , وَالسِّدْر جَمْع سِدْرَة , وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25070 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { كِسْفًا } يَقُول : قِطْعًا. 25071 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا } يَقُول : وَإِنْ يَرَوْا قِطْعًا { مِنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَاب مَرْكُوم } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَقُولُوا لِذَلِكَ الْكِسْف مِنَ السَّمَاء السَّاقِط : هَذَا سَحَاب مَرْكُوم , يَعْنِي بِقَوْلِهِ مَرْكُوم : بَعْضه عَلَى بَعْض . وَإِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْش الَّذِينَ سَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآيَات , فَقَالُوا لَهُ : { لَنْ نُؤْمِنَ لَك حَتَّى تُفَجِّرَ لَنَا مِنَ الْأَرْض يَنْبُوعًا } 17 90 إِلَى قَوْله : { عَلَيْنَا كِسْفًا } 17 92 فَقَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مَا سَأَلُوا مِنَ الْآيَات , فَعَايَنُوا كِسْفًا مِنَ السَّمَاء سَاقِطًا , لَمْ يَنْتَقِلُوا عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّكْذِيب , وَلَقَالُوا . إِنَّمَا هَذَا سَحَاب بَعْضه فَوْق بَعْض ; لِأَنَّ اللَّه قَدْ حَتَّمَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ . كَمَا : 25072 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة يَقُولُوا { سَحَاب مَرْكُوم } يَقُول : لَا يُصَدِّقُوا بِحَدِيثٍ , وَلَا يُؤْمِنُوا بِآيَةٍ. 25073 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَاب مَرْكُوم } قَالَ : حِين سَأَلُوا الْكِسْف قَالُوا : أَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسْفًا مِنَ السَّمَاء إِنْ كُنْت مِنَ الصَّادِقِينَ ; قَالَ : يَقُول : لَوْ أَنَّا فَعَلْنَا لَقَالُوا : سَحَاب مَرْكُوم .
فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَسورة الطور الآية رقم 45
وَقَوْله : { فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَدَعْ يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يَهْلِكُونَ , وَذَلِكَ عِنْد النَّفْخَة الْأُولَى. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فِيهِ يُصْعَقُونَ } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار سِوَى عَاصِم بِفَتْحِ الْيَاء مِنْ " يَصْعَقُونَ " , وَقَرَأَهُ عَاصِم { يُصْعَقُونَ } بِضَمِّ الْيَاء , وَالْفَتْح أَعْجَبُ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيْنَا ; لِأَنَّهُ أَفْصَح اللُّغَتَيْنِ وَأَشْهَرُهُمَا , وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى جَائِزَة , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب تَقُول : صَعِقَ الرَّجُل وَصُعِقَ , وَسَعِدَ وَسُعِدَ . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الصَّعْق بِشَوَاهِدِهِ , وَمَا قَالَ فِيهِ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته .
يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَسورة الطور الآية رقم 46
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَوْم لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { يَوْم لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا } يَوْم الْقِيَامَة , حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمهمْ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ , ثُمَّ بَيَّنَ عَنْ ذَلِكَ الْيَوْم أَيّ يَوْم هُوَ , فَقَالَ : يَوْم لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدهمْ شَيْئًا , يَعْنِي : مَكْرهمْ أَنَّهُ لَا يَدْفَع عَنْهُمْ مِنْ عَذَاب اللَّه شَيْئًا , فَالْيَوْم الثَّانِي تَرْجَمَة عَنِ الْأَوَّل .

وَقَوْله : { وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ } يَقُول : وَلَا هُمْ يَنْصُرُهُمْ نَاصِر , فَيَسْتَقِيد لَهُمْ مِمَّنْ عَذَّبَهُمْ وَعَاقَبَهُمْ .
وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَسورة الطور الآية رقم 47
وَقَوْله : { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُون ذَلِكَ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْعَذَاب الَّذِي تَوَعَّدَ اللَّه بِهِ هَؤُلَاءِ الظَّلَمَة مِنْ دُون يَوْم الصَّعْقَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ عَذَاب الْقَبْر . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25074 -حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى الْفَزَارِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنِ الْبَرَاء { عَذَابًا دُون ذَلِكَ } قَالَ : عَذَاب الْقَبْر . 25075 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُون ذَلِكَ } يَقُول : عَذَاب الْقَبْر قَبْل عَذَاب يَوْم الْقِيَامَة . * حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , أَنَّ ابْن عَبَّاس كَانَ يَقُول : إِنَّكُمْ لَتَجِدُونَ عَذَاب الْقَبْر فِي كِتَاب اللَّه { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُون ذَلِكَ } . * حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , أَنَّ ابْن عَبَّاس كَانَ يَقُول : إِنَّ عَذَاب الْقَبْر فِي الْقُرْآن , ثُمَّ تَلَا { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُون ذَلِكَ } . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ الْجُوع . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25076 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { عَذَابًا دُون ذَلِكَ } قَالَ : الْجُوع . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ : الْمَصَائِب الَّتِي تُصِيبهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ ذَهَاب الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25077 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُون ذَلِكَ } قَالَ : دُون الْآخِرَة فِي هَذِهِ الدُّنْيَا يُعَذِّبهُمْ بِهِ مِنْ ذَهَاب الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد , قَالَ : فَهِيَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَجْر وَثَوَاب عِنْد اللَّه , عَدَا مَصَائِبهمْ وَمَصَائِب هَؤُلَاءِ , عَجَّلَهُمْ اللَّه إِيَّاهَا فِي الدُّنْيَا , وَقَرَأَ { فَلَا تُعْجِبْك أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ } 9 55 إِلَى آخِر الْآيَة . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِكُفْرِهِمْ بِهِ عَذَابًا دُون يَوْمهمْ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ , وَذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة , فَعَذَاب الْقَبْر دُون يَوْم الْقِيَامَة ; لِأَنَّهُ فِي الْبَرْزَخ , وَالْجُوع الَّذِي أَصَابَ كُفَّار قُرَيْش , وَالْمَصَائِب الَّتِي تُصِيبهُمْ فِي أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ وَأَوْلَادهمْ دُون يَوْم الْقِيَامَة , وَلَمْ يَخْصُصْ اللَّه نَوْعًا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَهُمْ دُون يَوْم الْقِيَامَة دُون نَوْع بَلْ عَمَّ فَقَالَ { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُون ذَلِكَ } فَكُلّ ذَلِكَ لَهُمْ عَذَاب , وَذَلِكَ لَهُمْ دُون يَوْم الْقِيَامَة , فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَإِنَّ لِلَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ عَذَابًا مِنْ اللَّه دُون يَوْم الْقِيَامَة { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } بِأَنَّهُمْ ذَائِقُو ذَلِكَ الْعَذَاب .
وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُسورة الطور الآية رقم 48
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّك فَإِنَّك بِأَعْيُنِنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّك } يَا مُحَمَّد الَّذِي حَكَمَ بِهِ عَلَيْك , وَامْضِ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ , وَبَلِّغْ رِسَالَاتِهِ { فَإِنَّك بِأَعْيُنِنَا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنَّك بِمَرْأًى مِنَّا نَرَاك وَنَرَى عَمَلَك , وَنَحْنُ نَحُوطُك وَنَحْفَظُك , فَلَا يَصِل إِلَيْك مَنْ أَرَادَك بِسُوءٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ .

وَقَوْله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِذَا قُمْت مِنْ نَوْمك فَقُلْ : سُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25078 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , فِي قَوْله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك حِين تَقُوم } قَالَ : مِنْ كُلّ مَنَامَة , يَقُول حِين يُرِيد أَنْ يَقُوم : سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك . * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص عَوْف بْن مَالِك { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك } قَالَ : سُبْحَانُ اللَّه وَبِحَمْدِهِ . 25079 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك حِين تَقُوم } قَالَ : إِذَا قَامَ لِصَلَاةٍ مِنْ لَيْل أَوْ نَهَار , وَقَرَأَ { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاة } 5 6 قَالَ : مِنْ نَوْم , ذَكَرَهُ عَنْ أَبِيهِ . وَقَالَ بَعْضهمْ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِذَا قُمْت إِلَى الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة فَقُلْ : سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25080 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك . { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك حِين تَقُوم } قَالَ : إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاة قَالَ : سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك , وَتَبَارَكَ اسْمُك وَلَا إِلَه غَيْرك . 25081 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك حِين تَقُوم } إِلَى الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَصَلِّ بِحَمْدِ رَبّك حِين تَقُوم مِنْ مَنَامك , وَذَلِكَ نَوْم الْقَائِلَة , وَإِنَّمَا عَنَى صَلَاة الظُّهْر . وَإِنَّمَا قُلْت : هَذَا الْقَوْل أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ ; لِأَنَّ الْجَمِيع مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ غَيْر وَاجِب أَنْ يُقَال فِي الصَّلَاة : سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك , وَمَا رُوِيَ عَنْ الضَّحَّاك عِنْد الْقِيَام إِلَى الصَّلَاة , فَلَوْ كَانَ الْقَوْل كَمَا قَالَهُ الضَّحَّاك لَكَانَ فَرْضًا أَنْ يُقَال لِأَنَّ قَوْله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك } أَمْر مِنْ اللَّه تَعَالَى بِالتَّسْبِيحِ , وَفِي إِجْمَاع الْجَمِيع عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْر وَاجِب الدَّلِيل الْوَاضِح عَلَى أَنَّ الْقَوْل فِي ذَلِكَ غَيْر الَّذِي قَالَهُ الضَّحَّاك . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَلَعَلَّهُ أُرِيدَ بِهِ النَّدْب وَالْإِرْشَاد . قِيلَ : لَا دَلَالَة فِي الْآيَة عَلَى ذَلِكَ , وَلَمْ تَقُمْ حُجَّة بِأَنَّ ذَلِكَ مَعْنِيّ بِهِ مَا قَالَهُ الضَّحَّاك , فَيُجْعَل إِجْمَاع الْجَمِيع عَلَى أَنَّ التَّسْبِيح عِنْد الْقِيَام إِلَى الصَّلَاة مِمَّا خُيِّرَ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ دَلِيلًا لَنَا عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ النَّدْب وَالْإِرْشَاد. وَإِنَّمَا قُلْنَا : عَنَى بِهِ الْقِيَام مِنْ نَوْم الْقَائِلَة ; لِأَنَّهُ لَا صَلَاة تَجِب فَرْضًا بَعْد وَقْت مِنْ أَوْقَات نَوْم النَّاس الْمَعْرُوف إِلَّا بَعْد نَوْم اللَّيْل , وَذَلِكَ صَلَاة الْفَجْر , أَوْ بَعْد نَوْم الْقَائِلَة , وَذَلِكَ صَلَاة الظُّهْر ; فَلَمَّا أَمَرَ بَعْد قَوْله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك حِين تَقُوم } بِالتَّسْبِيحِ بَعْد إِدْبَار النُّجُوم , وَذَلِكَ رَكْعَتَا الْفَجْر بَعْد قِيَام النَّاس مِنْ نَوْمهَا لَيْلًا , عُلِمَ أَنَّ الْأَمْر بِالتَّسْبِيحِ بَعْد الْقِيَام مِنَ النَّوْم هُوَ أَمْر بِالصَّلَاةِ الَّتِي تَجِب بَعْد قِيَام مِنْ نَوْم الْقَائِلَة عَلَى مَا ذَكَرْنَا دُون الْقِيَام مِنْ نَوْم اللَّيْل .
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِسورة الطور الآية رقم 49
وَقَوْله : { وَمِنَ اللَّيْل فَسَبِّحْهُ } يَقُول : وَمِنَ اللَّيْل فَعَظِّمْ رَبّك يَا مُحَمَّد بِالصَّلَاةِ وَالْعِبَادَة , وَذَلِكَ صَلَاة الْمَغْرِب وَالْعِشَاء , وَكَانَ ابْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 25082 - حَدَّثَنِي بِهِ يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمِنَ اللَّيْل فَسَبِّحْهُ } قَالَ : وَمِنْ اللَّيْل صَلَاة الْعِشَاء { وَإِدْبَارَ النُّجُوم } يَعْنِي حِين تُدْبِر النُّجُوم لِلْأُفُولِ عِنْد إِقْبَال النَّهَار , وَقِيلَ : عُنِيَ بِذَلِكَ رَكْعَتَا الْفَجْر . ذِكْر بَعْض مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25083 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَار النُّجُوم } قَالَ : هُمَا السَّجْدَتَانِ قَبْل صَلَاة الْغَدَاة . 25084 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمِنَ اللَّيْل فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُوم } كُنَّا نُحَدِّث أَنَّهُمَا الرَّكْعَتَانِ عِنْد طُلُوع الْفَجْر . قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كَانَ يَقُول : لَهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْر النَّعَمِ . 25085 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ زُرَارَة بْن أَوْفَى , عَنْ سَعِيد بْن هِشَام عَنْ عَائِشَة , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْر " هُمَا خَيْر مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا " . * حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَإِدْبَارَ النُّجُوم } قَالَ : رَكْعَتَانِ قَبْل صَلَاة الصُّبْح . 25086 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ وَحَمَّاد بْن مَسْعَدَة قَالَا : ثنا حُمَيْد , عَنِ الْحَسَن , عَنْ عَلِيّ , فِي قَوْله : { وَإِدْبَار النُّجُوم } قَالَ : الرَّكْعَتَانِ قَبْل صَلَاة الصُّبْح . 25087 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء , قَالَ : قَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ { إِدْبَار النُّجُوم } الرَّكْعَتَانِ قَبْل الْفَجْر . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِالتَّسْبِيحِ { إِدْبَار النُّجُوم } : صَلَاة الصُّبْح الْفَرِيضَة. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25088 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَإِدْبَار النُّجُوم } قَالَ : صَلَاة الْغَدَاة . 25089 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَإِدْبَار النُّجُوم } قَالَ : صَلَاة الصُّبْح. وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِهَا : الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة صَلَاة الْفَجْر , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه أَمَرَ فَقَالَ : { وَمِنَ اللَّيْل فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُوم } وَالرَّكْعَتَانِ قَبْل الْفَرِيضَة غَيْر وَاجِبَتَيْنِ , وَلَمْ تَقُمْ حُجَّة يَجِب التَّسْلِيم لَهَا , أَنَّ قَوْله فَسَبِّحْهُ عَلَى النَّدْب , وَقَدْ دَلَّلْنَا فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كُتُبِنَا عَلَى أَمْر اللَّه عَلَى الْفَرْض حَتَّى تَقُوم حُجَّة بِأَنَّهُ مُرَاد بِهِ النَّدْب , أَوْ غَيْر الْفَرْض بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .
الصفحة 1الصفحة 2