الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3
أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَسورة القصص الآية رقم 61
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيه كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْمُحْضَرِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ مِنْ خَلْقنَا عَلَى طَاعَته إِيَّانَا الْجَنَّة , فَآمَنَ بِمَا وَعَدْنَاهُ وَصَدَّقَ وَأَطَاعَنَا , فَاسْتَحَقَّ بِطَاعَتِهِ إِيَّانَا أَنْ نُنْجِز لَهُ مَا وَعَدْنَا , فَهُوَ لَاقٍ مَا وُعِدَ , وَصَائِر إِلَيْهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا مَتَاعهَا , فَتَمَتَّعَ بِهِ , وَنَسِيَ الْعَمَل بِمَا وَعَدْنَا أَهْل الطَّاعَة , وَتَرَكَ طَلَبه , وَآثَرَ لَذَّة عَاجِلَة عَلَى آجِلَة , ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة إِذَا وَرَدَ عَلَى اللَّه مِنْ الْمُحْضَرِينَ , يَعْنِي مِنْ الْمُشْهَدِينَ عَذَاب اللَّه , وَأَلِيم عِقَابه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20982 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيه } قَالَ : هُوَ الْمُؤْمِن سَمِعَ كِتَاب اللَّه فَصَدَّقَ بِهِ وَآمَنَ بِمَا وَعَدَ اللَّه فِيهِ { كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا } هُوَ هَذَا الْكَافِر , لَيْسَ وَاَللَّه كَالْمُؤْمِنِ { ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْمُحْضَرِينَ } : أَيْ فِي عَذَاب اللَّه . 20983 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ اِبْن عَمْرو فِي حَدِيثه : قَوْله { مِنْ الْمُحْضَرِينَ } قَالَ : أُحْضِرُوهَا . وَقَالَ الْحَارِث فِي حَدِيثه { ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْمُحْضَرِينَ } أَهْل النَّار , أُحْضِرُوهَا . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْمُحْضَرِينَ } قَالَ : أَهْل النَّار , أُحْضِرُوهَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ نَزَلَتْ فِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِي أَبِي جَهْل بْن هِشَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20984 -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو النُّعْمَان الْحَكَم بْن عَبْد اللَّه الْعِجْلِيّ , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبَان بْن تَغْلِب , عَنْ مُجَاهِد { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيه , كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا , ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْمُحْضَرِينَ } قَالَ نَزَلَتْ فِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِي أَبِي جَهْل بْن هِشَام. 20985 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيه } قَالَ : النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ آخَرُونَ : نَزَلَتْ فِي حَمْزَة وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا , وَأَبِي جَهْل لَعَنَهُ اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20986 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا بَدَل بْن الْمُحَبَّر التَّغْلِبِيّ , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبَان بْن تَغْلِب , عَنْ مُجَاهِد { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيه كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا , ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ الْمُحْضَرِينَ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي حَمْزَة وَعَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , وَأَبِي جَهْل . 20987 - حَدَّثَنَا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة عَنْ أَبَان بْن تَغْلِب , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : نَزَلَتْ فِي حَمْزَة وَأَبِي جَهْل .
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَسورة القصص الآية رقم 62
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم يُنَادِيهِمْ فَيَقُول أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم يُنَادِي رَبّ الْعِزَّة الَّذِينَ أَشْرَكُوا بِهِ الْأَنْدَاد وَالْأَوْثَان فِي الدُّنْيَا , فَيَقُول لَهُمْ : { أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ } أَنَّهُمْ لِي فِي الدُّنْيَا شُرَكَاء ؟
قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَسورة القصص الآية رقم 63
{ قَالَ الَّذِينَ حَقّ عَلَيْهِمْ الْقَوْل } يَقُول : قَالَ الَّذِينَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ غَضَب اللَّه وَلَعْنَته , وَهُمْ الشَّيَاطِين الَّذِينَ كَانُوا يُغْوُونَ بَنِي آدَم : { رَبّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا , أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20988 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله { هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا , أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا } قَالَ : هُمْ الشَّيَاطِين .

وَقَوْله : { تَبَرَّأْنَا إِلَيْك } يَقُول : تَبَرَّأْنَا مِنْ وِلَايَتهمْ وَنُصْرَتهمْ إِلَيْك

يَقُول : لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَنَا .
وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَسورة القصص الآية رقم 64
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقِيلَ اُدْعُوا شُرَكَاءَكُمْ }. يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقِيلَ لِلْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد فِي الدُّنْيَا { اُدْعُوا شُرَكَاءَكُمْ } الَّذِينَ كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه .

يَقُول فَلَمْ يُجِيبُوهُمْ.

يَقُول : وَعَايَنُوا الْعَذَاب .

يَقُول : فَوَدُّوا حِين رَأَوْا الْعَذَاب لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا مُهْتَدِينَ لِلْحَقِّ .
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَسورة القصص الآية رقم 65
يَقُول : فَخَفِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَخْبَار , مِنْ قَوْلهمْ : قَدْ عَمِيَ عَنِّي خَبَر الْقَوْم : إِذَا خَفِيَ . وَإِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ عَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّة , فَلَمْ يَدْرُوا مَا يَحْتَجُّونَ , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ كَانَ أَبْلَغَ إِلَيْهِمْ فِي الْمَعْذِرَة , وَتَابَعَ عَلَيْهِمْ الْحُجَّة , فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ حُجَّة يَحْتَجُّونَ بِهَا , وَلَا خَبَر يُخْبِرُونَ بِهِ , مِمَّا تَكُون لَهُمْ بِهِ نَجَاة وَمَخْلَص . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20989 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَنْبَاء } قَالَ : الْحُجَج , يَعْنِي الْحُجَّة. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَنْبَاء } قَالَ : الْحُجَج . 20990 - قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { وَيَوْم يُنَادِيهِمْ فَيَقُول مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ } قَالَ : بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , التَّوْحِيد .
فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَسورة القصص الآية رقم 66
يَقُول : فَخَفِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَخْبَار , مِنْ قَوْلهمْ : قَدْ عَمِيَ عَنِّي خَبَر الْقَوْم : إِذَا خَفِيَ . وَإِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ عَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّة , فَلَمْ يَدْرُوا مَا يَحْتَجُّونَ , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ كَانَ أَبْلَغَ إِلَيْهِمْ فِي الْمَعْذِرَة , وَتَابَعَ عَلَيْهِمْ الْحُجَّة , فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ حُجَّة يَحْتَجُّونَ بِهَا , وَلَا خَبَر يُخْبِرُونَ بِهِ , مِمَّا تَكُون لَهُمْ بِهِ نَجَاة وَمَخْلَص . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20989 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَنْبَاء } قَالَ : الْحُجَج , يَعْنِي الْحُجَّة. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْأَنْبَاء } قَالَ : الْحُجَج . 20990 - قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : { وَيَوْم يُنَادِيهِمْ فَيَقُول مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ } قَالَ : بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , التَّوْحِيد .

وَقَوْله : { فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ } بِالْأَنْسَابِ وَالْقَرَابَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20991 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ } قَالَ : لَا يَتَسَاءَلُونَ بِالْأَنْسَابِ , وَلَا يَتَمَاتُّونَ بِالْقَرَابَاتِ , إِنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا إِذَا أَلْتَقَوْا تَسَاءَلُوا وَتَمَاتُّوا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ } قَالَ : بِالْأَنْسَابِ. وَقِيلَ مَعْنَى ذَلِكَ : فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَج يَوْمئِذٍ , فَسَكَتُوا , فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ فِي حَال سُكُوتهمْ .
فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَسورة القصص الآية رقم 67
يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَأَمَّا مَنْ تَابَ } مِنْ الْمُشْرِكِينَ , فَأَنَابَ وَرَاجَعَ الْحَقّ , وَأَخْلَصَ لِلَّهِ الْأُلُوهَة , وَأَفْرَدَ لَهُ الْعِبَادَة , فَلَمْ يُشْرِك فِي عِبَادَته شَيْئًا

يَقُول : وَصَدَّقَ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

يَقُول : وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّه بِعَمَلِهِ فِي كِتَابه , وَعَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

يَقُول : فَهُوَ مِنْ الْمُنْجَحِينَ الْمُدْرِكِينَ طُلْبَتهمْ عِنْد اللَّه , الْخَالِدِينَ فِي جِنَانه , وَعَسَى مِنْ اللَّه وَاجِب .
وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَسورة القصص الآية رقم 68
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء وَيَخْتَار مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَرَبّك } يَا مُحَمَّد { يَخْلُق مَا يَشَاء } أَنْ يَخْلُقهُ , { وَيَخْتَار } لِوِلَايَتِهِ الْخِيَرَة مِنْ خَلْقه , وَمَنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنْهُ السَّعَادَة. وَإِنَّمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { وَيَخْتَار مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة } وَالْمَعْنَى : مَا وَصَفْت , لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُمْ يَخْتَارُونَ أَمْوَالهمْ , فَيَجْعَلُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ , فَقَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَرَبّك يَا مُحَمَّد يَخْلُق مَا يَشَاء أَنْ يَخْلُقهُ , وَيَخْتَار لِلْهِدَايَةِ وَالْإِيمَان وَالْعَمَل الصَّالِح مِنْ خَلْقه , مَا هُوَ فِي سَابِق عِلْمه أَنَّهُ خِيَرَتهمْ , نَظِير مَا كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لِآلِهَتِهِمْ خِيَار أَمْوَالهمْ , فَكَذَلِكَ اِخْتِيَارِي لِنَفْسِي . وَاجْتِبَائِي لِوِلَايَتِي , وَاصْطِفَائِي لِخِدْمَتِي وَطَاعَتِي , خِيَار مَمْلَكَتِي وَخَلْقِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20992 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء وَيَخْتَار مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة } قَالَ : كَانُوا يَجْعَلُونَ خَيْر أَمْوَالهمْ لِآلِهَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّة . فَإِذَا كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَلَا شَكّ أَنَّ " مَا " مِنْ قَوْله : { وَيَخْتَار مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة } فِي مَوْضِع نَصْب , بِوُقُوعِ يَخْتَار عَلَيْهَا , وَأَنَّهَا بِمَعْنَى الَّذِي . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنْ كَانَ الْأَمْر كَمَا وَصَفْت , مِنْ أَنَّ " مَا " اِسْم مَنْصُوب بِوُقُوعِ قَوْله { يَخْتَار } عَلَيْهَا , فَأَيْنَ خَبَر كَانَ ؟ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ لَك إِذَا كَانَ كَمَا قُلْت , أَنَّ فِي كَانَ ذِكْرًا مِنْ مَا , لَا بُدّ لَكَانَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ مِنْ تَمَام , وَأَيْنَ التَّمَام ؟ قِيلَ : إِنَّ الْعَرَب تَجْعَل لِحُرُوفِ الصِّفَات إِذَا جَاءَتْ الْأَخْبَار بَعْدهَا أَحْيَانًا , أَخْبَارًا , كَفِعْلِهَا بِالْأَسْمَاءِ إِذَا جَاءَتْ بَعْدهَا أَخْبَارهَا . ذَكَرَ الْفَرَّاء أَنَّ الْقَاسِم بْن مَعْن أَنْشَدَهُ قَوْل عَنْتَرَة : أَمِنْ سُمَيَّة دَمْع الْعَيْن تَذْرِيف لَوْ كَانَ ذَا مِنْك قَبْل الْيَوْم مَعْرُوف فَرَفَعَ مَعْرُوفًا بِحَرْفِ الصِّفَة , وَهُوَ لَا شَكّ خَبَر لِذَا , وَذُكِرَ أَنَّ الْمُفَضَّل أَنْشَدَهُ ذَلِكَ : لَوْ أَنَّ ذَا مِنْك قَبْل الْيَوْم مَعْرُوف وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْل عُمَر بْن أَبِي رَبِيعَة : قُلْت أَجِيبِي عَاشِقًا بِحُبِّكُمْ مُكَلَّف فِيهَا ثَلَاث كَالدُّمَى وَكَاعِب وَمُسْلِف فَمُكَلَّف مِنْ نَعْت عَاشِق , وَقَدْ رَفَعَهُ بِحَرْفِ الصِّفَة , وَهُوَ الْبَاء , فِي أَشْبَاه لِمَا ذَكَرْنَا بِكَثِيرٍ مِنْ الشَّوَاهِد , فَكَذَلِكَ قَوْله : { وَيَخْتَار مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة } رُفِعَتْ الْخِيَرَة بِالصِّفَةِ , وَهِيَ لَهُمْ , إِنْ كَانَتْ خَبَرًا لِمَا , لَمَا جَاءَتْ بَعْد الصِّفَة , وَوَقَعَتْ الصِّفَة مَوْقِع الْخَبَر , فَصَارَ كَقَوْلِ الْقَائِل : كَانَ عُمَر وَأَبُوهُ قَائِم , لَا شَكّ أَنَّ قَائِمًا لَوْ كَانَ مَكَان الْأَب , وَكَانَ الْأَب هُوَ الْمُتَأَخِّر بَعْده , كَانَ مَنْصُوبًا , فَكَذَلِكَ وَجْه رَفْع الْخِيَرَة , وَهُوَ خَبَر لِمَا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَهَلْ يَجُوز أَنْ تَكُون " مَا " فِي هَذَا الْمَوْضِع جَحْدًا , وَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام : وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء أَنْ يَخْلُقهُ , وَيَخْتَار مَا يَشَاء أَنْ يَخْتَارهُ , فَيَكُون قَوْله { وَيَخْتَار } نِهَايَة الْخَبَر عَنْ الْخَلْق وَالِاخْتِيَار , ثُمَّ يَكُون الْكَلَام بَعْد ذَلِكَ مُبْتَدَأ بِمَعْنَى : لَمْ تَكُنْ لَهُمْ الْخِيَرَة : أَيْ لَمْ يَكُنْ لِلْخَلْقِ الْخِيَرَة , وَإِنَّمَا الْخِيَرَة لِلَّهِ وَحْده ؟ قِيلَ : هَذَا قَوْل لَا يَخْفَى فَسَاده عَلَى ذِي حِجًا , مِنْ وُجُوه , لَوْ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِهِ لِأَهْلِ التَّأْوِيل قَوْل , فَكَيْفَ وَالتَّأْوِيل عَمَّنْ ذَكَرْنَا بِخِلَافِهِ ; فَأَمَّا أَحَد وُجُوه فَسَاده , فَهُوَ أَنَّ قَوْله : { مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة } لَوْ كَانَ كَمَا ظَنَّهُ مَنْ ظَنَّهُ , مِنْ أَنَّ " مَا " بِمَعْنَى الْجَحْد , عَلَى نَحْو التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْت , كَانَ إِنَّمَا جَحَدَ تَعَالَى ذِكْره , أَنْ تَكُون لَهُمْ الْخِيَرَة فِيمَا مَضَى قَبْل نُزُول هَذِهِ الْآيَة , فَأَمَّا فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَهُ فَلَهُمْ الْخِيَرَة , لِأَنَّ قَوْل الْقَائِل : مَا كَانَ لَك هَذَا , لَا شَكّ إِنَّمَا هُوَ خَبَر عَنْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون لَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِل , وَذَلِكَ مِنْ الْكَلَام لَا شَكّ خُلْف . لِأَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْخَلْقِ مِنْ ذَلِكَ قَدِيمًا , فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ أَبَدًا . وَبَعْد , لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى , لَكَانَ الْكَلَام : فَلَيْسَ . وَقِيلَ : وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء وَيَخْتَار , لَيْسَ لَهُمْ الْخِيَرَة , لِيَكُونَ نَفْيًا عَنْ أَنْ يَكُون ذَلِكَ لَهُمْ فِيمَا قَبْل وَفِيمَا بَعْد . وَالثَّانِي : أَنَّ كِتَاب اللَّه أَبْيَن الْبَيَان , وَأَوْضَح الْكَلَام , وَمُحَال أَنْ يُوجَد فِيهِ شَيْء غَيْر مَفْهُوم الْمَعْنَى , وَغَيْر جَائِز فِي الْكَلَام أَنْ يُقَال اِبْتِدَاء : مَا كَانَ لِفُلَانٍ الْخِيَرَة , وَلِمَا يَتَقَدَّم قَبْل ذَلِكَ كَلَام يَقْتَضِي ذَلِكَ ; فَكَذَلِكَ قَوْله : " وَيَخْتَار , مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَة " وَلَمْ يَتَقَدَّم قَبْله مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره خَبَر عَنْ أَحَد , أَنَّهُ اِدَّعَى أَنَّهُ كَانَ لَهُ الْخِيَرَة , فَيُقَال لَهُ : مَا كَانَ لَك الْخِيَرَة , وَإِنَّمَا جَرَى قَبْله الْخَبَر عَمَّا هُوَ صَائِر إِلَيْهِ أَمْر مَنْ تَابَ مِنْ شِرْكه , وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا , وَأَتْبَعَ ذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْخَبَر عَنْ سَبَب إِيمَان مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا مِنْهُمْ , وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ لِاخْتِيَارِهِ إِيَّاهُ لِلْإِيمَانِ , وَلِلسَّابِقِ مِنْ عِلْمه فِيهِ اِهْتَدَى . وَيَزِيد مَا قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ إِبَانَة قَوْله : { وَرَبّك يَعْلَم مَا تُكِنّ صُدُورهمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَعْلَم مِنْ عِبَاده السَّرَائِر وَالظَّوَاهِر , وَيَصْطَفِي لِنَفْسِهِ وَيَخْتَار لِطَاعَتِهِ مَنْ قَدْ عَلِمَ مِنْهُ السَّرِيرَة الصَّالِحَة , وَالْعَلَانِيَة الرَّضِيَّة . وَالثَّالِث : أَنَّ مَعْنَى الْخِيَرَة فِي هَذَا الْمَوْضِع : إِنَّمَا هُوَ الْخِيَرَة , وَهُوَ الشَّيْء الَّذِي يُخْتَار مِنْ الْبَهَائِم وَالْأَنْعَام وَالرِّجَال وَالنِّسَاء , يُقَال مِنْهُ : أُعْطِيَ الْخِيرَة وَالْخِيَرَة , مِثْل الطِّيرَة وَالطِّيَرَة , وَلَيْسَ بِالِاخْتِيَارِ , وَإِذَا كَانَتْ الْخِيَرَة مَا وَصَفْنَا , فَمَعْلُوم أَنَّ مِنْ أَجْوَد الْكَلَام أَنْ يُقَال : وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء , وَيَخْتَار مَا يَشَاء , لَمْ يَكُنْ لَهُمْ خَيْر بَهِيمَة أَوْ خَيْر طَعَام , أَوْ خَيْر رَجُل أَوْ اِمْرَأَة . فَإِنْ قَالَ : فَهَلْ يَجُوز أَنْ تَكُون بِمَعْنَى الْمَصْدَر ؟ قِيلَ : لَا , وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ مَصْدَرًا كَانَ مَعْنَى الْكَلَام : وَرَبّك يَخْلُق مَا يَشَاء وَيَخْتَار كَوْن الْخِيَرَة لَهُمْ . إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَجَبَ أَنْ لَا تَكُنْ الشِّرَار لَهُمْ مِنْ الْبَهَائِم وَالْأَنْعَام ; إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَرَائِر ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُون لَهَا مَالِك , وَذَلِكَ مَا لَا يَخْفَى خَطَؤُهُ , لِأَنَّ لِخِيَارِهَا وَلِشِرَارِهَا أَرْبَابًا يَمْلِكُونَهَا بِتَمْلِيكِ اللَّه إِيَّاهُمْ ذَلِكَ , وَفِي كَوْن ذَلِكَ كَذَلِكَ فَسَاد تَوْجِيه ذَلِكَ إِلَى مَعْنَى الْمَصْدَر .

وَقَوْله سُبْحَانه وَتَعَالَى : { عَمَّا يُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره تَنْزِيهًا لِلَّهِ وَتَبْرِئَة لَهُ , وَعُلُوًّا عَمَّا أَضَافَ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الشِّرْك , وَمَا تَخَرَّصُوهُ مِنْ الْكَذِب وَالْبَاطِل عَلَيْهِ . وَتَأْوِيل الْكَلَام : سُبْحَان اللَّه وَتَعَالَى عَنْ شِرْكهمْ. وَقَدْ كَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يُوَجِّههُ إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى : وَتَعَالَى عَنْ الَّذِي يُشْرِكُونَ بِهِ .
وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَسورة القصص الآية رقم 69
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَرَبّك يَعْلَم مَا تُكِنّ صُدُورهمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَرَبّك يَا مُحَمَّد يَعْلَم مَا تُخْفِي صُدُور خَلْقه ; وَهُوَ مِنْ : أَكْنَنْت الشَّيْء فِي صَدْرِي : إِذَا أَضْمَرْته فِيهِ , وَكَنَنْت الشَّيْء : إِذَا صُنْته , { وَمَا يُعْلِنُونَ } : يَقُول : وَمَا يُبْدُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَجَوَارِحهمْ , وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ اِخْتِيَار مَنْ يَخْتَار مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ بِهِ عَلَى عِلْم مِنْهُ بِسَرَائِر أُمُورهمْ وَبَوَادِيهَا , وَإِنَّهُ يَخْتَار لِلْخَيْرِ أَهْله , فَيُوَفِّقهُمْ لَهُ , وَيُوَلِّي الشَّرّ أَهْله , وَيُخَلِّيهِمْ وَإِيَّاهُ .
وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَسورة القصص الآية رقم 70
وَقَوْله : { وَهُوَ اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَرَبّك يَا مُحَمَّد الْمَعْبُود الَّذِي لَا تَصْلُح الْعِبَادَة إِلَّا لَهُ , وَلَا مَعْبُود تَجُوز عِبَادَته غَيْره .

يَعْنِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة .

يَقُول : وَلَهُ الْقَضَاء بَيْن خَلْقه .

يَقُول : وَإِلَيْهِ تُرَدُّونَ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ , فَيَقْضِي بَيْنكُمْ بِالْحَقِّ.
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلا تَسْمَعُونَسورة القصص الآية رقم 71
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ اللَّيْل سَرْمَدًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ : أَيّهَا الْقَوْم أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ اللَّيْل دَائِمًا لَا نَهَار إِلَى يَوْم الْقِيَامَة يَعْقُبهُ . وَالْعَرَب تَقُول لِكُلِّ مَا كَانَ مُتَّصِلًا لَا يَنْقَطِع مِنْ رَخَاء أَوْ بَلَاء أَوْ نِعْمَة هُوَ سَرْمَد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20993 - حَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { سَرْمَدًا } : دَائِمًا لَا يَنْقَطِع. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ ثني حَجَّاج , , عَنْ اِبْن اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20994 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ اللَّيْل سَرْمَدًا } يَقُول : دَائِمًا .

وَقَوْله : { مَنْ إِلَه غَيْر اللَّه يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ } يَقُول : مَنْ مَعْبُود غَيْر الْمَعْبُود الَّذِي لَهُ عِبَادَة كُلّ شَيْء يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءِ النَّهَار , فَتَسْتَضِيئُونَ بِهِ .

يَقُول : أَفَلَا تَرْعَوْنَ ذَلِكَ سَمْعكُمْ , وَتُفَكِّرُونَ فِيهِ فَتَتَّعِظُونَ , وَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَبّكُمْ هُوَ الَّذِي يَأْتِي بِاللَّيْلِ وَيَذْهَب بِالنَّهَارِ إِذَا شَاءَ , وَإِذَا شَاءَ أَتَى بِالنَّهَارِ وَذَهَبَ بِاللَّيْلِ , فَيَنْعَم بِاخْتِلَافِهِمَا كَذَلِكَ عَلَيْكُمْ.
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَسورة القصص الآية رقم 72
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ النَّهَار سَرْمَدًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مَنْ إِلَه غَيْر اللَّه يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِمُشْرِكِي قَوْمك { أَرَأَيْتُمْ } أَيّهَا الْقَوْم { إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ النَّهَار سَرْمَدًا } دَائِمًا لَا لَيْل مَعَهُ أَبَدًا { إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مَنْ إِلَه غَيْر اللَّه } مِنْ مَعْبُود غَيْر الْمَعْبُود الَّذِي لَهُ عِبَادَة كُلّ شَيْء { يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ } فَتَسْتَقِرُّونَ وَتَهْدَءُونَ فِيهِ.

يَقُول : أَفَلَا تَرَوْنَ بِأَبْصَارِكُمْ اِخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار عَلَيْكُمْ , رَحْمَة مِنْ اللَّه لَكُمْ , وَحُجَّة مِنْهُ عَلَيْكُمْ , فَتَعْلَمُوا بِذَلِكَ أَنَّ الْعِبَادَة لَا تَصْلُح إِلَّا لِمَنْ أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ دُون غَيْره , وَلِمَنْ لَهُ الْقُدْرَة الَّتِي خَالَفَ بِهَا بَيْن ذَلِكَ.
وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَسورة القصص الآية رقم 73
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ رَحْمَته جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْل وَالنَّهَار لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْله } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَمِنْ رَحْمَته } بِكُمْ أَيّهَا النَّاس { جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْل وَالنَّهَار } فَخَالَفَ بَيْنهمَا , فَجَعَلَ هَذَا اللَّيْل ظَلَامًا { لِتَسْكُنُوا فِيهِ } وَتَهْدَءُوا وَتَسْتَقِرُّوا لِرَاحَةِ أَبْدَانكُمْ فِيهِ مِنْ تَعَب التَّصَرُّف الَّذِي تَتَصَرَّفُونَ نَهَارًا لِمَعَايِشِكُمْ . وَفِي الْهَاء الَّتِي فِي قَوْله : { لِتَسْكُنُوا فِيهِ } وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : أَنْ تَكُون مِنْ ذِكْر اللَّيْل خَاصَّة , وَيُضْمَر لِلنَّهَارِ مَعَ الِابْتِغَاء هَاء أُخْرَى . وَالثَّانِي : أَنْ تَكُون مِنْ ذِكْر اللَّيْل وَالنَّهَار , فَيَكُون وَجْه تَوْحِيدهَا وَهِيَ لَهُمَا وَجْه تَوْحِيد الْعَرَب فِي قَوْلهمْ : إِقْبَالك وَإِدْبَارك يُؤْذِينِي , لِأَنَّ الْإِقْبَال وَالْإِدْبَار فِعْل , وَالْفِعْل يُوَحَّد كَثِيره وَقَلِيله . وَجَعَلَ هَذَا النَّهَار ضِيَاء تُبْصِرُونَ فِيهِ , فَتَتَصَرَّفُونَ أَبْصَاركُمْ فِيهِ لِمَعَايِشِكُمْ , وَابْتِغَاء رِزْقه الَّذِي قَسَمَهُ بَيْنكُمْ بِفَضْلِهِ الَّذِي تَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ .

وَقَوْله : { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلِتَشْكُرُوهُ عَلَى إِنْعَامه عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ , فَعَلَ ذَلِكَ بِكُمْ لِتُفْرِدُوهُ بِالشُّكْرِ , وَتُخْلِصُوا لَهُ الْحَمْد , لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَكهُ فِي إِنْعَامه عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ شَرِيك , فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُون لَهُ شَرِيك فِي الْحَمْد عَلَيْهِ.
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَسورة القصص الآية رقم 74
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم يُنَادِيهِمْ فَيَقُول أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ } . يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم يُنَادِي رَبّك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَيَقُول لَهُمْ : { أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ } أَيّهَا الْقَوْم فِي الدُّنْيَا أَنَّهُمْ شُرَكَائِي .
وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَسورة القصص الآية رقم 75
وَقَوْله : { وَنَزَعْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة شَهِيدًا } وَأَحْضَرْنَا مِنْ كُلّ جَمَاعَة شَهِيدهَا وَهُوَ نَبِيّهَا الَّذِي يَشْهَد عَلَيْهَا بِمَا أَجَابَتْهُ أُمَّته فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ عَنْ اللَّه مِنْ الرِّسَالَة. وَقِيلَ : وَنَزَعْنَا مِنْ قَوْله : نَزَعَ فُلَان بِحُجَّةِ كَذَا , بِمَعْنَى : أَحْضَرَهَا وَأَخْرَجَهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20995 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَنَزَعْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة شَهِيدًا } وَشَهِيدهَا : نَبِيّهَا , يَشْهَد عَلَيْهَا أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ رِسَالَة رَبّه . 20996 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا ; عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ; قَوْله : { وَنَزَعْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة شَهِيدًا } قَالَ : رَسُولًا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ.

وَقَوْله : { فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } يَقُول : فَقُلْنَا لِأُمَّةِ كُلّ نَبِيّ مِنْهُمْ الَّتِي رَدَّتْ نَصِيحَته , وَكَذَّبَتْ بِمَا جَاءَهَا بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ , إِذْ شَهِدَ نَبِيّهَا عَلَيْهَا بِإِبْلَاغِهِ إِيَّاهَا رِسَالَة اللَّه : { هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } يَقُول : فَقَالَ لَهُمْ : هَاتُوا حُجَّتكُمْ عَلَى إِشْرَاككُمْ بِاَللَّهِ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مَعَ إِعْذَار اللَّه إِلَيْكُمْ بِالرُّسُلِ وَإِقَامَته عَلَيْكُمْ بِالْحُجَجِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20997 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } أَيْ بَيِّنَتكُمْ . 20998 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } قَالَ : حُجَّتكُمْ لِمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ وَتَقُولُونَ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } قَالَ : حُجَّتكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ.

وَقَوْله : { فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقّ لِلَّهِ } يَقُول : فَعَلِمُوا حِينَئِذٍ أَنَّ الْحُجَّة الْبَالِغَة لِلَّهِ عَلَيْهِ , وَأَنَّ الْحَقّ لِلَّهِ , وَالصِّدْق خَبَره , فَأَيْقَنُوا عَذَابًا مِنْ اللَّه لَهُمْ دَائِم .

يَقُول : وَاضْمَحَلَّ فَذَهَبَ الَّذِي كَانُوا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ فِي الدُّنْيَا , وَمَا كَانُوا يَتَخَرَّصُونَ , وَيَكْذِبُونَ عَلَى رَبّهمْ , فَلَمْ يَنْفَعهُمْ هُنَالِكَ بَلْ ضَرَّهُمْ وَأَصْلَاهُمْ نَار جَهَنَّم .
إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَسورة القصص الآية رقم 76
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّ قَارُون } وَهُوَ قَارُون بْن يصهر بْن قاهث بْن لاوي بْن يَعْقُوب { كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } يَقُول : كَانَ مِنْ عَشِيرَة مُوسَى بْن عِمْرَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ اِبْن عَمّه لِأَبِيهِ وَأُمّه , وَذَلِكَ أَنَّ قَارُون هُوَ قَارُون بْن يصهر بْن قاهث , وَمُوسَى : هُوَ مُوسَى بْن عِمْرَان بْن قاهث , كَذَا نَسَبَهُ اِبْن جُرَيْج . 20999 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } قَالَ : اِبْن عَمّه اِبْن أَخِي أَبِيهِ , فَإِنَّ قَارُون بْن يصفر , هَكَذَا قَالَ الْقَاسِم , وَإِنَّمَا هُوَ يصهر بْن قاهث , وَمُوسَى بْن عومر بْن قاهث , وعومر بِالْعَرَبِيَّةِ : عِمْرَان. وَأَمَّا اِبْن إِسْحَاق فَإِنَّ اِبْن حُمَيْد . 21000 - حَدَّثَنَا . قَالَ : ثَنَا سَلَمَة عَنْهُ , أَنَّ يصهر بْن قاهث تَزَوَّجَ سميت بِنْت بتاويت بْن بركنا بْن بقشان بْن إِبْرَاهِيم , فَوَلَدَتْ لَهُ عِمْرَان بْن يصهر , وَقَارُون بْن يصهر , فَنَكَحَ عِمْرَان بِنْت شمويل بْن بركنا بْن بقشان بْن بركنا , فَوَلَدَتْ لَهُ هَارُون بْن عِمْرَان , وَمُوسَى بْن عِمْرَان صَفِيّ اللَّه وَنَبِيّه ; فَمُوسَى عَلَى مَا ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاق اِبْن أَخِي قَارُون , وَقَارُون هُوَ عَمّه أَخُو أَبِيهِ لِأَبِيهِ وَلِأُمِّهِ . وَأَكْثَر أَهْل الْعِلْم فِي ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ اِبْن جُرَيْج . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21001 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } قَالَ : كَانَ اِبْن عَمّ مُوسَى . 21002 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , قَالَ : ثَنَا سَعِيد عَنْ قَتَادَة { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } : كُنَّا نُحَدَّث أَنَّهُ كَانَ اِبْن عَمّه أَخِي أَبِيهِ , وَكَانَ يُسَمَّى الْمُنَوَّر مِنْ حُسْن صَوْته بِالتَّوْرَاةِ , وَلَكِنَّ عَدُوّ اللَّه نَافَقَ , كَمَا نَافَقَ السَّامِرِيّ , فَأَهْلَكَهُ الْبَغْي . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } قَالَ : كَانَ اِبْن عَمّه فَبَغَى عَلَيْهِ . * - قَالَ : ثَنَا يَحْيَى الْقَطَّان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : كَانَ قَارُون اِبْن عَمّ مُوسَى . * -قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ اِبْن أَبِي خَالِد , عَنْ إِبْرَاهِيم { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } قَالَ : كَانَ اِبْن عَمّه . 21003 - حَدَّثني بِشْر بْن هِلَال الصَّوَّاف , قَالَ : ثَنَا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان الضُّبَعِيّ , عَنْ مَالِك بْن دِينَار , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ مُوسَى بْن عِمْرَان كَانَ اِبْن عَمّ قَارُون . وَقَوْله : { فَبَغَى عَلَيْهِمْ } يَقُول : فَتَجَاوَزَ حَدّه فِي الْكِبْر وَالتَّجَبُّر عَلَيْهِمْ. وَكَانَ بَعْضهمْ يَقُول : كَانَ بَغْيه عَلَيْهِمْ زِيَادَة شِبْر أَخَذَهَا فِي طُول ثِيَابه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21004 - حَدَّثني عَلِيّ بْن سَعِيد الْكِنْدِيّ وَأَبُو السَّائِب وَابْن وَكِيع قَالُوا : ثَنَا حَفْص بْن غِيَاث , عَنْ لَيْث , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ } قَالَ : زَادَ عَلَيْهِمْ فِي الثِّيَاب شِبْرًا . وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَ بَغْيه عَلَيْهِمْ بِكَثْرَةِ مَاله . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21005 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : إِنَّمَا بَغَى عَلَيْهِمْ بِكَثْرَةِ مَاله .

وَقَوْله : { وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوز مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَآتَيْنَا قَارُون مِنْ كُنُوز الْأَمْوَال مَا إِنَّ مَفَاتِحه , وَهِيَ جَمْع مِفْتَح , وَهُوَ الَّذِي يُفْتَح بِهِ الْأَبْوَاب. وَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِالْمَفَاتِحِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْخَزَائِن لِتُثْقِل الْعُصْبَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى مَفَاتِح : 21006 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَعْمَش , عَنْ خَيْثَمَة , قَالَ : كَانَتْ مَفَاتِح قَارُون تُحْمَل عَلَى سِتِّينَ بَغْلًا , كُلّ مِفْتَاح مِنْهَا بَاب كَنْز مَعْلُوم مِثْل الْأُصْبُع مِنْ جُلُود . 21007 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ خَيْثَمَة , قَالَ : كَانَتْ مَفَاتِح كُنُوز قَارُون مِنْ جُلُود كُلّ مِفْتَاح مِثْل الْأُصْبُع , كُلّ مِفْتَاح عَلَى خِزَانَة عَلَى حِدَة , فَإِذَا رَكِبَ حُمِلَتْ الْمَفَاتِيح عَلَى سِتِّينَ بَغْلًا أَغَرّ مُحَجَّل . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ خَيْثَمَة , فِي قَوْله { مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة } قَالَ : نَجِد مَكْتُوبًا فِي الْإِنْجِيل مَفَاتِح قَارُون وَقْر سِتِّينَ بَغْلًا غُرًّا مُحَجَّلَة , مَا يَزِيد كُلّ مِفْتَاح مِنْهَا عَلَى أُصْبُع , لِكُلِّ مِفْتَاح مِنْهَا كَنْز . 21008 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ حُمَيْد , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كَانَتْ الْمَفَاتِح مِنْ جُلُود الْإِبِل . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوز مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : مَفَاتِح مِنْ جُلُود كَمَفَاتِح الْعِيدَان . وَقَالَ قَوْم : عُنِيَ بِالْمَفَاتِحِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : خَزَائِنه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21009 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : { مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : كَانَتْ خَزَائِنه تُحْمَل عَلَى أَرْبَعِينَ بَغْلًا . 21010 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِي حُجَيْر , عَنْ الضَّحَّاك { مَا إِنَّ مَفَاتِحه } قَالَ : أَوْعِيَته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21011 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : ثَنَا أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : لَتَثْقُل بِالْعُصْبَةِ . * - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } يَقُول : تَثْقُل . وَأَمَّا الْعُصْبَة فَإِنَّهَا الْجَمَاعَة . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَبْلَغ عَدَدهَا الَّذِي أُرِيدَ فِي هَذَا الْمَوْضِع ; فَأَمَّا مَبْلَغ عَدَد الْعُصْبَة فِي كَلَام الْعَرَب فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى بِاخْتِلَافِ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِ , وَالرِّوَايَة فِي ذَلِكَ , وَالشَّوَاهِد عَلَى الصَّحِيح مِنْ قَوْلهمْ فِي ذَلِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَتْ مَفَاتِحه تَنُوء بِعُصْبَةٍ ; مَبْلَغ عَدَدهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21012 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ أَبِي صَالِح , قَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : أَرْبَعُونَ رَجُلًا . 21013 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد عَنْ قَتَادَة { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْعُصْبَة مَا بَيْن الْعَشَرَة إِلَى الْأَرْبَعِينَ . 21014 -حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة } : يَزْعُمُونَ أَنَّ الْعُصْبَة أَرْبَعُونَ رَجُلًا , يَنْقُلُونَ مَفَاتِحه مِنْ كَثْرَة عَدَدهَا. 21015 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوز مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة } قَالَ : أَرْبَعُونَ رَجُلًا . وَقَالَ آخَرُونَ : سِتُّونَ , وَقَالَ : كَانَتْ مَفَاتِحه تُحْمَل عَلَى سِتِّينَ بَغْلًا . 21016 -حَدَّثَنَا كَذَلِكَ اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ خَيْثَمَة . وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَتْ تُحْمَل عَلَى مَا بَيْن ثَلَاثَة إِلَى عَشَرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21017 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : الْعُصْبَة : ثَلَاثَة . 21018 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : ثَنَا أَبُو رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : الْعُصْبَة : مَا بَيْن الثَّلَاثَة إِلَى الْعَشَرَة . وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَتْ تُحْمَل مَا بَيْن عَشَرَة إِلَى خَمْسَة عَشَر ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21019 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : الْعُصْبَة : مَا بَيْن الْعَشَرَة إِلَى الْخَمْسَة عَشَر . 21020 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } قَالَ : الْعُصْبَة : خَمْسَة عَشَر رَجُلًا . وَقَوْله : { أُولِي الْقُوَّة } يَعْنِي : أُولِي الشِّدَّة . وَقَالَ مُجَاهِد فِي ذَلِكَ مَا : * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { أُولِي الْقُوَّة } قَالَ : خَمْسَة عَشَر . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ { وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوز مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } وَكَيْفَ تَنُوء الْمَفَاتِح بِالْعُصْبَةِ , وَإِنَّمَا الْعُصْبَة هِيَ الَّتِي تَنُوء بِهَا ؟ قِيلَ : اِخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب , فَقَالَ بَعْض أَهْل الْبَصْرَة : مَجَاز ذَلِكَ : مَا إِنَّ الْعُصْبَة ذَوِي الْقُوَّة لَتَنُوء بِمَفَاتِح نِعَمه . قَالَ : وَيُقَال فِي الْكَلَام : إِنَّهَا لَتَنُوء بِهَا عَجِيزَتهَا , وَإِنَّمَا هُوَ : تَنُوء بِعَجِيزَتِهَا كَمَا يَنُوء الْبَعِير بِحِمْلِهِ , قَالَ : وَالْعَرَب قَدْ تَفْعَل مِثْل هَذَا . قَالَ الشَّاعِر : فَدَيْت بِنَفْسِهِ نَفْسِي وَمَالِي وَمَا آلُوك إِلَّا مَا أُطِيق وَالْمَعْنَى : فَدَيْت بِنَفْسِي وَبِمَالِي نَفْسه . وَقَالَ آخَر : وَتَرْكَب خَيْلًا لَا هَوَادَة بَيْنهَا وَتَشْقَى الرِّمَاح بِالضَّيَاطِرَةِ الْحُمْر وَإِنَّمَا تَشْقَى الضَّيَاطِرَة بِالرِّمَاحِ . قَالَ : وَالْخَيْل هَا هُنَا : الرِّجَال . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ { مَا إِنَّ مَفَاتِحه } قَالَ : وَهَذَا مَوْضِع لَا يَكَاد يُبْتَدَأ فِيهِ " إِنَّ " , وَقَدْ قَالَ : { إِنَّ الْمَوْت الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ } 62 8 . وَقَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } إِنَّمَا الْعُصْبَة تَنُوء بِهَا ; وَفِي الشِّعْر : تَنُوء بِهَا فَتُثْقِلهَا عَجِيزَتهَا وَلَيْسَتْ الْعَجِيزَة تَنُوء بِهَا , وَلَكِنَّهَا هِيَ تَنُوء بِالْعَجِيزَةِ ; وَقَالَ الْأَعْشَى : مَا كُنْت فِي الْحَرْب الْعَوَان مُغَمَّرَا إِذْ شَبَّ حَرُّ وُقُودهَا أَجْذَالَهَا وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ الْكُوفِيِّينَ يُنْكِر هَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِل , وَابْتِدَاء إِنَّ بَعْد مَا , وَيَقُول : ذَلِكَ جَائِز مَعَ مَا وَمِنْ , وَهُوَ مَعَ مَا وَمِنْ أَجْوَد مِنْهُ مَعَ الَّذِي , لِأَنَّ الَّذِي لَا يُعْمَل فِي صِلَته , وَلَا تَعْمَل صِلَته فِيهِ , فَلِذَلِكَ جَازَ , وَصَارَتْ الْجُمْلَة عَائِد " مَا " , إِذْ كَانَتْ لَا تَعْمَل فِي " مَا " , وَلَا تَعْمَل " مَا " فِيهَا ; قَالَ : وَحَسُنَ مَعَ " مَا " و " مِنْ " , لِأَنَّهُمَا يَكُونَانِ بِتَأْوِيلِ النَّكِرَة إِنْ شِئْت , وَالْمَعْرِفَة إِنْ شِئْت , فَتَقُول : ضَرَبْت رَجُلًا لِيَقُومَن , وَضَرَبْت رَجُلًا إِنَّهُ لَمُحْسِن , فَتَكُون " مِنْ وَمَا " تَأْوِيل هَذَا , وَمَعَ " الَّذِي " أَقْبَح , لِأَنَّهُ لَا يَكُون بِتَأْوِيلِ النَّكِرَة . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ فِي قَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } : نَوْءُهَا بِالْعُصْبَةِ : أَنْ تُثْقِلهُمْ ; وَقَالَ : الْمَعْنَى : إِنَّ مَفَاتِحه لَتُنِيء الْعُصْبَة : تَمِيلهُنَّ مِنْ ثِقَلهَا , فَإِذَا أُدْخِلَتْ الْبَاء قُلْت : تَنُوء بِهِمْ , كَمَا قَالَ : { آتُونِي أُفْرِغ عَلَيْهِ قِطْرًا } 18 96 . قَالَ وَالْمَعْنَى : آتُونِي بِقِطْرٍ أُفْرِغ عَلَيْهِ ; فَإِذَا حَذَفْت الْبَاء , زِدْت عَلَى الْفِعْل أَلِفًا فِي أَوَّله ; وَمِثْله : { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاض } 19 23 مَعْنَاهُ : فَجَاءَ بِهَا الْمَخَاض ; وَقَالَ : قَدْ قَالَ رَجُل مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة : مَا إِنَّ الْعُصْبَة تَنُوء بِمَفَاتِحِهِ , فَحُوِّلَ الْفِعْل إِلَى الْمَفَاتِح , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : إِنَّ سِرَاجًا لَكَرِيم مَفْخَرُهُ تَحْلَى بِهِ الْعَيْن إِذَا مَا تَجْهَرُهُ وَهُوَ الَّذِي يَحْلَى بِالْعَيْنِ , قَالَ : فَإِنْ كَانَ سَمِعَ أَثَرًا بِهَذَا , فَهُوَ وَجْه , وإِلَّا فَإِنَّ الرَّجُل جَهِلَ الْمَعْنَى . قَالَ : وَأَنْشَدَنِي بَعْض الْعَرَب : حَتَّى إِذَا مَا اِلْتَأَمَتْ مُوَاصِله وَنَاءَ فِي شِقّ الشِّمَال كَاهِله يَعْنِي : الرَّامِي لَمَّا أَخَذَ الْقَوْس , وَنَزَعَ مَالَ عَلَيْهَا . قَالَ : وَنَرَى أَنَّ قَوْل الْعَرَب : مَا سَاءَك , وَنَاءَك مِنْ ذَلِكَ , وَمَعْنَاهُ : مَا سَاءَك وَأَنَاءَك مِنْ ذَلِكَ , إِلَّا أَنَّهُ أَلْقَى الْأَلِف لِأَنَّهُ مُتَّبِع لِسَاءَكَ , كَمَا قَالَتْ الْعَرَب : أَكَلْت طَعَامًا فَهَنَّأَنِي وَمَرَّأَنِي , وَمَعْنَاهُ : إِذَا أَفْرَدْت : وَأَمْرَأَنِي فَحُذِفَتْ مِنْهُ الْأَلِف لَمَّا أُتْبِعَ مَا لَيْسَ فِيهِ أَلِف . وَهَذَا الْقَوْل الْآخَر فِي تَأْوِيل قَوْله : { لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ } : أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ الْأَقْوَال الْأُخَر , لِمَعْنَيَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنَّهُ تَأْوِيل مُوَافِق لِظَاهِرِ التَّنْزِيل. وَالثَّانِي : أَنَّ الْآثَار الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْ أَهْل التَّأْوِيل بِنَحْوِ هَذَا الْمَعْنَى جَاءَتْ , وَإِنَّ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : مَا إِنَّ الْعُصْبَة لَتَنُوء بِمَفَاتِحِهِ , إِنَّمَا هُوَ تَوْجِيه مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : مَا إِنَّ الْعُصْبَة لَتَنْهَض بِمَفَاتِحِهِ ; وَإِذَا وُجِّهَ إِلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ الدَّلَالَة عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْخَبَر عَنْ كَثْرَة كُنُوزه , عَلَى نَحْو مَا فِيهِ , إِذَا وُجِّهَ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : إِنَّ مَفَاتِحه تُثْقِل الْعُصْبَة وَتُمِيلهَا , لِأَنَّهُ قَدْ تَنْهَض الْعُصْبَة بِالْقَلِيلِ مِنْ الْمَفَاتِح وَبِالْكَثِيرِ . وَإِنَّمَا قَصَدَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْخَبَر عَنْ كَثْرَة ذَلِكَ , وَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْخَبَر عَنْ كَثْرَته , كَانَ لَا شَكّ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْله , مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ : لَتَنُوء الْعُصْبَة بِمَفَاتِحِهِ , قَوْل لَا مَعْنًى لَهُ , هَذَا مَعَ خِلَافه تَأْوِيل السَّلَف فِي ذَلِكَ .

وَقَوْله : { إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمه لَا تَفْرَح , إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } يَقُول : إِذْ قَالَ قَوْمه : لَا تَبْغِ وَلَا تَبْطَر فَرَحًا , إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ مِنْ خَلْقه الْأَشِرِينَ الْبَطِرِينَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21021 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } يَقُول : الْمَرِحِينَ . 21022 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { لَا تَفْرَح إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : الْمُتَبَذِّخِينَ الْأَشِرِينَ الْبَطِرِينَ , الَّذِينَ لَا يَشْكُرُونَ اللَّه عَلَى مَا أَعْطَاهُمْ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ جَابِر , قَالَ : سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : الْأَشِرِينَ الْبَطِرِينَ الْبَذِخِينَ . 21023 -حَدَّثني يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { لَا تَفْرَح إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : يَعْنِي بِهِ الْبَغْي . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { لَا تَفْرَح إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : الْمُتَبَذِّخِينَ الْأَشِرِينَ , الَّذِينَ لَا يَشْكُرُونَ اللَّه فِيمَا أَعْطَاهُمْ . * - حَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله ; إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : الْمُتَبَذِّخِينَ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْمَخْرَمِيّ , قَالَ : ثني شَبَّابَة , قَالَ ثني وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { لَا تَفْرَح إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : الْأَشِرِينَ الْبَطِرِينَ . 21024 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمه { لَا تَفْرَح } : أَيْ لَا تَمْرَح { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } : أَيْ إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمَرِحِينَ . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { لَا تَفْرَح إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : الْأَشِرِينَ الْبَطِرِينَ , الَّذِينَ لَا يَشْكُرُونَ اللَّه فِيمَا أَعْطَاهُمْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمه لَا تَفْرَح , إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفَرِحِينَ } قَالَ : هُوَ فَرَح الْبَغْي .
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَسورة القصص الآية رقم 77
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاك اللَّه الدَّار الْآخِرَة } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره , مُخْبِرًا عَنْ قِيل قَوْم قَارُون لَهُ : لَا تَبْغِ يَا قَارُون عَلَى قَوْمك , بِكَثْرَةِ مَالِك , وَالْتَمِسْ فِيمَا آتَاك اللَّه مِنْ الْأَمْوَال خَيْرَات الْآخِرَة , بِالْعَمَلِ فِيهَا بِطَاعَةِ اللَّه فِي الدُّنْيَا .

وَقَوْله : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } يَقُول : وَلَا تَتْرُك نَصِيبك وَحَظّك مِنْ الدُّنْيَا , أَنْ تَأْخُذ فِيهَا بِنَصِيبِك مِنْ الْآخِرَة , فَتَعْمَل فِيهِ بِمَا يُنْجِيك غَدًا مِنْ عِقَاب اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21025 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا , وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّه إِلَيْك } يَقُول : لَا تَتْرُك أَنْ تَعْمَل لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : أَنْ تَعْمَل فِيهَا لِآخِرَتِك . 21016 -حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا قُرَّة بْن خَالِد , عَنْ عَوْن بْن عَبْد اللَّه { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : إِنَّ قَوْمًا يَضَعُونَهَا عَلَى غَيْر مَوْضِعهَا. وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا : تَعْمَل فِيهَا بِطَاعَةِ اللَّه . 21017 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : الْعَمَل بِطَاعَتِهِ . * -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : تَعْمَل فِي دُنْيَاك لِآخِرَتِك . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : الْعَمَل فِيهَا بِطَاعَةِ اللَّه . * -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عِيسَى الْجُرَشِيّ , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : أَنْ تَعْمَل فِي دُنْيَاك لِآخِرَتِك . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْعَمَل بِطَاعَةِ اللَّه : نَصِيبه مِنْ الدُّنْيَا , الَّذِي يُثَاب عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة . 21018 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : لَا تَنْسَ أَنْ تُقَدِّم مِنْ دُنْيَاك لِآخِرَتِك , فَإِنَّمَا تَجِد فِي آخِرَتك مَا قَدَّمْت فِي الدُّنْيَا , فِيمَا رَزَقَك اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَتْرُك أَنْ تَطْلُب فِيهَا حَظّك مِنْ الرِّزْق. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21029 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } : قَالَ الْحَسَن : مَا أَحَلَّ اللَّه لَك مِنْهَا , فَإِنَّ لَك فِيهِ غِنًى وَكِفَايَة . * -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن حُمَيْد الْمَعْمَرِيّ , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } قَالَ : طَلَب الْحَلَال . 21030 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا حَفْص , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الْحَسَن : { وَلَا تَنْسَ نَصِيبك مِنْ الدُّنْيَا } : قَالَ : قَدَّمَ الْفَضْل , وَأَمْسَكَ مَا يُبَلِّغك . 21031 - الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : الْحَلَال فِيهَا .

وَقَوْله : { وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّه إِلَيْك } يَقُول : وَأَحْسِنْ فِي الدُّنْيَا إِنْفَاق مَالِك الَّذِي آتَاكَهُ اللَّه , فِي وُجُوهه وَسُبُله , كَمَا أَحْسَنَ اللَّه إِلَيْك , فَوَسَّعَ عَلَيْك مِنْهُ , وَبَسَطَ لَك فِيهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21032 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّه إِلَيْك } قَالَ : أَحْسِنْ فِيمَا رَزَقَك اللَّه .

يَقُول : وَلَا تَلْتَمِس مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْك مِنْ الْبَغْي عَلَى قَوْمك .

يَقُول : إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ بُغَاة الْبَغْي وَالْمَعَاصِي .
قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَسورة القصص الآية رقم 78
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيته عَلَى عِلْم عِنْدِي } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره قَالَ قَارُون لِقَوْمِهِ الَّذِينَ وَعَظُوهُ : إِنَّمَا أُوتِيت هَذِهِ الْكُنُوز عَلَى فَضْل عِلْم عِنْدِي , عَلِمَهُ اللَّه مِنِّي , فَرَضِيَ بِذَلِكَ عَنِّي , وَفَضَّلَنِي بِهَذَا الْمَال عَلَيْكُمْ , لِعِلْمِهِ بِفَضْلِي عَلَيْكُمْ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21033 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيته عَلَى عِلْم عِنْدِي } قَالَ : عَلَى خَبَر عِنْدِي . 21034 - قَالَ : حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله { إِنَّمَا أُوتِيته عَلَى عِلْم عِنْدِي } قَالَ : لَوْلَا رِضَا اللَّه عَنِّي وَمَعْرِفَته بِفَضْلِي مَا أَعْطَانِي هَذَا , وَقَرَأَ : { أَوَلَمْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْله مِنْ الْقُرُون مَنْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُ قُوَّة وَأَكْثَر جَمْعًا } الْآيَة . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى قَوْله : { عِنْدِي } بِمَعْنَى : أَرَى , كَأَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا أُوتِيته لِفَضْلِ عِلْمِي , فِيمَا أَرَى .

وَقَوْله : { أَوَلَمْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْله مِنْ الْقُرُون مَنْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُ قُوَّة وَأَكْثَر جَمْعًا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَوَلَمْ يَعْلَم قَارُون حِين زَعَمَ أَنَّهُ أُوتِيَ الْكُنُوز لِفَضْلِ عِلْم عِنْده عَلِمْته أَنَا مِنْهُ , فَاسْتَحَقَّ بِذَلِكَ أَنْ يُؤْتَى مَا أُوتِيَ مِنْ الْكُنُوز , أَنَّ اللَّه قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْله مِنْ الْأُمَم مَنْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُ بَطْشًا , وَأَكْثَر جَمْعًا لِلْأَمْوَالِ ; وَلَوْ كَانَ اللَّه يُؤْتِي الْأَمْوَال مَنْ يُؤْتِيه لِفَضْلٍ فِيهِ وَخَيْر عِنْده , وَلِرِضَاهُ عَنْهُ , لَمْ يَكُنْ يُهْلِك مَنْ أَهْلَكَ مِنْ أَرْبَاب الْأَمْوَال الَّذِينَ كَانُوا أَكْثَر مِنْهُ مَالًا , لِأَنَّ مَنْ كَانَ اللَّه عَنْهُ رَاضِيًا , فَمُحَال أَنْ يُهْلِكهُ اللَّه , وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ , وَإِنَّمَا يُهْلِك مَنْ كَانَ عَلَيْهِ سَاخِطًا .

وَقَوْله : { وَلَا يُسْأَل عَنْ ذُنُوبهمْ الْمُجْرِمُونَ } قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ النَّار بِغَيْرِ حِسَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21035 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عُمَر , عَنْ قَتَادَة { وَلَا يُسْأَل عَنْ ذُنُوبهمْ الْمُجْرِمُونَ } قَالَ : يَدْخُلُونَ النَّار بِغَيْرِ حِسَاب. وَقِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ الْمَلَائِكَة لَا تَسْأَل عَنْهُمْ , لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21036 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَلَا يُسْأَل عَنْ ذُنُوبهمْ الْمُجْرِمُونَ } كَقَوْلِهِ : { يُعْرَف الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ } 55 41 . زُرْقًا سُود الْوُجُوه , وَالْمَلَائِكَة لَا تَسْأَل عَنْهُمْ قَدْ عَرَفَتْهُمْ . وَقِيلَ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا يُسْأَل عَنْ ذُنُوب هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ اللَّه مِنْ الْأُمَم الْمَاضِيَة الْمُجْرِمُونَ فِيمَ أُهْلِكُوا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21037 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب { وَلَا يُسْأَل عَنْ ذُنُوبهمْ الْمُجْرِمُونَ } قَالَ : عَنْ ذُنُوب الَّذِينَ مَضَوْا فِيمَ أُهْلِكُوا . فَالْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله { عَنْ ذُنُوبهمْ } عَلَى هَذَا التَّأْوِيل لِمَنْ الَّذِي فِي قَوْله : { أَوَلَمْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْله مِنْ الْقُرُون مَنْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُ قُوَّة } . وَعَلَى التَّأْوِيل الْأَوَّل الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد وَقَتَادَة لِلْمُجْرِمِينَ , وَهِيَ بِأَنْ تَكُون مِنْ ذِكْر الْمُجْرِمِينَ أَوْلَى , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره غَيْر سَائِل عَنْ ذُنُوب مُذْنِب غَيْر مَنْ أَذْنَبَ , لَا مُؤْمِن وَلَا كَافِر . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِخُصُوصِ الْمُجْرِمِينَ , لَوْ كَانَتْ الْهَاء وَالْمِيم اللَّتَانِ فِي قَوْله { عَنْ ذُنُوبهمْ } لِمَنْ الَّذِي فِي قَوْله { مَنْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُ قُوَّة } مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ , يَعْنِي لِأَنَّهُ غَيْر مَسْئُول عَنْ ذَلِكَ مُؤْمِن وَلَا كَافِر , إِلَّا الَّذِينَ رَكِبُوهُ وَاكْتَسَبُوهُ .
فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍسورة القصص الآية رقم 79
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَخَرَجَ قَارُون عَلَى قَوْمه فِي زِينَته , وَهِيَ فِيمَا ذُكِرَ ثِيَاب الْأُرْجُوَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21038 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا طَلْحَة بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , عَنْ جَابِر { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : فِي الْقِرْمِز . 21039 - قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : فِي ثِيَاب حُمْر . 21040 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر , عَنْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : عَلَى بَرَاذِين بِيض , عَلَيْهَا سُرُوج الْأُرْجُوَان , عَلَيْهِمْ الْمُعَصْفَرَات. * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُعَصْفَرَانِ . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : عَلَى بَغْلَة شَهْبَاء عَلَيْهَا الْأُرْجُوَان , وَثَلَاث مِائَة جَارِيَة عَلَى الْبِغَال الشُّهْب , عَلَيْهِنَّ ثِيَاب حُمْر . 21041 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي وَيَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : فِي ثِيَاب حُمْر وَصُفْر . 21042 -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , أَنَّهُ سَمِعَ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ , قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : فِي ثِيَاب حُمْر . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا غُنْدَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم مِثْله . 21043 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن عَلِيّ الْمُقَدَّمِيّ , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن حَكِيم , قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى مَالِك بْن دِينَار عَشِيَّة , وَإِذَا هُوَ فِي ذِكْر قَارُون , قَالَ : وَإِذَا رَجُل مِنْ جِيرَانه عَلَيْهِ ثِيَاب مُعَصْفَرَة , قَالَ : فَقَالَ مَالِك : { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : فِي ثِيَاب مِثْل ثِيَاب هَذَا . 21044 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } : ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ خَرَجُوا عَلَى أَرْبَعَة آلَاف دَابَّة , عَلَيْهِمْ وَعَلَى دَوَابّهمْ الْأُرْجُوَان . 21045 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } قَالَ : خَرَجَ فِي سَبْعِينَ أَلْفًا , عَلَيْهِمْ الْمُعَصْفَرَات , فِيمَا كَانَ أَبِي يَذْكُر لَنَا .

{ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْل مَا أُوتِيَ قَارُون } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا مِنْ قَوْم قَارُون : يَا لَيْتَنَا أُعْطِينَا مِثْل مَا أُعْطِيَ قَارُون مِنْ زِينَتهَا ! .

يَقُول : إِنَّ قَارُون لَذُو نَصِيب مِنْ الدُّنْيَا .
وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَسورة القصص الآية رقم 80
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم وَيْلكُمْ ثَوَاب اللَّه خَيْر لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم بِاَللَّهِ , حِين رَأَوْا قَارُون خَارِجًا عَلَيْهِمْ فِي زِينَته , لِلَّذِينَ قَالُوا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْل مَا أُوتِيَ قَارُون : وَيْلكُمْ اِتَّقُوا اللَّه وَأَطِيعُوهُ , فَثَوَاب اللَّه وَجَزَاؤُهُ لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَبِرُسُلِهِ , وَعَمِلَ بِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُله مِنْ صَالِحَات الْأَعْمَال فِي الْآخِرَة , خَيْر مِمَّا أُوتِيَ قَارُون مِنْ زِينَته وَمَاله لِقَارُون .

وَقَوْله : { وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ } يَقُول : وَلَا يُلَقَّاهَا : أَيْ وَلَا يُوَفَّق لِقِيلِ هَذِهِ الْكَلِمَة , وَهِيَ قَوْله : { ثَوَاب اللَّه خَيْر لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا } وَالْهَاء وَالْأَلِف كِنَايَة عَنْ الْكَلِمَة . وَقَالَ : { إِلَّا الصَّابِرُونَ } يَعْنِي بِذَلِكَ : الَّذِينَ صَبَرُوا عَنْ طَلَب زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَآثَرُوا مَا عِنْد اللَّه مِنْ جَزِيل ثَوَابه عَلَى صَالِحَات الْأَعْمَال عَلَى لَذَّات الدُّنْيَا وَشَهَوَاتهَا , فَجَدُّوا فِي طَاعَة اللَّه , وَرَفَضُوا الْحَيَاة الدُّنْيَا .
فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَسورة القصص الآية رقم 81
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَخَسَفْنَا بِقَارُون وَأَهْل دَاره . وَقِيلَ : وَبِدَارِهِ , لِأَنَّهُ ذُكِرَ أَنَّ مُوسَى إِذْ أَمَرَ الْأَرْض أَنْ تَأْخُذهُ أَمَرَهَا بِأَخْذِهِ , وَأَخْذ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ جُلَسَائِهِ فِي دَاره , وَكَانُوا جَمَاعَة جُلُوسًا مَعَهُ , وَهُمْ عَلَى مِثْل الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مِنْ النِّفَاق وَالْمُؤَازَرَة عَلَى أَذَى مُوسَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21046 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا جَابِر بْن نُوح , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ الزَّكَاة أَتَى قَارُون مُوسَى , فَصَالَحَهُ عَلَى كُلّ أَلْف دِينَار دِينَارًا , وَكُلّ أَلْف شَيْء شَيْئًا , أَوْ قَالَ : وَكُلّ أَلْف شَاة شَاة " الطَّبَرِيّ يَشُكّ " , قَالَ : ثُمَّ أَتَى بَيْته فَحَسَبَهُ فَوَجَدَهُ كَثِيرًا , فَجَمَعَ بَنِي إِسْرَائِيل , فَقَالَ : يَا بَنِي إِسْرَائِيل إِنَّ مُوسَى قَدْ أَمَرَكُمْ بِكُلِّ شَيْء فَأَطَعْتُمُوهُ , وَهُوَ الْآن يُرِيد أَنْ يَأْخُذ مِنْ أَمْوَالكُمْ , فَقَالُوا : أَنْتَ كَبِيرنَا وَأَنْتَ سَيِّدنَا , فَمُرْنَا بِمَا شِئْت , فَقَالَ : آمُركُمْ أَنْ تَجِيئُوا بِفُلَانَة الْبَغِيّ , فَتَجْعَلُوا لَهَا جُعْلًا , فَتَقْذِفهُ بِنَفْسِهَا , فَدَعَوْهَا فَجَعَلَ لَهَا جُعْلًا عَلَى أَنْ تَقْذِفهُ بِنَفْسِهَا , ثُمَّ أَتَى مُوسَى , فَقَالَ لِمُوسَى : إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل قَدْ اِجْتَمَعُوا لِتَأْمُرهُمْ وَلِتَنْهَاهُمْ , فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي بَرَاح مِنْ الْأَرْض , فَقَالَ : يَا بَنِي إِسْرَائِيل مَنْ سَرَقَ قَطَعْنَا يَده , وَمَنْ اِفْتَرَى جَلَدْنَاهُ , وَمَنْ زَنَى وَلَيْسَ لَهُ اِمْرَأَة جَلَدْنَاهُ مِائَة , وَمَنْ زَنَى وَلَهُ اِمْرَأَة جَلَدْنَاهُ حَتَّى يَمُوت , أَوْ رَجَمْنَاهُ حَتَّى يَمُوت وَالطَّبَرِيّ يَشُكّ " , فَقَالَ لَهُ قَارُون : إِنْ كُنْت أَنْتَ ؟ قَالَ : وَإِنْ كُنْت أَنَا ! قَالَ : فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل يَزْعُمُونَ أَنَّك فَجَرْت بِفُلَانَة . قَالَ : اُدْعُوهَا , فَإِنْ قَالَتْ , فَهُوَ كَمَا قَالَتْ ; فَلَمَّا جَاءَتْ قَالَ لَهَا مُوسَى : يَا فُلَانَة , قَالَتْ : يَا لَبَّيْكَ , قَالَ : أَنَا فَعَلْت بِك مَا يَقُول هَؤُلَاءِ ؟ قَالَتْ : لَا , وَكَذَبُوا , وَلَكِنْ جَعَلُوا لِي جُعْلًا عَلَى أَنْ أَقْذِفَك بِنَفْسِي ; فَوَثَبَ , فَسَجَدَ وَهُوَ بَيْنهمْ , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ : مُرْ الْأَرْض بِمَا شِئْت , قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ ! فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَقْدَامهمْ . ثُمَّ قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى رُكَبهمْ . ثُمَّ قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ ! إِلَى حِقِيِّهِمْ , ثُمَّ قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَعْنَاقهمْ قَالَ : فَجَعَلُوا يَقُولُونَ : يَا مُوسَى يَا مُوسَى , وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ . قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ : يَا مُوسَى , يَقُول لَك عِبَادِي : يَا مُوسَى , يَا مُوسَى , فَلَا تَرْحَمهُمْ ؟ أَمَا لَوْ إِيَّايَ دَعَوْا , لَوَجَدُونِي قَرِيبًا مُجِيبًا ; قَالَ : فَذَلِكَ قَوْل اللَّه : { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمه فِي زِينَته } وَكَانَتْ زِينَته أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى دَوَابّ شُقْر عَلَيْهَا سُرُوج حُمْر , عَلَيْهِمْ ثِيَاب مُصَبَّغَة بِالْبَهْرَمَانِ . { قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا : يَا لَيْتَ لَنَا مِثْل مَا أُوتِيَ قَارُون } إِلَى قَوْله { إِنَّهُ لَا يُفْلِح الْكَافِرُونَ } يَا مُحَمَّد { تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض وَلَا فَسَادًا , وَالْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ } . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن عِيسَى , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ رَجُل , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا أَمَرَ اللَّه مُوسَى بِالزَّكَاةِ , قَالَ : رَمَوْهُ بِالزِّنَا , فَجَزِعَ مِنْ ذَلِكَ , فَأَرْسَلُوا إِلَى اِمْرَأَة كَانَتْ قَدْ أَعْطَوْهَا حُكْمهَا , عَلَى أَنْ تَرْمِيَهُ بِنَفْسِهَا ; فَلَمَّا جَاءَتْ عَظُمَ عَلَيْهَا , وَسَأَلَهَا بِاَلَّذِي فَلَقَ الْبَحْر لِبَنِي إِسْرَائِيل , وَأَنْزَلَ التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى إِلَّا صَدَقْت . قَالَتْ : إِذْ قَدْ اِسْتَحْلَفْتنِي , فَإِنِّي أَشْهَد أَنَّك بَرِيء , وَأَنَّك رَسُول اللَّه , فَخَرَّ سَاجِدًا يَبْكِي , فَأَوْحَى اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : مَا يُبْكِيك ؟ قَدْ سَلَّطْنَاك عَلَى الْأَرْض , فَمُرْهَا بِمَا شِئْت , فَقَالَ : خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى مَا شَاءَ اللَّه , فَقَالُوا : يَا مُوسَى , يَا مُوسَى ! فَقَالَ : خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى مَا شَاءَ اللَّه , فَقَالُوا : يَا مُوسَى , يَا مُوسَى ! فَخَسَفَتْهُمْ . قَالَ : وَأَصَابَ بَنِي إِسْرَائِيل بَعْد ذَلِكَ شِدَّة وَجُوع شَدِيد , فَأَتَوْا مُوسَى , فَقَالُوا : اُدْعُ لَنَا رَبّك ; قَالَ : فَدَعَا لَهُمْ , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ : يَا مُوسَى , أَتُكَلِّمُنِي فِي قَوْم قَدْ أَظْلَمَ مَا بَيْنِي وَبَيْنهمْ خَطَايَاهُمْ , وَقَدْ دَعَوْك فَلَمْ تُجِبْهُمْ , أَمَّا إِيَّايَ لَوْ دَعَوْا لَأَجَبْتهمْ . * -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض } قَالَ : قِيلَ لِلْأَرْضِ خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَعْقَابهمْ ; ثُمَّ قِيلَ لَهَا : خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى رُكَبهمْ ; ثُمَّ قِيلَ لَهَا : خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَحْقَائِهِمْ ; ثُمَّ قِيلَ لَهَا : خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَعْنَاقهمْ ; ثُمَّ قِيلَ لَهَا : خُذِيهِمْ , فَخُسِفَ بِهِمْ , فَذَلِكَ قَوْله : { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض } . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن هَاشِم بْن الْبَرِيد , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى } قَالَ : كَانَ اِبْن عَمّه , وَكَانَ مُوسَى يَقْضِي فِي نَاحِيَة بَنِي إِسْرَائِيل , وَقَارُون فِي نَاحِيَة , قَالَ : فَدَعَا بَغِيَّة كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيل , فَجَعَلَ لَهَا جُعْلًا عَلَى أَنْ تَرْمِيَ مُوسَى بِنَفْسِهَا , فَتَرَكَتْهُ إِذَا كَانَ يَوْم تَجْتَمِع فِيهِ بَنُو إِسْرَائِيل إِلَى مُوسَى , أَتَاهُ قَارُون فَقَالَ : يَا مُوسَى مَا حَدّ مَنْ سَرَقَ ؟ قَالَ : أَنْ تَنْقَطِع يَده , قَالَ : وَإِنْ كُنْت أَنْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ; قَالَ . فَمَا حَدّ مَنْ زَنَى ؟ قَالَ : أَنْ يُرْجَم , قَالَ : وَإِنْ كُنْت أَنْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ; قَالَ : فَإِنَّك قَدْ فَعَلْت , قَالَ : وَيْلك بِمَنْ ؟ قَالَ : بِفُلَانَة ! فَدَعَاهَا مُوسَى , فَقَالَ : أَنْشُدك بِاَلَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاة , أَصَدَقَ قَارُون ؟ قَالَتْ : اللَّهُمَّ إِذْ نَشَدْتنِي , فَإِنِّي أَشْهَد أَنَّك بَرِيء , وَأَنَّك رَسُول اللَّه , وَأَنَّ عَدُوّ اللَّه قَارُون جَعَلَ لِي جُعْلًا عَلَى أَنْ أَرْمِيَك بِنَفْسِي ; قَالَ : فَوَثَبَ مُوسَى , فَخَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ اِرْفَعْ رَأْسك , فَقَدْ أَمَرْت الْأَرْض أَنْ تُطِيعَك , فَقَالَ مُوسَى : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ حَتَّى بَلَغُوا الْحِقْو , قَالَ : يَا مُوسَى ; قَالَ : خُذِيهِمْ , فَأَخَذَتْهُمْ حَتَّى بَلَغُوا الصُّدُور , قَالَ : يَا مُوسَى , قَالَ : خُذِيهِمْ , قَالَ : فَذَهَبُوا . قَالَ : فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ يَا مُوسَى : اِسْتَغَاثَ بِك فَلَمْ تُغِثْهُ , أَمَّا لَوْ اِسْتَغَاثَ بِي لَأَجَبْته وَلَأَغَثْته . 21047 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن هِلَال الصَّوَّاف , قَالَ : ثَنَا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان الضُّبَعِيّ , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن زَيْد بْن جُدْعَان , قَالَ : خَرَجَ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث مِنْ الدَّار , وَدَخَلَ الْمَقْصُورَة ; فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهَا , جَلَسَ وَتَسَانَدَ عَلَيْهَا , وَجَلَسْنَا إِلَيْهِ , فَذَكَرَ سُلَيْمَان بْن دَاوُد { وَقَالَ يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } إِلَى قَوْله { إِنَّ رَبِّي غَنِيّ كَرِيم } ثُمَّ سَكَتَ عَنْ ذِكْر سُلَيْمَان , فَقَالَ { إِنَّ قَارُون كَانَ مِنْ قَوْم مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ } وَكَانَ قَدْ أُوتِيَ مِنْ الْكُنُوز مَا ذَكَرَ اللَّه فِي كِتَابه { مَا إِنَّ مَفَاتِحه لَتَنُوء بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة } , { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيته عَلَى عِلْم عِنْدِي } قَالَ : وَعَادَى مُوسَى , وَكَانَ مُؤْذِيًا لَهُ , وَكَانَ مُوسَى يَصْفَح عَنْهُ وَيَعْفُو , لِلْقَرَابَةِ , حَتَّى بَنَى دَارًا , وَجَعَلَ بَاب دَاره مِنْ ذَهَب , وَضَرَبَ عَلَى جُدْرَانه صَفَائِح الذَّهَب , وَكَانَ الْمَلَأ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل يَغْدُونَ عَلَيْهِ وَيَرُوحُونَ , فَيُطْعِمهُمْ الطَّعَام , وَيُحَدِّثُونَهُ وَيَضْحَكُونَهُ , فَلَمْ تَدْعُهُ شِقْوَته وَالْبَلَاء , حَتَّى أَرْسَلَ إِلَى اِمْرَأَة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل مَشْهُورَة بِالْخَنَا , مَشْهُورَة بِالسَّبِّ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَجَاءَتْهُ , فَقَالَ لَهَا : هَلْ لَك أَنْ أُمَوِّلك وَأُعْطِيك , وَأَخْلِطك فِي نِسَائِي , عَلَى أَنْ تَأْتِيَنِي وَالْمَلَأ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل عِنْدِي , فَتَقُولِي : يَا قَارُون , أَلَا تَنْهَى عَنِّي مُوسَى ! قَالَتْ : بَلَى . فَلَمَّا جَلَسَ قَارُون , وَجَاءَ الْمَلَأ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , أَرْسَلَ إِلَيْهَا , فَجَاءَتْ فَقَامَتْ بَيْن يَدَيْهِ , فَقَلَّبَ اللَّه قَلْبهَا , وَأَحْدَثَ لَهَا تَوْبَة , فَقَالَتْ فِي نَفْسهَا : لَأَنْ أُحْدِث الْيَوْم تَوْبَة , أَفْضَل مِنْ أَنْ أُوذِيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأُكَذِّب عَدُوّ اللَّه لَهُ . فَقَالَتْ : إِنَّ قَارُون قَالَ لِي : هَلْ لَك أَنْ أُمَوِّلك وَأُعْطِيَك , وَأَخْلِطك بِنِسَائِي , عَلَى أَنْ تَأْتِيَنِي وَالْمَلَأ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل عِنْدِي , فَتَقُولِي : يَا قَارُون أَلَا تَنْهَى عَنِّي مُوسَى , فَلَمْ أَجِد تَوْبَة أَفْضَل مِنْ أَنْ لَا أُوذِيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأُكَذِّب عَدُوّ اللَّه ; فَلَمَّا تَكَلَّمَتْ بِهَذَا الْكَلَام , سَقَطَ فِي يَدَيْ قَارُون , وَنَكَّسَ رَأْسه , وَسَكَتَ الْمَلَأ , وَعُرِفَ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي هَلَكَة , وَشَاعَ كَلَامهَا فِي النَّاس , حَتَّى بَلَغَ مُوسَى ; فَلَمَّا بَلَغَ مُوسَى اِشْتَدَّ غَضَبه , فَتَوَضَّأَ مِنْ الْمَاء , وَصَلَّى وَبَكَى , وَقَالَ : يَا رَبّ عَدُوّك لِي مُؤْذٍ , أَرَادَ فَضِيحَتِي وَشَيْنِي , يَا رَبّ سَلِّطْنِي عَلَيْهِ . فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ مُرْ الْأَرْض بِمَا شِئْت تُطِعْك . فَجَاءَ مُوسَى إِلَى قَارُون ; فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ , عَرَفَ الشَّرّ فِي وَجْه مُوسَى لَهُ , فَقَالَ : يَا مُوسَى اِرْحَمْنِي ; قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , قَالَ : فَاضْطَرَبَتْ دَاره , وَسَاخَتْ بِقَارُون وَأَصْحَابه إِلَى الْكَعْبَيْنِ , وَجَعَلَ يَقُول : يَا مُوسَى , فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى رُكَبهمْ , وَهُوَ يَتَضَرَّع إِلَى مُوسَى : يَا مُوسَى اِرْحَمْنِي ; قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , قَالَ فَاضْطَرَبَتْ دَاره وَسَاخَتْ , وَخُسِفَ بِقَارُون وَأَصْحَابه إِلَى سُرَرهمْ , وَهُوَ يَتَضَرَّع إِلَى مُوسَى : يَا مُوسَى اِرْحَمْنِي ; قَالَ : يَا أَرْض خُذِيهِمْ , فَخُسِفَ بِهِ وَبِدَارِهِ وَأَصْحَابه . قَالَ : وَقِيلَ لِمُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مُوسَى مَا أَفَظّك. أَمَا وَعِزَّتِي لَوْ إِيَّايَ نَادَى لَأَجَبْته . 21048 - حَدَّثني بِشْر بْن هِلَال , قَالَ : ثَنَا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِي عِمْرَان الْجَوْنِيّ , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهُ قِيلَ لِمُوسَى : لَا أُعَبِّد الْأَرْض لِأَحَدٍ بَعْدك أَبَدًا . 21049 -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , وَعَبْد الْحَمِيد الْحِمَّانِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَغَرّ بْن الصَّبَّاح , عَنْ خَلِيفَة بْن حُصَيْن , قَالَ عَبْد الْحَمِيد , عَنْ أَبِي نَصْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَلَمْ يَذْكُر اِبْن مَهْدِيّ أَبَا نَصْر { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض } قَالَ : الْأَرْض السَّابِعَة . 21050 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّهُ يُخْسَف بِهِ كُلّ يَوْم مِائَة قَامَة , وَلَا يَبْلُغ أَسْفَل الْأَرْض إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , فَهُوَ يَتَجَلْجَل فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . 21051 -حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن حِبَّان , عَنْ جَعْفَر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت مَالِك بْن دِينَار , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ قَارُون يُخْسَف بِهِ كُلّ يَوْم مِائَة قَامَة . 21052 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْض } ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُخْسَف بِهِ كُلّ يَوْم قَامَة , وَأَنَّهُ يَتَجَلْجَل فِيهَا , لَا يَبْلُغ قَعْرهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة .

وَقَوْله : { فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَة يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُون اللَّه } يَقُول : فَلَمْ يَكُنْ لَهُ جُنْد يَرْجِع إِلَيْهِمْ , وَلَا فِئَة يَنْصُرُونَهُ لِمَا نَزَلَ بِهِ مِنْ سَخَطه , بَلْ تَبَرَّءُوا مِنْهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21053 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَة يَنْصُرُونَهُ } أَيْ جُنْد يَنْصُرُونَهُ , وَمَا عِنْده مَنَعَة يَمْتَنِع بِهَا مِنْ اللَّه . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْفِئَة فِيمَا مَضَى وَأَنَّهَا الْجَمَاعَة مِنْ النَّاس , وَأَصْلهَا الْجَمَاعَة الَّتِي يَفِيء إِلَيْهَا الرَّجُل عِنْد الْحَاجَة إِلَيْهِمْ , لِلْعَوْنِ عَلَى الْعَدُوّ , ثُمَّ تَسْتَعْمِل ذَلِكَ الْعَرَب فِي كُلّ جَمَاعَة كَانَتْ عَوْنًا لِلرَّجُلِ , وَظَهْرًا لَهُ ; وَمِنْهُ قَوْل خِفَاف : فَلَمْ أَرَ مِثْلهمْ حَيًّا لَقَاحًا وَجَدِّك بَيْن نَاضِحَة وَحَجْر أَشَدّ عَلَى صُرُوف الدَّهْر آدًا وَأَكْبَر مِنْهُمُ فِئَة بِصَبْرِ

يَقُول : وَلَا كَانَ هُوَ مِمَّنْ يَنْتَصِر مِنْ اللَّه إِذَا أَحَلَّ بِهِ نِقْمَته , فَيَمْتَنِع لِقُوَّتِهِ مِنْهَا .
وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَسورة القصص الآية رقم 82
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانه بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّه يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده وَيَقْدِر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانه بِالْأَمْسِ مِنْ الدُّنْيَا , وَغِنَاهُ وَكَثْرَة مَاله , وَمَا بُسِطَ لَهُ مِنْهَا بِالْأَمْسِ , يَعْنِي قَبْل أَنْ يَنْزِل بِهِ مَا نَزَلَ مِنْ سَخَط اللَّه وَعِقَابه , يَقُولُونَ : وَيْكَأَنَّ اللَّه اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى { وَيْكَأَنَّ اللَّه } فَأَمَّا قَتَادَة , فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ : أَحَدهمَا مَا : 21054 -حَدَّثَنَا بِهِ اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن خَالِد بْن عَثْمَة , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , قَالَ فِي قَوْله { وَيْكَأَنَّهُ } قَالَ : أَلَمْ تَرَ أَنَّهُ . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَيْكَأَنَّهُ } : أَوَلَا تَرَى أَنَّهُ . * - وَحَدَّثني إِسْمَاعِيل بْن الْمُتَوَكِّل الْأَشْجَعِيّ , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن كَثِير , قَالَ : ثني مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَيْكَأَنَّهُ } قَالَ : أَلَمْ تَرَ أَنَّهُ. وَالْقَوْل الْآخَر , مَا : 21055 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَيْكَأَنَّ اللَّه يَبْسُط الرِّزْق } قَالَ : أَوَلَمْ يَعْلَم أَنَّ اللَّه { وَيْكَأَنَّهُ } : أَوَلَا يَعْلَم أَنَّهُ . وَتَأَوَّلَ هَذَا التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ قَتَادَة فِي ذَلِكَ أَيْضًا بَعْض أَهْل الْمَعْرِفَة بِكَلَامِ الْعَرَب مِنْ أَهْل الْبَصْرَة , وَاسْتَشْهَدَ لِصِحَّةِ تَأْوِيله ذَلِكَ كَذَلِكَ , بِقَوْلِ الشَّاعِر : سَأَلْتَانِي الطَّلَاق أَنْ رَأَتَانِي قَلَّ مَالِي , قَدْ جِئْتُمَا بِنُكْرِ وَيْكَأَنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَب يُحْ بَبْ وَمَنْ يُفْتَقَر يَعِشْ عَيْش ضُرّ وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : " وَيْكَأَنَّ " فِي كَلَام الْعَرَب : تَقْرِير , كَقَوْلِ الرَّجُل : أَمَا تَرَى إِلَى صُنْع اللَّه وَإِحْسَانه ! وَذُكِرَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ مَنْ سَمِعَ أَعْرَابِيَّة تَقُول لِزَوْجِهَا : أَيْنَ اِبْننَا ؟ فَقَالَ : وَيْكَأَنَّهُ وَرَاء الْبَيْت . مَعْنَاهُ : أَمَا تَرَيْنَهُ وَرَاء الْبَيْت ! قَالَ : وَقَدْ يَذْهَب بِهَا بَعْض النَّحْوِيِّينَ إِلَى أَنَّهَا كَلِمَتَانِ , يُرِيد : وَيْك أَنَّهُ , كَأَنَّهُ أَرَادَ : وَيْلك , فَحَذَفَ اللَّام , فَتُجْعَل " أَنَّ " مَفْتُوحَة بِفِعْلِ مُضْمَر , كَأَنَّهُ قَالَ : وَيْلك اِعْلَمْ أَنَّهُ وَرَاء الْبَيْت , فَأَضْمَرَ " اِعْلَمْ " . قَالَ : وَلَمْ نَجِد الْعَرَب تُعْمِل الظَّنّ مُضْمَرًا , وَلَا الْعِلْم وَأَشْبَاهه فِي " أَنَّ " , وَذَلِكَ أَنَّهُ يَبْطُل إِذَا كَانَ بَيْن الْكَلِمَتَيْنِ , أَوْ فِي آخِر الْكَلِمَة , فَلَمَّا أُضْمِرَ جَرَى مَجْرَى الْمُتَأَخِّر ; أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوز فِي الِابْتِدَاء أَنْ يَقُول : يَا هَذَا , أَنَّك قَائِم , وَيَا هَذَا أَنْ قُمْت , يُرِيد : عَلِمْت , أَوْ اِعْلَمْ , أَوْ ظَنَنْت , أَوْ أَظُنّ . وَأَمَّا حَذْف اللَّام مِنْ قَوْلك : وَيْلك حَتَّى تَصِير : وَيْك , فَقَدْ تَقُولهُ الْعَرَب , لِكَثْرَتِهَا فِي الْكَلَام , قَالَ عَنْتَرَة : وَلَقَدْ شَفَى نَفْسِي وَأَبْرَأَ سُقْمهَا قَوْل الْفَوَارِس وَيْك عَنْتَرَ أَقْدِمِ قَالَ : وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّ مَعْنَى قَوْله { وَيْكَأَنَّ } : " وَيْ " مُنْفَصِلَة مِنْ كَأَنَّ , كَقَوْلِك لِلرَّجُلِ : وَيْ أَمَا تَرَى مَا بَيْن يَدَيْك ؟ فَقَالَ : " وَيْ " ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ , كَأَنَّ اللَّه يَبْسُط الرِّزْق , وَهِيَ تَعَجُّب , وَكَأَنَّ فِي مَعْنَى الظَّنّ وَالْعِلْم , فَهَذَا وَجْه يَسْتَقِيم . قَالَ : وَلَمْ تَكْتُبهَا الْعَرَب مُنْفَصِلَة , وَلَوْ كَانَتْ عَلَى هَذَا لَكَتَبُوهَا مُنْفَصِلَة , وَقَدْ يَجُوز أَنْ تَكُون كَثُرَ بِهَا الْكَلَام , فَوُصِلَتْ بِمَا لَيْسَتْ مِنْهُ . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : إِنَّ " وَيْ " : تَنْبِيه , وَكَأَنَّ حَرْف آخَر غَيْره , بِمَعْنَى : لَعَلَّ الْأَمْر كَذَا , وَأَظُنّ الْأَمْر كَذَا , لِأَنَّ كَأَنَّ بِمَنْزِلَةِ أَظُنّ وَأَحْسَب وَأَعْلَم. وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ : الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ قَتَادَة , مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ : أَلَمْ تَرَ , أَلَمْ تَعْلَم , لِلشَّاهِدِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيهِ مِنْ قَوْل الشَّاعِر , وَالرِّوَايَة عَنْ الْعَرَب ; وَأَنَّ " وَيْكَأَنَّ " فِي خَطّ الْمُصْحَف حَرْف وَاحِد . وَمَتَى وُجِّهَ ذَلِكَ إِلَى غَيْر التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ قَتَادَة , فَإِنَّهُ يَصِير حَرْفَيْنِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ وُجِّهَ إِلَى قَوْل مَنْ تَأَوَّلَهُ بِمَعْنَى : وَيْلك اِعْلَمْ أَنَّ اللَّه , وَجَبَ أَنْ يُفْصَل " وَيْك " مِنْ " أَنَّ " , وَذَلِكَ خِلَاف خَطّ جَمِيع الْمَصَاحِف , مَعَ فَسَاده فِي الْعَرَبِيَّة , لِمَا ذَكَرْنَا . وَإِنْ وُجِّهَ إِلَى قَوْل مَنْ يَقُول : " وَيْ " بِمَعْنَى التَّنْبِيه , ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ الْكَلَام بِكَأَنَّ , وَجَبَ أَنْ يَفْصِل " وَيْ " مِنْ " كَأَنَّ " , وَذَلِكَ أَيْضًا خِلَاف خُطُوط الْمَصَاحِف كُلّهَا . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ حَرْفًا وَاحِدًا , فَالصَّوَاب مِنْ التَّأْوِيل : مَا قَالَهُ قَتَادَة , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الصَّوَاب , فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَان قَارُون وَمَوْضِعه مِنْ الدُّنْيَا بِالْأَمْسِ , يَقُولُونَ لَمَّا عَايَنُوا مَا أَحَلَّ اللَّه بِهِ مِنْ نِقْمَته , أَلَمْ تَرَيَا هَذَا أَنَّ اللَّه يَبْسُط الرِّزْق لِمَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده , فَيُوَسِّع عَلَيْهِ , لَا لِفَضْلِ مَنْزِلَته عِنْده , وَلَا لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ , كَمَا كَانَ بَسَطَ مِنْ ذَلِكَ لِقَارُون , لَا لِفَضْلِهِ وَلَا لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ . { وَيَقْدِر } يَقُول : وَيُضَيِّق عَلَى مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه ذَلِكَ , وَيُقَتِّر عَلَيْهِ , لَا لِهَوَانِهِ , وَلَا لِسَخَطِهِ عَمَله .

وَقَوْله : { لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّه عَلَيْنَا } يَقُول : لَوْلَا أَنْ تَفَضَّلَ عَلَيْنَا , فَصَرَفَ عَنَّا مَا كُنَّا نَتَمَنَّاهُ بِالْأَمْسِ , { لَخَسَفَ بِنَا }. وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار سِوَى شَيْبَة : " لَخُسِفَ بِنَا " بِضَمِّ الْخَاء , وَكَسْر السِّين وَذُكِرَ عَنْ شَيْبَة وَالْحَسَن : { لَخَسَفَ بِنَا } بِفَتْحِ الْخَاء وَالسِّين , بِمَعْنَى : لَخَسَفَ اللَّه بِنَا .

وَقَوْله : { وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِح الْكَافِرُونَ } يَقُول : أَلَمْ تَعْلَم أَنَّهُ لَا يُفْلِح الْكَافِرُونَ , فَتَنْجَح طَلَبَاتهمْ .
تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَسورة القصص الآية رقم 83
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تِلْكَ الدَّار الْأَخِرَة نَجْعَلهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض وَلَا فَسَادًا } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَل نَعِيمهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ تَكَبُّرًا عَنْ الْحَقّ فِي الْأَرْض وَتَجَبُّرًا عَنْهُ وَلَا فَسَادًا . يَقُول : وَلَا ظُلْم النَّاس بِغَيْرِ حَقّ , وَعَمَلًا بِمَعَاصِي اللَّه فِيهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21056 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , عَنْ زِيَاد بْن أَبِي زِيَاد , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة يَقُول { لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض وَلَا فَسَادًا } قَالَ : الْعُلُوّ : التَّجَبُّر . 21057 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُسْلِم الْبَطِين { تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض وَلَا فَسَادًا } قَالَ : الْعُلُوّ : التَّكَبُّر فِي الْحَقّ , وَالْفَسَاد : الْأَخْذ بِغَيْرِ الْحَقّ . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُسْلِم الْبَطِين : { لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض } قَالَ : التَّكَبُّر فِي الْأَرْض بِغَيْرِ الْحَقّ { وَلَا فَسَادًا } أَخْذ الْمَال بِغَيْرِ حَقّ . 21058 - قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض } قَالَ : الْبَغْي. 21059 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض } قَالَ : تَعَظُّمًا وَتَجَبُّرًا , { وَلَا فَسَادًا } : عَمَلًا بِالْمَعَاصِي . 21060 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَشْعَث السَّمَّان , عَنْ أَبِي سَلْمَان الْأَعْرَج , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : إِنَّ الرَّجُل لِيُعْجِبهُ مِنْ شِرَاك نَعْله أَنْ يَكُون أَجْوَد مِنْ شِرَاك صَاحِبه , فَيَدْخُل فِي قَوْله { تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْض وَلَا فَسَادًا , وَالْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ } .

وَقَوْله : { وَالْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالْجَنَّة لِلْمُتَّقِينَ , وَهُمْ الَّذِينَ اِتَّقَوْا مَعَاصِي اللَّه , وَأَدَّوْا فَرَائِضه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى الْعَاقِبَة قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21061 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَالْعَاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ } أَيْ الْجَنَّة لِلْمُتَّقِينَ .
مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَسورة القصص الآية رقم 84
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَنْ جَاءَ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة بِإِخْلَاصِ التَّوْحِيد , فَلَهُ خَيْر , وَذَلِكَ الْخَيْر هُوَ الْجَنَّة وَالنَّعِيم الدَّائِم , وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ , وَهِيَ الشِّرْك بِاَللَّهِ. كَمَا : 21062 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد قَالَ ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْر مِنْهَا } : أَيْ لَهُ مِنْهَا حَظّ خَيْر , وَالْحَسَنَة : الْإِخْلَاص , وَالسَّيِّئَة : الشِّرْك . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْمُخْتَلِفِينَ , وَدَلَّلْنَا عَلَى الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِيهِ.

وَقَوْله : { فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَات } يَقُول : فَلَا يُثَاب الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَات عَلَى أَعْمَالهمْ السَّيِّئَة .

يَقُول : إِلَّا جَزَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .
إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍسورة القصص الآية رقم 85
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن لَرَادّك إِلَى مَعَاد } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك يَا مُحَمَّد الْقُرْآن . كَمَا : 21063 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن } قَالَ : الَّذِي أَعْطَاك الْقُرْآن . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن } قَالَ : الَّذِي أَعْطَاكَهُ. وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : لِمَصِيرِك إِلَى الْجَنَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21064 - حَدَّثني إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن حَبِيب بْن الشَّهِيد , قَالَ : ثَنَا عَتَّاب بْن بِشْر , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى مَعْدِنك مِنْ الْجَنَّة. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن مَهْدِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : إِلَى الْجَنَّة . 21065 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن حِبَّان , سَمِعْت أَبَا جَعْفَر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : مَعَاده آخِرَته الْجَنَّة . 21066 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , فِي { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى الْجَنَّة لِيَسْأَلك عَنْ الْقُرْآن . 21067 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ : الْجَنَّة . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن مَهْدِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى الْجَنَّة . * - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ يَرُدّك إِلَى الْجَنَّة , ثُمَّ يَسْأَلك عَنْ الْقُرْآن . 21068 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد , قَالَا : إِلَى الْجَنَّة . 21069 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَعَطَاء وَمُجَاهِد وَأَبِي قَزَعَة وَالْحَسَن , قَالُوا : يَوْم الْقِيَامَة. 21070 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : يَجِيء بِك يَوْم الْقِيَامَة. 21071 - ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن وَالزُّهْرِيّ , قَالَا : مَعَاده يَوْم الْقِيَامَة . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : يَجِيء بِك يَوْم الْقِيَامَة. 21072 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا هَوْذَة , قَالَ : ثَنَا عَوْن , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : مَعَادك مِنْ الْآخِرَة . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : كَانَ الْحَسَن يَقُول : إِي وَاَللَّه , إِنَّ لَهُ لَمَعَادًا يَبْعَثهُ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة , وَيُدْخِلهُ الْجَنَّة. وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَرَادّك إِلَى الْمَوْت . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21073 - حَدَّثني إِسْحَاق بْن وَهْب الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان بْن سَعِيد الثَّوْرِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : الْمَوْت. * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ رَجُل , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : إِلَى الْمَوْت . 21074 - قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ سَعِيد : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى الْمَوْت . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ عَمَّنْ سَمِعَ اِبْن عَبَّاس , قَالَ إِلَى الْمَوْت . * -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : إِلَى الْمَوْت . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : الْمَوْت . 21075 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عَدِيّ بْن ثَابِت , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَا : إِلَى الْمَوْت , أَوْ إِلَى مَكَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَرَادّك إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي خَرَجْت مِنْهُ , وَهُوَ مَكَّة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 21076 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَعْلَى بْن عُبَيْد , عَنْ سُفْيَان الْعُصْفُرِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى مَكَّة . * - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : يَقُول : لَرَادّك إِلَى مَكَّة , كَمَا أَخْرَجَك مِنْهَا . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : مَوْلِده بِمَكَّة . 21077 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ ثَنَا أَبِي عَنْ يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُول : { لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى مَوْلِدك بِمَكَّة . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا يُونُس بْن عَمْرو , وَهُوَ اِبْن أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى مَوْلِدك بِمَكَّة . * - حَدَّثني الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الصُّدَائِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ الْفُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ مُجَاهِد أَبِي الْحَجَّاج , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن لَرَادّك إِلَى مَعَاد } قَالَ : إِلَى مَوْلِده بِمَكَّة . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني عِيسَى بْن يُونُس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : إِلَى مَوْلِدك بِمَكَّة . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي : قَوْل مَنْ قَالَ : لَرَادّك إِلَى عَادَتك مِنْ الْمَوْت , أَوْ إِلَى عَادَتك حَيْثُ وُلِدْت , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعَاد فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْمَفْعَل مِنْ الْعَادَة , لَيْسَ مِنْ الْعَوْد , إِلَّا أَنْ يُوَجَّه مُوَجِّه تَأْوِيل قَوْله : { لَرَادّك } لِمَصِيرِك , فَيَتَوَجَّه حِينَئِذٍ قَوْله { إِلَى مَعَاد } إِلَى مَعْنَى الْعَوْد , وَيَكُون تَأْوِيله : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن لِمَصِيرِك إِلَى أَنْ تَعُود إِلَى مَكَّة مَفْتُوحَة لَك . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَهَذِهِ الْوُجُوه الَّتِي وَصَفْت فِي ذَلِكَ قَدْ فَهِمْنَاهَا , فَمَا وَجْه تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَهُ بِمَعْنَى : لَرَادّك إِلَى الْجَنَّة ؟ قِيلَ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُون وَجْه تَأْوِيله ذَلِكَ كَذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْه الْآخَر , وَهُوَ لِمَصِيرِك إِلَى أَنْ تَعُود إِلَى الْجَنَّة . فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَوَ كَانَ أُخْرِج مِنْ الْجَنَّة , فَيُقَال لَهُ : نَحْنُ نُعِيدك إِلَيْهَا ؟ قِيلَ : لِذَلِكَ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : أَنَّهُ إِنْ كَانَ أَبُوهُ آدَم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمَا أُخْرِج مِنْهَا , فَكَأَنَّ وَلَده بِإِخْرَاجِ اللَّه إِيَّاهُ مِنْهَا , قَدْ أُخْرِجُوا مِنْهَا , فَمَنْ دَخَلَهَا فَكَأَنَّمَا يُرَدّ إِلَيْهَا بَعْد الْخُرُوج . وَالثَّانِي أَنْ يُقَال : إِنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَهَا لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ , كَمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : " دَخَلْت الْجَنَّة , فَرَأَيْت فِيهَا قَصْرًا , فَقُلْت لِمَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا لِعُمَر بْن الْخَطَّاب " , وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ الْأَخْبَار الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ بِذَلِكَ , ثُمَّ رُدَّ إِلَى الْأَرْض , فَيُقَال لَهُ : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن لَرَادّك لِمَصِيرِك إِلَى الْمَوْضِع الَّذِي خَرَجْت مِنْهُ مِنْ الْجَنَّة , إِلَى أَنْ تَعُود إِلَيْهِ , فَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه قَوْل مَنْ قَالَ ذَلِكَ .

وَقَوْله : { قُلْ رَبِّي أَعْلَم مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ : رَبِّي أَعْلَم مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى الَّذِي مَنْ سَلَكَهُ نَجَا , وَمَنْ هُوَ فِي جَوْر عَنْ قَصْد السَّبِيل مِنَّا وَمِنْكُمْ .

وَقَوْله : { مُبِين } يَعْنِي أَنَّهُ يُبَيَّن لِلْمُفَكِّرِ الْفَهْم إِذَا تَأَمَّلَهُ وَتَدَبَّرَهُ , أَنَّهُ ضَلَال وَجَوْر عَنْ الْهُدَى.
وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَسورة القصص الآية رقم 86
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كنْت تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْك الْكِتَاب إِلَّا رَحْمَة مِنْ رَبّك } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا كُنْت تَرْجُو يَا مُحَمَّد أَنْ يُنَزَّل عَلَيْك هَذَا الْقُرْآن , فَتَعْلَم الْأَنْبَاء وَالْأَخْبَار عَنْ الْمَاضِينَ قَبْلك , وَالْحَادِثَة بَعْدك , مِمَّا لَمْ يَكُنْ بَعْد , مِمَّا لَمْ تَشْهَدهُ وَلَا تَشْهَدهُ , ثُمَّ تَتْلُو ذَلِكَ عَلَى قَوْمك مِنْ قُرَيْش , إِلَّا أَنَّ رَبّك رَحِمَك , فَأَنْزَلَهُ عَلَيْك , فَقَوْله : { إِلَّا رَحْمَة مِنْ رَبّك } اِسْتِثْنَاء مُنْقَطِع .

وَقَوْله : { فَلَا تَكُونَن ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ } يَقُول : فَاحْمَدْ رَبّك عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْك مِنْ رَحْمَته إِيَّاكَ , بِإِنْزَالِهِ عَلَيْك هَذَا الْكِتَاب , وَلَا تَكُونَن عَوْنًا لِمَنْ كَفَرَ بِرَبِّك عَلَى كُفْره بِهِ . وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيم , وَإِنَّ مَعْنَى اللَّام : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْك الْقُرْآن , فَأَنْزَلَهُ عَلَيْك , وَمَا كُنْت تَرْجُو أَنْ يُنَزَّل عَلَيْك , فَتَكُون نَبِيًّا قَبْل ذَلِكَ , لَرَادّك إِلَى مَعَاد .
وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَسورة القصص الآية رقم 87
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يَصُدُّنَّك عَنْ آيَات اللَّه بَعْد إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْك وَادْعُ إِلَى رَبّك } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا يَصْرِفَنك عَنْ تَبْلِيغ آيَات اللَّه وَحُجَجه بَعْد أَنْ أَنْزَلَهَا إِلَيْك رَبّك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِقَوْلِهِمْ : { لَوْلَا أُوتِيَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى } وَادْعُ إِلَى رَبّك وَبَلِّغْ رِسَالَته إِلَى مَنْ أَرْسَلَك إِلَيْهِ بِهَا.

يَقُول : وَلَا تَتْرُكَن الدُّعَاء إِلَى رَبّك , وَتَبْلِيغ الْمُشْرِكِينَ رِسَالَته , فَتَكُون مِمَّنْ فَعَلَ فِعْل الْمُشْرِكِينَ بِمَعْصِيَتِهِ رَبّه , وَخِلَافه أَمْره .
وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَسورة القصص الآية رقم 88
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَعْبُد يَا مُحَمَّد مَعَ مَعْبُودك الَّذِي لَهُ عِبَادَة كُلّ شَيْء مَعْبُودًا آخَر سِوَاهُ .

وَقَوْله : { لَا إِلَه إِلَّا هُوَ } يَقُول : لَا مَعْبُود تَصْلُح لَهُ الْعِبَادَة إِلَّا اللَّه الَّذِي كُلّ شَيْء هَالِك إِلَّا وَجْهه . وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْله : { إِلَّا وَجْهه } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : كُلّ شَيْء هَالِك إِلَّا هُوَ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهه , وَاسْتَشْهَدُوا لِتَأْوِيلِهِمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِر : أَسْتَغْفِر اللَّه ذَنْبًا لَسْت مُحْصِيه رَبّ الْعِبَاد إِلَيْهِ الْوَجْه وَالْعَمَل

وَقَوْله : { لَهُ الْحُكْم } يَقُول : لَهُ الْحُكْم بَيْن خَلْقه دُون غَيْره , لَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْره مَعَهُ فِيهِمْ حُكْم .

يَقُول : وَإِلِيه تُرَدُّونَ مِنْ بَعْد مَمَاتكُمْ , فَيَقْضِي بَيْنكُمْ بِالْعَدْلِ , فَيُجَازِي مُؤْمِنِيكُمْ جَزَاءَهُمْ , وَكُفَّاركُمْ مَا وَعَدَهُمْ.
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3