الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4
الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَسورة الحجر الآية رقم 91
وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآن عِضِينَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآن فِرَقًا مُفْتَرِقَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16152 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآن عِضِينَ } قَالَ : فِرَقًا . 16153 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَيَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَا : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : جَزَّءُوهُ فَجَعَلُوهُ أَعْضَاء , فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : جَزَّءُوهُ فَجَعَلُوهُ أَعْضَاء كَأَعْضَاءِ الْجَزُور. 16154 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا طَلْحَة , عَنْ عَطَاء : { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآن عِضِينَ } قَالَ : الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْش , عَضُّوا الْقُرْآن فَجَعَلُوهُ أَجْزَاء , فَقَالَ بَعْضهمْ : سَاحِر , وَقَالَ بَعْضهمْ : شَاعِر , وَقَالَ بَعْضهمْ : مَجْنُون ; فَذَلِكَ الْعِضُونَ . 16155 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : فِي قَوْله : { جَعَلُوا الْقُرْآن عِضِينَ } : جَعَلُوا كِتَابهمْ أَعْضَاء كَأَعْضَاءِ الْجَزُور , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ تَقَطَّعُوهُ زُبُرًا , كُلّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ , وَهُوَ قَوْله : { فَرَّقُوا دِينهمْ وَكَانُوا شِيَعًا } 6 159 16156 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآن عِضِينَ } عَضَهُوا كِتَاب اللَّه ; زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ سِحْر , وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ شِعْر , وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ كَاهِن - قَالَ أَبُو جَعْفَر : هَكَذَا قَالَ كَاهِن , وَإِنَّمَا هُوَ كِهَانَة - وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ . * حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي ظَبْيَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآن عِضِينَ } قَالَ : آمَنُوا بِبَعْضٍ , وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ . 16157 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنِي اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآن عِضِينَ } قَالَ : جَعَلُوهُ أَعْضَاء كَمَا تُعْضَى الشَّاة . قَالَ بَعْضهمْ : كِهَانَة , وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ سِحْر , وَقَالَ بَعْضهمْ : شِعْر , وَقَالَ بَعْضهمْ { أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ اِكْتَتَبَهَا } 25 5 الْآيَة . جَعَلُوهُ أَعْضَاء كَمَا تُعْضَى الشَّاة . فَوَجَّهَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة قَوْله : { عِضِينَ } إِلَى أَنَّ وَاحِدهَا : عُضْو , وَأَنَّ عِضِينَ جَمْعه , وَأَنَّهُ مَأْخُوذ مِنْ قَوْلهمْ عَضَّيْت الشَّيْء تَعْضِيَة : إِذَا فَرَّقْته , كَمَا قَالَ رُؤْبَة : وَلَيْسَ دِين اللَّه بِالْمُعَضَّى يَعْنِي بِالْمُفَرَّقِ . وَكَمَا قَالَ الْآخَر : وَعَضَّى بَنِي عَوْف فَأَمَّا عَدُوّهُمْ فَأَرْضَى وَأَمَّا الْعِزّ مِنْهُمْ فَغَيَّرَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ : " وَعَضَّى " : سَبَّاهُمْ. وَقَطَّعَاهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ جَمْع عِضَة , جُمِعَتْ عِضِينَ ; كَمَا جُمِعَتْ الْبُرَة بُرِينَ , وَالْعِزَة عِزِينَ . فَإِذَا وُجِّهَ ذَلِكَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيل كَانَ أَصْل الْكَلَام عِضَهَة , ذَهَبَتْ هَاؤُهَا الْأَصْلِيَّة , كَمَا نَقَصُوا الْهَاء مِنْ الشَّفَة وَأَصْلهَا شَفَهَة , وَمِنْ الشَّاة وَأَصْلهَا شَاهَة . يَدُلّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْأَصْل تَصْغِيرهمْ الشَّفَة : شُفَيْهَة , وَالشَّاة : شُوَيْهَة , فَيَرُدُّونَ الْهَاء الَّتِي تَسْقُط فِي غَيْر حَال التَّصْغِير إِلَيْهَا فِي حَال التَّصْغِير , يُقَال مِنْهُ : عَضَهْت الرَّجُل أَعَضْهه عَضْهًا . إِذَا بَهَتّه وَقَذَفْته بِبُهْتَانٍ. وَكَأَنَّ تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ : الَّذِينَ عَضَهُوا الْقُرْآن , فَقَالُوا : هُوَ سِحْر , أَوْ هُوَ شِعْر , نَحْو الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا . عَنْ قَتَادَة. وَقَدْ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل : إِنَّهُ إِنَّمَا عَنَى بِالْعَضْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِع , نِسْبَتهمْ إِيَّاهُ إِلَى أَنَّهُ سِحْر خَاصَّة دُون غَيْره مِنْ مَعَانِي الذَّمّ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : لِلْمَاءِ مِنْ عِضَاتهنَّ زَمْزَمَة يَعْنِي : مِنْ سِحْرهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16158 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو , عَنْ عِكْرِمَة : { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآن عِضِينَ } قَالَ : سِحْرًا . 16159 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { عِضِينَ } قَالَ : عَضَهُوهُ وَبَهَتُوهُ . 16160 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ عِكْرِمَة يَقُول : الْعَضْه : السِّحْر بِلِسَانِ قُرَيْش , تَقُول لِلسَّاحِرَةِ : إِنَّهَا الْعَاضِهَة . 16161 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { جَعَلُوا الْقُرْآن عِضِينَ } قَالَ : سِحْرًا أَعْضَاء الْكُتُب كُلّهَا وَقُرَيْش , فَرَّقُوا الْقُرْآن قَالُوا : هُوَ سِحْر . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه ـ تَعَالَى ذِكْره ـ أَمَرَ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْلِم قَوْمًا عَضَهُوا الْقُرْآن أَنَّهُ لَهُمْ نَذِير مِنْ عُقُوبَة تَنْزِل بِهِمْ بِعَضْهِهِمْ إِيَّاهُ مِثْل مَا أُنْزِلَ بِالْمُقْتَسِمِينَ , وَكَانَ عَضْههمْ إِيَّاهُ : قَذْفُهُمُوهُ بِالْبَاطِلِ , وَقِيلهمْ إِنَّهُ شِعْر وَسِحْر , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَات بِهِ لِدَلَالَةِ مَا قَبْله مِنْ اِبْتِدَاء السُّورَة وَمَا بَعْده , وَذَلِكَ قَوْله : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } 15 95 عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا , وَإِنَّهُ إِنَّمَا عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآن عِضِينَ } مُشْرِكِي قَوْمه . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مُشْرِكِي قَوْمه مَنْ يُؤْمِن بِبَعْضِ الْقُرْآن وَيَكْفُر بِبَعْضٍ , بَلْ إِنَّمَا كَانَ قَوْمه فِي أَمْره عَلَى أَحَد مَعْنَيَيْنِ : إِمَّا مُؤْمِن بِجَمِيعِهِ , وَإِمَّا كَافِر بِجَمِيعِهِ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَالصَّحِيح مِنْ الْقَوْل فِي مَعْنَى قَوْله : { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآن عِضِينَ } قَوْل الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ عَضَهُوهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ سِحْر , وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ شِعْر , وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ كِهَانَة ; وَأَمَّا أَشْبَه ذَلِكَ مِنْ الْقَوْل , أَوْ عَضَّوْهُ فَفَرَّقُوهُ , بِنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْقَوْل . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ اِحْتَمَلَ قَوْله " عِضِينَ " , أَنْ يَكُون جَمْع : عِضَة , وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُون جَمْع عُضْو , لِأَنَّ مَعْنَى التَّعْضِيَة : التَّفْرِيق , كَمَا تُعْضَى الْجَزُور وَالشَّاة , فَتُفَرَّق أَعْضَاء . وَالْعَضْه : الْبَهْت وَرَمْيه بِالْبَاطِلِ مِنْ الْقَوْل ; فَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى.
فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَسورة الحجر الآية رقم 92
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَوَرَبِّك لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } يَقُول ـ تَعَالَى ذِكْره ـ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَوَرَبِّك يَا مُحَمَّد لَنَسْأَلَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآن فِي الدُّنْيَا عِضِينَ فِي الْآخِرَة. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16162 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب , قَالَا : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت لَيْثًا , عَنْ بَشِير , عَنْ أَنَس , فِي قَوْله : { فَوَرَبِّك لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } قَالَ : عَنْ شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . 16163 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ لَيْث , عَنْ بَشِير بْن نَهِيك , عَنْ أَنَس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { فَوَرَبِّك لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } قَالَ : " عَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه " . * حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ بَشِير , عَنْ أَنَس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوه. 16164 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى. قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { فَوَرَبِّك لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } قَالَ : عَنْ لَا إِلَه إِلَه إِلَّا اللَّه . 16165 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ هِلَال , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُكَيْم , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : وَاَلَّذِي لَا إِلَه غَيْره , مَا مِنْكُمْ أَحَد إِلَّا سَيَخْلُو اللَّه بِهِ يَوْم الْقِيَامَة كَمَا يَخْلُو أَحَدكُمْ بِالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر , فَيَقُول : اِبْنَ آدَم ! مَاذَا غَرَّك مِنِّي بِي اِبْن آدَم ؟ مَاذَا عَمِلْت فِيمَا عَلِمْت اِبْن آدَم ؟ مَاذَا أَجَبْت الْمُرْسَلِينَ ؟ 16166 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة : { فَوَرَبِّك لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } قَالَ : يُسْأَل الْعِبَاد كُلّهمْ عَنْ خَلَّتَيْنِ يَوْم الْقِيَامَة : عَمَّا كَانُوا يَعْبُدُونَ , وَعَمَّا أَجَابُوا الْمُرْسَلِينَ . 16167 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن الْجُعْفِيّ , عَنْ فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ , عَنْ اِبْن عُمَر : { لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } قَالَ : عَنْ لَا إِلَه إِلَه اللَّه . 16168 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { فَوَرَبِّك لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } . ثُمَّ قَالَ : { فَيَوْمئِذٍ لَا يُسْأَل عَنْ ذَنْبه إِنْس وَلَا جَانّ } 55 39 قَالَ : لَا يَسْأَلهُمْ هَلْ عَمِلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ لِأَنَّهُ أَعْلَم بِذَلِكَ مِنْهُمْ , وَلَكِنْ يَقُول لَهُمْ : لِمَ عَمِلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟
عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَسورة الحجر الآية رقم 93
عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ فِي الدُّنْيَا , فِيمَا أَمَرْنَاهُمْ بِهِ وَفِيمَا بَعَثْنَاك بِهِ إِلَيْهِمْ مِنْ آي كِتَابِي الَّذِي أَنْزَلْته إِلَيْهِمْ وَفِيمَا دَعَوْنَاهُمْ إِلَيْهِ مِنْ الْإِقْرَار بِهِ وَمِنْ تَوْحِيدِي وَالْبَرَاءَة مِنْ الْأَنْدَاد وَالْأَوْثَان.
فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَسورة الحجر الآية رقم 94
16169 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد , مَوْلَى زَيْد بْن ثَابِت , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَوْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : أَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } فَإِنَّهُ أَمْر مِنْ اللَّه ـ تَعَالَى ذِكْره ـ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبْلِيغِ رِسَالَته قَوْمه وَجَمِيع مَنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } : فَامْضِ وَافْرُقْ , كَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْب : وَكَأَنَّهُنَّ رِبَابَة وَكَأَنَّهُ يَسَر يُفِيض عَلَى الْقِدَاح وَيَصْدَع يَعْنِي بِقَوْلِهِ : " يَصْدَع " يُفَرِّق بِالْقِدَاحِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16170 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } يَقُول : فَامْضِهِ . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } يَقُول : اِفْعَلْ مَا تُؤْمَر . 16171 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن يَزِيد الطَّحَّان , قَالَ : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } قَالَ : بِالْقُرْآنِ . * حَدَّثَنِي نَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } قَالَ : هُوَ الْقُرْآن. * حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } قَالَ : بِالْقُرْآنِ. * حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } قَالَ : الْجَهْر بِالْقُرْآنِ فِي الصَّلَاة . * حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } قَالَ : بِالْقُرْآنِ فِي الصَّلَاة . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } قَالَ : اِجْهَرْ بِالْقُرْآنِ فِي الصَّلَاة. 16172 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ أَخِيهِ عَبْد اللَّه بْن عُبَيْدَة قَالَ : مَازَالَ النَّبِيّ مُسْتَخْفِيًا حَتَّى نَزَلَتْ : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ } فَخَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابه . 16173 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } قَالَ : بِالْقُرْآنِ الَّذِي يُوحَى إِلَيْهِ أَنْ يُبَلِّغهُمْ إِيَّاهُ . وَقَالَ ـ تَعَالَى ذِكْره ـ : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } وَلَمْ يَقُلْ : بِمَا تُؤْمَر بِهِ , وَالْأَمْر يَقْتَضِي الْبَاء ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : فَاصْدَعْ بِأَمْرِنَا , فَقَدْ أَمَرْنَاك أَنْ تَدْعُو إِلَى مَا بَعَثْنَاك بِهِ مِنْ الدِّين خَلْقِي وَأَذَنَّا لَك فِي إِظْهَاره . وَمَعْنَى " مَا " الَّتِي فِي قَوْله { بِمَا تُؤْمَر } مَعْنَى الْمَصْدَر , كَمَا قَالَ ـ تَعَالَى ذِكْره ـ { يَا أَبَت اِفْعَلْ مَا تُؤْمَر } 37 102 مَعْنَاهُ : اِفْعَلْ الْأَمْر الَّذِي تُؤْمَر بِهِ . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي أَهْل الْكُوفَة يَقُول فِي ذَلِكَ : حُذِفَتْ الْبَاء الَّتِي يُوصَل بِهَا تُؤْمَر مِنْ قَوْله : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر } عَلَى لُغَة الَّذِينَ يَقُولُونَ : أَمَرْتُك أَمْرًا . وَكَانَ يَقُول : لِلْعَرَبِ فِي ذَلِكَ لُغَتَانِ : إِحْدَاهُمَا أَمَرْتُك أَمْرًا , وَالْأُخْرَى أَمَرْتُك بِأَمْرٍ , فَكَانَ يَقُول : إِدْخَال الْبَاء فِي ذَلِكَ وَإِسْقَاطهَا سَوَاء . وَاسْتَشْهَدَ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ حُصَيْن بْن الْمُنْذِر الرَّقَّاشِيّ لِيَزِيدَ بْن الْمُهَلَّب : أَمَرْتُك أَمْرًا جَازِمًا فَعَصَيْتنِي فَأَصْبَحْت مَسْلُوب الْإِمَارَة نَادِمَا فَقَالَ أَمَرْتُك أَمْرًا , وَلَمْ يَقُلْ : أَمَرْتُك بِأَمْرٍ , وَذَلِكَ كَمَا قَالَ ـ تَعَالَى ذِكْره ـ : { أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبّهمْ } 11 60 وَلَمْ يَقُلْ : بِرَبِّهِمْ , وَكَمَا قَالُوا : مَدَدْت الزِّمَام , وَمَدَدْت بِالزِّمَامِ , وَمَا أَشْبَه ذَلِكَ مِنْ الْكَلَام

وَأَمَّا قَوْله : { وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ } وَيَقُول ـ تَعَالَى ذِكْره ـ لِنَبِيَّيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلِّغْ قَوْمك مَا أُرْسِلْت بِهِ , وَاكْفُفْ عَنْ حَرْب الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ وَقِتَالهمْ. وَذَلِكَ قَبْل أَنْ يُفْرَض عَلَيْهِ جِهَادهمْ , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } 9 5 كَمَا : 16174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ } وَهُوَ مِنْ الْمَنْسُوخ . 16175 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ } و { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّام اللَّه } 45 14 وَهَذَا النَّحْو كُلّه فِي الْقُرْآن أَمَرَ اللَّه ـ تَعَالَى ذِكْره ـ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُون ذَلِكَ مِنْهُ , ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْقِتَالِ , فَنُسِخَ ذَلِكَ كُلّه , فَقَالَ : { خُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ } 4 89 الْآيَة .
إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَسورة الحجر الآية رقم 95
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } يَقُول ـ تَعَالَى ـ ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ يَا مُحَمَّد , الَّذِينَ يَسْتَهْزِئُونَ بِك وَيَسْخَرُونَ مِنْك , فَاصْدَعْ بِأَمْرِ اللَّه , وَلَا تَخَفْ شَيْئًا سِوَى اللَّه , فَإِنَّ اللَّه كَافِيك مَنْ نَاصَبَك وَآذَاك كَمَا كَفَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ . وَكَانَ رُؤَسَاء الْمُسْتَهْزِئِينَ قَوْمًا مِنْ قُرَيْش مَعْرُوفِينَ. ذِكْر أَسْمَائِهِمْ : 16176 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : ثَنِي مُحَمَّد , قَالَ : كَانَ عُظَمَاء الْمُسْتَهْزِئِينَ كَمَا حَدَّثَنِي يَزِيد بْن رُومَان عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر خَمْسَة نَفَر مِنْ قَوْمه , وَكَانُوا ذَوِي أَسْنَان وَشَرَف فِي قَوْمهمْ ; مِنْ بَنِي أَسَد بْن عَبْد الْعُزَّى بْن قُصَيّ : الْأَسْوَد بْن الْمُطَّلِب أَبُو زَمْعَة , وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنِي قَدْ دَعَا عَلَيْهِ لِمَا كَانَ يَبْلُغهُ مِنْ أَذَاهُ وَاسْتِهْزَائِهِ , فَقَالَ : " اللَّهُمَّ أَعْمِ بَصَره , وَأَثْكِلْهُ وَلَده " . وَمِنْ بَنِي زُهْرَة : الْأَسْوَد بْن عَبْد يَغُوث بْن وَهْب بْن عَبْد مَنَاف بْن زُهْرَة . وَمِنْ بَنِي مَخْزُوم : الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة بْن عَبْد اللَّه بْن مَخْزُوم . وَمِنْ بَنِي سَهْم بْن عَمْرو بْن هُصَيْص بْن كَعْب بْن لُؤَيّ , الْعَاص بْن وَائِل بْن هِشَام بْن سَعِيد بْن سَعْد بْن سَهْم . وَمِنْ خُزَاعَة : الْحَارِث بْن الطُّلَاطِلَة بْن عَمْرو بْن الْحَارِث بْن عَمْرو بْن مَلْكَان . فَلَمَّا تَمَادَوْا فِي الشَّرّ وَأَكْثَرُوا بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِهْزَاء , أَنْزَلَ اللَّه ـ تَعَالَى ذِكْره ـ : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر وَأَعْرِض عَنْ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } إِلَى قَوْله : { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } . قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق : فَحَدَّثَنِي يَزِيد بْن رُومَان , عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر أَوْ غَيْره مِنْ الْعُلَمَاء : إِنَّ جِبْرَئِيل أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ فَقَامَ وَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبه , فَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَد بْن الْمُطَّلِب , فَرَمَى فِي وَجْهه بِوَرَقَةٍ خَضْرَاء , فَعَمِيَ . وَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَد بْن عَبْد يَغُوث , فَأَشَارَ إِلَى بَطْنه فَاسْتَسْقَى بَطْنه فَمَاتَ مِنْهُ حَبَنًا . وَمَرَّ بِهِ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , فَأَشَارَ إِلَى أَثَر جُرْح بِأَسْفَل كَعْب رِجْله كَانَ أَصَابَهُ قَبْل ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ , وَهُوَ يَجُرّ سَبَله , يَعْنِي إِزَاره ; وَذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَة يَرِيش نَبْلًا لَهُ , فَتَعَلَّقَ سَهْم مِنْ نَبْله بِإِزَارِهِ فَخَدَشَ رِجْله ذَلِكَ الْخَدْش وَلَيْسَ بِشَيْءٍ , فَانْتَقَضَ بِهِ فَقَتَلَهُ . وَمَرَّ بِهِ الْعَاص بْن وَائِل السَّهْمِيّ , فَأَشَارَ إِلَى أَخْمَص رِجْله , فَخَرَجَ عَلَى حِمَار لَهُ يُرِيد الطَّائِف فَوُقِصَ عَلَى شِبْرِقَة , فَدَخَلَ فِي أَخْمَص رِجْله مِنْهَا شَوْكَة , فَقَتَلَتْهُ - قَالَ أَبُو جَعْفَر : الشِّبْرِقَة : الْمَعْرُوف بِالْحَسَكِ , مِنْهُ حَبَنًا , وَالْحَبَن : الْمَاء الْأَصْفَر - وَمَرَّ بِهِ الْحَارِث بْن الطُّلَاطِلَة , فَأَشَارَ إِلَى رَأْسه , فَامْتَخَضَ قَيْحًا فَقَتَلَهُ. 16177 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد الْقُرَشِيّ , عَنْ رَجُل , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ رَأْسهمْ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , وَهُوَ الَّذِي جَمَعَهُمْ. 16178 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ زِيَاد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } قَالَ : كَانَ الْمُسْتَهْزِئُونَ : الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , وَالْعَاص بْن وَائِل , وَأَبُو زَمْعَة وَالْأَسْوَد بْن عَبْد يَغُوث , وَالْحَارِث بْن عَيْطَلَة. فَأَتَاهُ جِبْرَئِيل , فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى رَأْس الْوَلِيد , فَقَالَ : " مَا صَنَعْت شَيْئًا " , قَالَ : كُفِيت . وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى أَخْمَص الْعَاص , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا صَنَعْت شَيْئًا " . فَقَالَ : كُفِيت . وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْن أَبِي زَمْعَة , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا صَنَعْت شَيْئًا " , قَالَ : كُفِيت . وَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى رَأْس الْأَسْوَد , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " دَعْ لِي خَالِي ! ". فَقَالَ : كُفِيت . وَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى بَطْن الْحَارِث , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا صَنَعْت شَيْئًا " فَقَالَ كُفِيت . قَالَ : فَمَرَّ الْوَلِيد عَلَى قَيْن لِخُزَاعَة وَهُوَ يَجُرّ ثِيَابه , فَتَعَلَّقَتْ بِثَوْبِهِ بَرْوَة أَوْ شَرَرَة , وَبَيْن يَدَيْهِ نِسَاء , فَجَعَلَ يَسْتَحِي أَنْ يَطَأ مَنْ يَنْتَزِعهَا , وَجَعَلَتْ تَضْرِب سَاقَهُ فَخَدَشَتْهُ , فَلَمْ يَزَلْ مَرِيضًا حَتَّى مَاتَ . وَرَكِبَ الْعَاص بْن وَائِل بَغْلَة لَهُ بَيْضَاء إِلَى حَاجَة لَهُ بِأَسْفَل مَكَّة , فَذَهَبَ يَنْزِل , فَوَضَعَ أَخْمَص قَدَمه عَلَى شِبْرِقَة فَحَكَّتْ رِجْله , فَلَمْ يَزَلْ يَحُكّهَا حَتَّى مَاتَ . وَعَمِيَ أَبُو زَمْعَة ; وَأَخَذَتْ الْأَكْلَة فِي رَأْس الْأَسْوَد ; وَأَخَذَ الْحَارِث الْمَاء فِي بَطْنه . 16179 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } قَالَ : هُمْ خَمْسَة رَهْط مِنْ قُرَيْش : الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , وَالْعَاص بْن وَائِل , وَأَبُو زَمْعَة , وَالْحَارِث بْن عَيْطَلَة , وَالْأَسْوَد بْن قَيْس . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } قَالَ : الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , وَالْعَاص بْن وَائِل السَّهْمِيّ , وَالْأَسْوَد بْن عَبْد يَغُوث , وَالْأَسْوَد بْن الْمُطَّلِب , وَالْحَارِث بْن عَيْطَلَة . 16180 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } قَالَ : هُمْ خَمْسَة كُلّهمْ هَلَكَ قَبْل بَدْر : الْعَاص بْن وَائِل , وَالْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , وَأَبُو زَمْعَة بْن عَبْد الْأَسْوَد , وَالْحَارِث بْن قَيْس , وَالْأَسْوَد بْن عَبْد يَغُوث . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَة عَنْ عَمْرو , عَنْ عِكْرِمَة : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } قَالَ : الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , وَالْعَاص بْن وَائِل , وَالْأَسْوَد بْن عَبْد يَغُوث , وَالْحَارِث بْن عَيْطَلَة . 16181 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بَكْر الْهُذَلِيّ , قَالَ : قُلْت لِلزُّهْرِيِّ : إِنَّ سَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة اِخْتَلَفَا فِي رَجُل مِنْ الْمُسْتَهْزِئِينَ , فَقَالَ سَعِيد : هُوَ الْحَارِث بْن عَيْطَلَة , وَقَالَ عِكْرِمَة : هُوَ الْحَارِث بْن قَيْس ؟ فَقَالَ : صَدَقَا , كَانَتْ أُمّه تُسَمَّى عَيْطَلَة وَأَبُوهُ قَيْس. 16182 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ حُصَيْن , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : الْمُسْتَهْزِئُونَ سَبْعَة. وَسَمَّى مِنْهُمْ أَرْبَعَة . 16183 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } قَالَ : كَانُوا مِنْ قُرَيْش خَمْسَة نَفَر : الْعَاص بْن وَائِل السَّهْمِيّ , كُفِيَ بِصُدَاعٍ أَخَذَهُ فِي رَأْسه , فَسَالَ دِمَاغه حَتَّى كَانَ يَتَكَلَّم مِنْ أَنْفه. وَالْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة الْمَخْزُومِيّ , كُفِيَ بِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَة أَصْلَحَ سَهْمًا لَهُ , فَنَدَرَتْ مِنْهُ شَظِيَّة , فَوَطِئَ عَلَيْهَا فَمَاتَ . وَهَبَّار بْن الْأَسْوَد , وَعَبْد يَغُوث بْن وَهْب , وَالْحَارِث بْن عَيْطَلَة . * حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } قَالَ : كُلّهمْ مِنْ قُرَيْش : الْعَاص بْن وَائِل , فَكُفِيَ بِأَنَّهُ أَصَابَهُ صُدَاع فِي رَأْسه , فَسَالَ دِمَاغه حَتَّى لَا يَتَكَلَّم إِلَّا مِنْ تَحْت أَنْفه . وَالْحَارِث بْن عَيْطَلَة بِصَفَرٍ فِي بَطْنه ; وَابْن الْأَسْوَد فَكُفِيَ بِالْجُدَرِيِّ ; وَالْوَلِيد بِأَنَّ رَجُلًا ذَهَبَ لِيُصْلِح سَهْمًا لَهُ , فَوَقَعَتْ شَظِيَّة فَوَطِئَ عَلَيْهَا ; وَعَبْد يَغُوث فَكُفِيَ بِالْعَمَى , ذَهَبَ بَصَره . 16184 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , وَعَنْ مِقْسَم : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } قَالَ : هُمْ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , وَالْعَاص بْن وَائِل , وَعَدِيّ بْن قَيْس , وَالْأَسْوَد بْن عَبْد يَغُوث , وَالْأَسْوَد بْن الْمُطَّلِب , مَرُّوا رَجُلًا رَجُلًا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ جِبْرَئِيل , فَإِذَا مَرَّ بِهِ رَجُل مِنْهُمْ قَالَ جِبْرَئِيل : كَيْف تَجِد هَذَا ؟ فَيَقُول : " بِئْسَ عَدُوّ اللَّه ! " فَيَقُول جِبْرَئِيل : كَفَاكَهُ . فَأَمَّا الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة فَتَرَدَّى , فَتَعَلَّقَ سَهْم بِرِدَائِهِ , فَذَهَبَ يَجْلِس فَقَطَعَ أَكْحَله فَنَزَفَ فَمَاتَ . وَأَمَّا الْأَسْوَد بْن عَبْد يَغُوث , فَأُتِيَ بِغُصْنٍ فِيهِ شَوْك , فَضَرَبَ بِهِ وَجْهه , فَسَالَتْ حَدَقَتَاهُ عَلَى وَجْهه , فَكَانَ يَقُول : دَعَوْت عَلَى مُحَمَّد دَعْوَة , وَدَعَا عَلَيَّ دَعْوَة , فَاسْتُجِيبَ لِي , وَاسْتُجِيبَ لَهُ ; دَعَا عَلَيَّ أَنْ أَعْمَى فَعَمِيت , وَدَعَوْت عَلَيْهِ أَنْ يَكُون وَحِيدًا فَرِيدًا فِي أَهْل يَثْرِب فَكَانَ كَذَلِكَ . وَأَمَّا الْعَاص بْن وَائِل , فَوَطِئَ عَلَى شَوْكَة فَتَسَاقَطَ لَحْمه عَنْ عِظَامه حَتَّى هَلَكَ . وَأَمَّا الْأَسْوَد بْن الْمُطَّلِب وَعَدِيّ بْن قَيْس , فَإِنَّ أَحَدهمَا قَامَ مِنْ اللَّيْل وَهُوَ ظَمْآن , فَشَرِبَ مَاء مِنْ جَرَّة , فَلَمْ يَزَلْ يَشْرَب حَتَّى اِنْفَتَقَ بَطْنه فَمَاتَ ; وَأَمَّا الْآخَر فَلَدَغَتْهُ حَيَّة فَمَاتَ . * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر. عَنْ قَتَادَة وَعُثْمَان , عَنْ مِقْسَم مَوْلَى اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } ثُمَّ ذَكَرَ نَحْو حَدِيث اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ اِبْن ثَوْر . 16185 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآن عِضِينَ } هُمْ رَهْط خَمْسَة مِنْ قُرَيْش عَضَهُوا الْقُرْآن , زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ سِحْر وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ شِعْر وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ. أَمَّا أَحَدهمْ : فَالْأَسْوَد بْن عَبْد يَغُوث , أَتَى عَلَى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عِنْد الْبَيْت , فَقَالَ لَهُ الْمَلَك : كَيْف تَجِد هَذَا ؟ قَالَ : " بِئْسَ عَبْد اللَّه عَلَى أَنَّهُ خَالِي ! " قَالَ : كَفَيْنَاك. ثُمَّ أَتَى عَلَيْهِ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , فَقَالَ لَهُ الْمَلَك : كَيْف تَجِد هَذَا ؟ قَالَ : " بِئْسَ عَبْد اللَّه ! " قَالَ : كَفَيْنَاك . ثُمَّ أَتَى عَلَيْهِ عَدِيّ بْن قَيْس أَخُو بَنِي سَهْم , فَقَالَ الْمَلَك : كَيْف تَجِد هَذَا ؟ قَالَ : " بِئْسَ عَبْد اللَّه ! " قَالَ : كَفَيْنَاك . ثُمَّ أَتَى عَلَيْهِ الْأَسْوَد بْن الْمُطَّلِب , فَقَالَ لَهُ الْمَلَك : كَيْف تَجِد هَذَا ؟ قَالَ : " بِئْسَ عَبْد اللَّه ! " قَالَ : كَفَيْنَاك . ثُمَّ أَتَى عَلَيْهِ الْعَاص بْن وَائِل , فَقَالَ لَهُ الْمَلَك : كَيْف تَجِد هَذَا ؟ قَالَ : " بِئْسَ عَبْد اللَّه ! " قَالَ : كَفَيْنَاك . فَأَمَّا الْأَسْوَد بْن عَبْد يَغُوث , فَأُتِيَ بِغُصْنٍ مِنْ شَوْك فَضَرَبَ بِهِ وَجْهه حَتَّى سَالَتْ حَدَقَتَاهُ عَلَى وَجْهه , فَكَانَ بَعْد ذَلِكَ يَقُول : دَعَا عَلَيَّ مُحَمَّد بِدَعْوَةٍ وَدَعَوْت عَلَيْهِ بِأُخْرَى , فَاسْتَجَابَ اللَّه لَهُ فِيَّ وَاسْتَجَابَ اللَّه لِي فِيهِ ; دَعَا عَلَيَّ أَنْ أُثْكَل وَأَنْ أَعْمَى , فَكَانَ كَذَلِكَ ; وَدَعَوْت عَلَيْهِ أَنْ يَصِير شَرِيدًا طَرِيدًا , فَطَرَدْنَاهُ مَعَ يَهُود يَثْرِب وَسُرَّاق الْحَجِيج , وَكَانَ كَذَلِكَ . وَأَمَّا الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , فَذَهَبَ يَرْتَدِي , فَتَعَلَّقَ بِرِدَائِهِ سَهْم غَرْب , فَأَصَابَ أَكْحَله أَوْ أَبْجَله , فَأُتِيَ فِي كُلّ ذَلِكَ , فَمَاتَ . وَأَمَّا الْعَاص بْن وَائِل , فَوَطِئَ عَلَى شَوْكَة , فَأُتِيَ فِي ذَلِكَ , جَعَلَ يَتَسَاقَط لَحْمه عُضْوًا عُضْوًا فَمَاتَ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَأَمَّا الْأَسْوَد بْن الْمُطَّلِب وَعَدِيّ بْن قَيْس , فَلَا أَدْرِي مَا أَصَابَهُمَا. ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم بَدْر , نَهَى أَصْحَابه عَنْ قَتْل أَبِي الْبَخْتَرِيّ , وَقَالَ : " خُذُوهُ أَخْذًا , فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ بَلَاء ! " فَقَالَ لَهُ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَبَا الْبَخْتَرِيّ إِنَّا قَدْ نُهِينَا عَنْ قَتْلك فَهَلُمَّ إِلَى الْأَمَنَة وَالْأَمَان ! فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيّ : وَابْن أَخِي مَعِي ؟ فَقَالُوا : لَمْ نُؤْمَر إِلَّا بِك . فَرَاوَدُوهُ ثَلَاث مَرَّات , فَأَبَى إِلَّا وَابْن أَخِيهِ مَعَهُ , قَالَ : فَأَغْلَظَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَلَام , فَحَمَلَ عَلَيْهِ رَجُل مِنْ الْقَوْم فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ , فَجَاءَ قَاتِله وَكَأَنَّمَا عَلَى ظَهْره جَبَل أَوْثَقَهُ مَخَافَة أَنْ يَلُومهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَلَمَّا أُخْبِرَ بِقَوْلِهِ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَبْعَدَهُ اللَّه وَأَسْحَقَهُ ! " وَهُمْ الْمُسْتَهْزِئُونَ الَّذِينَ قَالَ اللَّه : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } وَهُمْ الْخَمْسَة الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } اِسْتَهْزَءُوا بِكِتَابِ اللَّه , وَنَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 16186 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ } هُمْ مِنْ قُرَيْش . 16187 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , وَزَعَمَ اِبْن أَبِي بَزَّة أَنَّهُمْ الْعَاص بْن وَائِل السَّهْمِيّ وَالْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة الْوَحِيد , وَالْحَارِث بْن عَدِيّ بْن سَهْم بْن الْعَيْطَلَة , وَالْأَسْوَد بْن الْمُطَّلِب بْن أَسَد بْن عَبْد الْعُزَّى بْن قُصَيّ , وَهُوَ أَبُو زَمْعَة , وَالْأَسْوَد بْن عَبْد يَغُوث وَهُوَ اِبْن خَال رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 16188 - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ اِبْن عَبَّاس , نَحْو حَدِيث مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ مُحَمَّد بْن ثَوْر , غَيْر أَنَّهُ قَالَ : كَانُوا ثَمَانِيَة . ثُمَّ عَدَّهُمْ وَقَالَ : كُلّهمْ مَاتَ قَبْل بَدْر .
الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَسورة الحجر الآية رقم 96
وَقَوْله : { الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } وَعِيد مِنْ اللَّه ـ تَعَالَى ذِكْره ـ وَتَهْدِيد لِلْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ كَفَاهُ أَمْرهمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : إِنَّا كَفَيْنَاك يَا مُحَمَّد السَّاخِرِينَ مِنْك , الْجَاعِلِينَ مَعَ اللَّه شَرِيكًا فِي عِبَادَته , فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ مَا يَلْقَوْنَ مِنْ عَذَاب اللَّه عِنْد مَصِيرهمْ إِلَيْهِ فِي الْقِيَامَة , وَمَا يَحُلّ بِهِمْ مِنْ الْبَلَاء .
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَسورة الحجر الآية رقم 97
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ نَعْلَم أَنَّك يَضِيق صَدْرك بِمَا يَقُولُونَ } يَقُول ـ تَعَالَى ذِكْره ـ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَقَدْ نَعْلَم يَا مُحَمَّد أَنَّك يَضِيق صَدْرك بِمَا يَقُول هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمك مِنْ تَكْذِيبهمْ إِيَّاكَ وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِك وَبِمَا جِئْتهمْ بِهِ , وَأَنَّ ذَلِكَ يُحْرِجك .
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَسورة الحجر الآية رقم 98
{ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك } يَقُول : فَافْزَعْ فِيمَا نَابَك مِنْ أَمْر تَكْرَههُ مِنْهُمْ إِلَى الشُّكْر لِلَّهِ وَالثَّنَاء عَلَيْهِ وَالصَّلَاة , يَكْفِك اللَّه مِنْ ذَلِكَ مَا أَهَمَّك . وَهَذَا نَحْو الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَّهُ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْر فَزِعَ إِلَى الصَّلَاة " .
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُسورة الحجر الآية رقم 99
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاعْبُدْ رَبّك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين } يَقُول ـ تَعَالَى ذِكْره ـ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاعْبُدْ رَبّك حَتَّى يَأْتِيك الْمَوْت , الَّذِي هُوَ مُوقِن بِهِ . وَقِيلَ : يَقِين , وَهُوَ مُوقِن بِهِ , كَمَا قِيلَ : خَمْر عَتِيق , وَهِيَ مُعَتَّقَة . # وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16189 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن سَعْد , عَنْ سُفْيَان , قَالَ : ثَنِي طَارِق بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ سَالِم بْن عَبْد اللَّه : { وَاعْبُدْ رَبّك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين } قَالَ : الْمَوْت . 16190 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. * حَدَّثَنِي عَبَّاس بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , قَالَ : اِبْن جُرَيْج : أَخْبَرَنِي اِبْن كَثِير أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : { حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين } قَالَ : الْمَوْت . 16191 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَاعْبُدْ رَبّك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين } قَالَ : يَعْنِي الْمَوْت . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين } قَالَ : الْيَقِين : الْمَوْت . * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله. 16192 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مُبَارَك بْن فَضَالَة , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين } قَالَ : الْمَوْت . * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ طَارِق , عَنْ سَالِم , مِثْله. 16193 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَاعْبُدْ رَبّك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين } قَالَ : الْمَوْت ; إِذَا جَاءَهُ الْمَوْت جَاءَهُ تَصْدِيق مَا قَالَ اللَّه لَهُ وَحَدَّثَهُ مِنْ أَمْر الْآخِرَة . 16194 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس بْن يَزِيد , عَنْ اِبْن شِهَاب : أَنَّ خَارِجَة بْن زَيْد بْن ثَابِت أَخْبَرَهُ عَنْ أُمّ الْعَلَاء اِمْرَأَة مِنْ الْأَنْصَار قَدْ بَايَعَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ اِقْتَسَمُوا الْمُهَاجِرِينَ قُرْعَة , قَالَتْ : وَطَارَ لَنَا عُثْمَان بْن مَظْعُون , فَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتنَا , فَوَجِعَ وَجَعه الَّذِي مَاتَ فِيهِ . فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابه , دَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْت : يَا عُثْمَان بْن مَظْعُون رَحْمَة اللَّه عَلَيْك أَبَا السَّائِب , فَشَهَادَتِي عَلَيْك لَقَدْ أَكْرَمَك اللَّه ! فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَمَا يُدْرِيك أَنَّ اللَّه أَكْرَمَهُ ؟ " قَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه فَمَهْ ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِين , وَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْر " . * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا مَالِك بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سَعْد , قَالَ : ثَنَا اِبْن شِهَاب , عَنْ خَارِجَة بْن زَيْد , عَنْ أُمّ الْعَلَاء اِمْرَأَة عَنْ نِسَائِهِمْ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ . * حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثَنَا جَعْفَر بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل , عَنْ مُحَمَّد بْن شِهَاب , أَنَّ خَارِجَة بْن زَيْد , حَدَّثَهُ عَنْ أُمّ الْعَلَاء اِمْرَأَة مِنْهُمْ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثه : فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَّا هُوَ فَقَدْ عَايَنَ الْيَقِين " .
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4