الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4
قَالُواْ تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَسورة يوسف الآية رقم 91
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَك اللَّه عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ إِخْوَة يُوسُف لَهُ : تَاللَّهِ لَقَدْ فَضَّلَك اللَّه عَلَيْنَا وَآثَرَك بِالْعِلْمِ وَالْحِلْم وَالْفَضْل , { وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ } يَقُول : وَمَا كُنَّا فِي فِعْلنَا الَّذِي فَعَلْنَا بِك فِي تَفْرِيقنَا بَيْنَك وَبَيْنَ أَبِيك وَأَخِيك وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ صَنِيعنَا الَّذِي صَنَعْنَا بِك , إِلَّا خَاطِئِينَ : يَعْنُونَ مُخْطِئِينَ , يُقَال مِنْهُ : خَطِئَ فُلَان يَخْطَأ خَطَأً وَخِطْأً , وَأَخْطَأَ يُخْطِئُ إِخْطَاءً ; وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل أُمَيَّة بْن الْأَسْكَر : وَإِنَّ مُهَاجِرَيْنِ تَكَنَّفَاهُ لَعَمْرُ اللَّهِ قَدْ خَطِئَا وَحَابَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15101 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , قَالَ : لَمَّا قَالَ لَهُمْ يُوسُف : { أَنَا يُوسُف وَهَذَا أَخِي } اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ , وَقَالُوا : { تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَك اللَّه عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ } فِيمَا كُنَّا صَنَعْنَا بِك 15102 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَك اللَّه عَلَيْنَا } وَذَلِكَ بَعْد مَا عَرَّفَهُمْ أَنْفُسَهُمْ , يَقُول : جَعَلَك اللَّه رَجُلًا حَلِيمًا
قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَسورة يوسف الآية رقم 92
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ لَا تَثْرِيب عَلَيْكُمْ الْيَوْم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ يُوسُف لِإِخْوَتِهِ : { لَا تَثْرِيب } يَقُول : لَا تَعْيِير عَلَيْكُمْ وَلَا إِفْسَاد لِمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْحُرْمَة وَحَقّ الْأُخُوَّة , وَلَكِنْ لَكُمْ عِنْدِي الصَّفْح وَالْعَفْو . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15103 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { لَا تَثْرِيب عَلَيْكُمْ } لَمْ يُثَرِّب عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ 15104 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , قَوْله : { لَا تَثْرِيب عَلَيْكُمْ الْيَوْم } قَالَ : قَالَ سُفْيَان : لَا تَعْيِيرَ عَلَيْكُمْ 15105 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق : { قَالَ لَا تَثْرِيب عَلَيْكُمْ الْيَوْم } : أَيْ لَا تَأْنِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْم عِنْدِي فِيمَا صَنَعْتُمْ 15106 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , قَالَ : اعْتَذَرُوا إِلَى يُوسُف , فَقَالَ : { لَا تَثْرِيب عَلَيْكُمْ الْيَوْم } يَقُول : لَا أَذْكُرُ لَكُمْ ذَنْبَكُمْ

وَقَوْله : { يَغْفِر اللَّه لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَم الرَّاحِمِينَ } وَهَذَا دُعَاء مِنْ يُوسُف لِإِخْوَتِهِ بِأَنْ يَغْفِرَ اللَّه لَهُمْ ذَنْبَهُمْ فِيمَا أَتَوْا إِلَيْهِ وَرَكِبُوا مِنْهُ مِنَ الظُّلْم , يَقُول : عَفَا اللَّه لَكُمْ عَنْ ذَنْبكُمْ وَظُلْمكُمْ , فَسَتَرَهُ عَلَيْكُمْ ; { وَهُوَ أَرْحَم الرَّاحِمِينَ } يَقُول : وَاَللَّه أَرْحَم الرَّاحِمِينَ لِمَنْ تَابَ مِنْ ذَنْبه وَأَنَابَ إِلَى طَاعَته بِالتَّوْبَةِ مِنْ مَعْصِيَته . كَمَا : 15107 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق : { يَغْفِر اللَّه لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَم الرَّاحِمِينَ } حَيْثُ اعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ
اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَسورة يوسف الآية رقم 93
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْه أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } قَالَ أَبُو جَعْفَر : ذُكِرَ أَنَّ يُوسُف صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عَرَّفَ نَفْسَهُ إِخْوَتَهُ , سَأَلَهُمْ عَنْ أَبِيهِمْ , فَقَالُوا : ذَهَبَ بَصَرُهُ مِنَ الْحُزْن . فَعِنْد ذَلِكَ أَعْطَاهُمْ قَمِيصه وَقَالَ لَهُمْ : { اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15108 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , قَالَ : قَالَ لَهُمْ يُوسُف : مَا فَعَلَ أَبِي بَعْدِي ؟ قَالُوا : لَمَّا فَاتَهُ بِنْيَامِين عَمِيَ مِنَ الْحُزْن . قَالَ : { اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْه أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } وَقَوْله : { يَأْتِ بَصِيرًا } يَقُول : يَعُدْ بَصِيرًا . { وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } يَقُول : وَجِيئُونِي بِجَمِيع أَهْلكُمْ .
وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِسورة يوسف الآية رقم 94
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِير قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمَّا فَصَلَتْ عِير بَنِي يَعْقُوب مِنْ عِنْد يُوسُف مُتَوَجِّهَةً إِلَى يَعْقُوب , قَالَ أَبُوهُمْ يَعْقُوب : { إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ } ذُكِرَ أَنَّ الرِّيح اسْتَأْذَنَتْ رَبَّهَا فِي أَنْ تَأْتِيَ يَعْقُوبَ بِرِيحِ يُوسُفَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْبَشِيرُ , فَأَذِنَ لَهَا , فَأَتَتْهُ بِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15109 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني أَبُو شُرَيْح , عَنْ أَبِي أَيُّوب الْهَوْزَنِيّ , حَدَّثَهُ , قَالَ : اسْتَأْذَنَتِ الرِّيح أَنْ تَأْتِيَ يَعْقُوبَ بِرِيحِ يُوسُف حِين بَعَثَ بِالْقَمِيصِ إِلَى أَبِيهِ قَبْل أَنْ يَأْتِيَهُ الْبَشِير , فَفَعَلَ , قَالَ يَعْقُوب : { إِنِّي لَأَجِد رِيح يُوسُف لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } 15110 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنِ ابْن أَبِي الْهُذَيْل , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِير قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيح يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : هَاجَتْ رِيحٌ , فَجَاءَتْ بِرِيحِ يُوسُف مِنْ مَسِيرَة ثَمَان لَيَالٍ , فَقَالَ : { إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنِ ابْن أَبِي الْهُذَيْل , عَنِ ابْن عَبَّاس : { وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِير } قَالَ : هَاجَتْ رِيح , فَجَاءَتْ بِرِيحِ قَمِيص يُوسُف مِنْ مَسِيرَة ثَمَان لَيَالٍ - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا ابْن فُضَيْل , عَنْ ضِرَار , عَنِ ابْن أَبِي الْهُذَيْل , قَالَ : سَمِعْت ابْن عَبَّاس يَقُول : وَجَدَ يَعْقُوب رِيح يُوسُف , وَهُوَ مِنْهُ عَلَى مَسِيرَة ثَمَان لَيَالٍ - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع وَالْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَا : ثنا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنِ ابْن أَبِي الْهُذَيْل , قَالَ : كُنْت إِلَى جَنْب ابْن عَبَّاس , فَسُئِلَ : مِنْ كَمْ وَجَدَ يَعْقُوب رِيح الْقَمِيص ؟ قَالَ : مِنْ مَسِيرَة سَبْع لَيَالٍ أَوْ ثَمَان لَيَالٍ - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ أَبِي الْهُذَيْل , قَالَ : قَالَ لِي أَصْحَابِي : إِنَّك تَأْتِي ابْن عَبَّاس , فَسَلْهُ لَنَا , قَالَ : فَقُلْت : مَا أَسْأَلهُ عَنْ شَيْء , وَلَكِنْ اجْلِسْ خَلْفَ السَّرِير فَيَأْتِيهِ الْكُوفِيُّونَ فَيَسْأَلُونَ عَنْ حَاجَتهمْ وَحَاجَتِي , فَسَمِعْته يَقُول : وَجَدَ يَعْقُوب رِيح قَمِيص يُوسُف مِنْ مَسِيرَة ثَمَان لَيَالٍ , قَالَ ابْن أَبِي الْهُذَيْل : فَقُلْت : ذَاكَ كَمَكَانِ الْبَصْرَة مِنَ الْكُوفَة - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن عَاصِم , عَنْ ضِرَار بْن مُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْهُذَيْل , قَالَ : سَمِعْت ابْن عَبَّاس يَقُول : وَجَدَ يَعْقُوب رِيح قَمِيص يُوسُف مِنْ مَسِيرَة ثَمَان لَيَالٍ . قَالَ : فَقُلْت فِي نَفْسِي : هَذَا كَمَكَانِ الْبَصْرَة مِنَ الْكُوفَة - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع ; وَحَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنِ ابْن أَبِي الْهُذَيْل , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { إِنِّي لَأَجِد رِيح يُوسُف } قَالَ : وَجَدَ رِيح قَمِيص يُوسُف مِنْ مَسِيرَة ثَمَان لَيَالٍ . قَالَ : قُلْت لَهُ : ذَاكَ كَمَا بَيْن الْبَصْرَة إِلَى الْكُوفَة . وَاللَّفْظ لِحَدِيثِ أَبِي كُرَيْب - حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا عَاصِم وَعَلِيّ , قَالَا : أَخْبَرَنَا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو سِنَان , قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْهُذَيْل , عَنِ ابْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة : { إِنِّي لَأَجِد رِيح يُوسُف } قَالَ : وَجَدَ رِيحه مِنْ مَسِيرَة مَا بَيْن الْبَصْرَة إِلَى الْكُوفَة - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا آدَم الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثنا أَبُو سِنَان , قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْهُذَيْل يُحَدِّث عَنِ ابْن عَبَّاس , مِثْله . - قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْهُذَيْل , قَالَ : كُنَّا عِنْد ابْن عَبَّاس فَقَالَ : { إِنِّي لَأَجِد رِيح يُوسُف } قَالَ : وَجَدَ رِيح قَمِيصه مِنْ مَسِيرَة ثَمَان لَيَالٍ - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْهُذَيْل , قَالَ : سَمِعْت ابْن عَبَّاس يَقُول : { وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِير } قَالَ : لَمَّا خَرَجَتْ الْعِير هَاجَتْ رِيح فَجَاءَتْ يَعْقُوب بِرِيحِ قَمِيص يُوسُف , فَقَالَ : { إِنِّي لَأَجِد رِيح يُوسُف لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : فَوَجَدَ رِيحه مِنْ مَسِيرَة ثَمَان لَيَالٍ 15111 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنِ الْحَسَن : ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا يَوْمَئِذٍ ثَمَانُونَ فَرْسَخًا , يُوسُف بِأَرْضِ مِصْر وَيَعْقُوب بِأَرْضِ كَنْعَان , وَقَدْ أَتَى لِذَلِكَ زَمَان طَوِيل 15112 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَوْله : { إِنِّي لَأَجِد رِيح يُوسُف } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ بَيْنهمْ يَوْمئِذٍ ثَمَانُونَ فَرْسَخًا , وَقَالَ : { إِنِّي لَأَجِدُ رِيح يُوسُف } وَكَانَ قَدْ فَارَقَهُ قَبْل ذَلِكَ سَبْعًا وَسَبْعِينَ سَنَة - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْهُذَيْل , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { إِنِّي لَأَجِدُ رِيح يُوسُف } قَالَ : وَجَدَ رِيح الْقَمِيص مِنْ مَسِيرَة ثَمَانِيَة أَيَّام - قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْهُذَيْل , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِير } قَالَ : فَلَمَّا خَرَجَتِ الْعِير هَبَّتْ رِيح , فَذَهَبَتْ بِرِيحِ قَمِيص يُوسُف إِلَى يَعْقُوب , فَقَالَ : { إِنِّي لَأَجِدُ رِيح يُوسُف } قَالَ : وَوَجَدَ رِيح قَمِيصه مِنْ مَسِيرَة ثَمَانِيَة أَيَّام 15113 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق قَالَ : لَمَّا فَصَلَتِ الْعِير مِنْ مِصْر اسْتَرْوَحَ يَعْقُوب رِيح يُوسُف , فَقَالَ لِمَنْ عِنْده مِنْ وَلَده : { إِنِّي لَأَجِد رِيح يُوسُف لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } وَأَمَّا قَوْله : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : لَوْلَا أَنْ تُعَنِّفُونِي , وَتُعَجِّزُونِي , وَتَلُومُونِي , وَتُكَذِّبُونِي ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : يَا صَاحِبِيَّ دَعَا لَوْمِي وَتَفْنِيدِي فَلَيْسَ مَا فَاتَ مِنْ أَمْرِي بِمَرْدُودِ وَيُقَال : أَفْنَدَ فُلَانًا الدَّهْرُ , وَذَلِكَ إِذَا أَفْسَدَهُ ; وَمِنْهُ قَوْل ابْن مُقْبِل : دَعْ الدَّهْرَ يَفْعَلُ مَا أَرَادَ فَإِنَّهُ إِذَا كُلِّفَ الْإِفْنَادَ بِالنَّاسِ أَفْنَدَا وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَاهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : لَوْلَا أَنْ تُسَفِّهُونِي . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15114 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَة , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنِ ابْن أَبِي الْهُذَيْل , عَنِ ابْن عَبَّاس : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : تُسَفِّهُونِ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع ; وَحَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنِ ابْن أَبِي الْهُذَيْل , عَنِ ابْن عَبَّاس , مِثْله . 15115 - وَبِهِ قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : تُسَفِّهُونِ 15116 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى وَعَلِيّ بْن دَاوُدَ , قَالَا : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } يَقُول : تُجَهِّلُونِ - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْهُذَيْل , عَنِ ابْن عَبَّاس : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : لَوْلَا أَنْ تُسَفِّهُونِ - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَا جَمِيعًا : ثنا سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : لَوْلَا أَنْ تُسَفِّهُونِ 15117 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , وَسَالِم عَنْ سَعِيد : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ أَحَدهمَا : تُسَفِّهُونِ , وَقَالَ الْآخَر : تُكَذِّبُونِ 15118 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سُلَيْمَان , عَنْ عَطَاء : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : لَوْلَا أَنْ تُكَذِّبُونِ , لَوْلَا أَنْ تُسَفِّهُونِ - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء , قَالَ : تُسَفِّهُونِ 15119 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } يَقُول : لَوْلَا أَنْ تُسَفِّهُونِ - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } يَقُول : لَوْلَا أَنْ تُسَفِّهُونِ - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْهُذَيْل , قَالَ : سَمِعْت ابْن عَبَّاس يَقُول : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } يَقُول : تُسَفِّهُونِ 15120 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا شَبَّابَة , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : ذَهَبَ عَقْله - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : قَدْ ذَهَبَ عَقْله - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ } قَالَ : قَدْ ذَهَبَ عَقْله - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : لَوْلَا أَنْ تَقُولُوا : ذَهَبَ عَقْلك 15121 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } يَقُول : لَوْلَا أَنْ تُضَعِّفُونِي 15122 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : الَّذِي لَيْسَ لَهُ عَقْل ذَلِكَ الْمُفَنَّد , يَقُولُونَ لَا يَعْقِل وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : لَوْلَا أَنْ تُكَذِّبُونِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15123 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن عَمْرو الْكَلْبِيّ , عَنْ شَرِيك , عَنْ سَالِم : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : تُكَذِّبُونِ 15124 - قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , قَالَ : لَوْلَا أَنْ تُهَرِّمُونِ وَتُكَذِّبُونِ 15125 - قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بَكْر , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَالَ : بَلَغَنِي عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : تُكَذِّبُونِ 15126 - قَالَ : ثنا عَبْدَة وَأَبُو خَالِد , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك , قَالَ : لَوْلَا أَنْ تُكَذِّبُونِ - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } تُكَذِّبُونِ 15127 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء , فِي قَوْله : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : تُسَفِّهُونِ أَوْ تُكَذِّبُونِ 15128 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } يَقُول : تُكَذِّبُونِ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ تُهَرِّمُونِ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15129 - أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : لَوْلَا أَنْ تُهَرِّمُونِ - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 15130 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : تُهَرِّمُونِ - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَشْهَب , عَنْ الْحَسَن : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } قَالَ : تُهَرِّمُونِ - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي الْأَشْهَب وَغَيْره , عَنِ الْحَسَن , مِثْله . وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَصْل التَّفْنِيد : الْإِفْسَاد . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالضَّعْف وَالْهَرَم وَالْكَذِب وَذَهَاب الْعَقْل وَكُلّ مَعَانِي الْإِفْسَاد تَدْخُل فِي التَّفْنِيد ; لِأَنَّ أَصْل ذَلِكَ كُلّه الْفَسَاد , وَالْفَسَاد فِي الْجِسْم : الْهَرَم وَذَهَاب الْعَقْل وَالضَّعْف , وَفِي الْفِعْل الْكَذِب وَاللَّوْم بِالْبَاطِلِ , وَلِذَلِكَ قَالَ جَرِير بْن عَطِيَّة : يَا عَاذِلِيَّ دَعَا الْمَلَام وَأَقْصِرَا طَالَ الْهَوَى وَأَطَلْتُمَا التَّفْنِيدَا يَعْنِي الْمَلَامَة , فَقَدْ تَبَيَّنَ إِذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا أَنَّ الْأَقْوَال الَّتِي قَالَهَا مَنْ ذَكَرْنَا قَوْله فِي قَوْله : { لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } عَلَى اخْتِلَاف عِبَارَاتهمْ عَنْ تَأْوِيله , مُتَقَارِبَة الْمَعَانِي , مُحْتَمَل جَمِيعهَا ظَاهِر التَّنْزِيل , إِذْ لَمْ يَكُنْ فِي الْآيَة دَلِيل عَلَى أَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ بَعْض ذَلِكَ دُون بَعْض .
قَالُواْ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِسورة يوسف الآية رقم 95
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّك لَفِي ضَلَالِك الْقَدِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ يَعْقُوب مِنْ وَلَده { إِنِّي لَأَجِدُ رِيح يُوسُف لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } تَاللَّهِ أَيّهَا الرَّجُل , إِنَّك مِنْ حُبّ يُوسُف وَذِكْره , لَفِي خَطَئِك وَزَلَلِك الْقَدِيم لَا تَنْسَاهُ , وَلَا تَتَسَلَّى عَنْهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15131 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { إِنَّك لَفِي ضَلَالِك الْقَدِيم } يَقُول : خَطَئِك الْقَدِيم 15132 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّك لَفِي ضَلَالِك الْقَدِيم } أَيْ مِنْ حُبّ يُوسُف لَا تَنْسَاهُ وَلَا تَسْلَاهُ , قَالُوا لِوَالِدِهِمْ كَلِمَة غَلِيظَة لَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوهَا لِوَالِدِهِمْ وَلَا لِنَبِيِّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 15133 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ : { قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّك لَفِي ضَلَالِك الْقَدِيم } قَالَ : فِي شَأْن يُوسُف 15134 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : قَالَ سُفْيَان : { تَاللَّهِ إِنَّك لَفِي ضَلَالِك الْقَدِيم } قَالَ : مِنْ حُبّك لِيُوسُف - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ سُفْيَان , نَحْوه . 15135 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّك لَفِي ضَلَالِك الْقَدِيم } قَالَ : فِي حُبّك الْقَدِيم 15136 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق : { قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّك لَفِي ضَلَالِك الْقَدِيم } أَيْ إِنَّك لَمِنْ ذِكْر يُوسُف فِي الْبَاطِل الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ 15137 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { تَاللَّهِ إِنَّك لَفِي ضَلَالِك الْقَدِيم } قَالَ : يَعْنُونَ : حُزْنه الْقَدِيم عَلَى يُوسُف , وَفِي ضَلَالِك الْقَدِيم : لَفِي خَطَئِك الْقَدِيم
فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَسورة يوسف الآية رقم 96
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِير أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا أَنْ جَاءَ يَعْقُوبَ الْبَشِيرُ مِنْ عِنْد ابْنه يُوسُف , وَهُوَ الْمُبَشِّر بِرِسَالَةِ يُوسُف , وَذَلِكَ بَرِيد فِيمَا ذُكِرَ كَانَ يُوسُف يَرُدّهُ إِلَيْهِ , وَكَانَ الْبَرِيد فِيمَا ذُكِرَ وَالْبَشِير يَهُوذَا بْن يَعْقُوب أَخَا يُوسُف لِأَبِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15138 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِير أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهه } يَقُول : الْبَشِير : الْبَرِيد 15139 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر عَنِ الضَّحَّاك : { فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِير } قَالَ : الْبَرِيد . - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن يَزِيد الْوَاسِطِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك : { فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِير } قَالَ : الْبَرِيد 15140 - قَالَ : ثنا شَبَّابَة , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِير } قَالَ : يَهُوذَا بْن يَعْقُوب - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { الْبَشِير } قَالَ : يَهُوذَا بْن يَعْقُوب - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : يَهُوذَا بْن يَعْقُوب - قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : هُوَ يَهُوذَا بْن يَعْقُوب 15141 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِير } قَالَ : يَهُوذَا بْن يَعْقُوب كَانَ الْبَشِير - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , عَنْ سُفْيَان , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِير } قَالَ : هُوَ يَهُوذَا بْن يَعْقُوب قَالَ سُفْيَان : وَكَانَ ابْن مَسْعُود يَقْرَأ : وَجَاءَ الْبَشِير مِنْ بَيْن يَدَيِ الْعِير . - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك : { فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِير } قَالَ : الْبَرِيد هُوَ يَهُوذَا بْن يَعْقُوب 15142 - قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , قَالَ : قَالَ يُوسُف : { اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْه أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَائْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } قَالَ يَهُوذَا : أَنَا ذَهَبْت بِالْقَمِيصِ , مُلَطَّخًا بِالدَّمِ إِلَى يَعْقُوب فَأَخْبَرْته أَنَّ يُوسُف أَكَلَهُ الذِّئْب , وَأَنَا أَذْهَب الْيَوْم بِالْقَمِيصِ وَأُخْبِرهُ أَنَّهُ حَيّ فَأُفْرِحهُ كَمَا أَحْزَنْته . فَهُوَ كَانَ الْبَشِير - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك : { فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِير } قَالَ : الْبَرِيد وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْكُوفَة يَقُول : " أَنْ " فِي قَوْله : { فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِير } وَسُقُوطهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ , وَكَانَ يَقُول هَذَا فِي : لَمَّا " و " حَتَّى " خَاصَّة , وَيُذْكَر أَنَّ الْعَرَب تُدْخِلهَا فِيهِمَا أَحْيَانًا وَتُسْقِطهَا أَحْيَانًا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا } , وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَر : { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلنَا } وَقَالَ : هِيَ صِلَة لَا مَوْضِع لَهَا فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ , يُقَال : حَتَّى كَانَ كَذَا وَكَذَا , وَحَتَّى أَنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا . وَقَوْله : { أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهه } يَقُول : أَلْقَى الْبَشِير قَمِيص يُوسُف عَلَى وَجْه يَعْقُوب . كَمَا : 15143 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق : { فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِير } أَلْقَى الْقَمِيص عَلَى وَجْهه

وَقَوْله : { فَارْتَدَّ بَصِيرًا } يَقُول : رَجَعَ وَعَادَ مُبْصِرًا بِعَيْنَيْهِ بَعْد مَا قَدْ عَمِيَ . { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَم مِنَ اللَّه مَا لَا تَعْلَمُونَ } يَقُول عَزَّ وَجَلَّ : قَالَ يَعْقُوب لِمَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ حِينَئِذٍ مِنْ وَلَده : أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ يَا بَنِيَّ إِنِّي أَعْلَم مِنَ اللَّه أَنَّهُ سَيَرُدُّ عَلَيَّ يُوسُف , وَيَجْمَع بَيْنِي وَبَيْنه , وَكُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ أَنْتُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا كُنْت أَعْلَمهُ ; لِأَنَّ رُؤْيَا يُوسُف كَانَتْ صَادِقَة , وَكَانَ اللَّه قَدْ قَضَى أَنْ أَخِرَّ أَنَا وَأَنْتُمْ لَهُ سُجُودًا , فَكُنْت مُوقِنًا بِقَضَائِهِ .
قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَسورة يوسف الآية رقم 97
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ وَلَد يَعْقُوب الَّذِينَ كَانُوا فَرَّقُوا بَيْنه وَبَيْن يُوسُف : يَا أَبَانَا سَلْ لَنَا رَبَّك يَعْفُ عَنَّا وَيَسْتُر عَلَيْنَا ذُنُوبنَا الَّتِي أَذْنَبْنَاهَا فِيك وَفِي يُوسُف فَلَا يُعَاقِبنَا بِهَا فِي الْقِيَامَة { إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ } فِيمَا فَعَلْنَا بِهِ , فَقَدِ اعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا .
قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُسورة يوسف الآية رقم 98
قَالَ : { سَوْفَ أَسْتَغْفِر لَكُمْ رَبِّي } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ يَعْقُوب : سَوْفَ أَسْأَل رَبِّي أَنْ يَعْفُوَ عَنْكُمْ ذُنُوبكُمْ الَّتِي أَذْنَبْتُمُوهَا فِيَّ وَفِي يُوسُف . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْوَقْت الَّذِي أَخَّرَ الدُّعَاء إِلَيْهِ يَعْقُوب لِوَلَدِهِ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ مِنْ ذَنْبهمْ , فَقَالَ بَعْضهمْ : أَخَّرَ ذَلِكَ إِلَى السَّحَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15144 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا ابْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , يَذْكُر , عَنْ مُحَارِب بْن دِثَار , قَالَ : كَانَ عَمٌّ لِي يَأْتِي الْمَسْجِد , فَسَمِعَ إِنْسَانًا يَقُول : اللَّهُمَّ دَعَوْتنِي فَأَجَبْت وَأَمَرْتنِي فَأَطَعْت , وَهَذَا سَحَر , فَاغْفِرْ لِي ! قَالَ : فَاسْتَمَعَ الصَّوْت فَإِذَا هُوَ مِنْ دَار عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , فَسَأَلَ عَبْد اللَّه عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : إِنَّ يَعْقُوب أَخَّرَ بَنِيهِ إِلَى السَّحَر بِقَوْلِهِ : { سَوْفَ أَسْتَغْفِر لَكُمْ رَبِّي } 15145 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن فُضَيْل , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَارِب بْن دِثَار , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : { سَوْفَ أَسْتَغْفِر لَكُمْ رَبِّي } قَالَ : أَخَّرَهُمْ إِلَى السَّحَر 15146 - قَالَ : ثنا أَبُو سُفْيَان الْحِمْيَرِيّ , عَنِ الْعَوَّام , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ فِي قَوْل يَعْقُوب لِبَنِيهِ : { سَوْفَ أَسْتَغْفِر لَكُمْ رَبِّي } قَالَ : أَخَّرَهُمْ إِلَى السَّحَر 15147 - قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ خَلَّاد الصَّفَّار , عَنْ عَمْرو بْن قَيْس : { سَوْفَ أَسْتَغْفِر لَكُمْ رَبِّي } قَالَ : فِي صَلَاة اللَّيْل 15148 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { سَوْفَ أَسْتَغْفِر لَكُمْ رَبِّي } قَالَ : أَخَّرَ ذَلِكَ إِلَى السَّحَر وَقَالَ آخَرُونَ : أَخَّرَ ذَلِكَ إِلَى لَيْلَة الْجُمُعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15149 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن أَبُو أَيُّوب الدِّمَشْقِيّ , قَالَ : ثنا الْوَلِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء وَعِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { سَوْفَ أَسْتَغْفِر لَكُمْ رَبِّي } يَقُول : " حَتَّى تَأْتِيَ لَيْلَة الْجُمُعَة , وَهُوَ قَوْل أَخِي يَعْقُوب لِبَنِيهِ " . - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن التِّرْمِذِيّ , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِيّ , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء وَعِكْرِمَة مَوْلَى ابْن عَبَّاس , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ قَالَ أَخِي يَعْقُوب سَوْفَ أَسْتَغْفِر لَكُمْ رَبِّي , يَقُول حَتَّى تَأْتِي لَيْلَة الْجُمُعَة " .

وَقَوْله : { إِنَّهُ هُوَ الْغَفُور الرَّحِيم } يَقُول : إِنَّ رَبِّي هُوَ السَّاتِر عَلَى ذُنُوب التَّائِبِينَ إِلَيْهِ مِنْ ذُنُوبهمْ الرَّحِيم بِهِمْ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بَعْد تَوْبَتهمْ مِنْهَا .
فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَسورة يوسف الآية رقم 99
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُف آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَلَمَّا دَخَلَ يَعْقُوب وَوَلَده وَأَهْلُوهُمْ عَلَى يُوسُف { آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ } يَقُول : ضَمَّ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ , فَقَالَ لَهُمْ : { اُدْخُلُوا مِصْر إِنْ شَاءَ اللَّه آمِنِينَ } . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قَالَ لَهُمْ يُوسُف : { اُدْخُلُوا مِصْر إِنْ شَاءَ اللَّه آمِنِينَ } بَعْد مَا دَخَلُوهَا , وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَمَّا دَخَلُوهَا عَلَى يُوسُف وَضَمَّ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ قَالَ لَهُمْ هَذَا الْقَوْل ؟ قِيلَ : قَدِ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ ; فَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّ يَعْقُوب إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى يُوسُف هُوَ وَوَلَده , وَآوَى يُوسُف أَبَوَيْهِ إِلَيْهِ قَبْل دُخُول مِصْر , قَالُوا : وَذَلِكَ أَنَّ يُوسُف تَلَقَّى أَبَاهُ تَكْرِمَةً لَهُ قَبْل أَنْ يَدْخُل مِصْر , فَآوَاهُ إِلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ لَهُ وَلِمَنْ مَعَهُ : { اُدْخُلُوا مِصْر إِنْ شَاءَ اللَّه آمِنِينَ } بِهَا قَبْل الدُّخُول . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15150 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ : فَحَمَلُوا إِلَيْهِ أَهْلهمْ وَعِيَالهمْ , فَلَمَّا بَلَغُوا مِصْر كَلَّمَ يُوسُف الْمَلِك الَّذِي فَوْقه , فَخَرَجَ هُوَ وَالْمُلُوك يَتَلَقَّوْنَهُمْ , فَلَمَّا بَلَغُوا مِصْر { قَالَ اُدْخُلُوا مِصْر إِنْ شَاءَ اللَّه آمِنِينَ } { فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُف آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ } 15151 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان , عَنْ فَرْقَد السَّبَخِيّ , قَالَ : لَمَّا أُلْقِيَ الْقَمِيص عَلَى وَجْهه ارْتَدَّ بَصِيرًا , وَقَالَ : ائْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ! فَحُمِلَ يَعْقُوب وَإِخْوَة يُوسُف ; فَلَمَّا دَنَا أُخْبِرَ يُوسُف أَنَّهُ قَدْ دَنَا مِنْهُ , فَخَرَجَ يَتَلَقَّاهُ قَالَ : وَرَكِبَ مَعَهُ أَهْل مِصْر , وَكَانُوا يُعَظِّمُونَهُ ; فَلَمَّا دَنَا أَحَدهمَا مِنْ صَاحِبه , وَكَانَ يَعْقُوب يَمْشِي وَهُوَ يَتَوَكَّأ عَلَى رَجُل مِنْ وَلَده يُقَال لَهُ يَهُوذَا , قَالَ : فَنَظَرَ يَعْقُوب إِلَى الْخَيْل وَالنَّاس , فَقَالَ : يَا يَهُوذَا هَذَا فِرْعَوْن مِصْر ؟ قَالَ : لَا , هَذَا ابْنُك . قَالَ : فَلَمَّا دَنَا كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبه , فَذَهَبَ يُوسُف يَبْدَؤُهُ بِالسَّلَامِ , فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ , وَكَانَ يَعْقُوب أَحَقّ بِذَلِكَ مِنْهُ وَأَفْضَل , فَقَالَ : السَّلَام عَلَيْك يَا ذَاهِب الْأَحْزَان عَنِّي , هَكَذَا قَالَ : " يَا ذَاهِب الْأَحْزَان عَنِّي " . 15152 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : قَالَ حَجَّاج : بَلَغَنِي أَنَّ يُوسُف وَالْمَلِك خَرَجَا فِي أَرْبَعَة آلَاف يَسْتَقْبِلُونَ يَعْقُوب وَبَنِيهِ - قَالَ : وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ جَعْفَر بْن سُلَيْمَان يَحْكِي , عَنْ فَرْقَد السَّبَخِيّ , قَالَ : خَرَجَ يُوسُف يَتَلَقَّى يَعْقُوب وَرَكِبَ أَهْل مِصْر مَعَ يُوسُف , ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّة الْحَدِيث , نَحْو حَدِيث الْحَارِث , عَنْ عَبْد الْعَزِيز وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ قَوْله : { إِنْ شَاءَ اللَّه } اسْتِثْنَاء مِنْ قَوْل يَعْقُوب لِبَنِيهِ { أَسْتَغْفِر لَكُمْ رَبِّي } ; قَالَ : وَهُوَ مِنَ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيم , قَالُوا : وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : قَالَ : أَسْتَغْفِر لَكُمْ رَبِّي إِنْ شَاءَ اللَّه إِنَّهُ هُوَ الْغَفُور الرَّحِيم . { فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُف آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ اُدْخُلُوا مِصْر } وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15153 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِر لَكُمْ رَبِّي } إِنْ شَاءَ اللَّه آمِنِينَ . وَبَيْن ذَلِكَ مَا بَيْنه مِنْ تَقْدِيم الْقُرْآن يَعْنِي ابْن جُرَيْج : " وَبَيْن ذَلِكَ مَا بَيْنه مِنْ تَقْدِيم الْقُرْآن " أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ بَيْن قَوْله : { سَوْفَ أَسْتَغْفِر لَكُمْ رَبِّي } وَبَيْن قَوْله : { إِنْ شَاءَ اللَّه } مِنَ الْكَلَام مَا قَدْ دَخَلَ , وَمَوْضِعه عِنْده أَنْ يَكُون عَقِيب قَوْله : { سَوْفَ أَسْتَغْفِر لَكُمْ رَبِّي } . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا مَا قَالَهُ السُّدِّيّ , وَهُوَ أَنَّ يُوسُف قَالَ ذَلِكَ لِأَبَوَيْهِ وَمَنْ مَعَهُمَا مِنْ أَوْلَادهمَا وَأَهَالِيهمْ قَبْل دُخُولهمْ مِصْر حِين تَلَقَّاهُمْ ; لِأَنَّ ذَلِكَ فِي ظَاهِر التَّنْزِيل كَذَلِكَ , فَلَا دَلَالَة تَدُلّ عَلَى صِحَّة مَا قَالَ ابْن جُرَيْج , وَلَا وَجْه لِتَقْدِيمِ شَيْء مِنْ كِتَاب اللَّه عَنْ مَوْضِعه أَوْ تَأْخِيره عَنْ مَكَانه إِلَّا بِحُجَّةٍ وَاضِحَة . وَقِيلَ : عَنَى بِقَوْلِهِ : { آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ } : أَبُوهُ وَخَالَتَهُ . وَقَالَ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا الْقَوْل : كَانَتْ أُمّ يُوسُف قَدْ مَاتَتْ قَبْلُ . وَإِنَّمَا كَانَتْ عِنْد يَعْقُوب يَوْمئِذٍ خَالَته أُخْت أُمّه , كَانَ نَكَحَهَا بَعْد أُمّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15154 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ : { فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُف آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ } قَالَ : أَبُوهُ وَخَالَته وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ أَبَاهُ وَأُمّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15155 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق : { فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُف آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ } قَالَ : أَبَاهُ وَأُمّه وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ مَا قَالَهُ ابْن إِسْحَاق ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَغْلَب فِي اسْتِعْمَال النَّاس وَالْمُتَعَارَف بَيْنهمْ فِي " أَبَوَيْنِ " , إِلَّا أَنْ يَصِحَّ مَا يُقَال مِنْ أَنَّ أُمَّ يُوسُف كَانَتْ قَدْ مَاتَتْ قَبْل ذَلِكَ بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيم لَهَا , فَيُسَلَّم حِينَئِذٍ لَهَا .

وَقَوْله : { وَقَالَ اُدْخُلُوا مِصْر إِنْ شَاءَ اللَّه آمِنِينَ } مِمَّا كُنْتُمْ فِيهِ فِي بَادِيَتكُمْ مِنَ الْجَدْب وَالْقَحْط .
وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُسورة يوسف الآية رقم 100
وَقَوْله : { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْش } يَعْنِي : عَلَى السَّرِير . كَمَا : 15156 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ : { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْش } قَالَ : السَّرِير 15157 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن يَزِيد الْوَاسِطِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك , قَالَ : الْعَرْش : السَّرِير 15158 - قَالَ : ثنا شَبَّابَة , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْش } قَالَ : السَّرِير - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 15159 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْش } قَالَ : سَرِيره - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { عَلَى الْعَرْش } قَالَ : عَلَى السَّرِير 15160 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْش } يَقُول : رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى السَّرِير 15161 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : قَالَ سُفْيَان : { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْش } قَالَ : عَلَى السَّرِير 15162 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْش } قَالَ : مَجْلِسه 15163 - حَدَّثَنِي ابْن عَبْد الرَّحِيم الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة , قَالَ : سَأَلْت زَيْد بْن أَسْلَمَ , عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْش } فَقُلْت : أَبَلَغَك أَنَّهَا خَالَته , قَالَ : قَالَ ذَلِكَ بَعْض أَهْل الْعِلْم , يَقُولُونَ : إِنَّ أُمَّهُ مَاتَتْ قَبْل ذَلِكَ وَإِنَّ هَذِهِ خَالَتُهُ


وَقَوْله : { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } يَقُول : وَخَرَّ يَعْقُوب وَوَلَدُهُ وَأُمّه لِيُوسُف سُجَّدًا . 15164 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } يَقُول : رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى السَّرِير , وَسَجَدَا لَهُ , وَسَجَدَ لَهُ إِخْوَته 15165 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : تَحَمَّلَ - يَعْنِي يَعْقُوب - بِأَهْلِهِ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى يُوسُف ; فَلَمَّا اجْتَمَعَ إِلَى يَعْقُوب بَنُوهُ دَخَلُوا عَلَى يُوسُف ; فَلَمَّا رَأَوْهُ وَقَعُوا لَهُ سُجُودًا , وَكَانَتْ تِلْكَ تَحِيَّةَ الْمُلُوك فِي ذَلِكَ الزَّمَان أَبُوهُ وَأُمّه وَإِخْوَته 15166 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } وَكَانَتْ تَحِيَّةَ مَنْ قَبْلَكُمْ , كَانَ بِهَا يُحَيِّي بَعْضهمْ بَعْضًا , فَأَعْطَى اللَّه هَذِهِ الْأُمَّة السَّلَام , تَحِيَّةَ أَهْل الْجَنَّة , كَرَامَة مِنَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَجَّلَهَا لَهُمْ وَنِعْمَة مِنْهُ 15167 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } قَالَ : وَكَانَتْ تَحِيَّة النَّاس يَوْمَئِذٍ أَنْ يَسْجُد بَعْضهمْ لِبَعْضٍ 15168 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو إِسْحَاق , قَالَ : قَالَ سُفْيَان : { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } قَالَ : كَانَتْ تَحِيَّة فِيهِمْ 15169 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } أَبَوَاهُ وَإِخْوَته , كَانَتْ تِلْكَ تَحِيَّتَهُمْ كَمَا تَصْنَعُ نَاس الْيَوْم 15170 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك : { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } قَالَ : تَحِيَّة بَيْنهمْ 15171 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } قَالَ : قَالَ : ذَلِكَ السُّجُود تَشْرِفَة , كَمَا سَجَدَتِ الْمَلَائِكَة لِآدَم تَشْرِفَة لَيْسَ بِسُجُودِ عِبَادَة وَإِنَّمَا عَنَى مَنْ ذُكِرَ بِقَوْلِهِ : إِنَّ السُّجُود كَانَ تَحِيَّة بَيْنهمْ , أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ عَلَى الْخُلُق لَا عَلَى وَجْه الْعِبَادَة مِنْ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ . وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَزَلْ مِنْ أَخْلَاق النَّاس قَدِيمًا عَلَى غَيْر وَجْه الْعِبَادَة مِنْ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ , قَوْل أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة : فَلَمَّا أَتَانَا بُعَيْد الْكَرَى سَجَدْنَا لَهُ وَرَفَعْنَا الْعَمَارَا


وَقَوْله : { يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيل رُؤْيَايَ مِنْ قَبْل قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ يُوسُف لِأَبِيهِ : يَا أَبَتِ هَذَا السُّجُود الَّذِي سَجَدْت أَنْتَ وَأُمِّي وَإِخْوَتِي لِي { تَأْوِيل رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ } يَقُول : مَا آلَتْ إِلَيْهِ رُؤْيَايَ الَّتِي كُنْت رَأَيْتهَا , وَهِيَ رُؤْيَاهُ الَّتِي كَانَ رَآهَا قَبْل صَنِيع إِخْوَته مَا صَنَعُوا , أَنَّ أَحَد عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْس وَالْقَمَر لَهُ سَاجِدُونَ . { قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا } يَقُول : قَدْ حَقَّقَهَا رَبِّي لِمَجِيءِ تَأْوِيلهَا عَلَى الصِّحَّة . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي قَدْر الْمُدَّة الَّتِي كَانَتْ بَيْن رُؤْيَا يُوسُف وَبَيْن تَأْوِيلهَا ; فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَتْ مُدَّة ذَلِكَ أَرْبَعِينَ سَنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15172 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : ثنا أَبُو عُثْمَان , عَنْ سَلْمَان الْفَارِسِيّ , قَالَ : كَانَ بَيْن رُؤْيَا يُوسُف إِلَى أَنْ رَأَى تَأْوِيلَهَا أَرْبَعُونَ سَنَة 15173 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن بُرْهَان وَيَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَا : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي عُثْمَان النَّهْدِيّ , قَالَ : قَالَ عُثْمَان : كَانَتْ بَيْن رُؤْيَا يُوسُف وَبَيْن أَنْ رَأَى تَأْوِيله , قَالَ : فَذَكَرَ أَرْبَعِينَ سَنَة - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي عُثْمَان , عَنْ سَلْمَان , قَالَ : كَانَ بَيْن رُؤْيَا يُوسُف وَتَأْوِيلهَا أَرْبَعُونَ سَنَة 15174 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد , قَالَ : رَأَى تَأْوِيل رُؤْيَاهُ بَعْد أَرْبَعِينَ عَامًا - قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي عُثْمَان , عَنْ سَلْمَان , مِثْله . 15175 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا ابْن فُضَيْل , عَنْ ضِرَار , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد أَنَّهُ سَمِعَ قَوْمًا يَتَنَازَعُونَ فِي رُؤْيَا رَآهَا بَعْضهمْ وَهُوَ يُصَلِّي , فَلَمَّا انْصَرَفَ سَأَلَهُمْ عَنْهَا , فَكَتَمُوهُ فَقَالَ : أَمَا إِنَّهُ جَاءَ تَأْوِيل رُؤْيَا يُوسُف بَعْد أَرْبَعِينَ عَامًا - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع ; وَحَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ ضِرَار بْن مُرَّة أَبِي سِنَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد , قَالَ : كَانَ بَيْن رُؤْيَا يُوسُف وَتَأْوِيلهَا أَرْبَعُونَ سَنَة - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن فُضَيْل وَجَرِير , عَنْ أَبِي سِنَان , قَالَ : سَمِعَ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد قَوْمًا يَتَنَازَعُونَ فِي رُؤْيَا , فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث أَبِي السَّائِب , عَنِ ابْن فُضَيْل . - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي عُثْمَان , عَنْ سَلْمَان , قَالَ : رَأَى تَأْوِيل رُؤْيَاهُ بَعْد أَرْبَعِينَ عَامًا - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن عُيَيْنَة , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد , قَالَ : : وَقَعَتْ رُؤْيَا يُوسُف بَعْد أَرْبَعِينَ سَنَة , وَإِلَيْهَا تَنْتَهِي أَقْصَى الرُّؤْيَا - قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي عُثْمَان , عَنْ سَلْمَان , قَالَ : كَانَ بَيْن رُؤْيَا يُوسُف وَبَيْن أَنْ رَأَى تَأْوِيلَهَا أَرْبَعُونَ سَنَة - قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب بْن عَطَاء , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي عُثْمَان , عَنْ سَلْمَان , قَالَ : كَانَ بَيْن رُؤْيَا يُوسُف وَبَيْن عِبَارَتهَا أَرْبَعُونَ سَنَة - قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي عُثْمَان , عَنْ سَلْمَان , قَالَ : كَانَ بَيْن رُؤْيَا يُوسُف وَبَيْن أَنْ رَأَى تَأْوِيلهَا أَرْبَعُونَ سَنَة - قَالَ : ثنا عَمْرو بْن مُحَمَّد الْعَنْقَزِيّ , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد , قَالَ : كَانَ بَيْن رُؤْيَا يُوسُف وَبَيْن تَعْبِيرهَا أَرْبَعُونَ سَنَة وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَتْ مُدَّة ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15176 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : كَانَ مُنْذُ فَارَقَ يُوسُف يَعْقُوب إِلَى أَنِ الْتَقَيَا ثَمَانُونَ سَنَة لَمْ يُفَارِق الْحُزْن قَلْبه , وَدُمُوعه تَجْرِي عَلَى خَدَّيْهِ , وَمَا عَلَى وَجْه الْأَرْض يَوْمَئِذٍ عَبْد أَحَبُّ إِلَى اللَّه مِنْ يَعْقُوب 15177 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ أَبِي جَعْفَر جِسْر بْن فَرْقَد , قَالَ : كَانَ بَيْن أَنْ فَقَدَ يَعْقُوب يُوسُف إِلَى يَوْم رُدَّ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَة 15178 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَسَن بْن عَلِيّ , عَنْ فُضَيْل بْن عِيَاض , قَالَ : سَمِعْت أَنَّهُ كَانَ بَيْن فِرَاق يُوسُف حِجْر يَعْقُوب إِلَى أَنِ الْتَقَيَا ثَمَانُونَ سَنَة 15179 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا دَاوُدُ بْن مِهْرَان , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَاحِد بْن زِيَاد , عَنْ يُونُس , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : أُلْقِيَ يُوسُف فِي الْجُبّ وَهُوَ ابْن سَبْع عَشْرَة سَنَة , وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ وَبَيْن لِقَائِهِ يَعْقُوب ثَمَانُونَ سَنَة , وَعَاشَ بَعْد ذَلِكَ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَة , وَمَاتَ وَهُوَ ابْن عِشْرِينَ وَمِائَة سَنَة - قَالَ : ثنا سَعِيد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ يُونُس , عَنِ الْحَسَن , نَحْوه , غَيْر أَنَّهُ قَالَ : ثَلَاث وَثَمَانُونَ سَنَة . - قَالَ : ثنا دَاوُدُ بْن مِهْرَان , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : أُلْقِيَ يُوسُف فِي الْجُبّ وَهُوَ ابْن سَبْع عَشْرَة سَنَة , وَكَانَ فِي الْعُبُودِيَّة وَفِي السِّجْن وَفِي الْمُلْك ثَمَانِينَ سَنَة , ثُمَّ جَمَعَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ شَمْله وَعَاشَ بَعْد ذَلِكَ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَة - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا مُبَارَك بْن فَضَالَةَ , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : أُلْقِيَ يُوسُف فِي الْجُبّ وَهُوَ ابْن سَبْع عَشْرَة , فَغَابَ عَنْ أَبِيهِ ثَمَانِينَ سَنَة , ثُمَّ عَاشَ بَعْدَمَا جَمَعَ اللَّه لَهُ شَمْله , وَرَأَى تَأْوِيل رُؤْيَاهُ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَة , فَمَاتَ وَهُوَ ابْن عِشْرِينَ وَمِائَة سَنَة - حَدَّثَنَا مُجَاهِد , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : غَابَ يُوسُف عَنْ أَبِيهِ فِي الْجُبّ وَفِي السِّجْن حَتَّى الْتَقَيَا ثَمَانِينَ عَامًا , فَمَا جَفَّتْ عَيْنَا يَعْقُوب , وَمَا عَلَى الْأَرْض أَحَد أَكْرَم عَلَى اللَّه مِنْ يَعْقُوب وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَتْ مُدَّة ذَلِكَ ثَمَان عَشْرَة سَنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15180 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : ذُكِرَ لِي - وَاَللَّه أَعْلَم - أَنَّ غَيْبَة يُوسُف عَنْ يَعْقُوب كَانَتْ ثَمَان عَشْرَة سَنَة , قَالَ : وَأَهْل الْكِتَاب يَزْعُمُونَ أَنَّهَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ سَنَة أَوْ نَحْوهَا , وَأَنَّ يَعْقُوب بَقِيَ مَعَ يُوسُف بَعْد أَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ مِصْر سَبْع عَشْرَة سَنَة , ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّه إِلَيْهِ


وَقَوْله : { وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْن وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْو } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْ قَيْلِ يُوسُف : وَقَدْ أَحْسَنَ اللَّه بِي فِي إِخْرَاجه إِيَّايَ مِنَ السِّجْن الَّذِي كُنْت فِيهِ مَحْبُوسًا , وَفِي مَجِيئِهِ بِكُمْ مِنَ الْبَدْو . وَذَلِكَ أَنَّ مَسْكَنَ يَعْقُوب وَوَلَده فِيمَا ذُكِرَ كَانَ بِبَادِيَةِ فِلَسْطِين كَذَلِكَ . 15181 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : كَانَ مَنْزِل يَعْقُوب وَوَلَده فِيمَا ذَكَرَ لِي بَعْض أَهْل الْعِلْم بِالْعَرَبَاتِ مِنْ أَرْض فِلَسْطِين ثُغُور الشَّام , وَبَعْض يَقُول بِالْأَوْلَاجِ مِنْ نَاحِيَة الشِّعْب , وَكَانَ صَاحِب بَادِيَة لَهُ إِبِل وَشَاء 15182 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَيْخ لَنَا أَنَّ يَعْقُوب كَانَ بِبَادِيَةِ فِلَسْطِين 15183 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْن وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْو } وَكَانَ يَعْقُوب وَبَنُوهُ أَرْض كَنْعَان أَهْل مَوَاشٍ وَبَرِّيَّة 15184 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : { وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْو } وَقَالَ : كَانُوا أَهْل بَادِيَة وَمَاشِيَة وَالْبَدْو مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : بَدَا فُلَان : إِذَا صَارَ بِالْبَادِيَةِ يَبْدُو بَدْوًا . وَذُكِرَ أَنَّ يَعْقُوب دَخَلَ مِصْر هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَهَالِيهمْ وَأَبْنَائِهِمْ يَوْم دَخَلُوهَا وَهُمْ أَقَلّ مِنْ مِائَة , وَخَرَجُوا مِنْهَا يَوْم خَرَجُوا مِنْهَا وَهُمْ زِيَادَة عَلَى سِتّ مِائَة أَلْف . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 15185 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا زَيْد بْن الْحُبَاب وَعَمْرو بْن مُحَمَّد , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد , قَالَ : اجْتَمَعَ آلُ يَعْقُوب إِلَى يُوسُف بِمِصْرَ وَهُمْ سِتَّة وَثَمَانُونَ إِنْسَانًا , صَغِيرهمْ وَكَبِيرهمْ وَذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ , وَخَرَجُوا مِنْ مِصْر يَوْم أَخْرَجَهُمْ فِرْعَوْن وَهُمْ سِتّ مِائَة أَلْف وَنَيِّف 15186 - قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : خَرَجَ أَهْل يُوسُف مِنْ مِصْر وَهُمْ سِتّ مِائَة أَلْف وَسَبْعُونَ أَلْفًا , فَقَالَ فِرْعَوْن : إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ 15187 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ إِسْرَائِيل وَالْمَسْعُودِيّ , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنِ ابْن مَسْعُود , قَالَ : دَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيل مِصْر وَهُمْ ثَلَاث وَسِتُّونَ إِنْسَانًا , وَخَرَجُوا مِنْهَا وَهُمْ سِتّ مِائَة أَلْف . قَالَ إِسْرَائِيل فِي حَدِيثه . سِتّ مِائَة أَلْف وَسَبْعُونَ أَلْفًا 15188 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : دَخَلَ أَهْل يُوسُف مِصْر وَهُمْ ثَلَاث مِائَة وَتِسْعُونَ مِنْ بَيْن رَجُل وَامْرَأَة

وَقَوْله : { مِنْ بَعْد أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَان بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي } يَعْنِي : مِنْ بَعْد أَنْ أَفْسَدَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ وَحَمَلَ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ , يُقَال مِنْهُ : نَزَغَ الشَّيْطَان بَيْن فُلَان وَفُلَان , يَنْزَغ نَزْغًا وَنُزُوغًا .


وَقَوْله : { إِنَّ رَبِّي لَطِيف لِمَا يَشَاء } يَقُول : إِنَّ رَبِّي ذُو لُطْف وَصُنْع لِمَا يَشَاء , وَمِنْ لُطْفه وَصُنْعه أَنَّهُ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْن وَجَاءَ بِأَهْلِي مِنَ الْبَدْو بَعْد الَّذِي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مِنْ بُعْد الدَّار وَبُعْد مَا كُنْت فِيهِ مِنَ الْعُبُودَة وَالرِّقّ وَالْإِسَار . كَاَلَّذِي : 15189 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ رَبِّي لَطِيف لِمَا يَشَاء } لَطَفَ بِيُوسُفَ وَصَنَعَ لَهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنَ السِّجْن , وَجَاءَ بِأَهْلِهِ مِنَ الْبَدْو , وَنَزَعَ مِنْ قَلْبه نَزْغَ الشَّيْطَان وَتَحْرِيشَهُ عَلَى إِخْوَته



وَقَوْله : { إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيم } بِمَصَالِح خَلْقه , وَغَيْر ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَبَادِي الْأُمُور وَعَوَاقِبهَا . { الْحَكِيم } فِي تَدْبِيره .
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَسورة يوسف الآية رقم 101
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { رَبِّ قَدْ آتَيْتنِي مِنَ الْمُلْك وَعَلَّمْتنِي مِنْ تَأْوِيل الْأَحَادِيث فَاطِرَ السَّمَوَات وَالْأَرْض أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ يُوسُف بَعْد مَا جَمَعَ اللَّه لَهُ أَبَوَيْهِ وَإِخْوَته , وَبَسَطَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا مَا بَسَطَ مِنَ الْكَرَامَة , وَمَكَّنَهُ فِي الْأَرْض , مُتَشَوِّقًا إِلَى لِقَاء آبَائِهِ الصَّالِحِينَ : { رَبِّ قَدْ آتَيْتنِي مِنَ الْمُلْك } يَعْنِي : مِنْ مُلْك مِصْر , { وَعَلَّمْتنِي مِنْ تَأْوِيل الْأَحَادِيث } يَعْنِي مِنْ عِبَارَة الرُّؤْيَا , تَعْدِيدًا لِنِعَمِ اللَّه وَشُكْرًا لَهُ عَلَيْهَا . { فَاطِرَ السَّمَوَات وَالْأَرْض } يَقُول : يَا فَاطِرَ السَّمَوَات وَالْأَرْض , يَا خَالِقَهَا وَبَارِئَهَا , { أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة } يَقُول : أَنْتَ وَلِيِّي فِي دُنْيَايَ عَلَى مَنْ عَادَانِي وَأَرَادَنِي بِسُوءٍ بِنَصْرِك , وَتَغْذُونِي فِيهَا بِنِعْمَتِك , وَتَلِينِي فِي الْآخِرَة بِفَضْلِك وَرَحْمَتك . { تَوَفَّنِي مُسْلِمًا } يَقُول : اقْبِضْنِي إِلَيْك مُسْلِمًا . { وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } يَقُول : وَأَلْحِقْنِي بِصَالِحِ آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ أَنْبِيَائِك وَرُسُلِك . وَقِيلَ : إِنَّهُ لَمْ يَتَمَنَّ أَحَد مِنَ الْأَنْبِيَاء الْمَوْت قَبْل يُوسُف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15190 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ : { رَبِّ قَدْ آتَيْتنِي مِنَ الْمُلْك وَعَلَّمْتنِي مِنْ تَأْوِيل الْأَحَادِيث } الْآيَة , كَانَ ابْن عَبَّاس : يَقُول : أَوَّل نَبِيّ سَأَلَ اللَّه الْمَوْت يُوسُف 15191 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { رَبّ قَدْ آتَيْتنِي مِنَ الْمُلْك } الْآيَة , قَالَ : اشْتَاقَ إِلَى لِقَاء رَبّه , وَأَحَبَّ أَنْ يَلْحَق بِهِ وَبِآبَائِهِ , فَدَعَا اللَّه أَنْ يَتَوَفَّاهُ وَيُلْحِقَهُ بِهِمْ , وَلَمْ يَسْأَلْ نَبِيّ قَطُّ الْمَوْت غَيْر يُوسُف , فَقَالَ : { رَبّ قَدْ آتَيْتنِي مِنَ الْمُلْك وَعَلَّمْتنِي مِنْ تَأْوِيل الْأَحَادِيث } الْآيَة . قَالَ ابْن جُرَيْج : فِي بَعْض الْقُرْآن مِنَ الْأَنْبِيَاء مَنْ قَالَ : تَوَفَّنِي 15192 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } لَمَّا جَمَعَ شَمْله , وَأَقَرَّ عَيْنه , وَهُوَ يَوْمئِذٍ مَغْمُوس فِي نَعِيم الدُّنْيَا وَمُلْكهَا وَغَضَارَتهَا , فَاشْتَاقَ إِلَى الصَّالِحِينَ قَبْله . وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول : مَا تَمَنَّى نَبِيّ قَطُّ الْمَوْت قَبْل يُوسُف - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , عَنْ سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : لَمَّا جُمِعَ لِيُوسُف شَمْله , وَتَكَامَلَتْ عَلَيْهِ النِّعَم سَأَلَ لِقَاء رَبّه فَقَالَ : { رَبّ قَدْ آتَيْتنِي مِنَ الْمُلْك وَعَلَّمْتنِي مِنْ تَأْوِيل الْأَحَادِيث فَاطِر السَّمَوَات وَالْأَرْض أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } قَالَ قَتَادَة : وَلَمْ يَتَمَنَّ الْمَوْتَ أَحَدٌ قَطُّ نَبِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا يُوسُف 15193 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا هِشَام , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : ثني غَيْر وَاحِد , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : أَنَّ يُوسُف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جُمِعَ بَيْنه وَبَيْن أَبِيهِ وَإِخْوَته , وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مَلِك مِصْر , اشْتَاقَ إِلَى اللَّه وَإِلَى آبَائِهِ الصَّالِحِينَ إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق , قَالَ : { رَبِّ قَدْ آتَيْتنِي مِنَ الْمُلْك وَعَلَّمْتنِي مِنْ تَأْوِيل الْأَحَادِيث فَاطِرَ السَّمَوَات وَالْأَرْض أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } 15194 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ مُسْلِم بْن خَالِد , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَعَلَّمْتنِي مِنْ تَأْوِيل الْأَحَادِيث } قَالَ : الْعِبَارَة 15195 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } يَقُول : تَوَفَّنِي عَلَى طَاعَتك , وَاغْفِرْ لِي إِذَا تَوَفَّيْتنِي 15196 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , قَالَ : قَالَ يُوسُف حِين رَأَى مَا رَأَى مِنْ كَرَامَة اللَّه وَفَضْله عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْل بَيْته حِين جَمَعَ اللَّه لَهُ شَمْله , وَرَدَّهُ عَلَى وَالِده , وَجَمَعَ بَيْنه وَبَيْنه فِيمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْمُلْك وَالْبَهْجَة : { يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيل رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا } إِلَى قَوْله : { إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيم الْحَكِيم } . ثُمَّ ارْعَوى يُوسُف , وَذَكَرَ أَنَّ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا بَائِد وَذَاهِب , فَقَالَ : { رَبّ قَدْ آتَيْتنِي مِنَ الْمُلْك وَعَلَّمْتنِي مِنْ تَأْوِيل الْأَحَادِيث فَاطِر السَّمَوَات وَالْأَرْض أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } . وَذُكِرَ أَنَّ بَنِي يَعْقُوب الَّذِينَ فَعَلُوا بِيُوسُف مَا فَعَلُوا , اسْتَغْفَرَ لَهُمْ أَبُوهُمْ , فَتَابَ اللَّه عَلَيْهِمْ وَعَفَا عَنْهُمْ وَغَفَرَ لَهُمْ ذَنْبَهُمْ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15197 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ صَالِح الْمُرِّيّ , عَنْ يَزِيد الرَّقَاشِيّ , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , قَالَ : إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِمَا جَمَعَ لِيَعْقُوب شَمْله , وَأَقَرَّ عَيْنه , خَلَا وَلَده نَجِيًّا , فَقَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : أَلَسْتُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ مَا صَنَعْتُمْ وَمَا لَقِيَ مِنْكُمْ الشَّيْخ وَمَا لَقِيَ مِنْكُمْ يُوسُف ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ : فَيَغُرّكُمْ عَفَوْهُمَا عَنْكُمْ , فَكَيْفَ لَكُمْ بِرَبِّكُمْ ؟ فَاسْتَقَامَ أَمْرهمْ عَلَى أَنْ أَتَوْا الشَّيْخ فَجَلَسُوا بَيْن يَدَيْهِ , وَيُوسُف إِلَى جَنْب أَبِيهِ قَاعِد , قَالُوا : يَا أَبَانَا أَتَيْنَاك فِي أَمْر لَمْ نَأْتِك فِي أَمْر مِثْله قَطُّ وَنَزَلَ بِنَا أَمْر لَمْ يَنْزِل بِنَا مِثْله ; حَتَّى حَرَّكُوهُ , وَالْأَنْبِيَاء أَرْحَم الْبَرِّيَّة , فَقَالَ : مَا لَكُمْ يَا بَنِيَّ ؟ قَالُوا : أَلَسْت قَدْ عَلِمْت مَا كَانَ مِنَّا إِلَيْك وَمَا كَانَ مِنَّا إِلَى أَخِينَا يُوسُف ؟ قَالَ : بَلَى . قَالُوا : أَفَلَسْتُمَا قَدْ عَفَوْتُمَا ؟ قَالَا : بَلَى . قَالُوا : فَإِنَّ عَفْوَكُمَا لَا يُغْنِي عَنَّا شَيْئًا إِنْ كَانَ اللَّه لَمْ يَعْفُ عَنَّا . قَالَ : فَمَا تُرِيدُونَ يَا بَنِيَّ ؟ قَالُوا : نُرِيد أَنْ تَدْعُوَ اللَّه لَنَا , فَإِذَا جَاءَك الْوَحْي مِنْ عِنْد اللَّه بِأَنَّهُ قَدْ عَفَا عَمَّا صَنَعْنَا قَرَّتْ أَعْيُنُنَا وَاطْمَأَنَّتْ قُلُوبنَا , وَإِلَّا فَلَا قُرَّة عَيْن فِي الدُّنْيَا لَنَا أَبَدًا . قَالَ : فَقَامَ الشَّيْخ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَة , وَقَامَ يُوسُف خَلْف أَبِيهِ , وَقَامُوا خَلْفَهُمَا أَذِلَّةً خَاشِعِينَ . قَالَ : فَدَعَا وَأَمَّنَ يُوسُف , فَلَمْ يُجَبْ فِيهِمْ عِشْرِينَ سَنَة - قَالَ صَالِح الْمُرِّيّ : يُخِيفُهُمْ - قَالَ : حَتَّى إِذَا كَانَ رَأْس الْعِشْرِينَ , نَزَلَ جَبْرَائِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام , فَقَالَ : إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعَثَنِي إِلَيْك أُبَشِّرُك بِأَنَّهُ قَدْ أَجَابَ دَعْوَتَك فِي وَلَدك , وَأَنَّهُ قَدْ عَفَا عَمَّا صَنَعُوا , وَأَنَّهُ قَدِ اعْتَقَدَ مَوَاثِيقَهُمْ مِنْ بَعْدك عَلَى النُّبُوَّة 15198 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَرْث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِي عِمْرَان الْجَوْفِيّ , قَالَ : وَاَللَّهِ لَوْ كَانَ قَتْل يُوسُف مَضَى لَأَدْخَلَهُمْ اللَّه النَّارَ كُلَّهُمْ , وَلَكِنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَمْسَكَ نَفْس يُوسُف لِيَبْلُغ فِيهِ أَمْره وَرَحْمَةً لَهُمْ . ثُمَّ يَقُول : وَاَللَّه مَا قَصَّ اللَّه نَبَأَهُمْ يُعَيِّرُهُمْ بِذَلِكَ إِنَّهُمْ لَأَنْبِيَاء مِنْ أَهْل الْجَنَّة , وَلَكِنَّ اللَّه قَصَّ عَلَيْنَا نَبَأَهُمْ لِئَلَّا يَقْنَط عَبْده وَذُكِرَ أَنَّ يَعْقُوب تُوُفِّيَ قَبْل يُوسُف , وَأَوْصَى إِلَى يُوسُف وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفِنَهُ عِنْد قَبْر أَبِيهِ إِسْحَاق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15199 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , قَالَ : لَمَّا حَضَرَ الْمَوْتُ يَعْقُوبَ , أَوْصَى إِلَى يُوسُف أَنْ يَدْفِنهُ عِنْد إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق , فَلَمَّا مَاتَ نَفَخَ فِيهِ الْمرّ وَحَمَلَهُ إِلَى الشَّام , قَالَ : فَلَمَّا بَلَغُوا إِلَى ذَلِكَ الْمَكَان أَقْبَلَ عِيص أَخُو يَعْقُوب , فَقَالَ : غَلَبَنِي عَلَى الدَّعْوَة , فَوَاَللَّهِ لَا يَغْلِبنِي عَلَى الْقَبْر ! فَأَبَى أَنْ يَتْرُكَهُمْ أَنْ يَدْفِنُوهُ . فَلَمَّا احْتَبَسُوا قَالَ هِشَام بْن دَان بْن يَعْقُوب وَكَانَ هِشَام أَصَمّ لِبَعْضِ إِخْوَته : مَا لَجَدِّي لَا يُدْفَن ؟ قَالُوا : هَذَا عَمّك يَمْنَعهُ . قَالَ : أَرُونِيهِ أَيْنَ هُوَ ! فَلَمَّا رَآهُ , رَفَعَ هِشَام يَده فَوَجَأَ بِهَا رَأْس الْعِيص وَجْأَة سَقَطَتْ عَيْنَاهُ عَلَى فَخِذ يَعْقُوب , فَدُفِنَا فِي قَبْر وَاحِد
ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَسورة يوسف الآية رقم 102
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاء الْغَيْب نُوحِيه إِلَيْك وَمَا كُنْت لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الْخَبَر الَّذِي أَخْبَرْتُك بِهِ مِنْ خَبَر يُوسُف وَوَالِده يَعْقُوب وَإِخْوَته وَسَائِر مَا فِي هَذِهِ السُّورَة { مِنْ أَنْبَاء الْغَيْب } يَقُول : مِنْ أَخْبَار الْغَيْب الَّذِي لَمْ تُشَاهِدْهُ , وَلَمْ تُعَايِنْهُ , وَلَكِنَّا { نُوحِيه إِلَيْك } وَنُعَرِّفُكَهُ , لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادك , وَنُشَجِّع بِهِ قَلْبك , وَتَصْبِرَ عَلَى مَا نَالَك مِنَ الْأَذَى مِنْ قَوْمك فِي ذَات اللَّه , وَتَعْلَمَ أَنَّ مَنْ قَبْلَك مِنْ رُسُل اللَّه إِذْ صَبَرُوا عَلَى مَا نَالَهُمْ فِيهِ , وَأَخَذُوا بِالْعَفْوِ , وَأَمَرُوا بِالْعُرْفِ , وَأَعْرَضُوا عَنِ الْجَاهِلِينَ , فَازُوا بِالظَّفَرِ , وَأُيِّدُوا بِالنَّصْرِ , وَمُكِّنُوا فِي الْبِلَاد , وَغَلَبُوا مَنْ قَصَدُوا مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَأَعْدَاء دِين اللَّه . يَقُول اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَبِهِمْ يَا مُحَمَّد فَتَأَسَّ , وَآثَارَهُمْ فَقُصَّ . { وَمَا كُنْت لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرهمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } يَقُول : وَمَا كُنْت حَاضِرًا عِنْد إِخْوَة يُوسُف , إِذْ أَجْمَعُوا وَاتَّفَقَتْ آرَاؤُهُمْ وَصَحَّتْ عَزَائِمُهُمْ عَلَى أَنْ يُلْقُوا يُوسُف فِي غَيَابَة الْجُبّ , وَذَلِكَ كَانَ مَكْرهمْ الَّذِي قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَهُمْ يَمْكُرُونَ . كَمَا : 15200 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا كُنْت لَدَيْهِمْ } يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَقُول : مَا كُنْت لَدَيْهِمْ وَهُمْ يُلْقُونَهُ فِي غَيَابَة الْجُبّ وَهُمْ يَمْكُرُونَ : أَيْ بِيُوسُف 15201 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَمَا كُنْت لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرهمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } الْآيَة , قَالَ : هُمْ بَنُو يَعْقُوب
وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَسورة يوسف الآية رقم 103
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَكْثَر النَّاس وَلَوْ حَرَصْت بِمُؤْمِنِينَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَا أَكْثَر مُشْرِكِي قَوْمك يَا مُحَمَّد , وَلَوْ حَرَصْت عَلَى أَنْ يُؤْمِنُوا بِك فَيُصَدِّقُوك , وَيَتَّبِعُوا مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك بِمُصَدِّقِيك وَلَا مُتَّبِعِيك .
وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَسورة يوسف الآية رقم 104
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا تَسْأَل يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ نُبُوَّتَك وَيَمْتَنِعُونَ مِنْ تَصْدِيقك وَالْإِقْرَار بِمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك عَلَى مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنْ إِخْلَاص الْعِبَادَة لِرَبِّك وَهَجْر عِبَادَة الْأَوْثَان وَطَاعَة الرَّحْمَن { مِنْ أَجْر } يَعْنِي مِنْ ثَوَاب وَجَزَاء مِنْهُمْ , بَلْ إِنَّمَا ثَوَابك وَأَجْر عَمَلِك عَلَى اللَّه , يَقُول : مَا تَسْأَلهُمْ عَلَى ذَلِكَ ثَوَابًا , فَيَقُولُوا لَك : إِنَّمَا تُرِيد بِدُعَائِك إِيَّانَا إِلَى اتِّبَاعك لِنَنْزِل لَك عَنْ أَمْوَالنَا إِذَا سَأَلْتنَا ذَلِكَ , وَإِذْ كُنْت لَا تَسْأَلهُمْ ذَلِكَ فَقَدْ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّك إِنَّمَا تَدْعُوهُمْ إِلَى مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اتِّبَاعًا مِنْك لِأَمْرِ رَبّك وَنَصِيحَةً مِنْك لَهُمْ , وَأَنْ لَا يَسْتَغِشُّوكَ .

وَقَوْله : { إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْر لِلْعَالَمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا هَذَا الَّذِي أَرْسَلَك بِهِ رَبّك يَا مُحَمَّد مِنْ النُّبُوَّة وَالرِّسَالَة إِلَّا ذِكْر , يَقُول : إِلَّا عِظَة وَتَذْكِير لِلْعَالَمِينَ , لِيَتَّعِظُوا وَيَتَذَكَّرُوا بِهِ .
وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَسورة يوسف الآية رقم 105
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَة فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } يَقُول جَلَّ وَعَزَّ : وَكَمْ مِنْ آيَة فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض لِلَّهِ , وَعِبْرَة وَحُجَّة , وَذَلِكَ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَر وَالنُّجُوم وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ آيَات السَّمَوَات وَكَالْجِبَالِ وَالْبِحَار وَالنَّبَات وَالْأَشْجَار , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ آيَات الْأَرْض ; { يَمُرُّونَ عَلَيْهَا } يَقُول : يُعَايِنُونَهَا فَيَمُرُّونَ بِهَا مُعْرِضِينَ عَنْهَا لَا يَعْتَبِرُونَ بِهَا وَلَا يُفَكِّرُونَ فِيهَا وَفِيمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد رَبّهَا , وَأَنَّ الْأُلُوهِيَّة لَا تُبْتَغَى إِلَّا لِلْوَاحِدِ الْقَهَّار الَّذِي خَلَقَهَا وَخَلَقَ كُلّ شَيْء فَدَبَّرَهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15202 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَة فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا } وَهِيَ فِي مُصْحَف عَبْد اللَّه : " يَمْشُونَ عَلَيْهَا " السَّمَاء وَالْأَرْض آيَتَانِ عَظِيمَتَانِ
وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَسورة يوسف الآية رقم 106
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يُقِرّ أَكْثَر هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ عَزَّ وَجَلَّ صِفَتَهُمْ بِقَوْلِهِ : { وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَة فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } بِاللَّهِ , أَنَّهُ خَالِقه وَرَازِقه وَخَالِق كُلّ شَيْء , إِلَّا وَهُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ فِي عِبَادَتهمْ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام , وَاتِّخَاذهمْ مِنْ دُونه أَرْبَابًا , وَزَعْمهمْ أَنَّهُ لَهُ وَلَد , تَعَالَى اللَّه عَمَّا يَقُولُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15203 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عِمْرَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ } الْآيَة , قَالَ : مِنْ إِيمَانهمْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاء , وَمَنْ خَلَقَ الْأَرْض , وَمَنْ خَلَقَ الْجِبَال ؟ قَالُوا : اللَّه , وَهُمْ مُشْرِكُونَ 15204 - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } قَالَ : تَسْأَلُهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ وَمَنْ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض , فَيَقُولُونَ : اللَّه . فَذَلِكَ إِيمَانهمْ بِاللَّهِ , وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْره 15205 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر وَعِكْرِمَة : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ } الْآيَة , قَالَا : يَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَبُّهُمْ , وَأَنَّهُ خَلَقَهُمْ , وَهُمْ مُشْرِكُونَ بِهِ - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر وَعِكْرِمَة - قَالَ : ثنا ابْن نُمَيْر , عَنْ نَصْر , عَنْ عِكْرِمَة : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } قَالَ : مِنْ إِيمَانهمْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ : مَنْ خَلَقَ السَّمَوَات ؟ قَالُوا : اللَّه ; وَإِذَا سُئِلُوا : مَنْ خَلَقَهُمْ ؟ قَالُوا : اللَّه وَهُمْ يُشْرِكُونَ بِهِ بَعْد - قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , عَنِ الْفَضْل بْن يَزِيد الثُّمَالِيّ , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : هُوَ قَوْل اللَّه : { وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّه } فَإِذَا سُئِلُوا عَنِ اللَّه وَعَنْ صِفَته , وَصَفُوهُ بِغَيْرِ صِفَته وَجَعَلُوا لَهُ وَلَدًا وَأَشْرَكُوا بِهِ 15206 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا شَبَّابَة , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } إِيمَانهمْ قَوْلهمْ : اللَّه خَالِقنَا وَيَرْزُقنَا وَيُمِيتنَا - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } فَإِيمَانهمْ قَوْلهمْ : اللَّه خَالِقنَا وَيَرْزُقنَا وَيُمِيتنَا - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } إِيمَانهمْ قَوْلهمْ : اللَّه خَالِقنَا وَيَرْزُقنَا وَيُمِيتنَا , فَهَذَا إِيمَان مَعَ شِرْك عِبَادَتهمْ غَيْره - قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } قَالَ : إِيمَانهمْ قَوْلهمْ : اللَّه خَالِقنَا وَيَرْزُقنَا وَيُمِيتنَا - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا هَانِئ بْن سَعِيد وَأَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ حَجَّاج , عَنِ الْقَاسِم , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : يَقُولُونَ : اللَّه رَبّنَا , وَهُوَ يَرْزُقنَا وَهُمْ يُشْرِكُونَ بِهِ بَعْد - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : إِيمَانهمْ قَوْلهمْ : اللَّه خَالِقنَا وَيَرْزُقنَا وَيُمِيتنَا 15207 - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَةَ , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد وَعَامِر , أَنَّهُمْ قَالُوا فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } قَالَ : لَيْسَ أَحَد إِلَّا وَهُوَ يَعْلَم أَنَّ اللَّه خَلَقَهُ وَخَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض , فَهَذَا إِيمَانهمْ , وَيَكْفُرُونَ بِمَا سِوَى ذَلِكَ 15208 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } فِي إِيمَانهمْ هَذَا , إِنَّك لَسْت تَلْقَى أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْبَأَك أَنَّ اللَّه رَبّه وَهُوَ الَّذِي خَلَقَهُ وَرَزَقَهُ , وَهُوَ مُشْرِك فِي عِبَادَته - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ } الْآيَة , قَالَ : لَا تَسْأَل أَحَدًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ رَبّك إِلَّا قَالَ : رَبِّي اللَّه , وَهُوَ يُشْرِك فِي ذَلِكَ 15209 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } يَعْنِي النَّصَارَى . يَقُول : { وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْآرِض لَيَقُولُنَّ اللَّه } { وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّه } وَلَئِنْ سَأَلْتهمْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاء وَالْأَرْض ؟ لَيَقُولُنَّ اللَّه . وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يُشْرِكُونَ بِهِ وَيَعْبُدُونَ غَيْره وَيَسْجُدُونَ لِلْأَنْدَادِ دُونه 15210 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك , قَالَ : كَانُوا يُشْرِكُونَ بِهِ فِي تَلْبِيَتِهِمْ 15211 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن نُمَيْر , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ } الْآيَة , قَالَ : يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّه رَبّهمْ , وَهُمْ يُشْرِكُونَ بِهِ بَعْد - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء , فِي قَوْله : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } قَالَ : يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّه خَالِقهمْ وَرَازِقهمْ , وَهُمْ يُشْرِكُونَ بِهِ 15212 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ : سَمِعْت ابْن زَيْد يَقُول : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ } الْآيَة , قَالَ : لَيْسَ أَحَد يَعْبُد مَعَ اللَّه غَيْره إِلَّا وَهُوَ مُؤْمِن بِاللَّهِ , وَيَعْرِف أَنَّ اللَّه رَبّه , وَأَنَّ اللَّه خَالِقه وَرَازِقه , وَهُوَ يُشْرِك بِهِ ; أَلَا تَرَى كَيْفَ قَالَ إِبْرَاهِيم : { أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ } قَدْ عَرَفَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ رَبّ الْعَالَمِينَ مَعَ مَا يَعْبُدُونَ . قَالَ : فَلَيْسَ أَحَد يُشْرِك بِهِ إِلَّا وَهُوَ مُؤْمِن بِهِ , أَلَا تَرَى كَيْفَ كَانَتِ الْعَرَب تُلَبِّي , تَقُول : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ , لَا شَرِيك لَك , إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَك , تَمْلِكهُ وَمَا مَلَكَ ؟ الْمُشْرِكُونَ كَانُوا يَقُولُونَ هَذَا
أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَسورة يوسف الآية رقم 107
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَة مِنْ عَذَاب اللَّه أَوْ تَأْتِيَهُمْ السَّاعَة بَغْتَة وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَفَأَمِنَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُقِرُّونَ بِأَنَّ اللَّه رَبّهمْ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ فِي عِبَادَتهمْ إِيَّاهُ غَيْره , { أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَة مِنْ عَذَاب اللَّه } تَغْشَاهُمْ مِنْ عُقُوبَة اللَّه وَعَذَابه , عَلَى شِرْكهمْ بِاللَّهِ , أَوْ تَأْتِيهِمْ الْقِيَامَة فَجْأَة وَهُمْ مُقِيمُونَ عَلَى شِرْكهمْ وَكُفْرهمْ بِرَبِّهِمْ , فَيُخَلِّدهُمْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي نَاره وَهُمْ لَا يَدْرُونَ بِمَجِيئِهَا وَقِيَامهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15213 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَاب اللَّه } قَالَ : تَغْشَاهُمْ - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا شَبَّابَة , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { غَاشِيَة مِنْ عَذَاب اللَّه } قَالَ : تَغْشَاهُمْ - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . - قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْلَهُ . - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 15214 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَة مِنْ عَذَاب اللَّه } : أَيْ عُقُوبَة مِنْ عَذَاب اللَّه - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { غَاشِيَة مِنْ عَذَاب اللَّه } قَالَ : غَاشِيَة وَاقِعَة تَغْشَاهُمْ مِنْ عَذَاب اللَّه
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَسورة يوسف الآية رقم 108
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّه عَلَى بَصِيرَة أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّه وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد { هَذِهِ } الدَّعْوَة الَّتِي أَدْعُو إِلَيْهَا , وَالطَّرِيقَة الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا مِنَ الدُّعَاء إِلَى تَوْحِيد اللَّه وَإِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ دُون الْآلِهَة وَالْأَوْثَان وَالِانْتِهَاء إِلَى طَاعَته وَتَرْك مَعْصِيَتِهِ , { سَبِيلِي } وَطَرِيقَتِي وَدَعْوَتِي { أَدْعُو إِلَى اللَّه } وَحْده لَا شَرِيك لَهُ { عَلَى بَصِيرَة } بِذَلِكَ , وَيَقِينِ عِلْمٍ مِنِّي بِهِ , { أَنَا وَ } يَدْعُو إِلَيْهِ عَلَى بَصِيرَة أَيْضًا { مَنِ اتَّبَعَنِي } وَصَدَّقَنِي وَآمَنَ بِي . { وَسُبْحَان اللَّه } يَقُول لَهُ تَعَالَى ذِكْره : وَقُلْ تَنْزِيهًا لِلَّهِ وَتَعْظِيمًا لَهُ مِنْ أَنْ يَكُون لَهُ شَرِيك فِي مُلْكه أَوْ مَعْبُود سِوَاهُ فِي سُلْطَانه , { وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } يَقُول : وَأَنَا بَرِيء مِنْ أَهْل الشِّرْك بِهِ , لَسْت مِنْهُمْ وَلَا هُمْ مِنِّي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15215 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ الرَّبِيع بْن أَنَس , فِي قَوْله : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّه عَلَى بَصِيرَة } يَقُول : هَذِهِ دَعْوَتِي . 15216 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّه عَلَى بَصِيرَة } قَالَ : هَذِهِ سَبِيلِي , هَذَا أَمْرِي وَسُنَّتِي وَمِنْهَاجِي . { أَدْعُو إِلَى اللَّه عَلَى بَصِيرَة أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي } قَالَ : وَحَقّ اللَّه وَعَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ , وَيُذَكِّر بِالْقُرْآنِ وَالْمَوْعِظَة , وَيَنْهَى عَنْ مَعَاصِي اللَّه - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , قَوْله : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي } : هَذِهِ دَعْوَتِي - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنِ الرَّبِيع : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي } قَالَ : هَذِهِ دَعْوَتِي
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَسورة يوسف الآية رقم 109
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِك إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْل الْقُرَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَمَا أَرْسَلْنَا } يَا مُحَمَّد { مِنْ قَبْلك إِلَّا رِجَالًا } لَا نِسَاءً وَلَا مَلَائِكَةً , { نُوحِي إِلَيْهِمْ } آيَاتِنَا بِالدُّعَاءِ إِلَى طَاعَتنَا وَإِفْرَاد الْعِبَادَة لَنَا { مِنْ أَهْل الْقُرَى } يَعْنِي مِنْ أَهْل الْأَمْصَار , دُون أَهْل الْبَوَادِي . كَمَا : 15217 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْل الْقُرَى } لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَحْلَم وَأَعْلَمَ مِنْ أَهْل الْعَمُود

وَقَوْله : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَلَمْ يَسِرْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَك يَا مُحَمَّد , وَيَجْحَدُونَ نُبُوَّتَك , وَيَمْكُرُونَ مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه وَإِخْلَاص الطَّاعَة وَالْعِبَادَة لَهُ فِي الْأَرْض , { فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ } إِذْ كَذَّبُوا رُسُلنَا , أَلَمْ نُحِلَّ بِهِمْ عُقُوبَتنَا , فَنُهْلِكْهُمْ بِهَا , وَنُنْجِ مِنْهَا رُسُلَنَا وَأَتْبَاعَنَا , فَيَتَفَكَّرُوا فِي ذَلِكَ وَيَعْتَبِرُوا ؟ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15218 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج : قَوْله : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِك إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ } قَالَ : إِنَّهُمْ قَالُوا : { مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْء } قَالَ : وَقَوْله : { وَمَا أَكْثَر النَّاس وَلَوْ حَرَصْت بِمُؤْمِنِينَ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْر } , وَقَوْله : { وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَة فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا } , وَقَوْله : { أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَة مِنْ عَذَاب اللَّه } , وَقَوْله : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْض فَيَنْظُرُوا } مَنْ أَهْلَكْنَا ؟ قَالَ : فَكُلّ ذَلِكَ قَالَ لِقُرَيْشٍ : أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْض فَيَنْظُرُوا فِي آثَارهمْ فَيَعْتَبِرُوا وَيَتَفَكَّرُوا


وَقَوْله : { وَلَدَار الْآخِرَة خَيْر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا فِعْلنَا فِي الدُّنْيَا بِأَهْلِ وِلَايَتنَا وَطَاعَتنَا , أَنَّ عُقُوبَتنَا إِذَا نَزَلَتْ بِأَهْلِ مَعَاصِينَا وَالشِّرْك بِنَا أَنْجَيْنَاهُمْ مِنْهَا , وَمَا فِي الدَّار الْآخِرَة لَهُمْ خَيْر . وَتُرِكَ ذِكْر مَا ذَكَرْنَا اكْتِفَاء بِدَلَالَةِ قَوْله : { وَلَدَار الْآخِرَة خَيْر لِلَّذِينَ اتَّقَوْا } عَلَيْهِ , وَأُضِيفَتْ الدَّار إِلَى الْآخِرَة , وَهِيَ الْآخِرَة ; لِاخْتِلَافِ لَفْظهمَا , كَمَا قِيلَ : { إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقّ الْيَقِين } وَكَمَا قِيلَ : أَتَيْتُك عَام الْأَوَّل , وَبَارِحَة الْأُولَى , وَلَيْلَة الْأُولَى , وَيَوْم الْخَمِيس , وَكَمَا قَالَ : الشَّاعِر : أَتَمْدَحُ فَقْعَسًا وَتَذُمُّ عَبْسًا أَلَا لِلَّهِ أُمُّك مِنْ هَجِينِ وَلَوْ أَقْوَتْ عَلَيْك دِيَارُ عَبْسٍ عَرَفْت الذُّلَّ عِرْفَانَ الْيَقِينِ يَعْنِي عِرْفَانًا بِهِ يَقِينًا . فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَلَلدَّار الْآخِرَة خَيْر لِلَّذِينَ اتَّقَوْا اللَّه بِأَدَاءِ فَرَائِضه وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه .


وَقَوْله : { أَفَلَا تَعْقِلُونَ } يَقُول : أَفَلَا يَعْقِل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ حَقِيقَة مَا نَقُول لَهُمْ وَنُخْبِرهُمْ بِهِ مِنْ سُوء عَاقِبَة الْكُفْر , وَغِبِّ مَا يَصِير إِلَيْهِ حَال أَهْله مَعَ مَا قَدْ عَايَنُوا وَرَأَوْا وَسَمِعُوا مِمَّا حَلَّ بِمَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَم الْكَافِرَة الْمُكَذِّبَة رُسُلَ رَبّهَا .
حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَسورة يوسف الآية رقم 110
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرنَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْل الْقُرَى , فَدَعَوْا مَنْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ , فَكَذَّبُوهُمْ , وَرَدُّوا مَا أَتَوْا بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل الَّذِينَ أَرْسَلْنَاهُمْ إِلَيْهِمْ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ , وَيُصَدِّقُوهُمْ فِيمَا أَتَوْهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَظَنَّ الَّذِينَ أَرْسَلْنَاهُمْ إِلَيْهِمْ مِنَ الْأُمَم الْمُكَذِّبَة أَنَّ الرُّسُل الَّذِينَ أَرْسَلْنَاهُمْ , قَدْ كَذَبُوهُمْ فِيمَا كَانُوا أَخْبَرُوهُمْ عَنْ اللَّه مِنْ وَعْده إِيَّاهُمْ نَصْرَهُمْ عَلَيْهِمْ , جَاءَهُمْ نَصْرُنَا . وَذَلِكَ قَوْل جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15219 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب سَلَم بْن جُنَادَة , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قَالَ : لَمَّا أَيِسَتْ الرُّسُل أَنْ يَسْتَجِيب لَهُمْ قَوْمهمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبُوهُمْ , جَاءَهُمْ النَّصْر عَلَى ذَلِكَ , فَنُنْجِي مَنْ نَشَاء - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير , قَالَ : ثنا الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنِ ابْن عَبَّاس بِنَحْوِهِ , غَيْر أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثه , قَالَ : أَيِسَتْ الرُّسُل , وَلَمْ يَقُلْ : لَمَّا أَيِسَتْ . 15220 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } أَنْ يُسْلِم قَوْمهمْ , وَظَنَّ قَوْم الرُّسُل أَنَّ الرُّسُل قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنِ ابْن عَبَّاس , مِثْله . - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا عِمْرَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قَالَ : حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل مِنْ قَوْمهمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كُذِبُوا , { جَاءَهُمْ نَصْرنَا } - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ عِمْرَان السُّلَمِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } أَيِسَ الرُّسُل مِنْ قَوْمهمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبَتْهُمْ - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ حُصَيْن , عَنْ عِمْرَان بْن الْحَرْث السُّلَمِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } قَالَ : اسْتَيْأَسَ الرُّسُل مِنْ قَوْمهمْ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قَالَ : ظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّهُمْ جَاءُوهُمْ بِالْكَذِبِ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت حُصَيْنًا , عَنْ عِمْرَان بْن الْحَرْث , عَنِ ابْن عَبَّاس : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } مِنْ أَنْ يَسْتَجِيب لَهُمْ قَوْمهمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنْ قَدْ كَذَبُوهُمْ , { جَاءَهُمْ نَصْرُنَا } - حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يُونُس , قَالَ : ثنا عَبْثَر , قَالَ : ثنا حُصَيْن , عَنْ عِمْرَان بْن الْحَارِث , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي هَذِهِ الْآيَة : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } قَالَ : اسْتَيْأَسَ الرُّسُل مِنْ قَوْمهمْ أَنْ يُؤْمِنُوا , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبُوهُمْ فِيمَا وَعَدُوا وَكُذِبُوا , { جَاءَهُمْ نَصْرنَا } - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ حُصَيْن , عَنْ عِمْرَان بْن الْحَرْث , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } مِنْ نَصْر قَوْمهمْ { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } ظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوهُمْ - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن الصَّبَّاح , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ عِمْرَان بْن الْحَرْث , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } قَالَ : مِنْ قَوْمهمْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِمْ , وَأَنْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبُوهُمْ { جَاءَهُمْ نَصْرنَا } يَعْنِي الرُّسُل - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ حُصَيْن , عَنْ عِمْرَان بْن الْحَرْث , عَنِ ابْن عَبَّاس بِمِثْلِهِ سَوَاء . - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب بْن عَطَاء , عَنْ هَارُون , عَنْ عَبَّاد الْقُرَشِيّ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُعَاوِيَة , عَنِ ابْن عَبَّاس : { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } خَفِيفَة , وَتَأْوِيلهَا عِنْده , وَظَنَّ الْقَوْم أَنَّ الرُّسُل قَدْ كُذِبُوا - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر , قَالَ : ثنا طَلْق بْن غَنَّام , عَنْ زَائِدَة , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } مِنْ قَوْمهمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنْ قَدْ كَذَبَتْهُمْ رُسُلهمْ , { جَاءَهُمْ نَصْرُنَا } . - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } يَعْنِي : أَيِسَ الرُّسُل مِنْ أَنْ يَتْبَعَهُمْ قَوْمهمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كُذِبُوا , فَيَنْصُر اللَّه الرُّسُل , وَيَبْعَث الْعَذَاب - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس قَوْله : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا } حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل مِنْ قَوْمهمْ أَنْ يُطِيعُوهُمْ وَيَتَّبِعُوهُمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ رُسُلهمْ كَذَبُوهُمْ { جَاءَهُمْ نَصْرُنَا } - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ حُصَيْن , عَنْ عِمْرَان بْن الْحَرْث , عَنِ ابْن عَبَّاس : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } مِنْ قَوْمهمْ { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قَالَ : فَمَا أَبْطَأَ عَلَيْهِمْ إِلَّا مَنْ ظَنَّ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا - قَالَ : ثنا آدَم الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ عِمْرَان بْن الْحَرْث قَالَ : سَمِعْت ابْن عَبَّاس يَقُول : { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } خَفِيفَة وَقَالَ ابْن عَبَّاس : ظَنَّ الْقَوْم أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبُوهُمْ خَفِيفَة - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } مِنْ قَوْمهمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبُوهُمْ . - قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ خُصَيْف , قَالَ : سَأَلْت سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ قَوْله : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } مِنْ قَوْمهمْ , وَظَنَّ الْكُفَّار أَنَّهُمْ هُمْ كُذِبُوا - حَدَّثَنِي يَعْقُوب وَالْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَا : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة . قَالَ : ثنا كُلْثُوم بْن جَبْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَوْله : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } مِنْ قَوْمهمْ أَنْ يُؤْمِنُوا , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبَتْهُمْ 15221 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَارِم أَبُو النُّعْمَان , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن زَيْد , قَالَ : ثنا شُعَيْب , قَالَ : ثني إِبْرَاهِيم بْن أَبِي حُرَّة الْجَزَرِيّ , قَالَ : سَأَلَ فَتًى مِنْ قُرَيْش سَعِيد بْن جُبَيْر , فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْد اللَّه كَيْفَ تَقْرَأ هَذَا الْحَرْف فَإِنِّي إِذَا أَتَيْت عَلَيْهِ تَمَنَّيْت أَنْ لَا أَقْرَأ هَذِهِ السُّورَة { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } ؟ قَالَ : نَعَمْ , حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل مِنْ قَوْمهمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُمْ , وَظَنَّ الْمُرْسَل إِلَيْهِمْ أَنَّ الرُّسُل كُذِبُوا . قَالَ : فَقَالَ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم : مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ قَطُّ رَجُلًا يُدْعَى إِلَى عِلْم فَيَتَلَكَّأ , لَوْ رَحَلْت فِي هَذِهِ إِلَى الْيَمَن كَانَ قَلِيلًا - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج , قَالَ : ثنا رَبِيعَة بْن كُلْثُوم , قَالَ : ثني أَبِي , أَنَّ مُسْلِم بْن يَسَار , سَأَلَ سَعِيد بْن جُبَيْر ; فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْد اللَّه , آيَة بَلَغَتْ مِنِّي كُلّ مَبْلَغ : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } فَهَذَا الْمَوْت , أَنْ تَظُنّ الرُّسُل أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا , أَوْ نَظُنّ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا مُخَفَّفَة ؟ قَالَ : فَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن , حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل مِنْ قَوْمهمْ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل كَذَبَتْهُمْ { جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاء وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْم الْمُجْرِمِينَ } . قَالَ : فَقَالَ مُسْلِم إِلَى سَعِيد , فَاعْتَنَقَهُ وَقَالَ : فَرَّجَ اللَّه عَنْك كَمَا فَرَّجْت عَنِّي - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن عَبَّاد , قَالَ : ثنا وُهَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو الْمُعَلَّى الْعَطَّار , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قَالَ : اسْتَيْأَسَ الرُّسُل مِنْ إِيمَان قَوْمهمْ ; وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبُوهُمْ , مَا كَانُوا يُخْبِرُونَهُمْ وَيُبَلِّغُونَهُمْ 15222 - قَالَ : ثنا شَبَّابَة , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله ; { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } أَنْ يُصَدِّقَهُمْ قَوْمُهُمْ , وَظَنَّ قَوْمُهُمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كُذِبُوا , جَاءَ الرُّسُلَ نَصْرُنَا - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى : قَالَ : ثنا الْحَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي هَذِهِ الْآيَة : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } مِنْ قَوْمهمْ . وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبَتْ - قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ كُلْثُوم بْن جَبْر , قَالَ : قَالَ لِي سَعِيد بْن جُبَيْر : سَأَلَنِي سَيِّد مِنْ سَادَاتكُمْ عَنْ هَذِهِ الْآيَة . فَقُلْت : اسْتَيْأَسَ الرُّسُل مِنْ قَوْمهمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبَتْ 15223 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قَالَ : اسْتَيْأَسَ الرُّسُل أَنْ يُؤْمِنَ قَوْمُهُمْ بِهِمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كُذِبُوا مَا وَعَدَهُمْ اللَّه مِنْ نَصْرِهِ إِيَّاهُمْ عَلَيْهِمْ وَأُخْلِفُوا . وَقَرَأَ : { جَاءَهُمْ نَصْرُنَا } قَالَ : جَاءَ الرُّسُلَ النَّصْرُ حِينَئِذٍ , قَالَ : وَكَانَ أَبِي يَقْرَؤُهَا : " كُذِبُوا " 15224 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب بْن عَطَاء , عَنْ سَعِيد , عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّل , عَنْ أَيُّوب ابْن أَبِي صَفْوَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَرْث , أَنَّهُ قَالَ : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } مِنْ إِيمَان قَوْمهمْ { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } وَظَنَّ الْقَوْم أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوهُمْ فِيمَا جَاءُوهُمْ بِهِ 15225 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك , قَالَ : ظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ رُسُلَهُمْ قَدْ كَذَبُوهُمْ فِيمَا وَعَدُوهُمْ بِهِ 15226 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ جَحْش بْن زِيَاد الضَّبِّيّ , عَنْ تَمِيم بْن حَذْلَم , قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : " حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا " قَالَ : اسْتَيْأَسَ الرُّسُل مِنْ إِيمَان قَوْمهمْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ حِين أَبْطَأَ الْأَمْر أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا بِالتَّخْفِيفِ - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي الْمُعَلَّى , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } قَالَ : اسْتَيْأَسَ الرُّسُل مِنْ نَصْر قَوْمهمْ , وَظَنَّ قَوْم الرُّسُل أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبُوهُمْ - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن ثَابِت , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } أَنْ يُصَدِّقُوهُمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبُوهُمْ - قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } أَنْ يُصَدِّقَهُمْ قَوْمهمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبُوهُمْ - حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } يَقُول : اسْتَيْأَسُوا مِنْ قَوْمهمْ أَنْ يُجِيبُوهُمْ , وَيُؤْمِنُوا بِهِمْ , وَظَنُّوا : يَقُول : وَظَنَّ قَوْم الرُّسُل أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبُوهُمْ الْمَوْعِد وَالْقِرَاءَة عَلَى هَذَا التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَا فِي قَوْله : { كُذِبُوا } بِضَمِّ الْكَاف وَتَخْفِيف الذَّال , وَذَلِكَ أَيْضًا قِرَاءَة بَعْض قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَعَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة . وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا هَذَا التَّأْوِيل وَهَذِهِ الْقِرَاءَة ; لِأَنَّ ذَلِكَ عَقِيب قَوْله : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِك إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْل الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْض فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ } فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ إِيَاس الرُّسُل كَانَ مِنْ إِيمَان قَوْمهمْ الَّذِينَ أُهْلِكُوا , وَأَنَّ الْمُضْمَر فِي قَوْله : { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } إِنَّمَا هُوَ مِنْ ذِكْر الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ مِنَ الْأُمَم الْهَالِكَة , وَزَادَ ذَلِكَ وُضُوحًا أَيْضًا إِتْبَاع اللَّه فِي سِيَاق الْخَبَر عَنِ الرُّسُل وَأُمَمهمْ قَوْله : { فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاء } إِذْ الَّذِينَ أُهْلِكُوا هُمْ الَّذِينَ ظَنُّوا أَنَّ الرُّسُل قَدْ كَذَبَتْهُمْ , فَكَذَّبُوهُمْ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوهُمْ . وَقَدْ ذَهَبَ قَوْم مِمَّنْ قَرَأَ هَذِهِ الْقِرَاءَة إِلَى غَيْر التَّأْوِيل الَّذِي اخْتَرْنَا , وَوَجَّهُوا مَعْنَاهُ إِلَى : حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل مِنْ إِيمَان قَوْمهمْ , وَظَنَّتْ الرُّسُل أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا فِيمَا وُعِدُوا مِنَ النَّصْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 15227 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن عُمَر , قَالَ : ثنا ابْن جُرَيْج , عَنِ ابْن أَبِي مُلَيْكَة , قَالَ : قَرَأَ ابْن عَبَّاس : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قَالَ : كَانُوا بَشَرًا ضَعُفُوا وَيَئِسُوا 15228 - قَالَ : ثنا حَجَّاج بْن مُحَمَّد , عَنْ ابْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَرَأَ : { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } خَفِيفَة . قَالَ ابْن جُرَيْج : أَقُول كَمَا يَقُول : أُخْلِفُوا : قَالَ عَبْد اللَّه : قَالَ لِي ابْن عَبَّاس : كَانُوا بَشَرًا , وَتَلَا ابْن عَبَّاس : { حَتَّى يَقُول الرَّسُول وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْر اللَّه أَلَا إِنَّ نَصْر اللَّه قَرِيب } . قَالَ ابْن جُرَيْج : قَالَ ابْن أَبِي مُلَيْكَة : ذَهَبَ بِهَا إِلَى أَنَّهُمْ ضَعُفُوا فَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُخْلِفُوا 15229 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه , أَنَّهُ قَرَأَ : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } مُخَفَّفَة , قَالَ عَبْد اللَّه : هُوَ الَّذِي تَكْرَه - قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قَالَ : هُوَ الَّذِي تَكْرَه , مُخَفَّفَة 15230 - قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قُلْت : كُذِبُوا ؟ قَالَ : نَعَمْ أَلَمْ يَكُونُوا بَشَرًا 15231 - حَدَّثَنَا الْحَارِث , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قَالَ : كَانُوا بَشَرًا قَدْ ظَنُّوا وَهَذَا تَأْوِيلٌ , وَقَوْلُ غَيْرِهِ مِنْ أَهْل التَّأْوِيل أَوْلَى عِنْدِي بِالصَّوَابِ , وَخِلَافه مِنَ الْقَوْل أَشْبَهُ بِصِفَاتِ الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل , إِنْ جَازَ أَنْ يَرْتَابُوا بِوَعْدِ اللَّه إِيَّاهُمْ وَيَشُكُّوا فِي حَقِيقَة خَبَره مَعَ مُعَايَنَتهمْ مِنْ حُجَج اللَّه وَأَدِلَّته مَا لَا يُعَايِنهُ الْمُرْسَل إِلَيْهِمْ , فَيُعْذَرُوا فِي ذَلِكَ إِنَّ الْمُرْسَلَ إِلَيْهِمْ لَأَوْلَى فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ بِالْعُذْرِ , وَذَلِكَ قَوْل إِنْ قَالَهُ قَائِل لَا يَخْفَى أَمْره . وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَخِيرًا عَنِ ابْن عَبَّاس لِعَائِشَة , فَأَنْكَرَتْهُ أَشَدّ النُّكْرَة فِيمَا ذُكِرَ لَنَا . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ عَنْهَا رِضْوَان اللَّه عَلَيْهَا : 15232 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن عُمَر , قَالَ : ثنا ابْن جُرَيْج , عَنِ ابْن أَبِي مُلَيْكَة , قَالَ : قَرَأَ ابْن عَبَّاس : { حَتَّى ذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } فَقَالَ : كَانُوا بَشَرًا ضَعُفُوا وَيَئِسُوا , قَالَ ابْن أَبِي مُلَيْكَة : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِعُرْوَةَ , فَقَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : مَعَاذ اللَّه , مَا حَدَّثَ اللَّهُ رَسُولَهُ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا عَلِمَ أَنَّهُ سَيَكُونُ قَبْل أَنْ يَمُوت , وَلَكِنْ لَمْ يَزَلِ الْبَلَاء بِالرُّسُلِ , حَتَّى ظَنَّ الْأَنْبِيَاء أَنَّ مَنْ تَبِعَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ . فَكَانَتْ تَقْرَؤُهَا : " قَدْ كُذِّبُوا " تُثَقِّلُهَا - قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْن أَبِي مُلَيْكَة , أَنَّ ابْن عَبَّاس قَرَأَ : { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } خَفِيفَة ; قَالَ عَبْد اللَّه : ثُمَّ قَالَ لِي ابْن عَبَّاس : كَانُوا بَشَرًا . وَتَلَا ابْن عَبَّاس : { حَتَّى يَقُول الرَّسُول وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْر اللَّه أَلَا إِنَّ نَصْر اللَّه قَرِيب } . قَالَ ابْن جُرَيْج : قَالَ ابْن أَبِي مُلَيْكَة : يَذْهَب بِهَا إِلَى أَنَّهُمْ ضَعُفُوا , فَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُخْلِفُوا . قَالَ ابْن جُرَيْج : قَالَ ابْن أَبِي مُلَيْكَة : وَأَخْبَرَنِي عُرْوَة عَنْ عَائِشَة , أَنَّهَا خَالَفَتْ ذَلِكَ وَأَبَتْهُ , وَقَالَتْ : مَا وَعَدَ اللَّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْء إِلَّا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَكُونُ حَتَّى مَاتَ , وَلَكِنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْبَلَاء بِالرُّسُلِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّ مَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ كَذَّبُوهُمْ . قَالَ ابْن أَبِي مُلَيْكَة فِي حَدِيث عُرْوَة : كَانَتْ عَائِشَة تَقْرَؤُهَا : " وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا " مُثَقَّلَة , لِلتَّكْذِيبِ 15233 - قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن دَاوُدَ الْهَاشِمِيّ , قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيم بْن سَعْد , قَالَ : ثني صَالِح بْن كَيْسَان , عَنِ ابْن شِهَاب , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة قَالَ : قُلْت لَهَا قَوْله : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : لَقَدْ اسْتَيْقَنُوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا . قُلْت : كُذِبُوا ؟ قَالَتْ : مَعَاذ اللَّه , لَمْ تَكُنْ الرُّسُل تَظُنّ يَوْمًا , إِنَّمَا هُمْ أَتْبَاع الرُّسُل لَمَّا اسْتَأْخَرَ عَنْهُمْ الْوَحْي وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ الْبَلَاء ظَنَّتْ الرُّسُل أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ ; { جَاءَهُمْ نَصْرنَا } 15234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرَّجُل مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمهمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُمْ , وَظَنَّتِ الرُّسُل أَنَّ مَنْ قَدْ آمَنَ مِنْ قَوْمهمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ , جَاءَهُمْ نَصْر اللَّه عِنْد ذَلِكَ فَهَذَا مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَائِشَة , غَيْر أَنَّهَا كَانَتْ تَقْرَأ : " كُذِّبُوا " بِالتَّشْدِيدِ وَضَمِّ الْكَاف , بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهَا , مِنْ أَنَّ الرُّسُل ظَنَّتْ بِأَتْبَاعِهَا الَّذِينَ قَدْ آمَنُوا بِهِمْ أَنَّهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ , فَارْتَدُّوا عَنْ دِينهمْ , اسْتِبْطَاءً مِنْهُمْ لِلنَّصْرِ . وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الَّذِي نَخْتَار مِنَ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ وَالتَّأْوِيل غَيْره فِي هَذَا الْحَرْف خَاصَّة . وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَرَأَ قَوْله : " كُذِّبُوا " بِضَمِّ الْكَاف وَتَشْدِيد الذَّال , مَعْنَى ذَلِكَ : حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل مِنْ قَوْمهمْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِمْ وَيُصَدِّقُوهُمْ , وَظَنَّتِ الرُّسُل : بِمَعْنَى وَاسْتَيْقَنَتْ أَنَّهُمْ قَدْ كَذَّبَهُمْ أُمَمهمْ جَاءَتْ الرُّسُلَ نُصْرَتُنَا ; وَقَالُوا : الظَّنّ فِي هَذَا بِمَعْنَى الْعِلْم , مِنْ قَوْل الشَّاعِر : فَظَنُّوا بِأَلْفَيْ فَارِسٍ مُتَلَبِّبٍ سَرَاتُهُمُ فِي الْفَارِسِيِّ الْمُسَرَّدِ 15235 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنِ الْحَسَن , وَهُوَ قَوْل قَتَادَة : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } مِنْ إِيمَان قَوْمهمْ , " وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا " : أَيْ اسْتَيْقَنُوا أَنَّهُ لَا خَيْر عِنْد قَوْمهمْ , وَلَا إِيمَان , جَاءَهُمْ نَصْرنَا 15236 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } قَالَ : مِنْ قَوْمهمْ " وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا " قَالَ : وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا , { جَاءَهُمْ نَصْرُنَا } وَبِهَذِهِ الْقِرَاءَة كَانَتْ تَقْرَأ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَالشَّام , أَعْنِي بِتَشْدِيدِ الذَّال مِنْ " كُذِّبُوا " وَضَمّ كَافهَا . وَهَذَا التَّأْوِيل الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَسَن وَقَتَادَة فِي ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ بِتَشْدِيدِ الذَّال وَضَمّ الْكَاف خِلَافًا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَقْوَال جَمِيع مَنْ حَكَيْنَا قَوْله مِنَ الصَّحَابَة , لِأَنَّهُ لَمْ يُوَجِّهْ الظَّنَّ فِي هَذَا الْمَوْضِع مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَى مَعْنَى الْعِلْم وَالْيَقِين , مَعَ أَنَّ الظَّنّ إِنَّمَا اسْتَعْمَلَهُ الْعَرَب فِي مَوْضِع الْعِلْم فِيمَا كَانَ مِنْ عِلْمٍ أُدْرِكَ مِنْ جِهَة الْخَبَر أَوْ مِنْ غَيْر وَجْه الْمُشَاهَدَة وَالْمُعَايَنَة , فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ عِلْمٍ أُدْرِكَ مِنْ وَجْه الْمُشَاهَدَة وَالْمُعَايَنَة فَإِنَّهَا لَا تَسْتَعْمِل فِيهِ الظَّنّ , لَا تَكَاد تَقُول : أَظُنُّنِي حَيًّا وَأَظُنُّنِي إِنْسَانًا , بِمَعْنَى : أَعْلَمُنِي إِنْسَانًا وَأَعْلَمُنِي حَيًّا . وَالرُّسُل الَّذِينَ كَذَّبَتْهُمْ أُمَمُهُمْ , لَا شَكَّ أَنَّهَا كَانَتْ لِأُمَمِهَا شَاهِدَة وَلِتَكْذِيبِهَا إِيَّاهَا مِنْهَا سَامِعَة , فَيُقَال فِيهَا : ظَنَّتْ بِأُمَمِهَا أَنَّهَا كَذَّبَتْهَا . وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِد فِي ذَلِكَ قَوْلٌ هُوَ خِلَاف جَمِيع مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَقْوَال الْمَاضِينَ الَّذِينَ سَمَّيْنَا أَسْمَاءَهُمْ وَذَكَرْنَا أَقْوَالَهُمْ وَتَأْوِيلٌ خِلَافَ تَأْوِيلهمْ وَقِرَاءَةٌ غَيْرُ قِرَاءَة جَمِيعهمْ , وَهُوَ أَنَّهُ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ كَانَ يَقْرَأ : " وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا " بِفَتْحِ الْكَاف وَالذَّال وَتَخْفِيف الذَّال . ذِكْر الرِّوَايَة عَنْهُ بِذَلِكَ : 15237 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا أَبُو عُبَيْد , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , أَنَّهُ قَرَأَهَا : " كَذَبُوا " بِفَتْحِ الْكَاف بِالتَّخْفِيفِ . وَكَانَ يَتَأَوَّلهُ كَمَا : 15238 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : اسْتَيْأَسَ الرُّسُل أَنْ تُعَذَّبَ قَوْمُهُمْ , وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل قَدْ كُذِبُوا , جَاءَهُمْ نَصْرُنَا , قَالَ : جَاءَ الرُّسُلَ نَصْرُنَا . قَالَ مُجَاهِد : قَالَ فِي الْمُؤْمِن : { فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلنَا بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدهمْ مِنَ الْعِلْم } قَالَ : قَوْلهمْ نَحْنُ أَعْلَم مِنْهُمْ , وَلَنْ نُعَذَّب . وَقَوْله : { وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } قَالَ : حَاقَ بِهِمْ مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلهمْ مِنَ الْحَقّ وَهَذِهِ الْقِرَاءَة لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَة بِهَا لِإِجْمَاع الْحُجَّة مِنْ قُرَّاء الْأَمْصَار عَلَى خِلَافهَا , وَلَوْ جَازَتِ الْقِرَاءَة بِذَلِكَ لَاحْتَمَلَ وَجْهًا مِنَ التَّأْوِيل وَهُوَ أَحْسَن مِمَّا تَأَوَّلَهُ مُجَاهِد , وَهُوَ : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُل } مِنْ عَذَاب اللَّه قَوْمَهَا الْمُكَذِّبَةَ بِهَا , وَظَنَّتْ الرُّسُل أَنَّ قَوْمَهَا قَدْ كُذِبُوا وَافْتَرَوْا عَلَى اللَّه بِكُفْرِهِمْ بِهَا . وَيَكُون الظَّنّ مُوَجَّهًا حِينَئِذٍ إِلَى مَعْنَى الْعِلْم , عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ الْحَسَن وَقَتَادَة .

وَأَمَّا قَوْله : { فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاء } فَإِنَّ الْقُرَّاءَ اخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَمَكَّة وَالْعِرَاق : " فَنُنْجِي مَنْ نَشَاء " بِنُونَيْنِ , بِمَعْنَى : فَنُنْجِي نَحْنُ مَنْ نَشَاء مِنْ رُسُلنَا وَالْمُؤْمِنِينَ بِمَا , دُونَ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا رُسُلَنَا إِذَا جَاءَ الرُّسُلَ نَصْرُنَا . وَاعْتَلَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ كَذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا كُتِبَ فِي الْمُصْحَف بِنُونٍ وَاحِدَة , وَحُكْمه أَنْ يَكُون بِنُونَيْنِ ; لِأَنَّ إِحْدَى النُّونَيْنِ حَرْف مِنْ أَصْل الْكَلِمَة , مِنْ أَنْجَى يُنْجِي , وَالْأُخْرَى النُّون الَّتِي تَأْتِي لِمَعْنَى الدَّلَالَة عَلَى الِاسْتِقْبَال , مِنْ فِعْل جَمَاعَة مُخْبِرَة عَنْ أَنْفُسهَا , لِأَنَّهُمَا حَرْفَانِ - أَعْنِي النُّونَيْنِ - مِنْ جِنْس وَاحِد يَخْفَى الثَّانِي مِنْهُمَا عَنِ الْإِظْهَار فِي الْكَلَام , فَحُذِفَتْ مِنَ الْخَطّ وَاجْتُزِئَ بِالْمُثْبَتَةِ مِنَ الْمَحْذُوفَة , كَمَا يُفْعَل ذَلِكَ فِي الْحَرْفَيْنِ اللَّذَيْنِ يُدْغَمُ أَحَدُهُمَا فِي صَاحِبه . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْكُوفِيِّينَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى , غَيْر أَنَّهُ أَدْغَمَ النُّون الثَّانِيَة وَشَدَّدَ الْجِيم , وَقَرَأَهُ آخَرُ مِنْهُمْ بِتَشْدِيدِ الْجِيم وَنَصْب الْيَاء عَلَى مَعْنَى فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ مِنْ نَجَّيْته أُنَجِّيه . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْمَكِّيِّينَ : " فَنَجَا مَنْ نَشَاء " بِفَتْحِ النُّون وَالتَّخْفِيف , مِنْ نَجَا مِنْ عَذَاب اللَّه مَنْ نَشَاء يَنْجُو . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ : " فَنُنْجِي مَنْ نَشَاء " بِنُونَيْنِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقِرَاءَة الَّتِي عَلَيْهَا الْقِرَاءَة فِي الْأَمْصَار , وَمَا خَالَفَهُ مِمَّنْ قَرَأَ ذَلِكَ بِبَعْضِ الْوُجُوه الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَمُنْفَرِد بِقِرَاءَتِهِ عَمَّا عَلَيْهِ الْحُجَّة مُجْمِعَة مِنَ الْقُرَّاء , وَغَيْر جَائِز خِلَاف مَا كَانَ مُسْتَفِيضًا بِالْقِرَاءَةِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار . وَتَأْوِيل الْكَلَام : فَنُنْجِي الرُّسُل وَمَنْ نَشَاء مِنْ عِبَادنَا الْمُؤْمِنِينَ إِذَا جَاءَ نَصْرنَا ; كَمَا : 15239 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ ثني عَمِّي : قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : " فَنُنْجِي مَنْ نَشَاء " فَنُنْجِي الرُّسُل وَمَنْ نَشَاء , { وَلَا يُرَدّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْم الْمُجْرِمِينَ } وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعَثَ الرُّسُل , فَدَعَوْا قَوْمهمْ , وَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُ مَنْ أَطَاعَ نَجَا وَمَنْ عَصَاهُ عُذِّبَ وَغَوَى


وَقَوْله { وَلَا يُرَدّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْم الْمُجْرِمِينَ } يَقُول : وَلَا تُرَدّ عُقُوبَتنَا وَبَطْشنَا بِمَنْ بَطَشْنَا بِهِ مِنْ أَهْل الْكُفْر بِنَا عَنِ الْقَوْم الَّذِينَ أَجْرَمُوا , فَكَفَرُوا بِاللَّهِ وَخَالَفُوا رُسُله وَمَا أَتَوْهُمْ بِهِ مِنْ عِنْده .
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَسورة يوسف الآية رقم 111
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصهمْ عِبْرَة لِأُولِي الْأَلْبَاب } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَقَدْ كَانَ فِي قَصَص يُوسُف وَإِخْوَته عِبْرَة لِأَهْلِ الْحِجَا وَالْعُقُول يَعْتَبِرُونَ بِهَا وَمَوْعِظَة يَتَّعِظُونَ بِهَا ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَعْد أَنْ أُلْقِيَ يُوسُف فِي الْحُبّ لِيَهْلِكَ , ثُمَّ بِيعَ بَيْع الْعَبِيد بِالْخَسِيسِ مِنَ الثَّمَن , وَبَعْد الْإِسَار وَالْحَبْس الطَّوِيل مَلَّكَهُ مِصْر وَمَكَّنَ لَهُ فِي الْأَرْض وَأَعْلَاهُ عَلَى مَنْ بَغَاهُ سُوءًا مِنْ إِخْوَته , وَجَمَعَ بَيْنه وَبَيْن وَالِدَيْهِ وَإِخْوَته بِقُدْرَتِهِ بَعْد الْمُدَّة الطَّوِيلَة , وَجَاءَ بِهِمْ إِلَيْهِ مِنَ الشُّقَّة النَّائِيَة الْبَعِيدَة . فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْش مِنْ قَوْم نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ أَيّهَا الْقَوْم فِي قَصَصهمْ عِبْرَة لَوِ اعْتَبَرْتُمْ بِهِ أَنَّ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ بِيُوسُف وَإِخْوَته لَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَل مِثْله بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَيُخْرِجهُ مِنْ بَيْن أَظْهُرِكُمْ ثُمَّ يُظْهِرهُ عَلَيْكُمْ وَيُمَكِّن لَهُ فِي الْبِلَاد وَيُؤَيِّدهُ بِالْجُنْدِ وَالرِّجَال مِنَ الْأَتْبَاع وَالْأَصْحَاب , وَإِنْ مَرَّتْ بِهِ شَدَائِد وَأَتَتْ دُونه الْأَيَّام وَاللَّيَالِي وَالدُّهُور وَالْأَزْمَان . وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول : مَعْنَى ذَلِكَ : لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصهمْ عِبْرَة لِيُوسُف وَإِخْوَته . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 15240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصهمْ عِبْرَة } لِيُوسُف وَإِخْوَته - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا شَبَّابَة , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : عِبْرَة لِيُوسُف وَإِخْوَته - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصهمْ عِبْرَة لِأُولِي الْأَلْبَاب } قَالَ : يُوسُف وَإِخْوَته وَهَذَا الْقَوْل الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْه يَحْتَمِلُهُ التَّأْوِيلُ , فَإِنَّ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ أَوْلَى بِهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ عَقِيبَ الْخَبَر عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ قَوْمه مِنَ الْمُشْرِكِينَ , وَعَقِيبَ تَهْدِيدهمْ وَوَعِيدهمْ عَلَى الْكُفْر بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمُنْقَطِع عَنْ خَبَر يُوسُف وَإِخْوَته , وَمَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ خَبَر عَامّ عَنْ جَمِيع ذَوِي الْأَلْبَاب , أَنَّ قَصَصَهُمْ لَهُمْ عِبْرَة , وَغَيْر مَخْصُوص بَعْضٌ بِهِ دُون بَعْض . فَإِذَا كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْت فِي ذَلِكَ , فَهُوَ بِأَنْ يَكُون خَبَرًا عَنْ أَنَّهُ عِبْرَة لِغَيْرِهِمْ أَشْبَهُ , وَالرِّوَايَة الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ مُجَاهِد مِنْ رِوَايَة ابْن جُرَيْج أَشْبَه بِهِ أَنْ تَكُون مِنْ قَوْله ; لِأَنَّ ذَلِكَ مُوَافِق الْقَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ فِي ذَلِكَ .

وَقَوْله : { مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا كَانَ هَذَا الْقَوْل حَدِيثًا يُخْتَلَق وَيُتَكَذَّب وَيُتَخَرَّص . كَمَا : 15241 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى } وَالْفِرْيَة : الْكَذِب { وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } يَقُول : وَلَكِنَّهُ تَصْدِيق الَّذِي بَيْن يَدَيْهِ مِنْ كُتُب اللَّه الَّتِي أَنْزَلَهَا قَبْلَهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ , كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور , وَيُصَدِّق ذَلِكَ كُلّه وَيَشْهَد عَلَيْهِ أَنَّ جَمِيعَهُ حَقّ مِنْ عِنْد اللَّه . كَمَا : 15242 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } وَالْفُرْقَان تَصْدِيق الْكُتُب الَّتِي قَبْله , وَيَشْهَد عَلَيْهَا


وَقَوْله : { وَتَفْصِيلَ كُلّ شَيْء } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَهُوَ أَيْضًا تَفْصِيل كُلّ مَا بِالْعِبَادِ إِلَيْهِ حَاجَة مِنْ بَيَان أَمْر اللَّه وَنَهْيه وَحَلَاله وَحَرَامه وَطَاعَته وَمَعْصِيَته .


وَقَوْله : { وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَهُوَ بَيَان أَمْره , وَرَشَادُ مَنْ جَهِلَ سَبِيلَ الْحَقّ فَعَمِيَ عَنْهُ إِذَا تَبِعَهُ فَاهْتَدَى بِهِ مِنْ ضَلَالَته وَرَحْمَةً لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ , يُنْقِذُهُ مِنْ سَخَط اللَّه وَأَلِيم عَذَابه , وَيُورِثهُ فِي الْآخِرَة جِنَانه وَالْخُلُود فِي النَّعِيم الْمُقِيم . { لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يَقُول : لِقَوْمٍ يُصَدِّقُونَ بِالْقُرْآنِ وَبِمَا فِيهِ مِنْ وَعْد اللَّه وَوَعِيده وَأَمْره وَنَهْيه , فَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ مِنْ أَمْره وَيَنْتَهُونَ عَمَّا فِيهِ مِنْ نَهْيه . آخِر تَفْسِير سُورَة يُوسُف
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4