الصفحة 1الصفحة 2
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍسورة ق الآية رقم 31
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّة لِلْمُتَّقِينَ غَيْر بَعِيد } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّة لِلْمُتَّقِينَ غَيْر بَعِيد } وَأُدْنِيَتْ الْجَنَّة وَقُرِّبَتْ لِلَّذِينَ اِتَّقُوا رَبّهمْ , فَخَافُوا عُقُوبَته بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24732 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّة لِلْمُتَّقِينَ } يَقُول : وَأُدْنِيَتْ { غَيْر بَعِيد } .
هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍسورة ق الآية رقم 32
وَقَوْله : { هَذَا مَا تُوعَدُونَ } يَقُول : قَالَ لَهُمْ : هَذَا الَّذِي تُوعَدُونَ أَيّهَا الْمُتَّقُونَ , أَنْ تَدْخُلُوهَا وَتَسْكُنُوهَا

وَقَوْله : { لِكُلِّ أَوَّاب } يَعْنِي : لِكُلِّ رَاجِع مِنْ مَعْصِيَة اللَّه إِلَى طَاعَته , تَائِب مِنْ ذُنُوبه . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الْمُسَبِّح , وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ التَّائِب , وَقَدْ ذَكَرْنَا اِخْتِلَافهمْ فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته , غَيْر أَنَّا نَذْكُر فِي هَذَا الْمَوْضِع مَا لَمْ نَذْكُرهُ هُنَالِكَ . 24733 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن الصَّلْت , قَالَ : ثَنَا أَبُو كُدَيْنَة , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { لِكُلِّ أَوَّاب } قَالَ : لِكُلِّ مُسَبِّح . 24734 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُسْلِم الْأَعْوَر , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْأَوَّاب : الْمُسَبِّح . 24735 -حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثَنِي يَحْيَى بْن عَبْد الْمَلِك ابْن أَبِي غَنِيَّة , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ الْحَكَم بْن عُتَيْبَة فِي قَوْل اللَّه : { لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ } قَالَ : هُوَ الذَّاكِر اللَّه فِي الْخَلَاء . 24736 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ يُونُس بْن خَبَّاب , عَنْ مُجَاهِد { لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ } قَالَ : الَّذِي يَذْكُر ذُنُوبه فَيَسْتَغْفِر مِنْهَا . 24737 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّاب }. 24738 - قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ خَارِجَة , عَنْ عِيسَى الْحَنَّاط , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : هُوَ الَّذِي يَذْكُر ذُنُوبه فِي خَلَاء فَيَسْتَغْفِر مِنْهَا { حَفِيظ } : أَيْ مُطِيع لِلَّهِ كَثِير الصَّلَاة . 24739 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ } قَالَ : الْأَوَّاب : التَّوَّاب الَّذِي يَئُوب إِلَى طَاعَة اللَّه وَيَرْجِع إِلَيْهَا . 24740 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ يُونُس بْن خَبَّاب فِي قَوْله : { لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ } قَالَ : الرَّجُل يَذْكُر ذُنُوبه , فَيَسْتَغْفِر اللَّه لَهَا .

وَقَوْله : { حَفِيظ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : حَفِظَ ذُنُوبه حَتَّى تَابَ مِنْهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24741 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ التَّمِيمِيّ , قَالَ : سَأَلْت اِبْن عَبَّاس , عَنْ الْأَوَّاب الْحَفِيظ , قَالَ : حُفِّظَ ذُنُوبه حَتَّى رَجَعَ عَنْهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : أَنَّهُ حَفِيظ عَلَى فَرَائِض اللَّه وَمَا اِئْتَمَنَهُ عَلَيْهِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24742 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { حَفِيظ } قَالَ : حَفِيظ لِمَا اِسْتَوْدَعَهُ اللَّه مِنْ حَقّه وَنِعْمَته . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره وَصَفَ هَذَا التَّائِب الْأَوَّاب بِأَنَّهُ حَفِيظ , وَلَمْ يَخُصّ بِهِ عَلَى حِفْظ نَوْع مِنْ أَنْوَاع الطَّاعَات دُون نَوْع , فَالْوَاجِب أَنْ يَعُمّ كَمَا عَمَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ , فَيُقَال : هُوَ حَفِيظ لِكُلِّ مَا قَرَّبَهُ إِلَى رَبّه مِنْ الْفَرَائِض وَالطَّاعَات وَالذُّنُوب الَّتِي سَلَفَتْ مِنْهُ لِلتَّوْبَةِ مِنْهَا وَالِاسْتِغْفَار .
مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍسورة ق الآية رقم 33
وَقَوْله : { مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ } يَقُول : مَنْ خَافَ اللَّه فِي الدُّنْيَا مِنْ قَبْل أَنْ يَلْقَاهُ , فَأَطَاعَهُ , وَاتَّبَعَ أَمْره . وَفِي { مَنْ } فِي قَوْله : { مَنْ خَشِيَ } وَجْهَانِ مِنْ الْإِعْرَاب : الْخَفْض عَلَى اِتِّبَاعه كُلّ فِي قَوْله : { لِكُلِّ أَوَّاب } وَالرَّفْع عَلَى الِاسْتِئْنَاف , وَهُوَ مُرَاد بِهِ الْجَزَاء مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ , قِيلَ لَهُ اُدْخُلْ الْجَنَّة ; فَيَكُون حِينَئِذٍ قَوْله : { اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ } جَوَابًا لِلْجَزَاءِ أَضْمَرَ قَبْله الْقَوْل , وَحَمَلَ فِعْلًا لِلْجَمِيعِ ; لِأَنَّ { مَنْ } قَدْ تَكُون فِي مَذْهَب الْجَمِيع .

وَقَوْله : { وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيب } يَقُول : وَجَاءَ اللَّه بِقَلْبٍ تَائِب مِنْ ذُنُوبه , رَاجِع مِمَّا يَكْرَههُ اللَّه إِلَى مَا يُرْضِيه . كَمَا : 24743 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيب } : أَيْ مُنِيب إِلَى رَبّه مُقْبِل .
ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِسورة ق الآية رقم 34
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ } اُدْخُلُوا هَذِهِ الْجَنَّة بِأَمَانٍ مِنْ الْهَمّ وَالْغَضَب وَالْعَذَاب , وَمَا كُنْتُمْ تَلْقَوْنَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْمَكَارِه . كَمَا : 24744 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ } قَالَ : سَلِمُوا مِنْ عَذَاب اللَّه , وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ .


وَقَوْله : { ذَلِكَ يَوْم الْخُلُود } يَقُول : هَذَا الَّذِي وَصَفْت لَكُمْ أَيّهَا النَّاس صِفَته مِنْ إِدْخَالِي الْجَنَّة مَنْ أُدْخِلهُ , هُوَ يَوْم دُخُول النَّاس الْجَنَّة , مَاكِثِينَ فِيهَا إِلَى غَيْر نِهَايَة . كَمَا : 24745 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { ذَلِكَ يَوْم الْخُلُود } خُلِّدُوا وَاَللَّه , فَلَا يَمُوتُونَ , وَأَقَامُوا فَلَا يَظْعَنُونَ , وَنَعِمُوا فَلَا يَبْأَسُونَ .
لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌسورة ق الآية رقم 35
وَقَوْله : { لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا } يَقُول : لِهَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ مَا يُرِيدُونَ فِي هَذِهِ الْجَنَّة الَّتِي أُزْلِفَتْ لَهُمْ مِنْ كُلّ مَا تَشْتَهِيه نُفُوسهمْ , وَتَلَذّهُ عُيُونهمْ .

وَقَوْله : { وَلَدَيْنَا مَزِيد } يَقُول : وَعِنْدنَا لَهُمْ عَلَى مَا أَعْطَيْنَاهُمْ مِنْ هَذِهِ الْكَرَامَة الَّتِي وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتهَا مَزِيد يَزِيدهُمْ إِيَّاهُ . وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ الْمَزِيد : النَّظَر إِلَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24746 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن سُهَيْل الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثَنَا قُرَّة بْن عِيسَى , قَالَ : ثَنَا النَّضْر بْن عَرَبِيّ جَدّه , عَنْ أَنَس , إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَسْكَنَ أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّة , وَأَهْل النَّار النَّار , هَبَطَ إِلَى مَرْج مِنْ الْجَنَّة أَفْيَح , فَمَدَّ بَيْنه وَبَيْن خَلْقه حُجُبًا مِنْ لُؤْلُؤ , وَحُجُبًا مِنْ نُور ثُمَّ وُضِعَتْ مَنَابِر النُّور وَسُرُر النُّور وَكَرَاسِيّ النُّور , ثُمَّ أُذِنَ لِرَجُلٍ عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بَيْن يَدَيْهِ أَمْثَال الْجِبَال مِنْ النُّور يُسْمَع دَوِيّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة مَعَهُ , وَصَفْق أَجْنِحَتهمْ فَمَدَّ أَهْل الْجَنَّة أَعْنَاقهمْ , فَقِيلَ : مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ أُذِنَ لَهُ عَلَى اللَّه ؟ فَقِيلَ : هَذَا الْمَجْعُول بِيَدِهِ , وَالْمُعَلَّم الْأَسْمَاء , وَاَلَّذِي أُمِرَتْ الْمَلَائِكَة فَسَجَدَتْ لَهُ , وَاَلَّذِي لَهُ أُبِيحَتْ الْجَنَّة , آدَم عَلَيْهِ السَّلَام , قَدْ أُذِنَ لَهُ عَلَى اللَّه تَعَالَى ; قَالَ : ثُمَّ يُؤْذَن لِرَجُلٍ آخَر بَيْن يَدَيْهِ أَمْثَال الْجِبَال مِنْ النُّور , يُسْمَع دَوِيّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة مَعَهُ , وَصَفْق أَجْنِحَتهمْ ; فَمَدَّ أَهْل الْجَنَّة أَعْنَاقهمْ , فَقِيلَ : مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ أُذِنَ لَهُ عَلَى اللَّه ؟ فَقِيلَ : هَذَا الَّذِي اِتَّخَذَهُ اللَّه خَلِيلًا , وَجَعَلَ عَلَيْهِ النَّار بَرْدًا وَسَلَامًا , إِبْرَاهِيم قَدْ أُذِنَ لَهُ عَلَى اللَّه . قَالَ : ثُمَّ أُذِنَ لِرَجُلٍ آخَر عَلَى اللَّه , بَيْن يَدَيْهِ أَمْثَال الْجِبَال مِنْ النُّور يُسْمَع دَوِيّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة مَعَهُ , وَصَفْق أَجْنِحَتهمْ ; فَمَدَّ أَهْل الْجَنَّة أَعْنَاقهمْ , فَقِيلَ : مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ أُذِنَ لَهُ عَلَى اللَّه ؟ فَقِيلَ : هَذَا الَّذِي اِصْطَفَاهُ اللَّه بِرِسَالَتِهِ وَقَرَّبَهُ نَجِيًّا , وَكَلَّمَهُ [ كَلَامًا ] مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام , قَدْ أُذِنَ لَهُ عَلَى اللَّه . قَالَ : ثُمَّ يُؤْذَن لِرَجُلٍ آخَر مَعَهُ مِثْل جَمِيع مَوَاكِب النَّبِيِّينَ قَبْله , بَيْن يَدَيْهِ أَمْثَال الْجِبَال , [ مِنْ النُّور ] يُسْمَع دَوِيّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة مَعَهُ , وَصَفْق أَجْنِحَتهمْ ; فَمَدَّ أَهْل الْجَنَّة أَعْنَاقهمْ , فَقِيلَ : مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ أُذِنَ لَهُ عَلَى اللَّه ؟ فَقِيلَ : هَذَا أَوَّل شَافِع , وَأَوَّل مُشَفَّع , وَأَكْثَر النَّاس وَارِدَة , وَسَيِّد وَلَد آدَم ; وَأَوَّل مَنْ تَنْشَقّ عَنْ ذُؤَابَتَيْهِ الْأَرْض , وَصَاحِب لِوَاء الْحَمْد , أَحْمَد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَدْ أُذِنَ لَهُ عَلَى اللَّه . قَالَ : فَجَلَسَ النَّبِيُّونَ عَلَى مَنَابِر النُّور , [ وَالصِّدِّيقُونَ عَلَى سُرُر النُّور ; وَالشُّهَدَاء عَلَى كَرَاسِيّ النُّور ] وَجَلَسَ سَائِر النَّاس عَلَى كُثْبَان الْمِسْك الْأَذْفَر الْأَبْيَض , ثُمَّ نَادَاهُمْ الرَّبّ تَعَالَى مِنْ وَرَاء الْحُجُب : مَرْحَبًا بِعِبَادِي وَزُوَّارِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي . يَا مَلَائِكَتِي , اِنْهَضُوا إِلَى عِبَادِي , فَأَطْعِمُوهُمْ . قَالَ : فَقُرِّبَتْ إِلَيْهِمْ مِنْ لُحُوم طَيْر , كَأَنَّهَا الْبُخْت لَا رِيش لَهَا وَلَا عَظْم , فَأَكَلُوا , قَالَ : ثُمَّ نَادَاهُمْ الرَّبّ مِنْ وَرَاء الْحِجَاب : مَرْحَبًا بِعِبَادِي وَزُوَّارِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي , أَكَلُوا اِسْقُوهُمْ . قَالَ : فَنَهَضَ إِلَيْهِمْ غِلْمَان كَأَنَّهُمْ اللُّؤْلُؤ الْمَكْنُون بِأَبَارِيق الذَّهَب وَالْفِضَّة بِأَشْرِبَةٍ مُخْتَلِفَة لَذِيذَة , لَذَّة آخِرهَا كَلَذَّةِ أَوَّلهَا , لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزَفُونَ ; ثُمَّ نَادَاهُمْ الرَّبّ مِنْ وَرَاء الْحُجُب : مَرْحَبًا بِعِبَادِي وَزُوَّارِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي , أَكَلُوا وَشَرِبُوا , فَكِّهُوهُمْ . قَالَ : فَيُقَرَّب إِلَيْهِمْ عَلَى أَطْبَاق مُكَلَّلَة بِالْيَاقُوتِ وَالْمَرْجَانِ ; وَمِنْ الرُّطَب الَّذِي سَمَّى اللَّه , أَشَدّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَن , وَأَطْيَب عُذُوبَة مِنْ الْعَسَل. قَالَ : فَأَكَلُوا ثُمَّ نَادَاهُمْ الرَّبّ مِنْ وَرَاء الْحُجُب : مَرْحَبًا بِعِبَادِي وَزُوَّارِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي , أَكَلُوا وَشَرِبُوا , وَفُكِّهُوا ; اُكْسُوهُمْ ; قَالَ فَفُتِحَتْ لَهُمْ ثِمَار الْجَنَّة بِحُلَلٍ مَصْقُولَة بِنُورِ الرَّحْمَن فَأُلْبِسُوهَا . قَالَ : ثُمَّ نَادَاهُمْ الرَّبّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ وَرَاء الْحُجُب : مَرْحَبًا بِعِبَادِي وَزُوَّارِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي ; أَكَلُوا ; وَشَرِبُوا ; وَفُكِّهُوا ; وَكُسُوا طَيِّبُوهُمْ . قَالَ : فَهَاجَتْ عَلَيْهِمْ رِيح يُقَال لَهَا الْمُثِيرَة , بِأَبَارِيق الْمِسْك [ الْأَبْيَض ] الْأَذْفَر , فَنُفِحَتْ عَلَى وُجُوههمْ مِنْ غَيْر غُبَار وَلَا قَتَام . قَالَ : ثُمَّ نَادَاهُمْ الرَّبّ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ وَرَاء الْحُجُب : مَرْحَبًا بِعِبَادِي وَزُوَّارِي وَجِيرَانِي وَوَفْدِي , أَكَلُوا وَشَرِبُوا وَفُكِّهُوا , وَكُسُوا وَطُيِّبُوا , وَعِزَّتِي لَأَتَجَلَّيَن لَهُمْ حَتَّى يَنْظُرُوا إِلَيَّ قَالَ : فَذَلِكَ اِنْتِهَاء الْعَطَاء وَفَضْل الْمَزِيد ; قَالَ : فَتَجَلَّى لَهُمْ الرَّبّ عَزَّ وَجَلَّ , ثُمَّ قَالَ : السَّلَام عَلَيْكُمْ عِبَادِي , اُنْظُرُوا إِلَيَّ فَقَدْ رَضِيت عَنْكُمْ . قَالَ : فَتَدَاعَتْ قُصُور الْجَنَّة وَشَجَرهَا , سُبْحَانك أَرْبَع مَرَّات , وَخَرَّ الْقَوْم سُجَّدًا ; قَالَ : فَنَادَاهُمْ الرَّبّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : عِبَادِي اِرْفَعُوا رُءُوسكُمْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَارِ عَمَل , وَلَا دَار نَصَب إِنَّمَا هِيَ دَار جَزَاء وَثَوَاب , وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خَلَقْتهَا إِلَّا مِنْ أَجْلكُمْ , وَمَا مِنْ سَاعَة ذَكَرْتُمُونِي فِيهَا فِي دَار الدُّنْيَا , إِلَّا ذَكَرْتُكُمْ فَوْق عَرْشِي . 24747 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن أَبْجَر , قَالَ : ثَنَا عُمَر بْن يُونُس الْيَمَامِيّ , قَالَ : ثَنَا جَهْضَم بْن عَبْد اللَّه ابْن أَبِي الطُّفَيْل قَالَ : ثَنِي أَبُو طَيْبَة , عَنْ مُعَاوِيَة الْعَبْسِيّ , عَنْ عُثْمَان بْن عُمَيْر , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَفِي كَفّه مِرْآة بَيْضَاء , فِيهَا نُكْتَة سَوْدَاء فَقُلْت : يَا جِبْرِيل مَا هَذِهِ ؟ قَالَ : هَذِهِ الْجُمُعَة , قُلْت : فَمَا هَذِهِ النُّكْتَة السَّوْدَاء فِيهَا ؟ قَالَ : هِيَ السَّاعَة تَقُوم يَوْم الْجُمْعَة وَهُوَ سَيِّد الْأَيَّام عِنْدنَا , وَنَحْنُ نَدْعُوهُ فِي الْآخِرَة يَوْم الْمَزِيد ; قُلْت : وَلِمَ تَدْعُونَ يَوْم الْمَزِيد قَالَ : إِنَّ رَبّك تَبَارَكَ وَتَعَالَى اِتَّخَذَ فِي الْجَنَّة وَادِيًا أَفْيَح مِنْ مِسْك أَبْيَض , فَإِذَا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة نَزَلَ مِنْ عِلِّيِّينَ عَلَى كُرْسِيّه , ثُمَّ حَفَّ الْكُرْسِيّ بِمَنَابِر مِنْ نُور , ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّونَ حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَيْهَا ثُمَّ تَجِيء أَهْل الْجَنَّة حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَى الْكُثُب فَيَتَجَلَّى لَهُمْ رَبّهمْ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَنْظُرُوا إِلَى وَجْهه وَهُوَ يَقُول : أَنَا الَّذِي صَدَقْتُكُمْ عِدَتِي , وَأَتْمَمْت عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي , فَهَذَا مَحَلّ كَرَامَتِي , فَسَلُونِي , فَيَسْأَلُونَهُ الرِّضَا , فَيَقُول : رِضَايَ أَحَلَّكُمْ دَارِي وَأَنَالكُمْ كَرَامَتِي , سَلُونِي , فَيَسْأَلُونَهُ حَتَّى تَنْتَهِي رَغْبَتهمْ , فَيُفْتَح لَهُمْ عِنْد ذَلِكَ مَا لَا عَيْن رَأَتْ , وَلَا أُذُن سَمِعَتْ , وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر , إِلَى مِقْدَار مُنْصَرِف النَّاس مِنْ الْجُمُعَة حَتَّى يَصْعَد عَلَى كُرْسِيّه فَيَصْعَد مَعَهُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء , وَتَرْجِع أَهْل الْجَنَّة إِلَى غُرَفهمْ دُرَّة بَيْضَاء , لَا نَظْم فِيهَا وَلَا فَصْم , أَوْ يَاقُوتَة حَمْرَاء , أَوْ زَبَرْجَدَة خَضْرَاء , مِنْهَا غُرَفهَا وَأَبْوَابهَا , فَلَيْسُوا إِلَى شَيْء أَحْوَج مِنْهُمْ إِلَى يَوْم الْجُمُعَة , لِيَزْدَادُوا مِنْهُ كَرَامَة , وَلِيَزْدَادُوا نَظَرًا إِلَى وَجْهه , وَلِذَلِكَ دُعِيَ يَوْم الْمَزِيد " . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ لَيْث ابْن أَبِي سُلَيْم , عَنْ عُثْمَان بْن عُمَيْر , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْو حَدِيث عَلِيّ بْن الْحُسَيْن . * -حَدَّثَنَا الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان , قَالَ : ثَنَا أَسَد بْن مُوسَى , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ صَالِح بْن حَيَّان , عَنْ أَبِي بُرَيْدَة , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ . 24748 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : حَدَّثَنَا , أَوْ قَالَ : قَالُوا : إِنَّ أَدْنَى أَهْل الْجَنَّة مَنْزِلَة , الَّذِي يُقَال لَهُ تَمَنَّ , وَيُذَكِّرهُ أَصْحَابه فَيَتَمَنَّى , وَيُذَكِّرهُ أَصْحَابه فَيُقَال لَهُ ذَلِكَ وَمِثْله مَعَهُ . قَالَ : قَالَ اِبْن عُمَر : ذَلِكَ لَك وَعَشْرَة أَمْثَاله , وَعِنْد اللَّه مَزِيد . 24749 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرو بْن الْحَارِث أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْح , حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الْهَيْثَم , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , أَنَّهُ قَالَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الرَّجُل فِي الْجَنَّة لَيَتَّكِئ سَبْعِينَ سَنَة قَبْل أَنْ يَتَحَوَّل ثُمَّ تَأْتِيه اِمْرَأَته فَتَضْرِب عَلَى مَنْكِبَيْهِ , فَيَنْظُر وَجْهه فِي خَدّهَا أَصْفَى مِنْ الْمِرْآة , وَإِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَة عَلَيْهَا لَتُضِيء مَا بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب , فَتُسَلِّم عَلَيْهِ , فَيَرُدّ السَّلَام , وَيَسْأَلهَا مَنْ أَنْتِ ؟ فَتَقُول : أَنَا مِنْ الْمَزِيد وَإِنَّهُ لَيَكُون عَلَيْهَا سَبْعُونَ ثَوْبًا أَدْنَاهَا مِثْل النُّعْمَان مِنْ طُوبَى فَيَنْفُذهَا بَصَره حَتَّى يَرَى مُخّ سَاقهَا مِنْ وَرَاء ذَلِكَ , وَإِنَّ عَلَيْهَا مِنْ التِّيجَان , وَإِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَة فِيهَا لَتُضِيء مَا بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب " .
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍسورة ق الآية رقم 36
وَقَوْله : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلهمْ مِنْ قَرْن } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَثِيرًا أَهْلَكْنَا قَبْل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْش مِنْ الْقُرُون ,

{ هُمْ أَشَدّ } مِنْ قُرَيْش الَّذِينَ كَذَّبُوا مُحَمَّدًا { بَطْشًا }

يَقُول : فَخَرَقُوا الْبِلَاد فَسَارُوا فِيهَا , فَطَافُوا وَتَوَغَّلُوا إِلَى الْأَقَاصِي مِنْهَا ; قَالَ اِمْرُؤُ الْقَيْس : لَقَدْ نَقَّبْت فِي الْآفَاق حَتَّى رَضِيت مِنْ الْغَنِيمَة بِالْإِيَابِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24750 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَاد } قَالَ : أَثَّرُوا . 24751 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَاد } قَالَ : يَقُول : عَمِلُوا فِي الْبِلَاد ذَاكَ النَّقْب . وَقَرَأَتْ الْقُرَّاء قَوْله { فَنَقَّبُوا } بِالتَّشْدِيدِ وَفَتْح الْقَاف عَلَى وَجْه الْخَبَر عَنْهُمْ . وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْن يَعْمُر أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ " فَنُقِّبُوا " بِكَسْرِ الْقَاف عَلَى وَجْه التَّهْدِيد وَالْوَعِيد : أَيْ طُوِّفُوا فِي الْبِلَاد , وَتَرَدَّدُوا فِيهَا , فَإِنَّكُمْ لَنْ تَفُوتُونَا بِأَنْفُسِكُمْ .

وَقَوْله : { هَلْ مِنْ مَحِيص } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَهَلْ كَانَ لَهُمْ بِتَنَقُّبِهِمْ فِي الْبِلَاد مِنْ مَعْدِل عَنْ الْمَوْت ; وَمَنْجَى مِنْ الْهَلَاك إِذْ جَاءَهُمْ أَمْرنَا . وَأُضْمِرَتْ كَانَ فِي هَذَا الْمَوْضِع , كَمَا أُضْمِرَتْ فِي قَوْله { وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَة هِيَ أَشَدّ قُوَّة مِنْ قَرْيَتك الَّتِي أَخْرَجَتْك أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِر لَهُمْ } 47 13 بِمَعْنَى : فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَاصِر عِنْد إِهْلَاكهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { مِنْ مَحِيص } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24752 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلهمْ مِنْ قَرْن } . .. حَتَّى بَلَغَ { هَلْ مِنْ مَحِيص } قَدْ حَاصَّ الْفَجَرَة فَوَجَدُوا أَمْر اللَّه مُتَّبَعًا . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَاد هَلْ مِنْ مَحِيص } قَالَ : حَاصَّ أَعْدَاء اللَّه , فَوَجَدُوا أَمْر اللَّه لَهُمْ مُدْرِكًا . 24753 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { هَلْ مِنْ مَحِيص } قَالَ : هَلْ مِنْ مُنْجِي .
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌسورة ق الآية رقم 37
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي إِهْلَاكنَا الْقُرُون الَّتِي أَهْلَكْنَاهَا مِنْ قَبْل قُرَيْش { لَذِكْرَى } يَتَذَكَّر بِهَا

يَعْنِي : لِمَنْ كَانَ لَهُ عَقْل مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة , فَيَنْتَهِي عَنْ الْفِعْل الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ كُفْرهمْ بِرَبِّهِمْ , خَوْفًا مِنْ أَنْ يَحِلّ بِهِمْ مِثْل الَّذِي حَلَّ بِهِمْ مِنْ الْعَذَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24754 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب } : أَيْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة , يَعْنِي بِذَلِكَ الْقَلْب : الْقَلْب الْحَيّ . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب } قَالَ : مَنْ كَانَ لَهُ قَلْب مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة . 24755 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب } قَالَ : قَلْب يَعْقِل مَا قَدْ سَمِعَ مِنْ الْأَحَادِيث الَّتِي ضَرَبَ اللَّه بِهَا مَنْ عَصَاهُ مِنْ الْأُمَم . وَالْقَلْب فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَقْل . وَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ : مَا لِفُلَانٍ قَلْب , وَمَا قَلْبه مَعَهُ : أَيْ مَا عَقْله مَعَهُ . وَأَيْنَ ذَهَبَ قَلْبك ؟ يَعْنِي أَيْنَ ذَهَبَ عَقْلك .


وَقَوْله : { أَوْ أَلْقَى السَّمْع وَهُوَ شَهِيد } يَقُول : أَوْ أَصْغَى لِإِخْبَارِنَا إِيَّاهُ عَنْ هَذِهِ الْقُرُون الَّتِي أَهْلَكْنَاهَا بِسَمْعِهِ , فَيَسْمَع الْخَبَر عَنْهُمْ , كَيْف فَعَلْنَا بِهِمْ حِين كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ , وَعَصَوْا رُسُله { وَهُوَ شَهِيد } يَقُول : وَهُوَ مُتَفَهِّم لِمَا يُخْبِر بِهِ عَنْهُمْ شَاهِد لَهُ بِقَلْبِهِ , غَيْر غَافِل عَنْهُ وَلَا سَاهٍ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ أَلْفَاظهمْ فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24756 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب أَوْ أَلْقَى السَّمْع وَهُوَ شَهِيد } يَقُول : إِنْ اِسْتَمَعَ الذِّكْر وَشَهِدَ أَمْره , قَالَ فِي ذَلِكَ : يَجْزِيه إِنْ عَقَلَهُ . 24757 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى : وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { أَوْ أَلْقَى السَّمْع } قَالَ : وَهُوَ لَا يُحَدِّث نَفْسه , شَاهِد الْقَلْب . 24758 -حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { أَوْ أَلْقَى السَّمْع وَهُوَ شَهِيد } قَالَ : الْعَرَب تَقُول : أَلْقَى فُلَان سَمْعه : أَيْ اِسْتَمَعَ بِأُذُنَيْهِ , وَهُوَ شَاهِد , يَقُول : غَيْر غَائِب . 24759 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب أَوْ أَلْقَى السَّمْع وَهُوَ شَهِيد } قَالَ : يَسْمَع مَا يَقُول , وَقَلْبه فِي غَيْر مَا يَسْمَع . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِالشَّهِيدِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : الشَّهَادَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24760 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { أَوْ أَلْقَى السَّمْع وَهُوَ شَهِيد } يَعْنِي بِذَلِكَ أَهْل الْكِتَاب , وَهُوَ شَهِيد عَلَى مَا يَقْرَأ فِي كِتَاب اللَّه مِنْ بَعْث مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { أَوْ أَلْقَى السَّمْع وَهُوَ شَهِيد } عَلَى مَا فِي يَده مِنْ كِتَاب اللَّه أَنَّهُ يَجِد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكْتُوبًا . 24761 - قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , قَالَ : قَالَ مَعْمَر , وَقَالَ الْحَسَن : هُوَ مُنَافِق اِسْتَمَعَ الْقَوْل وَلَمْ يَنْتَفِع . 24762 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن هِشَام , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح فِي قَوْله : { أَوْ أَلْقَى السَّمْع وَهُوَ شَهِيد } قَالَ : الْمُؤْمِن يَسْمَع الْقُرْآن , وَهُوَ شَهِيد عَلَى ذَلِكَ. 24763 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَوْ أَلْقَى السَّمْع وَهُوَ شَهِيد } قَالَ : أَلْقَى السَّمْع يَسْمَع مَا قَدْ كَانَ مِمَّا لَمْ يُعَايِن مِنْ الْأَحَادِيث عَنْ الْأُمَم الَّتِي قَدْ مَضَتْ , كَيْف عَذَّبَهُمْ اللَّه وَصَنَعَ بِهِمْ حِين عَصَوْا رُسُله .
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍسورة ق الآية رقم 38
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فِي سِتَّة أَيَّام وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَات السَّبْع وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا مِنْ الْخَلَائِق فِي سِتَّة أَيَّام , وَمَا مَسَّنَا مِنْ إِعْيَاء . كَمَا : 24764 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ أَبِي بَكْر , قَالَ : جَاءَتْ الْيَهُود إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : يَا مُحَمَّد أَخْبَرَنَا مَا خَلَقَ اللَّه مِنْ الْخَلْق فِي هَذِهِ الْأَيَّام السِّتَّة ؟ فَقَالَ : " خَلَقَ اللَّه الْأَرْض يَوْم الْأَحَد وَالِاثْنَيْنِ , وَخَلَقَ الْجِبَال يَوْم الثُّلَاثَاء , وَخَلَقَ الْمَدَائِن وَالْأَقْوَات وَالْأَنْهَار وَعُمْرَانهَا وَخَرَابهَا يَوْم الْأَرْبِعَاء , وَخَلَقَ السَّمَوَات وَالْمَلَائِكَة يَوْم الْخَمِيس إِلَى ثَلَاث سَاعَات , يَعْنِي مِنْ يَوْم الْجُمُعَة , وَخَلَقَ فِي أَوَّل الثَّلَاث السَّاعَات الْآجَال , وَفِي الثَّانِيَة الْآفَة , وَفِي الثَّالِثَة آدَم , قَالُوا : صَدَقْت إِنْ أَتْمَمْت , فَعَرَفَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُرِيدُونَ , فَغَضِبَ , فَأَنْزَلَ اللَّه { وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ } . " 24765 - قَالَ ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان { وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب } قَالَ : مِنْ سَآمَة . 24766 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب } يَقُول : مِنْ إِزْحَاف . 24767 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ ; عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب } يَقُول : وَمَا مَسَّنَا مِنْ نَصَب . 24768 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب } قَالَ : نَصَب . 24769 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَات وَالْأَرْض } . .. الْآيَة , أَكْذَبَ اللَّه الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأَهْل الْفَرْي عَلَى اللَّه , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ اللَّه خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام , ثُمَّ اِسْتَرَاحَ يَوْم السَّابِع , وَذَلِكَ عِنْدهمْ يَوْم السَّبْت , وَهُمْ يُسَمُّونَهُ يَوْم الرَّاحَة . * -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { مِنْ لُغُوب } قَالَتْ الْيَهُود : إِنَّ اللَّه خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام , فَفَرَغَ مِنْ الْخَلْق يَوْم الْجُمُعَة , وَاسْتَرَاحَ يَوْم السَّبْت , فَأَكْذَبَهُمْ اللَّه , وَقَالَ : { مَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب } . 24770 -حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فِي سِتَّة أَيَّام } كَانَ مِقْدَار كُلّ أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ . 24771 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب } قَالَ : لَمْ يَمَسّنَا فِي ذَلِكَ عَنَاء , ذَلِكَ اللُّغُوب .
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِسورة ق الآية رقم 39
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَاصْبِرْ يَا مُحَمَّد عَلَى مَا يَقُول هَؤُلَاءِ الْيَهُود , وَمَا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه , وَيَكْذِبُونَ عَلَيْهِ , فَإِنَّ اللَّه لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ

يَقُول : وَصَلِّ بِحَمْدِ رَبّك صَلَاة الصُّبْح قَبْل طُلُوع الشَّمْس وَصَلَاة الْعَصْر قَبْل الْغُرُوب. كَمَا : 24772 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك قَبْل طُلُوع الشَّمْس } لِصَلَاةِ الْفَجْر , وَقَبْل غُرُوبهَا : الْعَصْر. 24773 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك قَبْل طُلُوع الشَّمْس وَقَبْل الْغُرُوب } قَبْل طُلُوع الشَّمْس : الصُّبْح , وَقَبْل الْغُرُوب : الْعَصْر .
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِسورة ق الآية رقم 40
وَقَوْله : { وَمِنْ اللَّيْل فَسَبِّحْهُ } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي التَّسْبِيح الَّذِي أَمَرَ بِهِ مِنْ اللَّيْل , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ صَلَاة الْعَتَمَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24774 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَمِنْ اللَّيْل } قَالَ : الْعَتَمَة . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ الصَّلَاة بِاللَّيْلِ فِي أَيّ وَقْت صَلَّى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24775 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد { وَمِنْ اللَّيْل فَسَبِّحْهُ } قَالَ : مِنْ اللَّيْل كُلّه . وَالْقَوْل الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد فِي ذَلِكَ أَقْرَب إِلَى الصَّوَاب , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ : { وَمِنْ اللَّيْل فَسَبِّحْهُ } فَلَمْ يَحُدّ وَقْتًا مِنْ اللَّيْل دُون وَقْت . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ عَلَى جَمِيع سَاعَات اللَّيْل . وَإِذَا كَانَ الْأَمْر فِي ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا , فَهُوَ بِأَنْ يَكُون أَمْرًا بِصَلَاةِ الْمَغْرِب وَالْعِشَاء , أَشْبَه مِنْهُ بِأَنْ يَكُون أَمْرًا بِصَلَاةِ الْعَتَمَة ; لِأَنَّهُمَا يُصَلَّيَانِ لَيْلًا .


وَقَوْله : { وَأَدْبَار السُّجُود } يَقُول : سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك أَدْبَار السُّجُود مِنْ صَلَاتك . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى التَّسْبِيح الَّذِي أَمَرَ اللَّه نَبِيّه أَنْ يُسَبِّحهُ أَدْبَار السُّجُود , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ الصَّلَاة , قَالُوا : وَهُمَا الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ يُصَلَّيَانِ بَعْد صَلَاة الْمَغْرِب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24776 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , قَالَ : ثَنَا عَنْبَسَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَارِث , قَالَ : سَأَلْت عَلِيًّا , عَنْ أَدْبَار السُّجُود , فَقَالَ : الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . * -حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثَنَا اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : { أَدْبَار السُّجُود } : الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . * -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب . قَالَ : ثَنَا مُصْعَب بْن سَلَّام , عَنْ الْأَجْلَح , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَارِث . قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول : { أَدْبَار السُّجُود } : الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَارِث , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , فِي قَوْله : { وَأَدْبَار السُّجُود } قَالَ : الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . 24776 م - قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ الْحَارِث , عَنْ عَاصِم بْن ضَمْرَة , عَنْ الْحَسَن بْن عَلِيّ , قَالَ : { أَدْبَار السُّجُود } : الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . 24777 -حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ أَوْس بْن خَالِد , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : أَدْبَار السُّجُود : رَكْعَتَانِ بَعْد صَلَاة الْمَغْرِب . 24778 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عِلْوَان ابْن أَبِي مَالِك , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : { أَدْبَار السُّجُود } الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . 24779 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس وَإِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر , عَنْ مُجَاهِد { أَدْبَار السُّجُود } : الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . 24780 -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . 24781 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى . قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي هَذِهِ الْآيَة { وَمِنْ اللَّيْل فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَار السُّجُود } { وَإِدْبَار النُّجُوم } 52 49 قَالَ : الرَّكْعَتَانِ قَبْل الصُّبْح , وَالرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب , قَالَ شُعْبَة : لَا أَدْرِي أَيَّتهمَا أَدْبَار السُّجُود , وَلَا أَدْرِي أَيَّتهمَا إِدْبَار النُّجُوم . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَأَدْبَار السُّجُود } قَالَ : كَانَ مُجَاهِد يَقُول : رَكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . 24782 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَأَدْبَار السُّجُود } قَالَ : هُمَا السَّجْدَتَانِ بَعْد صَلَاة الْمَغْرِب . 24783 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو فُضَيْل , عَنْ رِشْدِين بْن كُرَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا اِبْن عَبَّاس رَكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب أَدْبَار السُّجُود " . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَة , وَهِبَة اللَّه بْن رَاشِد , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَيْوَة بْن شُرَيْح , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو صَخْر , أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُعَاوِيَة الْبَجَلِيّ مِنْ أَهْل الْكُوفَة يَقُول : سَمِعْت أَبَا الصَّهْبَاء الْبَكْرِيّ يَقُول : سَأَلْت عَلِيّ ابْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ { أَدْبَار السُّجُود } قَالَ : هُمَا رَكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . 24794 -حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عَمْرو السُّكُونِيّ , قَالَ : ثَنَا بَقِيَّة , قَالَ : ثَنَا جَرِير , قَالَ : ثَنَا حِمْيَر بْن يَزِيد الرَّحَبِيّ , عَنْ كُرَيْب بْن يَزِيد الرَّحَبِيّ ; قَالَ : وَكَانَ جُبَيْر بْن نُفَيْر يَمْشِي إِلَيْهِ , قَالَ : كَانَ إِذَا صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْل الْفَجْر , وَالرَّكْعَتَيْنِ بَعْد الْمَغْرِب أَخَفَّ , وَفَسَّرَ إِدْبَار النُّجُوم , وَأَدْبَار السُّجُود . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ عِيسَى بْن يَزِيد , عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْهَمْدَانِيّ , عَنْ الْحَسَن { وَأَدْبَار السُّجُود } : الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . * -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , قَالَ : ثَنَا عَنْبَسَة , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : كَانَ يُقَال : { أَدْبَار السُّجُود } : الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . * - قَالَ : ثَنَا عَنْبَسَة , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُهَاجِر , عَنْ مُجَاهِد { وَأَدْبَار السُّجُود } : الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . * - قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ عَطَاء , قَالَ : قَالَ عَلِيّ : أَدْبَار السُّجُود : الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . 24785 - حَدَّثَنَا اِبْن الْبَرّ , قَالَ : ثَنَا عَمْرو ابْن أَبِي سَلَمَة , قَالَ : سُئِلَ الْأَوْزَاعِيّ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْد الْمَغْرِب , قَالَ : هُمَا فِي كِتَاب اللَّه { فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَار السُّجُود } . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ حُمَيْد , عَنْ الْحَسَن , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي قَوْله : { وَأَدْبَار السُّجُود } قَالَ : الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . 24786 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { وَأَدْبَار السُّجُود } قَالَ : رَكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ { وَأَدْبَار السُّجُود } : التَّسْبِيح فِي أَدْبَار الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَات , دُون الصَّلَاة بَعْدهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24787 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس فِي { فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَار السُّجُود } قَالَ : هُوَ التَّسْبِيح بَعْد الصَّلَاة . 24788 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَأَدْبَار السُّجُود } قَالَ : كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : التَّسْبِيح . قَالَ اِبْن عَمْرو : فِي حَدِيثه فِي إِثْر الصَّلَوَات كُلّهَا . وَقَالَ الْحَارِث فِي حَدِيثه فِي دُبُر الصَّلَاة كُلّهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ النَّوَافِل فِي أَدْبَار الْمَكْتُوبَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24789 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَأَدْبَار السُّجُود } : النَّوَافِل . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ , قَوْل مَنْ قَالَ : هُمَا الرَّكْعَتَانِ بَعْد الْمَغْرِب , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى ذَلِكَ , وَلَوْلَا مَا ذَكَرْت مِنْ إِجْمَاعهَا عَلَيْهِ , لَرَأَيْت أَنَّ الْقَوْل فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ اِبْن زَيْد ; لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يُخَصِّص بِذَلِكَ صَلَاة دُون صَلَاة , بَلْ عَمَّ أَدْبَار الصَّلَوَات كُلّهَا , فَقَالَ : وَأَدْبَار السُّجُود , وَلَمْ تَقُمْ بِأَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ : دُبُر صَلَاة دُون صَلَاة , حُجَّة يَجِب التَّسْلِيم لَهَا مِنْ خَبَر وَلَا عَقْل . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَأَدْبَار السُّجُود } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْكُوفَة , سِوَى عَاصِم وَالْكِسَائِيّ " وَإِدْبَار السُّجُود " بِكَسْرِ الْأَلِف , عَلَى أَنَّهُ مَصْدَر أَدْبَرَ يُدْبِر إِدْبَارًا . وَقَرَأَهُ عَاصِم وَالْكِسَائِيّ وَأَبُو عَمْرو { وَأَدْبَار } بِفَتْحِ الْأَلِف عَلَى مَذْهَب جَمْع دُبُر وَأَدْبَار . وَالصَّوَاب عِنْدِي الْفَتْح عَلَى جَمْع دُبُر .
وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍسورة ق الآية رقم 41
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاسْتَمِعْ يَوْم يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَان قَرِيب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاسْتَمِعْ يَا مُحَمَّد صَيْحَة يَوْم الْقِيَامَة , يَوْم يُنَادِي بِهَا مُنَادِينَا مِنْ مَوْضِع قَرِيب . وَذُكِرَ أَنَّهُ يُنَادِي بِهَا مِنْ صَخْرَة بَيْت الْمَقْدِس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24790 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن بِشْر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ كَعْب , قَالَ : { وَاسْتَمِعْ يَوْم يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَان قَرِيب } قَالَ مَلَك قَائِم عَلَى صَخْرَة بَيْت الْمَقْدِس يُنَادِي : أَيَّتهَا الْعِظَام الْبَالِيَة وَالْأَوْصَال الْمُتَقَطِّعَة ; إِنَّ اللَّه يَأْمُركُنَّ أَنْ تَجْتَمِعْنَ لِفَصْلِ الْقَضَاء . 24791 -حَدَّثَنَا بِشْر ; قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد ; عَنْ قَتَادَة { وَاسْتَمِعْ يَوْم يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَان قَرِيب } قَالَ : كُنَّا نُحَدَّث أَنَّهُ يُنَادِي مِنْ بَيْت الْمَقْدِس مِنْ الصَّخْرَة , وَهِيَ أَوْسَط الْأَرْض . 24792 - وَحُدِّثْنَا أَنَّ كَعْبًا قَالَ : هِيَ أَقْرَب الْأَرْض إِلَى السَّمَاء بِثَمَانِيَةِ عَشَر مِيلًا . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { يَوْم يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَان قَرِيب } قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهُ يُنَادِي مِنْ الصَّخْرَة الَّتِي فِي بَيْت الْمَقْدِس . 24793 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَاسْتَمِعْ يَوْم يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَان قَرِيب } قَالَ : هِيَ الصَّيْحَة . 24794 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : ثَنِي بَعْض أَصْحَابنَا , عَنْ الْأَغَرّ , عَنْ مُسْلِم بْن حَيَّان , عَنْ اِبْن بُرَيْدَة , عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَة , قَالَ : مَلَك قَائِم عَلَى صَخْرَة بَيْت الْمَقْدِس , وَاضِع أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ يُنَادِي , قَالَ : قُلْت : بِمَاذَا يُنَادِي ؟ قَالَ : يَقُول يَا أَيّهَا النَّاس هَلُمُّوا إِلَى الْحِسَاب ; قَالَ : فَيُقْبِلُونَ كَمَا قَالَ اللَّه { كَأَنَّهُمْ جَرَاد مُنْتَشِر } 54 7 .
يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِسورة ق الآية رقم 42
وَقَوْله : { يَوْم يَسْمَعُونَ الصَّيْحَة بِالْحَقِّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَوْم يَسْمَع الْخَلَائِق صَيْحَة الْبَعْث مِنْ الْقُبُور بِالْحَقِّ , يَعْنِي بِالْأَمْرِ بِالْإِجَابَةِ لِلَّهِ إِلَى مَوْقِف الْحِسَاب .

وَقَوْله : { ذَلِكَ يَوْم الْخُرُوج } يَقُول تَعَالَى ذِكْره . يَوْم خُرُوج أَهْل الْقُبُور مِنْ قُبُورهمْ .
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُسورة ق الآية رقم 43
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنُمِيت الْأَحْيَاء , وَإِلَيْنَا مَصِير جَمِيعهمْ يَوْم الْقِيَامَة .
يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌسورة ق الآية رقم 44
يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَإِلَيْنَا مَصِيرهمْ يَوْم تَشَقَّقُ الْأَرْض , فَالْيَوْم مِنْ صِلَة مَصِير . وَقَوْله : { تَشَقَّقُ الْأَرْض عَنْهُمْ } يَقُول : تَصَدَّع الْأَرْض عَنْهُمْ. وَقَوْله { سِرَاعًا } وَنُصِبَتْ سِرَاعًا عَلَى الْحَال مِنْ الْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله عَنْهُمْ . وَالْمَعْنَى : يَوْم تَشَقَّقُ الْأَرْض عَنْهُمْ فَيَخْرُجُونَ مِنْهَا سِرَاعًا , فَاكْتَفَى بِدَلَالَةِ قَوْله : { يَوْم تَشَقَّقُ الْأَرْض عَنْهُمْ } عَلَى ذَلِكَ مِنْ ذِكْره .

قَوْله : { ذَلِكَ حَشْر عَلَيْنَا يَسِير } يَقُول : جَمْعهمْ ذَلِكَ جَمْع فِي مَوْقِف الْحِسَاب , عَلَيْنَا يَسِير سَهْل .
نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِسورة ق الآية رقم 45
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { نَحْنُ أَعْلَم بِمَا يَقُولُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : نَحْنُ يَا مُحَمَّد أَعْلَم بِمَا يَقُول هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ مِنْ فِرْيَتهمْ عَلَى اللَّه , وَتَكْذِيبهمْ بِآيَاتِهِ , وَإِنْكَارهمْ قُدْرَة اللَّه عَلَى الْبَعْث بَعْد الْمَوْت .

يَقُول : وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَلَّطٍ . كَمَا : 24795 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم . قَالَ : ثَنَا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } قَالَ : لَا تَتَجَبَّر عَلَيْهِمْ . 24796 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } فَإِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ كَرِهَ الْجَبْرِيَّة , وَنَهَى عَنْهَا , وَقَدَّمَ فِيهَا . وَقَالَ الْفَرَّاء : وُضِعَ الْجَبَّار فِي مَوْضِع السُّلْطَان مِنْ الْجَبْرِيَّة ; وَقَالَ : أَنْشَدَنِي الْمُفَضَّل : وَيَوْم الْحَزْن إِذْ حَشَدَتْ مَعَدّ وَكَانَ النَّاس إِلَّا نَحْنُ دِينَا عَصَيْنَا عَزْمَة الْجَبَّار حَتَّى صَبَحْنَا الْجَوْف أَلْفًا مُعْلَمِينَا وَيُرْوَى : " الْجَوْف " وَقَالَ : أَرَادَ بِالْجَبَّارِ : الْمُنْذِر لِوِلَايَتِهِ . قَالَ : وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَى قَوْله : { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } لَمْ تُبْعَث لِتُجْبِرهُمْ عَلَى الْإِسْلَام , إِنَّمَا بُعِثْت مُذَكِّرًا , فَذَكِّرْ . وَقَالَ : الْعَرَب لَا تَقُول فَعَال مِنْ أَفْعَلْت , لَا يَقُولُونَ : هَذَا خَرَاج , يُرِيدُونَ : مُخْرِج , وَلَا يَقُولُونَ : دَخَال , يُرِيدُونَ : مُدْخِل , إِنَّمَا يَقُولُونَ : فَعَّال , مِنْ فَعَلْت ; وَيَقُولُونَ : خَرَّاج , مِنْ خَرَجْت ; وَدَخَّال : مِنْ دَخَلْت ; وَقَتَّال , مِنْ قَتَلْت . قَالَ : وَقَدْ قَالَتْ الْعَرَب فِي حَرْف وَاحِد : دَرَاك , مِنْ أَدْرَكْت , وَهُوَ شَاذّ . قَالَ : فَإِنْ قُلْت الْجَبَّار عَلَى هَذَا الْمَعْنَى , فَهُوَ وَجْه. قَالَ : وَقَدْ سَمِعْت بَعْض الْعَرَب يَقُول : جَبَرَهُ عَلَى الْأَمْر , يُرِيد : أَجْبَرَهُ , فَالْجَبَّار مِنْ هَذِهِ اللُّغَة صَحِيح , يُرَاد بِهِ : يَقْهَرهُمْ وَيُجْبِرهُمْ .

وَقَوْله : { فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَاف وَعِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَذَكِّرْ يَا مُحَمَّد بِهَذَا الْقُرْآن الَّذِي أَنْزَلْته إِلَيْهِ مَنْ يَخَاف الْوَعِيد الَّذِي أَوْعَدْته مَنْ عَصَانِي وَخَالَفَ أَمْرِي . 24797 - حَدَّثَنِي نَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثَنَا حَكَّام الرَّازِيّ , عَنْ أَيُّوب , عَنْ عَمْرو الْمُلَائِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : قَالُوا يَا رَسُول اللَّه لَوْ خَوَّفْتنَا ؟ فَنَزَلَتْ { فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَاف وَعِيد } . 24798 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ أَيُّوب بْن سَيَّار أَبِي عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ عَمْرو بْن قَيْس , قَالَ : قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه , لَوْ ذَكَّرْتنَا , فَذَكَرَ مِثْله . آخِر تَفْسِير سُورَة ق
الصفحة 1الصفحة 2