الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5
قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍسورة هود الآية رقم 91
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا يَا شُعَيْب مَا نَفْقَه كَثِيرًا مِمَّا تَقُول وَإِنَّا لَنَرَاك فِينَا ضَعِيفًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ قَوْم شُعَيْب لِشُعَيْبٍ : { يَا شُعَيْب مَا نَفْقَه كَثِيرًا مِمَّا تَقُول } أَيْ مَا نَعْلَم حَقِيقَة كَثِير مِمَّا تَقُول وَتُخْبِرنَا بِهِ . { وَإِنَّا لَنَرَاك فِينَا ضَعِيفًا } ذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ ضَرِيرًا , فَلِذَلِكَ قَالُوا لَهُ : { إِنَّا لَنَرَاك فِينَا ضَعِيفًا } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14269 - حَدَّثَنِي عَبْد الْأَعْلَى بْن وَاصِل , قَالَ : ثَنَا أَسَد بْن زَيْد الْجَصَّاص , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : { وَإِنَّا لَنَرَاك فِينَا ضَعِيفًا } قَالَ : كَانَ أَعْمَى * حَدَّثَنَا عَبَّاس بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثَنِي إِبْرَاهِيم بْن مَهْدِيّ الْمِصِّيصِيّ , قَالَ : ثَنَا خَلَف بْن خَلِيفَة , عَنْ سُفْيَان , عَنْ سَعِيد , مِثْله . - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْوَلِيد الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثَنَا إِبْرَاهِيم بْن زِيَاد وَإِسْحَاق بْن الْمُنْذِر , وَعَبْد الْمَلِك بْن زَيْد , قَالُوا : ثَنَا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد , مِثْله . 14270 - قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن وَمُحَمَّد بْن الصَّبَّاح , قَالَا : سَمِعْنَا شَرِيكًا يَقُول فِي قَوْله : { وَإِنَّا لَنَرَاك فِينَا ضَعِيفًا } قَالَ : أَعْمَى * حَدَّثَنَا سَعْدَوَيْه , قَالَ : ثَنَا عَبَّاد , عَنْ شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . 14271 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , قَوْله : { وَإِنَّا لَنَرَاك فِينَا ضَعِيفًا } قَالَ : كَانَ ضَعِيف الْبَصَر . قَالَ سُفْيَان : وَكَانَ يُقَال لَهُ خَطِيب الْأَنْبِيَاء * قَالَ : ثَنَا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبَّاد , عَنْ شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد : { وَإِنَّا لَنَرَاك فِينَا ضَعِيفًا } قَالَ : كَانَ ضَرِير الْبَصَر

وَقَوْله : { وَلَوْلَا رَهْطك لَرَجَمْنَاك } يَقُول : يَقُولُونَ : وَلَوْلَا أَنْتَ فِي عَشِيرَتك وَقَوْمك لَرَجَمْنَاك , يَعْنُونَ : لَسَبَبْنَاك . وَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ لَقَتَلْنَاك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14272 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَوْلَا رَهْطك لَرَجَمْنَاك } قَالَ : قَالُوا : لَوْلَا أَنْ نَتَّقِي قَوْمك وَرَهْطك لَرَجَمْنَاك

يَعْنُونَ : مَا أَنْتَ مِمَّنْ يُكْرَم عَلَيْنَا , فَيَعْظُم عَلَيْنَا إِذْلَاله وَهَوَانه , بَلْ ذَلِكَ عَلَيْنَا هَيِّن .
قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌسورة هود الآية رقم 92
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ يَا قَوْم أَرَهْطِي أَعَزّ عَلَيْكُمْ مِنْ اللَّه وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيط } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ شُعَيْب لِقَوْمِهِ : يَا قَوْم أَعْزَزْتُمْ قَوْمكُمْ , فَكَانُوا أَعَزّ عَلَيْكُمْ مِنْ اللَّه , وَاسْتَخْفَفْتُمْ بِرَبِّكُمْ , فَجَعَلْتُمُوهُ خَلْف ظُهُوركُمْ , لَا تَأْتَمِرُونَ لِأَمْرِهِ وَلَا تَخَافُونَ عِقَابه , وَلَا تُعَظِّمُونَهُ حَقّ عَظَمَته . يُقَال لِلرَّجُلِ إِذَا لَمْ يَقْضِ حَاجَة الرَّجُل : نَبَذَ حَاجَته وَرَاء ظَهْره : أَيْ تَرَكَهَا لَا يَلْتَفِت إِلَيْهَا , وَإِذَا قَضَاهَا قِيلَ : جَعَلَهَا أَمَامه وَنُصْب عَيْنَيْهِ , وَيُقَال : ظَهَرْت بِحَاجَتِي وَجَعَلْتهَا ظِهْرِيَّة : أَيْ خَلْف ظَهْرك , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَجَدْنَا بَنِي الْبَرْصَاء مِنْ وَلَد الظَّهْر بِمَعْنَى : أَنَّهُمْ يَظْهَرُونَ بِحَوَائِج النَّاس فَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَيْهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14273 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { قَالَ يَا قَوْم أَرَهْطِي أَعَزّ عَلَيْكُمْ مِنْ اللَّه وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } وَذَلِكَ أَنَّ قَوْم شُعَيْب وَرَهْطه كَانُوا أَعَزّ عَلَيْهِمْ مِنْ اللَّه , وَصَغُرَ شَأْن اللَّه عِنْدهمْ عَزَّ رَبّنَا وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ 14274 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قَالَ : قَفًا 14275 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { قَالَ يَا قَوْم أَرَهْطِي أَعَزّ عَلَيْكُمْ مِنْ اللَّه وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } يَقُول : عَزَّزْتُمْ قَوْمكُمْ , وَأَظْهَرْتُمْ بِرَبِّكُمْ 14276 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَاِتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قَالَ : لَمْ تُرَاقِبُوهُ فِي شَيْء إِنَّمَا تُرَاقِبُونَ قَوْمِي { وَاِتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } يَقُول : عَزَّزْتُمْ قَوْمكُمْ وَأَظْهَرْتُمْ بِرَبِّكُمْ - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَاِتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قَالَ : لَمْ تُرَاقِبُوهُ فِي شَيْء , إِنَّمَا تُرَاقِبُونَ قَوْمِي , وَاِتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا لَا تَخَافُونَهُ 14277 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { أَرَهْطِي أَعَزّ عَلَيْكُمْ مِنْ اللَّه } قَالَ : أَعْزَزْتُمْ قَوْمكُمْ وَاغْتَرَرْتُمْ بِرَبِّكُمْ , سَمِعْت إِسْحَاق بْن أَبِي إِسْرَائِيل قَالَ : قَالَ سُفْيَان : { وَاِتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } كَمَا يَقُول الرَّجُل لِلرَّجُلِ : خَلَّفْت حَاجَتِي خَلْف ظَهْرك , فَاِتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا : اِسْتَخْفَفْتُمْ بِأَمْرِهِ , فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُل قَضَاء حَاجَة صَاحِبه جَعَلَهَا أَمَامه بَيْن يَدَيْهِ وَلَمْ يَسْتَخِفّ بِهَا 14278 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَاِتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قَالَ : الظِّهْرِيّ الْفَضْل , مِثْل الْجَمَّال يَخْرُج مَعَهُ بِإِبِلٍ ظِهَارِيَّة فَضْل لَا يَحْمِل عَلَيْهَا شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَحْتَاج إِلَيْهَا , قَالَ : فَيَقُول : إِنَّمَا رَبّكُمْ عِنْدكُمْ مِثْل هَذَا إِنْ اِحْتَجْتُمْ إِلَيْهِ , وَإِنْ لَمْ تَحْتَاجُوا إِلَيْهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَاِتَّخَذْتُمْ مَا جَاءَ بِهِ شُعَيْب وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا , فَالْهَاء فِي قَوْله : { وَاِتَّخَذْتُمُوهُ } عَلَى هَذَا مِنْ ذِكْر مَا جَاءَ بِهِ شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14279 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاِتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قَالَ : تَرَكْتُمْ مَا جَاءَ بِهِ شُعَيْب 14280 - قَالَ : ثَنَا جَعْفَر بْن عَوْن , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : نَبَذُوا أَمْره * حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد : { وَاِتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قَالَ : نَبَذْتُمْ أَمْره - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاِتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قَالَ : هُمْ رَهْط شُعَيْب تَرَكُوا مَا جَاءَ بِهِ وَرَاء ظُهُورهمْ ظِهْرِيًّا - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد . قَالَ : وَحَدَّثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاِتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } قَالَ : اِسْتِثْنَاؤُهُمْ رَهْط شُعَيْب , وَتَرْكهمْ مَا جَاءَ بِهِ شُعَيْب وَرَاء ظُهُورهمْ ظِهْرِيًّا وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا الْقَوْل الَّذِي اِخْتَرْنَاهُ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ لِقُرْبِ قَوْله : { وَاِتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا } مِنْ قَوْله : { أَرَهْطِي أَعَزّ عَلَيْكُمْ مِنْ اللَّه } فَكَانَتْ الْهَاء فِي قَوْله { وَاِتَّخَذْتُمُوهُ } بِأَنْ تَكُون مِنْ ذِكْر اللَّه لِقُرْبِ جِوَارهَا مِنْهُ أَشْبَه وَأَوْلَى . وَقَوْله : { إِنَّ رَبِّي بِمَا تَفْعَلُونَ مُحِيط } يَقُول : إِنَّ رَبِّي مُحِيط عِلْمه بِعَمَلِكُمْ , فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى جَمِيعه عَاجِلًا وَآجِلًا .
وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌسورة هود الآية رقم 93
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَا قَوْم اِعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتكُمْ إِنِّي عَامِل سَوْفَ تَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل شُعَيْب لِقَوْمِهِ : { وَيَا قَوْم اِعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتكُمْ } يَقُول : عَلَى تَمَكُّنكُمْ , يُقَال مِنْهُ : الرَّجُل يَعْمَل عَلَى مَكِينَته وَمَكِنَته : أَيْ عَلَى اِتِّئَاده , وَمَكُنَ الرَّجُل يَمْكُن مَكْنًا وَمَكَانَة وَمَكَانًا . وَكَانَ بَعْض أَهْل التَّأْوِيل يَقُول فِي مَعْنَى قَوْله : { عَلَى مَكَانَتكُمْ } عَلَى مَنَازِلكُمْ . فَمَعْنَى الْكَلَام إِذَنْ : وَيَا قَوْم اِعْمَلُوا عَلَى تَمَكُّنكُمْ مِنْ الْعَمَل الَّذِي تَعْمَلُونَهُ , { إِنِّي عَامِل } عَلَى تُؤَدَة مِنْ الْعَمَل الَّذِي أَعْمَلهُ , { سَوْفَ تَعْلَمُونَ } أَيّنَا الْجَانِي عَلَى نَفْسه وَالْمُخْطِئ عَلَيْهَا وَالْمُصِيب فِي فِعْله الْمُحْسِن إِلَى نَفْسه .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَنْ يَأْتِيه عَذَاب يُخْزِيه وَمَنْ هُوَ كَاذِب وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيب } عِ يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل نَبِيّه شُعَيْب لِقَوْمِهِ : الَّذِي يَأْتِيه مِنَّا وَمِنْكُمْ أَيّهَا الْقَوْم { عَذَاب يُخْزِيه } يَقُول : يُذِلّهُ وَيُهِينهُ , { وَمَنْ هُوَ كَاذِب } يَقُول : وَيُخْزِي أَيْضًا الَّذِي هُوَ كَاذِب فِي قِيله وَخَبَره مِنَّا وَمِنْكُمْ . { وَارْتَقِبُوا } أَيْ اِنْتَظِرُوا وَتَفَقَّدُوا مِنْ الرِّقْبَة , يُقَال مِنْهُ : رَقَبْت فُلَانًا أَرْقُبهُ رِقْبَة . وَقَوْله : { إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيب } يَقُول : إِنِّي أَيْضًا ذُو رِقْبَة لِذَلِكَ الْعَذَاب مَعَكُمْ , وَنَاظِر إِلَيْهِ بِمَنْ هُوَ نَازِل مِنَّا وَمِنْكُمْ .
وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَسورة هود الآية رقم 94
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَمَّا جَاءَ أَمْرنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَمَّا جَاءَ قَضَاؤُنَا فِي قَوْم شُعَيْب بِعَذَابِنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا رَسُولنَا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِهِ فَصَدَّقُوهُ عَلَى مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ مَعَ شُعَيْب , مِنْ عَذَابنَا الَّذِي بَعَثْنَا عَلَى قَوْمه , بِرَحْمَةٍ مِنَّا لَهُ وَلِمَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ عَلَى مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ ,

وَأَخَذَتْ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَة مِنْ السَّمَاء أَخْمَدَتْهُمْ فَأَهْلَكَتْهُمْ بِكُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ . وَقِيلَ : إِنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام , صَاحَ بِهِمْ صَيْحَة أَخْرَجَتْ أَرْوَاحهمْ مِنْ أَجْسَامهمْ . { فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارهمْ جَاثِمِينَ } عَلَى رُكَبهمْ وَصَرْعَى بِأَفْنِيَتِهِمْ .
كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُسورة هود الآية رقم 95
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَن كَمَا بَعِدَتْ ثَمُود } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَأَنْ لَمْ يَعِشْ قَوْم شُعَيْب الَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ اللَّه بِعَذَابِهِ حِين أَصْبَحُوا جَاثِمِينَ فِي دِيَارهمْ قَبْل ذَلِكَ . وَلَمْ يَغْنَوْا , مِنْ قَوْلهمْ : غَنَيْت بِمَكَان كَذَا : إِذَا أَقَمْت بِهِ , وَمِنْهُ قَوْل النَّابِغَة : غَنِيَتْ بِذَلِكَ إِذْ هُمْ لِي جِيرَة مِنْهَا بِعَطْفِ رِسَالَة وَتَوَدُّد 14281 - وَكَمَا حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا } قَالَ : يَقُول : كَأَنْ لَمْ يَعِيشُوا فِيهَا 14282 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . * حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة مِثْله . وَقَوْله : { أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَن كَمَا بَعِدَتْ ثَمُود } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلَا أَبْعَدَ اللَّه مَدْيَن مِنْ رَحْمَته بِإِحْلَالِ نِقْمَته كَمَا بَعِدَتْ ثَمُود , يَقُول : كَمَا بَعِدَتْ مِنْ قَبْلهمْ ثَمُود مِنْ رَحْمَته بِإِنْزَالِ سَخَطه بِهِمْ .
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍسورة هود الآية رقم 96
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَان مُبِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِأَدِلَّتِنَا عَلَى تَوْحِيدنَا , وَحُجَّة تُبَيِّن لِمَنْ عَايَنَهَا وَتَأَمَّلَهَا بِقَلْبٍ صَحِيح , أَنَّهَا تَدُلّ عَلَى تَوْحِيد اللَّه وَكَذِب كُلّ مَنْ اِدَّعَى الرُّبُوبِيَّة دُونه , وَبُطُول قَوْل مَنْ أَشْرَكَ مَعَهُ فِي الْأُلُوهَة غَيْره .
إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍسورة هود الآية رقم 97
{ إِلَى فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ } يَعْنِي إِلَى أَشْرَاف جُنْده وَتُبَّاعه .

{ فَاتَّبَعُوا أَمْر فِرْعَوْن } يَقُول : فَكَذَّبَ فِرْعَوْن وَمَلَؤُهُ مُوسَى , وَجَحَدُوا وَحْدَانِيَّة اللَّه , وَأَبَوْا قَبُول مَا أَتَاهُمْ بِهِ مُوسَى مِنْ عِنْد اللَّه , وَاتَّبَعَ مَلَأ فِرْعَوْن أَمْره دُون أَمْر اللَّه , وَأَطَاعُوهُ فِي تَكْذِيب مُوسَى وَرَدّ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه عَلَيْهِ .

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَمَا أَمْر فِرْعَوْن بِرَشِيدٍ } يَعْنِي : أَنَّهُ لَا يُرْشِد أَمْر فِرْعَوْن مِنْ قَبْله مِنْهُ , فِي تَكْذِيب مُوسَى , إِلَى خَيْر , وَلَا يَهْدِيه إِلَّا صَلَاح , بَلْ يُورِدهُ نَار جَهَنَّم .
يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُسورة هود الآية رقم 98
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَقْدُم قَوْمه يَوْم الْقِيَامَة فَأَوْرَدَهُمْ النَّار وَبِئْسَ الْوِرْد الْمَوْرُود } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَقْدُم فِرْعَوْن قَوْمه يَوْم الْقِيَامَة يَقُودهُمْ , فَيَمْضِي بِهِمْ إِلَى النَّار حَتَّى يُورِدهُمُوهَا وَيُصْلِيهِمْ سَعِيرهَا . { وَبِئْسَ الْوِرْد } يَقُول : وَبِئْسَ الْوِرْد الَّذِي يَرِدُونَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 14283 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { يَقْدُم قَوْمه يَوْم الْقِيَامَة } قَالَ : فِرْعَوْن يَقْدُم قَوْمه يَوْم الْقِيَامَة , يَمْضِي بَيْن أَيْدِيهمْ حَتَّى يَهْجُم بِهِمْ عَلَى النَّار * حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { يَقْدُم قَوْمه يَوْم الْقِيَامَة } يَقُول : يَقُود قَوْمه فَأَوْرَدَهُمْ النَّار 14284 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ . ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { يَقْدُم قَوْمه يَوْم الْقِيَامَة } يَقُول : أَضَلَّهُمْ فَأَوْرَدَهُمْ النَّار - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ . أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَمَّنْ سَمِعَ اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي قَوْله : { فَأَوْرَدَهُمْ النَّار } قَالَ : الْوِرْد : الدُّخُول 14285 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فَأَوْرَدَهُمْ النَّار } كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : الْوِرْد فِي الْقُرْآن أَرْبَعَة أَوْرَاد : فِي هُود قَوْله : { وَبِئْسَ الْوِرْد الْمَوْرُود } وَفِي مَرْيَم : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا } وَوَرَدَ فِي الْأَنْبِيَاء : { حَصَب جَهَنَّم أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } وَوَرَدَ فِي مَرْيَم أَيْضًا : { وَنَسُوق الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّم وِرْدًا } كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : كُلّ هَذَا الدُّخُول , وَاَللَّه لَيَرِدْنَ جَهَنَّم كُلّ بَرّ وَفَاجِر . { ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَنَذَر الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا }
وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُسورة هود الآية رقم 99
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَة وَيَوْم الْقِيَامَة بِئْسَ الرِّفْد الْمَرْفُود } يَقُول اللَّه تَعَالَى ذِكْره : وَأَتْبَعَهُمْ اللَّه فِي هَذِهِ , يَعْنِي فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مَعَ الْعَذَاب الَّذِي عَجَّلَهُ لَهُمْ فِيهَا مِنْ الْغَرَق فِي الْبَحْر , لَعْنَته . { وَيَوْم الْقِيَامَة } يَقُول : وَفِي يَوْم الْقِيَامَة أَيْضًا يُلْعَنُونَ لَعْنَة أُخْرَى . كَمَا : 14286 - حَدَّثَنَا بْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد : { وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَة وَيَوْم الْقِيَامَة } قَالَ : لَعْنَة أُخْرَى - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَة وَيَوْم الْقِيَامَة } قَالَ زِيدُوا بِلَعْنَتِهِ لَعْنَة أُخْرَى , فَتِلْكَ لَعْنَتَانِ - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَة وَيَوْم الْقِيَامَة بِئْسَ الرِّفْد الْمَرْفُود } اللَّعْنَة فِي أَثَر اللَّعْنَة - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَة وَيَوْم الْقِيَامَة } قَالَ : زِيدُوا لَعْنَة أُخْرَى , فَتِلْكَ لَعْنَتَانِ - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { فِي هَذِهِ } قَالَ : فِي الدُّنْيَا { وَيَوْم الْقِيَامَة } أُرْدِفُوا بِلَعْنَةٍ أُخْرَى زِيدُوهَا , فَتِلْكَ لَعْنَتَانِ وَقَوْله : { بِئْسَ الرِّفْد الْمَرْفُود } يَقُول : بِئْسَ الْعَوْن الْمُعَان اللَّعْنَة الْمَزِيدَة فِيهَا أُخْرَى مِنْهَا . وَأَصْل الرِّفْد : الْعَوْن , يُقَال مِنْهُ : رَفَدَ فُلَان فُلَانًا عِنْد الْأَمِير يَرْفِدهُ رِفْدًا بِكَسْرِ الرَّاء , وَإِذَا فُتِحَتْ , فَهُوَ السَّقْي فِي الْقَدَح الْعَظِيم , وَالرِّفْد : الْقَدَح الضَّخْم , وَمِنْهُ قَوْل الْأَعْشَى : 206 رُبَّ رَفْد هَرَقْته ذَلِكَ الْيَوْم وَأَسْرَى مِنْ مَعْشَر أَقْتَال وَيُقَال . رَفَدَ فُلَان حَائِطه , وَذَلِكَ إِذَا أَسْنَدَهُ بِخَشَبَةٍ لِئَلَّا يَسْقُط . وَالرَّفْد بِفَتْحِ الرَّاء الْمَصْدَر , يُقَال مِنْهُ : رَفَدَهُ يَرْفِدهُ رَفْدًا . وَالرَّفْد : اِسْم الشَّيْء الَّذِي يُعْطَاهُ الْإِنْسَان وَهُوَ الْمَرْفَد . وَيَنْحُو الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَا أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 14287 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { بِئْسَ الرِّفْد الْمَرْفُود } قَالَ : لَعْنَة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة 14288 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { بِئْسَ الرِّفْد الْمَرْفُود } قَالَ : لَعَنَهُمْ اللَّه فِي الدُّنْيَا , وَزِيدَ لَهُمْ فِيهَا اللَّعْنَة فِي الْآخِرَة - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { وَيَوْم الْقِيَامَة بِئْسَ الرِّفْد الْمَرْفُود } قَالَ : لَعْنَة فِي الدُّنْيَا , وَزِيدُوا فِيهَا لَعْنَة فِي الْآخِرَة - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَة وَيَوْم الْقِيَامَة بِئْسَ الرِّفْد الْمَرْفُود } يَقُول : تَرَادَفَتْ عَلَيْهِمْ اللَّعْنَتَانِ مِنْ اللَّه لَعْنَة فِي الدُّنْيَا , وَلَعْنَة فِي الْآخِرَة 14289 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو خَالِد , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : أَصَابَتْهُمْ لَعْنَتَانِ فِي الدُّنْيَا , رَفَدَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى , وَهُوَ قَوْله : { وَيَوْم الْقِيَامَة بِئْسَ الرِّفْد الْمَرْفُود }
ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌسورة هود الآية رقم 100
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاء الْقُرَى نَقُصّهُ عَلَيْك مِنْهَا قَائِم وَحَصِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذَا الْقَصَص الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَك فِي هَذِهِ السُّورَة , وَالنَّبَأ الَّذِي أَنْبَأْنَاكَهُ فِيهَا مِنْ أَخْبَار الْقُرَى الَّتِي أَهْلَكْنَا أَهْلهَا بِكُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ , وَتَكْذِيبهمْ رُسُله , نَقُصّهُ عَلَيْك فَنُخْبِرك بِهِ . { مِنْهَا قَائِم } يَقُول : مِنْهَا بُنْيَانه بَائِد بِأَهْلِهِ هَالِك وَمِنْهَا قَائِم بُنْيَانه عَامِر , وَمِنْهَا حَصِيد بُنْيَانه خَرَاب مُتَدَاعٍ , قَدْ تَعَفَّى أَثَره دَارِس , مِنْ قَوْلهمْ : زَرْع حَصِيد : إِذَا كَانَ قَدْ اِسْتَوْصَلَ قَطْعه , وَإِنَّمَا هُوَ مَحْصُود , وَلَكِنَّهُ صُرِفَ إِلَى فَعِيل كَمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي نَظَائِره . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14290 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاء الْقُرَى نَقُصّهُ عَلَيْك مِنْهَا قَائِم وَحَصِيد } يَعْنِي بِالْقَائِمِ : قُرَى عَامِرَة . وَالْحَصِيد : قُرَى خَامِدَة 14291 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { قَائِم وَحَصِيد } قَالَ : قَائِم عَلَى عُرُوشهَا , وَحَصِيد : مُسْتَأْصَلَة * حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { مِنْهَا قَائِم } يُرَى مَكَانه , { وَحَصِيد } لَا يُرَى لَهُ أَثَر 14292 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { مِنْهَا قَائِم } قَالَ : خَاوٍ عَلَى عُرُوشه , { وَحَصِيد } مُلْزَق بِالْأَرْضِ 14293 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش : { مِنْهَا قَائِم وَحَصِيد } قَالَ : خَرَّ بُنْيَانه * - حَدَّثَنَا الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش : { مِنْهَا قَائِم وَحَصِيد } قَالَ : الْحَصِيد : مَا قَدْ خَرَّ بُنْيَانه 14294 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { مِنْهَا قَائِم وَحَصِيد } مِنْهَا قَائِم يُرَى أَثَره , وَحَصِيد بَادٍ لَا يُرَى
وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍسورة هود الآية رقم 101
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا عَاقَبْنَا أَهْل هَذِهِ الْقُرَى الَّتِي اِقْتَصَصْنَا نَبَأَهَا عَلَيْك يَا مُحَمَّد بِغَيْرِ اِسْتِحْقَاق مِنْهُمْ عُقُوبَتنَا , فَنَكُون بِذَلِكَ قَدْ وَضَعْنَا عُقُوبَتنَا هُمْ فِي غَيْر مَوْضِعهَا , { وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ } يَقُول : وَلَكِنَّهُمْ أَوْجَبُوا لِأَنْفُسِهِمْ بِمَعْصِيَتِهِمْ اللَّه وَكُفْرهمْ بِهِ , عُقُوبَته وَعَذَابه , فَأَحَلُّوا بِهَا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُحِلُّوهُ بِهَا , وَأَوْجَبُوا لَهَا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُوجِبُوهُ لَهَا .

{ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتهمْ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه مِنْ شَيْء } يَقُول : فَمَا دَفَعَتْ عَنْهُمْ آلِهَتهمْ الَّتِي يَدْعُونَهَا مِنْ دُون اللَّه وَيَدْعُونَهَا أَرْبَابًا مِنْ عِقَاب اللَّه وَعَذَابه إِذَا أَحَلَّهُ بِهِمْ رَبّهمْ مِنْ شَيْء وَلَا رَدَّتْ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنْهُ .

{ لَمَّا جَاءَ أَمْر رَبّك } يَا مُحَمَّد , يَقُول : لَمَّا جَاءَ قَضَاء رَبّك بِعَذَابِهِمْ , فَحَقَّ عَلَيْهِمْ عِقَابه وَنَزَلَ بِهِمْ سَخَطه .

{ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْر تَتْبِيب } يَقُول : وَمَا زَادَتْهُمْ آلِهَتهمْ عِنْد مَجِيء أَمْر رَبّك هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِعِقَابِ اللَّه غَيْر تَخْسِير وَتَدْمِير وَإِهْلَاك , يُقَال مِنْهُ : تَبَبْته أَتْبُبْهُ تَتْبِيبًا , وَمِنْهُ قَوْلهمْ لِلرَّجُلِ : تَبًّا لَك , قَالَ جَرِير : عَرَادَة مِنْ بَقِيَّة قَوْم لُوط أَلَا تَبًّا لِمَا فَعَلُوا تَبَابًا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14295 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سَعِيد بْن سَلَّام أَبُو الْحَسَن الْبَصْرِيّ , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ نُسَيْر بْن ذُعْلُوق , عَنْ اِبْن عُمَر فِي قَوْله : { وَمَا زَادُوهُمْ غَيْر تَتْبِيب } قَالَ : غَيْر تَخْسِير 14296 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { غَيْر تَتْبِيب } قَالَ : تَخْسِير * حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 14297 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة . { غَيْر تَتْبِيب } يَقُول : غَيْر تَخْسِير * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة . { غَيْر تَتْبِيب } قَالَ : غَيْر تَخْسِير وَهَذَا الْخَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره , وَإِنْ كَانَ خَبَرًا عَمَّنْ مَضَى مِنْ الْأُمَم قَبْلنَا , فَإِنَّهُ وَعِيد مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَنَا أَيَّتهَا الْأُمَّة أَنَّا إِنْ سَلَكْنَا سَبِيل الْأُمَم قَبْلنَا فِي الْخِلَاف عَلَيْهِ وَعَلَى رَسُوله , سَلَكَ بِنَا سَبِيلهمْ فِي الْعُقُوبَة , وَإِعْلَام مِنْهُ لِمَا أَنَّهُ لَا يَظْلِم أَحَدًا مِنْ خَلْقه , وَأَنَّ الْعِبَاد هُمْ الَّذِينَ يَظْلِمُونَ أَنْفُسهمْ . كَمَا : 14298 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , قَالَ . اِعْتَذَرَ - يَعْنِي رَبّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ - إِلَى خَلْقه , فَقَالَ : { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ } مِمَّا ذَكَرْنَا لَك مِنْ عَذَاب مَنْ عَذَّبْنَا مِنْ الْأُمَم , { وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتهمْ } حَتَّى بَلَغَ : { وَمَا زَادُوهُمْ غَيْر تَتْبِيب } قَالَ : مَا زَادَهُمْ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ غَيْر تَتْبِيب
وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌسورة هود الآية رقم 102
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَذَلِكَ أَخْذ رَبّك إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَة إِنَّ أَخْذه أَلِيم شَدِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَمَا أَخَذْت أَيّهَا النَّاس أَهْل هَذِهِ الْقُرَى الَّتِي اِقْتَصَصْت عَلَيْك نَبَأ أَهْلهَا بِمَا أَخَذْتهمْ بِهِ مِنْ الْعَذَاب , عَلَى خِلَافهمْ أَمْرِي وَتَكْذِيبهمْ رُسُلِي وَجُحُودهمْ آيَاتِي , فَكَذَلِكَ أَخْذِي الْقُرَى وَأَهْلهَا إِذَا أَخَذْتهمْ بِعِقَابِي وَهُمْ ظَلَمَة لِأَنْفُسِهِمْ بِكُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ وَإِشْرَاكهمْ بِهِ غَيْره وَتَكْذِيبهمْ رُسُله . { إِنَّ أَخْذه أَلِيم } يَقُول . إِنَّ أَخْذ رَبّكُمْ بِالْعِقَابِ مَنْ أَخَذَهُ أَلِيم , يَقُول : مُوجِع { شَدِيد } الْإِيجَاع , وَهَذَا أَمْر مِنْ اللَّه تَحْذِير لِهَذِهِ الْأُمَّة أَنْ يَسْلُكُوا فِي مَعْصِيَته طَرِيق مَنْ قَبْلهمْ مِنْ الْأُمَم الْفَاجِرَة , فَيَحِلّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ الْمَثُلَات . كَمَا : 14299 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي بُرْدَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي مُوسَى , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّه يُمْلِي " وَرُبَّمَا قَالَ : " يُمْهِل لِلظَّالِمِ , حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتهُ " ثُمَّ قَرَأَ : { وَكَذَلِكَ أَخْذ رَبّك إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَة } 14300 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : إِنَّ اللَّه حَذَّرَ هَذِهِ الْأُمَّة سَطْوَته بِقَوْلِهِ : { وَكَذَلِكَ أَخْذ رَبّك إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَة إِنَّ أَخْذه أَلِيم شَدِيد } وَكَانَ عَاصِم الْجَحْدَرِيّ يَقْرَأ ذَلِكَ : " وَكَذَلِكَ أَخْذ رَبّك إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَة } وَذَلِكَ قِرَاءَة لَا أَسْتَجِيز الْقِرَاءَة بِهَا لِخِلَافِهَا مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ وَمَا عَلَيْهِ قِرَاءَة الْأَمْصَار .
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌسورة هود الآية رقم 103
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة لِمَنْ خَافَ عَذَاب الْآخِرَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي أَخْذنَا مَنْ أَخَذْنَا مِنْ أَهْل الْقُرَى الَّتِي اِقْتَصَصْنَا خَبَرهَا عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس الْآيَة , يَقُول : لَعِبْرَة وَعِظَة لِمَنْ خَافَ عِقَاب اللَّه وَعَذَابه فِي الْآخِرَة مِنْ عِبَاده , وَحُجَّة عَلَيْهِ لِرَبِّهِ , وَزَاجِرًا يَزْجُرهُ عَنْ أَنْ يَعْصِي اللَّه وَيُخَالِفهُ فِيمَا أَمَرَهُ وَنَهَاهُ . وَقِيلَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّ فِيهِ عِبْرَة لِمَنْ خَافَ عَذَاب الْآخِرَة بِأَنَّ اللَّه سَيَفِي لَهُ بِوَعْدِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14301 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة لِمَنْ خَافَ عَذَاب الْآخِرَة } إِنَّا سَوْفَ نَفِي لَهُمْ بِمَا وَعَدْنَاهُمْ فِي الْآخِرَة كَمَا وَفَّيْنَا لِلْأَنْبِيَاءِ إِنَّا نَنْصُرهُمْ .

وَقَوْله : { ذَلِكَ يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس وَذَلِكَ يَوْم مَشْهُود } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الْيَوْم , يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة , { يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس } يَقُول : يَحْشُر اللَّه النَّاس مِنْ قُبُورهمْ , فَيَجْمَعهُمْ فِيهِ لِلْجَزَاءِ وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب . { وَذَلِكَ يَوْم مَشْهُود } يَقُول : وَهُوَ يَوْم تَشْهَدهُ الْخَلَائِق لَا يَتَخَلَّف مِنْهُمْ أَحَد , فَيَنْتَقِم حِينَئِذٍ مِمَّنْ عَصَى اللَّه وَخَالَفَ أَمْره وَكَذَّبَ رُسُله . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14302 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { ذَلِكَ يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس وَذَلِكَ يَوْم مَشْهُود } قَالَ : يَوْم الْقِيَامَة 14303 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله . 14304 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ يُوسُف الْمَكِّيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الشَّاهِد : مُحَمَّد , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْقِيَامَة . ثُمَّ قَرَأَ : { ذَلِكَ يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس وَذَلِكَ يَوْم مَشْهُود } - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : الشَّاهِد : مُحَمَّد , وَالْمَشْهُود : يَوْم الْقِيَامَة . ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : { ذَلِكَ يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس وَذَلِكَ يَوْم مَشْهُود } 14305 - حُدِّثْت عَنْ الْمُسَيِّب عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَوْله : { ذَلِكَ يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس وَذَلِكَ يَوْم مَشْهُود } قَالَ : ذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة , يَجْتَمِع فِيهِ الْخَلْق كُلّهمْ وَيَشْهَدهُ أَهْل السَّمَاء وَأَهْل الْأَرْض
وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍسورة هود الآية رقم 104
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا نُؤَخِّرهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُود } يَقُول تَعَالَى ذِكْره . وَمَا نُؤَخِّر يَوْم الْقِيَامَة عَنْكُمْ أَنْ نَجِيئكُمْ بِهِ إِلَّا لِآنٍ يُقْضَى , فَقَضَى لَهُ أَجَلًا فَعَدَّهُ وَأَحْصَاهُ , فَلَا يَأْتِي إِلَّا لِأَجَلِهِ ذَلِكَ , لَا يَتَقَدَّم مَجِيئُهُ قَبْل ذَلِكَ وَلَا يَتَأَخَّر .
يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌسورة هود الآية رقم 105
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { يَوْم يَأْتِ لَا تَكَلَّم نَفْس إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيّ وَسَعِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَوْم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة أَيّهَا النَّاس , وَتَقُوم السَّاعَة لَا تَكَلَّم نَفْس إِلَّا بِإِذْنِ رَبّهَا . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : " يَوْم يَأْتِي " فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة بِإِثْبَاتِ الْيَاء فِيهَا " يَوْم يَأْتِي لَا تَكَلَّم نَفْس " . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء أَهْل الْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ بِإِثْبَاتِ الْيَاء فِيهَا فِي الْوَصْل وَحَذْفهَا فِي الْوَقْف . وَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْكُوفَة . بِحَذْفِ الْيَاء فِي الْوَصْل وَالْوَقْف : " يَوْم يَأْتِ لَا تَكَلَّم نَفْس إِلَّا بِإِذْنِهِ " . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدِي : { يَوْم يَأْتِ } بِحَذْفِ الْيَاء فِي الْوَصْل وَالْوَقْف اِتِّبَاعًا لِخَطِّ الْمُصْحَف , وَأَنَّهَا لُغَة مَعْرُوفَة لِهُذَيْل , تَقُول : مَا أَدْرِ مَا تَقُول , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : كَفَّاك كَفّ مَا تُلِيق دِرْهَمًا جُودًا وَأُخْرَى تُعْطِ بِالسَّيْفِ الدَّمَا وَقِيلَ : { لَا تَكَلَّم } وَإِنَّمَا هِيَ " لَا تَتَكَلَّم " , فَحُذِفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ اِجْتِزَاء بِدَلَالَةِ الْبَاقِيَة مِنْهُمَا عَلَيْهَا . وَقَوْله : { فَمِنْهُمْ شَقِيّ وَسَعِيد } يَقُول : فَمِنْ هَذِهِ النُّفُوس الَّتِي لَا تَكَلَّم يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا بِإِذْنِ رَبّهَا , شَقِيّ وَسَعِيد وَعَادٍ عَلَى النَّفْس , وَهِيَ فِي اللَّفْظ وَاحِد بِذِكْرِ الْجَمِيع فِي قَوْله : { فَمِنْهُمْ شَقِيّ وَسَعِيد }
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌسورة هود الآية رقم 106
يَقُول : تَعَالَى ذِكْره : { فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّار لَهُمْ فِيهَا زَفِير } لَهُمْ , وَهُوَ أَوَّل نَهَاق الْحِمَار وَشَبَهه , { وَشَهِيق } وَهُوَ آخِر نَهِيقه إِذَا رَدَّدَهُ فِي الْجَوْف عِنْد فَرَاغه مِنْ نَهَاقِهِ , كَمَا قَالَ رُؤْبَة بْن الْعَجَّاج : حَشْرَجَ فِي الْجَوْف سَحِيلًا أَوْ شَهَقْ حَتَّى يُقَال نَاهِق وَمَا نَهَقْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14306 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق } يَقُول : صَوْت شَدِيد وَصَوْت ضَعِيف 14307 - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , فِي قَوْله : { لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق } قَالَ : الزَّفِير فِي الْحَلْق , وَالشَّهِيق فِي الصَّدْر * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة بِنَحْوِهِ . 14308 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : صَوْت الْكَافِر فِي النَّار صَوْت الْحِمَار , أَوَّله زَفِير وَآخِره شَهِيق 14309 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ وَمُحَمَّد بْن مَعْمَر الْبَحْرَانِيّ وَمُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى وَمُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالُوا : ثَنَا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان بْن سُفْيَان , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن دِينَار , عَنْ اِبْن عُمَر عَنْ عُمَر , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة { فَمِنْهُمْ شَقِيّ وَسَعِيد } سَأَلْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْت : يَا نَبِيّ اللَّه , فَعَلَامَ عَمَلنَا ؟ عَلَى شَيْء قَدْ فُرِغَ مِنْهُ أَمْ عَلَى شَيْء لَمْ يُفْرَغ مِنْهُ ؟ قَالَ : فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عَلَى شَيْء قَدْ فُرِغَ مِنْهُ يَا عُمَر وَجَرَتْ بِهِ الْأَقْلَام , وَلَكِنْ كُلّ مُيَسَّر لِمَا خُلِقَ لَهُ " اللَّفْظ لِحَدِيثِ اِبْن مَعْمَر .
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُسورة هود الآية رقم 107
وَقَوْله : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك إِنَّ رَبّك فَعَّال لِمَا يُرِيد } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { خَالِدِينَ فِيهَا } لَابِثِينَ فِيهَا , وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } أَبَدًا , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَصِف الشَّيْء بِالدَّوَامِ أَبَدًا , قَالَتْ : هَذَا دَائِم دَوَام السَّمَوَات وَالْأَرْض , بِمَعْنَى أَنَّهُ دَائِم أَبَدًا , وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ : هُوَ بَاقٍ مَا اِخْتَلَفَ اللَّيْل وَالنَّهَار , وَمَا سَمَرَ لَنَا سَمِير , وَمَا لَأْلَأَتْ الْعُفْر بِأَذْنَابِهَا يَعْنُونَ بِذَلِكَ كُلّه أَبَدًا . فَخَاطَبَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمَا يَتَعَارَفُونَ بِهِ بَيْنهمْ , فَقَالَ : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض } وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ : خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا . وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ بِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِيهِ : 14310 - حَدَّثَنَا يُونُس قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض } قَالَ : مَا دَامَتْ الْأَرْض أَرْضًا , وَالسَّمَاء سَمَاء . ثُمَّ قَالَ : { إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم وَالتَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هَذَا اِسْتِثْنَاء اِسْتَثْنَاهُ اللَّه فِي أَهْل التَّوْحِيد أَنَّهُ يُخْرِجهُمْ مِنْ النَّار إِذَا شَاءَ بَعْد أَنْ أَدْخَلَهُمْ النَّار . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14311 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } قَالَ : اللَّه أَعْلَم بِثُنْيَاهُ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَاسًا يُصِيبهُمْ سَفَع مِنْ النَّار بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا , ثُمَّ يُدْخِلهُمْ الْجَنَّة . حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } وَاَللَّه أَعْلَم بِثَنِيَّتِهِ , ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَاسًا يُصِيبهُمْ سَفَع مِنْ النَّار بِذُنُوبٍ أَصَابَتْهُمْ , ثُمَّ يُدْخِلهُمْ اللَّه الْجَنَّة بِفَضْلِ رَحْمَته , يُقَال لَهُمْ الْجُهَنَّمِيُّونَ 14312 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا شَيْبَان بْن فَرُّوخ , قَالَ : ثَنَا أَبُو هِلَال , قَالَ : ثَنَا قَتَادَة , وَتَلَا هَذِهِ الْآيَة : { فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق } إِلَى قَوْله : { لِمَا يُرِيد } فَقَالَ عِنْد ذَلِكَ : ثَنَا أَنَس بْن مَالِك أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَخْرُج قَوْم مِنْ النَّار " قَالَ قَتَادَة : وَلَا نَقُول مِثْل مَا يَقُول أَهْل حَرُورَاء 14313 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب , عَنْ أَبِي مَالِك , يَعْنِي ثَعْلَبَة , عَنْ أَبِي سِنَان , فِي قَوْله : { فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّار لَهُمْ فِيهَا زَفِير وَشَهِيق خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } قَالَ : اِسْتِثْنَاء فِي أَهْل التَّوْحِيد 14314 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم : { فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّار } إِلَى قَوْله : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } قَالَ : يَخْرُج قَوْم مِنْ النَّار فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّة , فَهُمْ الَّذِينَ اِسْتَثْنَى لَهُمْ 14315 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ , ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَامِر بْن جَشِب , عَنْ خَالِد بْن مَعْدَان فِي قَوْله : { لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا } وَقَوْله : { خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } أَنَّهُمَا فِي أَهْل التَّوْحِيد وَقَالَ آخَرُونَ : الِاسْتِثْنَاء فِي هَذِهِ الْآيَة فِي أَهْل التَّوْحِيد , إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا : مَعْنَى قَوْله : { إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } إِلَّا أَنْ يَشَاء رَبّك أَنْ يَتَجَاوَز عَنْهُمْ فَلَا يُدْخِلهُمْ النَّار . وَوَجَّهُوا الِاسْتِثْنَاء إِلَى أَنَّهُ مِنْ قَوْله : { فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّار إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } لَا مِنْ الْخُلُود ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14316 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : ثَنَا اِبْن التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي نَضْرَة , عَنْ جَابِر أَوْ أَبِي سَعِيد - يَعْنِي الْخُدْرِيّ - أَوْ عَنْ رَجُل مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي قَوْله : { إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك إِنَّ رَبّك فَعَّال لِمَا يُرِيد } قَالَ : " هَذِهِ الْآيَة تَأْتِي عَلَى الْقُرْآن كُلّه " , يَقُول : حَيْثُ كَانَ فِي الْقُرْآن { خَالِدِينَ فِيهَا } تَأْتِي عَلَيْهِ . قَالَ : وَسَمِعْت أَبَا مِجْلَز يَقُول : هُوَ جَزَاؤُهُ , فَإِنْ شَاءَ اللَّه تَجَاوَزَ عَنْ عَذَابه وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ أَهْل النَّار وَكُلّ مَنْ دَخَلَهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14317 - حُدِّثْت عَنْ الْمُسَيِّب عَمَّنْ ذَكَرَهُ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } لَا يَمُوتُونَ , وَلَا هُمْ مِنْهَا يُخْرَجُونَ مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض . { إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } قَالَ : اِسْتِثْنَاء اللَّه . قَالَ : يَأْمُر النَّار أَنْ تَأْكُلهُمْ . قَالَ : وَقَالَ اِبْن مَسْعُود : لَيَأْتِيَنَّ عَلَى جَهَنَّم زَمَان تَخْفِق أَبْوَابهَا لَيْسَ فِيهَا أَحَد , وَذَلِكَ بَعْد مَا يَلْبَثُونَ فِيهَا أَحْقَابًا 14318 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ بَيَان , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : جَهَنَّم أَسْرَع الدَّارَيْنِ عُمْرَانًا وَأَسْرَعهمَا خَرَابًا وَقَالَ آخَرُونَ : أَخْبَرَنَا اللَّه بِمَشِيئَتِهِ لِأَهْلِ الْجَنَّة , فَعَرَفْنَا مَعْنَى ثَنَيَاهُ بِقَوْلِهِ : { عَطَاء غَيْر مَجْذُوذ } أَنَّهَا فِي الزِّيَادَة عَلَى مِقْدَار مُدَّة السَّمَاوَات وَالْأَرْض , قَالَ : وَلَمْ يُخْبِرنَا بِمَشِيئَتِهِ فِي أَهْل النَّار , وَجَائِز أَنْ تَكُون مَشِيئَته فِي الزِّيَادَة وَجَائِز أَنْ تَكُون فِي النُّقْصَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14319 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { عَطَاء غَيْر مَجْذُوذ } قَالَ : وَأَخْبَرَنَا بِاَلَّذِي يَشَاء لِأَهْلِ الْجَنَّة , فَقَالَ : عَطَاء غَيْر مَجْذُوذ , وَلَمْ يُخْبِرنَا بِاَلَّذِي يَشَاء لِأَهْلِ النَّار وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال فِي تَأْوِيل هَذِهِ الْآيَة بِالصَّوَابِ , الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ قَتَادَة وَالضَّحَّاك , مِنْ أَنَّ ذَلِكَ اِسْتِثْنَاء فِي أَهْل التَّوْحِيد مِنْ أَهْل الْكَبَائِر أَنَّهُ يُدْخِلهُمْ النَّار , خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِلَّا مَا شَاءَ مِنْ تَرْكهمْ فِيهَا أَقَلّ مِنْ ذَلِكَ , ثُمَّ يُخْرِجهُمْ فَيُدْخِلهُمْ الْجَنَّة , كَمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَال بِالصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَوْعَدَ أَهْل الشِّرْك بِهِ الْخُلُود فِي النَّار , وَتَظَاهَرَتْ بِذَلِكَ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون اِسْتِثْنَاء فِي أَهْل الشِّرْك , وَأَنَّ الْأَخْبَار قَدْ تَوَاتَرَتْ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّه يُدْخِل قَوْمًا مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِهِ بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا النَّار ثُمَّ يُخْرِجهُمْ مِنْهَا فَيُدْخِلهُمْ الْجَنَّة فَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون ذَلِكَ اِسْتِثْنَاء أَهْل التَّوْحِيد قَبْل دُخُولهَا مَعَ صِحَّة الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا ذَكَرْنَا , وَأَنَّا إِنْ جَعَلْنَاهُ اِسْتِثْنَاء فِي ذَلِكَ كُنَّا قَدْ دَخَلْنَا فِي قَوْل مَنْ يَقُول : لَا يَدْخُل الْجَنَّة فَاسِق وَلَا النَّار مُؤْمِن , وَذَلِكَ خِلَاف مَذَاهِب أَهْل الْعِلْم وَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِذَا فَسَدَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ فَلَا قَوْل قَالَ بِهِ الْقُدْوَة مِنْ أَهْل الْعِلْم إِلَّا الثَّالِث . وَلِأَهْلِ الْعَرَبِيَّة فِي ذَلِكَ مَذْهَب غَيْر ذَلِكَ سَنَذْكُرُهُ بَعْد , وَنُبَيِّنهُ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . وَقَوْله : { إِنَّ رَبّك فَعَّال لِمَا يُرِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ رَبّك يَا مُحَمَّد لَا يَمْنَعهُ مَانِع مِنْ فِعْل مَا أَرَادَ فِعْله بِمَنْ عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْره مِنْ اِنْتِقَام مِنْهُ , وَلَكِنَّهُ يَفْعَل مَا يَشَاء , فَيَمْضِي فِعْله فِيهِمْ وَفِيمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقه فِعْله وَقَضَاءَهُ .
وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍسورة هود الآية رقم 108
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّة خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك عَطَاء غَيْر مَجْذُوذ } وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْحِجَاز وَالْبَصْرَة وَبَعْض . الْكُوفِيِّينَ : " وَأَمَّا الَّذِينَ سَعِدُوا " بِفَتْحِ السِّين , وَقَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ قُرَّاء الْكُوفَة : { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا } بِضَمِّ السِّين , بِمَعْنَى : رُزِقُوا السَّعَادَة . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ : { سَعِدُوا } فِيمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله , وَلَمْ يَقُلْ : " أُسْعِدُوا " , وَأَنْتَ لَا تَقُول فِي الْخَبَر فِيمَا سُمِّيَ فَاعِله سَعَدَهُ اللَّه , بَلْ إِنَّمَا تَقُول : أَسْعَدَهُ اللَّه ؟ قِيلَ : ذَلِكَ نَظِير قَوْلهمْ : هُوَ مَجْنُون مَحْبُوب فِيمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله , فَإِذَا سَمَّوْا فَاعِله , قِيلَ : أَجَنَّهُ اللَّه وَأَحَبَّهُ , وَالْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ كَثِيرًا . وَقَدْ بَيَّنَّا بَعْض ذَلِكَ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا . وَتَأْوِيل ذَلِكَ : وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا بِرَحْمَةِ اللَّه , فَهُمْ فِي الْجَنَّة خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض , يَقُول : أَبَدًا , إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك . فَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك مِنْ قَدْر مَا مَكَثُوا فِي النَّار قَبْل دُخُولهمْ الْجَنَّة , قَالُوا : وَذَلِكَ فِيمَنْ أُخْرِجَ مِنْ النَّار مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَأُدْخِلَ الْجَنَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14320 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّة خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض , إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } قَالَ : هُوَ أَيْضًا فِي الَّذِينَ يُخْرَجُونَ مِنْ النَّار فَيُدْخَلُونَ الْجَنَّة , يَقُول : خَالِدِينَ فِي الْجَنَّة مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض , { إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } يَقُول : إِلَّا مَا مَكَثُوا فِي النَّار حَتَّى أُدْخِلُوا الْجَنَّة وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك مِنْ الزِّيَادَة عَلَى قَدْر مُدَّة دَوَام السَّمَاوَات وَالْأَرْض , قَالَ : وَذَلِكَ هُوَ الْخُلُود فِيهَا أَبَدًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14321 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب , عَنْ أَبِي مَالِك , يَعْنِي ثَعْلَبَة , عَنْ أَبِي سِنَان : { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّة خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } قَالَ : وَمَشِيئَته خُلُودهمْ فِيهَا , ثُمَّ أَتْبَعَهَا فَقَالَ : { عَطَاء غَيْر مَجْذُوذ } وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه الِاسْتِثْنَاء فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ مَعْنَيَانِ : أَحَدهمَا أَنْ تَجْعَلهُ اِسْتِثْنَاء يَسْتَثْنِيه وَلَا يَفْعَلهُ , كَقَوْلِك : وَاَللَّه لَأَضْرِبَنَّك إِلَّا أَنْ أَرَى غَيْر ذَلِكَ , وَعَزْمك عَلَى ضَرْبه , قَالَ : فَكَذَلِكَ قَالَ : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } وَلَا يَشَاؤُهُ . قَالَ : وَالْقَوْل الْآخَر : أَنَّ الْعَرَب إِذَا اِسْتَثْنَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مَعَ مِثْله وَمَعَ مَا هُوَ أَكْثَر مِنْهُ كَانَ مَعْنَى إِلَّا وَمَعْنَى الْوَاو " سِوَى " فَمِنْ ذَلِكَ قَوْله : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } سِوَى مَا شَاءَ اللَّه مِنْ زِيَادَة الْخُلُود , فَيُجْعَل " إِلَّا " مَكَان " سِوَى " فَيَصْلُح , وَكَأَنَّهُ قَالَ : خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَات وَالْأَرْض سِوَى مَا زَادَهُمْ مِنْ الْخُلُود وَالْأَبَد . وَمِثْله فِي الْكَلَام أَنْ تَقُول : لِي عَلَيْك أَلْف إِلَّا الْأَلْفَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْله . قَالَ : وَهَذَا أَحَبّ الْوَجْهَيْنِ إِلَيَّ لِأَنَّ اللَّه لَا يُخْلِف وَعْده . وَقَدْ وَصَلَ الِاسْتِثْنَاء بِقَوْلِهِ : { عَطَاء غَيْر مَجْذُوذ } فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاء لَهُمْ بِقَوْلِهِ فِي الْخُلُود غَيْر مُنْقَطِع عَنْهُمْ . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ بِنَحْوِ هَذَا الْقَوْل , وَقَالُوا : جَائِز فِيهِ وَجْه ثَالِث , وَهُوَ أَنْ يَكُون اِسْتَثْنَى مِنْ خُلُودهمْ فِي الْجَنَّة اِحْتِبَاسهمْ عَنْهَا مَا بَيْن الْمَوْت وَالْبَعْث وَهُوَ الْبَرْزَخ إِلَى أَنْ يَصِيرُوا إِلَى الْجَنَّة . ثُمَّ هُوَ خُلُود الْأَبَد , يَقُول : فَلَمْ يَغِيبُوا عَنْ الْجَنَّة إِلَّا بِقَدْرِ إِقَامَتهمْ فِي الْبَرْزَخ . وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ : جَائِز أَنْ يَكُون دَوَام السَّمَوَات وَالْأَرْض بِمَعْنَى الْأَبَد عَلَى مَا تَعْرِف الْعَرَب وَتَسْتَعْمِل وَتَسْتَثْنِي الْمَشِيئَة مِنْ دَوَامهَا , لِأَنَّ أَهْل الْجَنَّة وَأَهْل النَّار قَدْ كَانُوا فِي وَقْت مِنْ أَوْقَات دَوَام السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي الدُّنْيَا لَا فِي الْجَنَّة , فَكَأَنَّهُ قَالَ : خَالِدِينَ فِي الْجَنَّة وَخَالِدِينَ فِي النَّار دَوَام السَّمَاء , وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك مِنْ تَعْمِيرهمْ فِي الدُّنْيَا قَبْل ذَلِكَ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ , الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْته عَنْ الضَّحَّاك , وَهُوَ { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّة خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } مِنْ قَدْر مُكْثهمْ فِي النَّار , مِنْ لَدُنْ دَخَلُوهَا إِلَى أَنْ أُدْخِلُوا الْجَنَّة , وَتَكُون الْآيَة مَعْنَاهَا الْخُصُوص , لِأَنَّ الْأَشْهَر مِنْ كَلَام الْعَرَب فِي " إِلَّا " تَوْجِيههَا إِلَى مَعْنَى الِاسْتِثْنَاء وَإِخْرَاج مَعْنَى مَا بَعْدهَا مِمَّا قَبْلهَا إِلَّا أَنْ يَكُون مَعَهَا دَلَالَة تَدُلّ عَلَى خِلَاف ذَلِكَ , وَلَا دَلَالَة فِي الْكَلَام , أَعْنِي فِي قَوْله : { إِلَّا مَا شَاءَ رَبّك } تَدُلّ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهَا غَيْر مَعْنَى الِاسْتِثْنَاء الْمَفْهُوم فِي الْكَلَام فَيُوَجِّه إِلَيْهِ . وَأَمَّا قَوْله : { عَطَاء غَيْر مَجْذُوذ } فَإِنَّهُ يَعْنِي عَطَاء مِنْ اللَّه غَيْر مَقْطُوع عَنْهُمْ , مِنْ قَوْلهمْ : جَذَذْت الشَّيْء أَجُذّهُ جَذًّا : إِذَا قَطَعْته , كَمَا قَالَ النَّابِغَة : تَجُذّ السَّلُوقِيَّ الْمُضَاعَف نَسْجه وَيُوقِدُنَّ بِالصُّفَّاحِ نَار الْحُبَاحِب يَعْنِي بِقَوْلِهِ : " تَجُذّ " : تَقْطَع . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14322 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { عَطَاء غَيْر مَجْذُوذ } قَالَ : غَيْر مَقْطُوع 14323 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { عَطَاء غَيْر مَجْذُوذ } يَقُول : غَيْر مُنْقَطِع 14324 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { عَطَاء غَيْر مَجْذُوذ } يَقُول : عَطَاء غَيْر مَقْطُوع 14325 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : مَجْذُوذ , قَالَ : مَقْطُوع - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { عَطَاء غَيْر مَجْذُوذ } قَالَ : غَيْر مَقْطُوع * قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 14326 - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , مِثْله . 14327 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج . عَنْ اِبْن جُرَيْج , مِثْله . - قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَوْله : { عَطَاء غَيْر مَجْذُوذ } قَالَ : أَمَّا هَذِهِ فَقَدْ أَمْضَاهَا , يَقُول : عَطَاء غَيْر مُنْقَطِع 14328 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { عَطَاء غَيْر مَجْذُوذ } غَيْر مَنْزُوع مِنْهُمْ
فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاء مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍسورة هود الآية رقم 109
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَا تَكُ فِي مِرْيَة مِمَّا يَعْبُد هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُد آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلَا تَكُ فِي شَكّ يَا مُحَمَّد مِمَّا يَعْبُد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمك مِنْ الْآلِهَة وَالْأَصْنَام أَنَّهُ ضَلَال وَبَاطِل وَأَنَّهُ بِاَللَّهِ شِرْك , مَا يَعْبُد هَؤُلَاءِ إِلَّا كَمَا يَعْبُد آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْل , يَقُول : إِلَّا كَعِبَادَةِ آبَائِهِمْ مِنْ قَبْل عِبَادَتهمْ لَهَا . يُخْبِر تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوا مَا عَبَدُوا مِنْ الْأَوْثَان إِلَّا اِتِّبَاعًا مِنْهُمْ مِنْهَاج آبَائِهِمْ , وَاقْتِفَاء مِنْهُمْ آثَارهمْ فِي عِبَادَتِهِمُوهَا , لَا عَنْ أَمْر اللَّه إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ , وَلَا بِحُجَّةٍ تَبَيَّنُوهَا تُوجِب عَلَيْهِمْ عِبَادَتهَا . ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَبِيّه مَا هُوَ فَاعِل بِهِمْ لِعِبَادَتِهِمْ ذَلِكَ ,

فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبهمْ غَيْر مَنْقُوص } يَعْنِي : حَظّهمْ مِمَّا وَعَدْتهمْ أَنْ أُوَفِّيهُمُوهُ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ , غَيْر مَنْقُوص , يَقُول : لَا أَنْقُصهُمْ مِمَّا وَعَدْتهمْ , بَلْ أُتْمِمُ ذَلِكَ لَهُمْ عَلَى التَّمَام وَالْكَمَال . كَمَا : 14329 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبهمْ غَيْر مَنْقُوص } قَالَ : مَا وُعِدُوا فِيهِ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَمُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَا : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله , إِلَّا أَنَّ أَبَا كُرَيْب قَالَ فِي حَدِيثه : مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ شَرِيك , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبهمْ غَيْر مَنْقُوص } قَالَ : مَا قَدَّرَ لَهُمْ مِنْ الْخَيْر وَالشَّرّ - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبهمْ غَيْر مَنْقُوص } قَالَ : مَا يُصِيبهُمْ خَيْر أَوْ شَرّ 14330 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ . قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله { وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبهمْ غَيْر مَنْقُوص } قَالَ : نَصِيبهمْ مِنْ الْعَذَاب
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍسورة هود الآية رقم 110
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب فَاخْتُلِفَ فِيهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُسَلِّيًا نَبِيّه فِي تَكْذِيب مُشْرِكِي قَوْمه إِيَّاهُ فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه بِفِعْلِ بَنِي إِسْرَائِيل بِمُوسَى فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , يَقُول لَهُ تَعَالَى ذِكْره : وَلَا يَحْزُنك يَا مُحَمَّد تَكْذِيب هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَك , وَامْضِ لِمَا أَمَرَك بِهِ رَبّك مِنْ تَبْلِيغ رِسَالَته , فَإِنَّ الَّذِي يَفْعَل بِك هَؤُلَاءِ مِنْ رَدّ مَا جِئْتهمْ بِهِ عَلَيْك مِنْ النَّصِيحَة مِنْ فِعْل ضُرَبَائِهِمْ مِنْ الْأُمَم قَبْلهمْ وَسُنَّة مِنْ سُنَّتهمْ . ثُمَّ أَخْبَرَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمَا فَعَلَ قَوْم مُوسَى بِهِ , فَقَالَ : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب } يَعْنِي التَّوْرَاة , كَمَا آتَيْنَاك الْفُرْقَان , فَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ الْكِتَاب قَوْم مُوسَى فَكَذَّبَ بِهِ بَعْضهمْ وَصَدَّقَ بِهِ بَعْضهمْ , كَمَا قَدْ فَعَلَ قَوْمك بِالْفُرْقَانِ مِنْ تَصْدِيق بَعْض بِهِ وَتَكْذِيب بَعْض .

{ وَلَوْلَا كَلِمَة سَبَقَتْ مِنْ رَبّك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْلَا كَلِمَة سَبَقَتْ يَا مُحَمَّد مِنْ رَبّك بِأَنَّهُ لَا يُعَجِّل عَلَى خَلْقه الْعَذَاب , وَلَكِنْ يَتَأَنَّى حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله

{ لَقُضِيَ بَيْنهمْ } يَقُول : لَقُضِيَ بَيْن الْمُكَذِّب مِنْهُمْ بِهِ وَالْمُصَدِّق بِإِهْلَاكِ اللَّه الْمُكَذِّب بِهِ مِنْهُمْ وَإِنْجَائِهِ الْمُصَدِّق بِهِ .

{ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكّ مِنْهُ مُرِيب } يَقُول : وَإِنَّ الْمُكَذِّبِينَ بِهِ مِنْهُمْ لَفِي شَكّ مِنْ حَقِيقَته أَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه مُرِيب , يَقُول : يَرِيبهُمْ فَلَا يَدْرُونَ أَحَقّ هُوَ أَمْ بَاطِل , وَلَكِنَّهُمْ فِيهِ مُمْتَرُونَ .
وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌسورة هود الآية رقم 111
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبّك أَعْمَالهمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِير } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ جَمَاعَة مِنْ قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْكُوفَة : { وَإِنَّ } مُشَدَّدَة { كُلًّا لَمَّا } مُشَدَّدَة . وَاخْتَلَفَتْ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ : مَعْنَاهُ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ وَإِنَّ كُلًّا لَمَمَا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبّك أَعْمَالهمْ , وَلَكِنْ لَمَّا اِجْتَمَعَتْ الْمِيمَات حُذِفَتْ وَاحِدَة فَبَقِيَتْ ثِنْتَانِ , فَأُدْغِمَتْ وَاحِدَة فِي الْأُخْرَى , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَإِنِّي لَمَّا أُصْدِر الْأَمْر وَجْهه إِذَا هُوَ أَعْيَا بِالنَّبِيلِ مَصَادِره ثُمَّ تُخَفَّف , كَمَا قَرَأَ بَعْض الْقُرَّاء : " وَالْبَغْي يَعِظكُمْ " يُخَفَّف الْيَاء مَعَ الْيَاء , وَذُكِرَ أَنَّ الْكِسَائِيّ أَنْشَدَهُ : وَأَشْمَتّ الْعُدَاة بِنَا فَأَضْحُوا لَدَيْ يَتَبَاشَرُونَ بِمَا لَقَيْنَا وَقَالَ : يُرِيد : لَدَيَّ يَتَبَاشَرُونَ بِمَا لَقَيْنَا , فَحَذَفَ " يَاء " لِحَرَكَتِهِنَّ وَاجْتِمَاعهنَّ , قَالَ : وَمِثْله : كَانَ مِنْ آخِرهَا إِلْقَادِم مَخْرِم نَجْد فَارِع الْمَخَارِم وَقَالَ : أَرَادَ إِلَى الْقَادِم , فَحَذَفَ اللَّام عِنْد اللَّام . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ : { وَإِنَّ كُلًّا } شَدِيدًا وَحَقًّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبّك أَعْمَالهمْ . قَالَ : وَإِنَّمَا يُرَاد إِذَا قُرِئَ ذَلِكَ كَذَلِكَ : { وَإِنَّ كُلًّا لَمًّا } بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّنْوِين , وَلَكِنْ قَارِئ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَذَفَ مِنْهُ التَّنْوِين , فَأَخْرَجَهُ عَلَى لَفْظ " فَعْلَى " لَمَّا كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي قَوْله : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلنَا تَتْرَى } فَقَرَأَ " تَتْرَى " بَعْضهمْ بِالتَّنْوِينِ , كَمَا قَرَأَ مَنْ قَرَأَ : " لَمًّا " بِالتَّنْوِينِ , وَقَرَأَ آخَرُونَ بِغَيْرِ تَنْوِين , كَمَا قَرَأَ { لَمَّا } بِغَيْرِ تَنْوِين مَنْ قَرَأَهُ , وَقَالُوا : أَصْله مِنْ اللَّمّ مِنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { وَتَأْكُلُونَ التُّرَاث أَكْلًا لَمًّا } يَعْنِي أَكْلًا شَدِيدًا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ : وَإِنَّ كُلًّا إِلَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ , كَمَا يَقُول الْقَائِل : لَقَدْ قُمْت عَنَّا , وَبِاَللَّهِ إِلَّا قُمْت عَنَّا . وَوَجَدْت عَامَّة أَهْل الْعِلْم بِالْعَرَبِيَّةِ يُنْكِرُونَ هَذَا الْقَوْل , وَيَأْبَوْنَ أَنْ يَكُون جَائِزًا تَوْجِيه " لَمَّا " إِلَى مَعْنَى " إِلَّا " فِي الْيَمِين خَاصَّة , وَقَالُوا : لَوْ جَازَ أَنْ يَكُون ذَلِكَ بِمَعْنَى إِلَّا جَازَ أَنْ يُقَال : قَامَ الْقَوْم لَمَّا أَخَاك , بِمَعْنَى : إِلَّا أَخَاك , وَدُخُولهَا فِي كُلّ مَوْضِع صَلَحَ دُخُول إِلَّا فِيهِ . وَأَنَا أَرَى أَنَّ ذَلِكَ فَاسِد مِنْ وَجْه هُوَ أَبْيَن مِمَّا قَالَهُ الَّذِينَ حَكَيْنَا قَوْلهمْ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة إِنَّ فِي فَسَاده , وَهُوَ أَنَّ " إِنَّ " إِثْبَات لِلشَّيْءِ وَتَحْقِيق لَهُ , " وَإِلَّا " أَيْضًا تَحْقِيق أَيْضًا , وَإِنَّمَا تَدْخُل نَقْصًا لِجَحْدٍ قَدْ تَقَدَّمَهَا . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهَا فَوَاجِب أَنْ تَكُون عِنْد مُتَأَوِّلهَا التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْهُ , أَنْ تَكُون بِمَعْنَى الْجَحْد عِنْده , حَتَّى تَكُون إِلَّا نَقْضًا لَهَا . وَذَلِكَ إِنْ قَالَهُ قَائِل قَوْل لَا يَخْفَى جَهْل قَائِله , اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُخَفِّف قَارِئ " إِنَّ " فَيَجْعَلهَا بِمَعْنَى " إِنْ " الَّتِي تَكُون بِمَعْنَى الْجَحْد . وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَسَدَتْ قِرَاءَته ذَلِكَ كَذَلِكَ أَيْضًا مِنْ وَجْه آخَر , وَهُوَ أَنَّهُ يَصِير حِينَئِذٍ نَاصِبًا لِ " كُلّ " بِقَوْلِهِ : لَيُوَفِّيَنَّهُمْ , وَلَيْسَ فِي الْعَرَبِيَّة أَنْ يَنْصِب مَا بَعْد " إِلَّا " مِنْ الْفِعْل الِاسْم الَّذِي قَبْلهَا , لَا تَقُول الْعَرَب : مَا زَيْدًا إِلَّا ضَرَبْت , فَيَفْسُد ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ مِنْ هَذَا الْوَجْه إِلَّا أَنْ يَرْفَع رَافِع الْكُلّ , فَيُخَالِف بِقِرَاءَتِهِ ذَلِكَ كَذَلِكَ قِرَاءَة الْقُرَّاء وَخَطّ مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ , وَلَا يَخْرُج بِذَلِكَ مِنْ الْعَيْب بِخُرُوجِهِ مِنْ مَعْرُوف كَلَام الْعَرَب . وَقَدْ قَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : " وَإِنْ كُلًّا " بِتَخْفِيفِ " إِنَّ " وَنَصْب " كُلًّا " { لَمَّا } مُشَدَّدَة . وَزَعَمَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّ قَارِئ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَرَادَ " إِنَّ " الثَّقِيلَة فَخَفَّفَهَا . وَذُكِرَ عَنْ أَبِي زَيْد الْبَصْرِيّ أَنَّهُ سَمِعَ : كَأَنَّ ثَدْيَيْهِ حُقَّانِ , فَنَصَبَ ب " كَأَنَّ " , وَالنُّون مُخَفَّفَة مِنْ " كَأَنَّ " , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : وَوَجْه مُشْرِق النَّحْر كَأَنَّ ثَدْيَيْهِ حُقَّانِ وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْمَدَنِيِّينَ بِتَخْفِيفِ " إِنَّ " وَنَصْب " كُلًّا " وَتَخْفِيف " لَمَّا " . وَقَدْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُون قَارِئ ذَلِكَ كَذَلِكَ قَصَدَ الْمَعْنَى الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْ قَارِئ الْكُوفَة مِنْ تَخْفِيفه نُون " إِنَّ " وَهُوَ يُرِيد تَشْدِيدهَا , وَيُرِيد بِمَا الَّتِي فِي " لَمَّا " الَّتِي تَدْخُل فِي الْكَلَام صِلَة , وَأَنْ يَكُون قَصَدَ إِلَى تَحْمِيل الْكَلَام مَعْنَى : وَإِنْ كُلًّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ , وَيَجُوز أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ كَانَ فِي قِرَاءَته ذَلِكَ كَذَلِكَ : وَإِنْ كُلًّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ أَيْ لَيُوَفِّيَنَّ كُلًّا , فَيَكُون نِيَّته فِي نَصْب " كُلّ " كَانَتْ بِقَوْلِهِ : " لَيُوَفِّيَنَّهُمْ " , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَرَادَ فَفِيهِ مِنْ الْقُبْح مَا ذَكَرْت مِنْ خِلَافه كَلَام الْعَرَب , وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَنْصِب بِفِعْلٍ بَعْد لَام الْيَمِين اِسْمًا قَبْلهَا . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض أَهْل الْحِجَاز وَالْبَصْرَة : " وَإِنَّ " مُشَدَّدَة " كُلًّا لَمَّا " مُخَفَّفَة { لَيُوَفِّيَنَّهُمْ } وَلِهَذِهِ الْقِرَاءَة وَجْهَانِ مِنْ الْمَعْنَى : أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون قَارِئُهَا أَرَادَ : وَإِنَّ كُلًّا لَمَنْ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبّك أَعْمَالهمْ , فَيُوَجِّه " مَا " الَّتِي فِي " لَمَّا " إِلَى مَعْنَى " مَنْ " كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاء } وَإِنْ كَانَ أَكْثَر اِسْتِعْمَال الْعَرَب لَهَا فِي غَيْر بَنِي آدَم , وَيَنْوِي بِاللَّامِ الَّتِي فِي " لَمَّا " اللَّام الَّتِي يَتَلَقَّى بِهَا " وَإِنَّ " جَوَابًا لَهَا , وَبِاللَّامِ الَّتِي فِي قَوْله : { لَيُوَفِّيَنَّهُمْ } لَام الْيَمِين دَخَلَتْ فِيمَا بَيْن مَا وَصِلَتهَا , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ } وَكَمَا يُقَال هَذَا مَا لِغَيْرِهِ أَفْضَل مِنْهُ . وَالْوَجْه الْآخَر : أَنْ يَجْعَل " مَا " الَّتِي فِي " لَمَّا " بِمَعْنَى " مَا " الَّتِي تَدْخُل صِلَة فِي الْكَلَام , وَاللَّام الَّتِي فِيهَا اللَّام الَّتِي يُجَاب بِهَا , وَاللَّام الَّتِي فِي : { لَيُوَفِّيَنَّهُمْ } هِيَ أَيْضًا اللَّام الَّتِي يُجَاب بِهَا " إِنَّ " كُرِّرَتْ وَأُعِيدَتْ , إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَوْضِعهَا , وَكَانَتْ الْأُولَى مِمَّا تُدْخِلهَا الْعَرَب فِي غَيْر مَوْضِعهَا ثُمَّ تُعِيدهَا بَعْد فِي مَوْضِعهَا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَلَوْ أَنَّ قَوْمِي لَمْ يَكُونُوا أَعِزَّة لَبَعْد لَقَدْ لَاقَيْت لَا بُدّ مَصْرَعَا وَقَرَأَ ذَلِكَ الزُّهْرِيّ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ : { وَإِنَّ كُلًّا } بِتَشْدِيدِ إِنَّ وَلَمَّا بِتَنْوِينِهَا , بِمَعْنَى : شَدِيدًا وَحَقًّا وَجَمِيعًا . وَأَصَحّ هَذِهِ الْقِرَاءَات مَخْرَجًا عَلَى كَلَام الْعَرَب الْمُسْتَفِيض فِيهِمْ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : " وَإِنَّ " بِتَشْدِيدِ نُونهَا , " كُلًّا لَمَا " بِتَخْفِيفِ مَا { لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبّك } بِمَعْنَى : وَإِنَّ كُلّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَصَصْنَا عَلَيْك يَا مُحَمَّد قَصَصهمْ فِي هَذِهِ السُّورَة , لِمَنْ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبّك أَعْمَالهمْ بِالصَّالِحِ مِنْهَا بِالْجَزِيلِ مِنْ الثَّوَاب , وَبِالطَّالِحِ مِنْهَا بِالشَّدِيدِ مِنْ الْعِقَاب , فَتَكُون " مَا " بِمَعْنَى " مَنْ " وَاللَّام الَّتِي فِيهَا جَوَابًا لِأَنَّ وَاللَّام فِي قَوْله : { لَيُوَفِّيَنَّهُمْ } لَام قَسَم . وَقَوْله : { إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ رَبّك بِمَا يَعْمَل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ مِنْ قَوْمك يَا مُحَمَّد , خَبِير , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ عَمَلهمْ بَلْ يُخْبِر ذَلِكَ كُلّه وَيَعْلَمهُ وَيُحِيط بِهِ حَتَّى يُجَازِيهِمْ عَلَى جَمِيع ذَلِكَ جَزَاءَهُمْ .
فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌسورة هود الآية رقم 112
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْت وَمَنْ تَابَ مَعَك وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَاسْتَقِمْ أَنْتَ يَا مُحَمَّد عَلَى أَمْر رَبّك وَالدِّين الَّذِي اِبْتَعَثَك بِهِ وَالدُّعَاء إِلَيْهِ , كَمَا أَمَرَك رَبّك . { وَمَنْ تَابَ مَعَك } يَقُول : وَمَنْ رَجَعَ مَعَك إِلَى طَاعَة اللَّه وَالْعَمَل بِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَبّه مِنْ بَعْد كُفْره . { وَلَا تَطْغَوْا } يَقُول : وَلَا تَعْدُوا أَمْره إِلَى مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ . { إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير } يَقُول : إِنَّ رَبّكُمْ أَيّهَا النَّاس بِمَا تَعْمَلُونَ مِنْ الْأَعْمَال كُلّهَا طَاعَتهَا وَمَعْصِيَتهَا بَصِير ذُو عِلْم بِهَا , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء , وَهُوَ لِجَمِيعِهَا مُبْصِر يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَاتَّقُوا اللَّه أَيّهَا النَّاس أَنْ يَطَّلِع عَلَيْكُمْ رَبّكُمْ وَأَنْتُمْ عَامِلُونَ بِخِلَافِ أَمْره فَإِنَّهُ ذُو عِلْم بِمَا تَعْلَمُونَ , وَهُوَ لَكُمْ بِالْمِرْصَادِ . وَكَانَ اِبْن عُيَيْنَة يَقُول فِي مَعْنَى قَوْله : { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْت } مَا : 14331 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , عَنْ سُفْيَان فِي قَوْله : { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْت } قَالَ : اِسْتَقِمْ عَلَى الْقُرْآن . 14332 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا تَطْغَوْا } قَالَ : الطُّغْيَان : خِلَاف اللَّه وَرُكُوب مَعْصِيَته ذَلِكَ الطُّغْيَان.
وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَسورة هود الآية رقم 113
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسّكُمْ النَّار وَمَا لَكُمْ مِنْ دُون اللَّه مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَمِيلُوا أَيّهَا النَّاس إِلَى قَوْل هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ , فَتَقْبَلُوا مِنْهُمْ وَتَرْضَوْا أَعْمَالهمْ , فَتَمَسّكُمْ النَّار بِفِعْلِكُمْ ذَلِكَ , وَمَا لَكُمْ مِنْ دُون اللَّه مِنْ نَاصِر يَنْصُركُمْ وَوَلِيّ يَلِيكُمْ . { ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ } يَقُول : فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَمْ يَنْصُركُمْ اللَّه , بَلْ يُخَلِّيكُمْ مِنْ نُصْرَته وَيُسَلِّط عَلَيْكُمْ عَدُوّكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14333 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسّكُمْ النَّار } يَعْنِي : الرُّكُون إِلَى الشِّرْك 14334 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة : { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا } يَقُول : لَا تَرْضَوْا أَعْمَالهمْ - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة : { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا } يَقُول : لَا تَرْضَوْا أَعْمَالهمْ , يَقُول : الرُّكُون الرِّضَا - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , فِي قَوْله : { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا } قَالَ : لَا تَرْضَوْا أَعْمَالهمْ فَتَمَسّكُمْ النَّار 14335 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا } قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : وَلَا تَمِيلُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا 14336 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسّكُمْ النَّار } يَقُول : لَا تَلْحَقُوا بِالشِّرْكِ , وَهُوَ الَّذِي خَرَجْتُمْ مِنْهُ 14337 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسّكُمْ النَّار } قَالَ : الرُّكُون : الْإِدْهَان . وَقَرَأَ : { وَدُّوا لَوْ تُدْهِن فَيُدْهِنُونَ } قَالَ : تَرْكَن إِلَيْهِمْ , وَلَا تُنْكِر عَلَيْهِمْ الَّذِي قَالُوا : وَقَدْ قَالُوا الْعَظِيم مِنْ كُفْرهمْ بِاَللَّهِ وَكِتَابه وَرُسُله . قَالَ : وَإِنَّمَا هَذَا لِأَهْلِ الْكُفْر وَأَهْل الشِّرْك وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْإِسْلَام , أَمَّا أَهْل الذُّنُوب مِنْ أَهْل الْإِسْلَام فَاَللَّه أَعْلَم بِذُنُوبِهِمْ وَأَعْمَالهمْ , مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُصَالِح عَلَى شَيْء مِنْ مَعَاصِي اللَّه وَلَا يَرْكَن إِلَيْهِ فِيهَا
وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَسورة هود الآية رقم 114
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَقِمْ الصَّلَاة يَا مُحَمَّد , يَعْنِي صَلِّ طَرَفَيْ النَّهَار , يَعْنِي الْغَدَاة وَالْعَشِيّ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّتِي عُنِيَتْ بِهَذِهِ الْآيَة مِنْ صَلَوَات الْعَشِيّ بَعْد إِجْمَاع جَمِيعهمْ عَلَى أَنَّ الَّتِي عُنِيَتْ مِنْ صَلَاة الْغَد : الْفَجْر , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَتْ بِذَلِكَ صَلَاة الظُّهْر وَالْعَصْر , قَالُوا : وَهُمَا مِنْ صَلَاة الْعَشِيّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14338 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } قَالَ : الْفَجْر , وَصَلَاتَيْ الْعَشِيّ , يَعْنِي الظُّهْر وَالْعَصْر * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } قَالَ : صَلَاة الْفَجْر , وَصَلَاة الْعَشِيّ . 14339 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ أَفْلَح بْن سَعِيد , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ يَقُول : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } قَالَ : فَطَرَفَا النَّهَار : الْفَجْر وَالظُّهْر وَالْعَصْر - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا أَبُو مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } قَالَ : الْفَجْر وَالظُّهْر وَالْعَصْر وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِهَا صَلَاة الْمَغْرِب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14340 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } يَقُول : صَلَاة الْغَدَاة وَصَلَاة الْمَغْرِب 14341 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } قَالَ . صَلَاة الْغَدَاة وَالْمَغْرِب 14342 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } الصُّبْح , وَالْمَغْرِب وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِهَا : صَلَاة الْعَصْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14343 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عَبْدَة بْن سُلَيْمَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } قَالَ : صَلَاة الْفَجْر وَالْعَصْر 14344 - قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن حُبَاب , عَنْ أَفْلَح بْن سَعِيد الْقُبَائِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } الْفَجْر وَالْعَصْر 14345 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثَنَا أَبُو رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } قَالَ : صَلَاة الصُّبْح وَصَلَاة الْعَصْر - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن عَلِيّ الصُّدَائِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبِي , قَالَ : ثَنَا مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : قَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } قَالَ : طَرَفَيْ النَّهَار : الْغَدَاة وَالْعَصْر 14346 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } يَعْنِي صَلَاة الْعَصْر وَالصُّبْح - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مُبَارَك بْن فَضَالَة , عَنْ الْحَسَن : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } الْغَدَاة وَالْعَصْر * حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن حُبَاب , عَنْ أَفْلَح بْن زَيْد , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } الْفَجْر وَالْعَصْر * حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثَنَا قُرَّة , عَنْ الْحَسَن : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } قَالَ : الْغَدَاة وَالْعَصْر وَقَالَ بَعْضهمْ : بَلْ عَنَى بِطَرَفَيْ النَّهَار : الظُّهْر , وَالْعَصْر , وَبِقَوْلِهِ : { زُلَفًا مِنْ اللَّيْل } الْمَغْرِب , وَالْعِشَاء , وَالصُّبْح . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : هِيَ صَلَاة الْمَغْرِب كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَإِنَّمَا قُلْنَا هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِإِجْمَاع الْجَمِيع عَلَى أَنَّ صَلَاة أَحَد الطَّرَفَيْنِ مِنْ ذَلِكَ صَلَاة الْفَجْر , وَهِيَ تُصَلَّى قَبْل طُلُوع الشَّمْس , فَالْوَاجِب إِذْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعهمْ إِجْمَاعًا أَنْ تَكُون صَلَاة الطَّرَف الْآخَر الْمَغْرِب , لِأَنَّهَا تُصَلَّى بَعْد غُرُوب الشَّمْس , وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا أَنْ يَكُون مُرَادًا بِصَلَاةِ أَحَد الطَّرَفَيْنِ قَبْل غُرُوب الشَّمْس وَجَبَ أَنْ يَكُون مُرَادًا بِصَلَاةِ الطَّرَف الْآخَر بَعْد طُلُوعهَا , وَذَلِكَ مَا لَا نَعْلَم قَائِلًا قَالَهُ إِلَّا مَنْ قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ صَلَاة الظُّهْر وَالْعَصْر , وَذَلِكَ قَوْل لَا يُخَيَّل فَسَاده , لِأَنَّهُمَا إِلَى أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا مِنْ صَلَاة أَحَد الطَّرَفَيْنِ أَقْرَب مِنْهُمَا إِلَى أَنْ يَكُونَا مِنْ صَلَاة طَرَفَيْ النَّهَار , وَذَلِكَ أَنَّ الظُّهْر لَا شَكّ أَنَّهَا تُصَلَّى بَعْد مُضِيّ نِصْف النَّهَار فِي النِّصْف الثَّانِي مِنْهُ , فَمُحَال أَنْ تَكُون مِنْ طَرَف النَّهَار الْأَوَّل وَهِيَ فِي طَرَفه الْآخَر . فَإِذَا كَانَ لَا قَائِل مِنْ أَهْل الْعِلْم يَقُول : عَنَى بِصَلَاةِ طَرَف النَّهَار الْأَوَّل صَلَاة بَعْد طُلُوع الشَّمْس , وَجَبَ أَنْ يَكُون غَيْر جَائِز أَنْ يُقَال : عَنَى بِصَلَاةِ طَرَف النَّهَار الْآخَر صَلَاة قَبْل غُرُوبهَا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْقَوْل وَفَسَدَ مَا خَالَفَهُ.

وَأَمَّا قَوْله : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } فَإِنَّهُ يَعْنِي : سَاعَات مِنْ اللَّيْل , وَهِيَ جَمْع زُلْفَة , وَالزُّلْفَة . السَّاعَة وَالْمَنْزِلَة وَالْقُرْبَة . وَقِيلَ : إِنَّمَا سُمِّيَتْ الْمُزْدَلِفَة وَجُمِعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مَنْزِل بِهَدِّ عَرَفَة . وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِازْدِلَافِ آدَم مِنْ عَرَفَة إِلَى حَوَّاء وَهِيَ بِهَا , وَمِنْهُ قَوْل الْعَجَّاج فِي صِفَة بَعِير : نَاجٍ طَوَاهُ الْأَيْنَ مِمَّا وَجَفَا طَيّ اللَّيَالِي زُلَفًا فَزُلَفَا وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْعِرَاق : { وَزُلَفًا } بِضَمِّ الزَّاي وَفَتْح اللَّام . وَقَرَأَهُ بَعْض أَهْل الْمَدِينَة بِضَمِّ الزَّاي وَاللَّام , كَأَنَّهُ وَجَّهَهُ إِلَى أَنَّهُ وَاحِد وَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحُلْم . وَقَرَأَ بَعْض الْمَكِّيِّينَ : " وَزُلَفًا " ضَمّ الزَّاي وَتَسْكِين اللَّام . وَأَعْجَب الْقِرَاءَات فِي ذَلِكَ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأهَا : { وَزُلَفًا مِنْ ضَمّ الزَّاي وَفَتْح اللَّام , عَلَى مَعْنَى جَمْع زُلْفَة , كَمَا تُجْمَع غُرْفَة غُرَف , وَحُجْرَة حُجَر . وَإِنَّمَا اِخْتَرْت قِرَاءَة ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ صَلَاة الْعِشَاء الْآخِرَة إِنَّمَا تُصَلَّى بَعْد مُضِيّ زُلَف مِنْ اللَّيْل , وَهِيَ الَّتِي عُنِيَتْ عِنْدِي بِقَوْلِهِ : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14347 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قَالَ : السَّاعَات مِنْ اللَّيْل صَلَاة الْعَتَمَة حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 14348 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { زُلَفًا مِنْ اللَّيْل } يَقُول : صَلَاة الْعَتَمَة 14349 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قَالَ : الْعِشَاء 14350 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي زَيْد , قَالَ : كَانَ اِبْن عَبَّاس يُعْجِبهُ التَّأْخِير بِالْعِشَاءِ , وَيَقْرَأ : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : 34 { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قَالَ : سَاعَة مِنْ اللَّيْل , صَلَاة الْعَتَمَة 14351 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قَالَ : الْعَتَمَة , وَمَا سَمِعْت أَحَدًا مِنْ فُقَهَائِنَا وَمَشَايِخنَا , يَقُول الْعِشَاء , مَا يَقُولُونَ إِلَّا الْعَتَمَة وَقَالَ قَوْم : الصَّلَاة الَّتِي أَمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِقَامَتِهَا زُلَفًا مِنْ اللَّيْل , صَلَاة الْمَغْرِب وَالْعِشَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14352 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم وَابْن وَكِيع , وَاللَّفْظ لِيَعْقُوب , قَالَا : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثَنَا أَبُو رَجَاء عَنْ الْحَسَن : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قَالَ : هُمَا زُلْفَتَانِ مِنْ اللَّيْل : صَلَاة الْمَغْرِب , وَصَلَاة الْعِشَاء . * حَدَّثَنِي اِبْن حُمَيْد وَابْن وَكِيع , قَالَا ثَنَا جَرِير , عَنْ أَشْعَث , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قَالَ : الْمَغْرِب , وَالْعِشَاء 14353 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن عَلِيّ , قَالَ ثَنَا أَبِي , قَالَ : ثَنَا مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن : قَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قَالَ : زُلَفًا مِنْ اللَّيْل : الْمَغْرِب , وَالْعِشَاء قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " هُمَا زُلْفَتَا اللَّيْل الْمَغْرِب وَالْعِشَاء " - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان عَنْ مَنْصُور عَنْ مُجَاهِد { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قَالَ : الْمَغْرِب , وَالْعِشَاء . * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 14354 - قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ الْمُبَارَك بْن فَضَالَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : قَدْ بَيَّنَ اللَّه مَوَاقِيت الصَّلَاة فِي الْقُرْآن , قَالَ : { أَقِمْ الصَّلَاة لِدُلُوكِ الشَّمْس إِلَى غَسَق اللَّيْل } قَالَ : دُلُوكهَا : إِذَا زَالَتْ عَنْ بَطْن السَّمَاء وَكَانَ لَهَا فِي الْأَرْض فَيْء , وَقَالَ : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار } الْغَدَاة , وَالْعَصْر . { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } الْمَغْرِب , وَالْعِشَاء . قَالَ : فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هُمَا زُلْفَتَا اللَّيْل الْمَغْرِب وَالْعِشَاء " 14355 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قَالَ : يَعْنِي صَلَاة الْمَغْرِب وَصَلَاة الْعِشَاء 14356 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ أَفْلَح بْن سَعِيد , قَالَ سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ يَقُول : { زُلَفًا مِنْ اللَّيْل } الْمَغْرِب وَالْعِشَاء * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن حُبَاب , عَنْ أَفْلَح بْن سَعِيد , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا أَبُو مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } الْمَغْرِب وَالْعِشَاء - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ عَاصِم بْن سُلَيْمَان , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : زُلْفَتَا اللَّيْل : الْمَغْرِب , وَالْعِشَاء 14357 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَغْرَاء , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قَالَ : الْمَغْرِب وَالْعِشَاء * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَاصِم , عَنْ الْحَسَن : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قَالَ : الْمَغْرِب وَالْعِشَاء * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عَبْدَة بْن سُلَيْمَان , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قَالَ : الْمَغْرِب وَالْعِشَاء * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ عَاصِم , عَنْ الْحَسَن : { زُلَفًا مِنْ اللَّيْل } صَلَاة الْمَغْرِب وَالْعِشَاء .

وَقَوْله : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الْإِنَابَة إِلَى طَاعَة اللَّه وَالْعَمَل بِمَا يُرْضِيه , يُذْهِب آثَام مَعْصِيَة اللَّه وَيُكَفِّر الذُّنُوب ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْحَسَنَات الَّتِي عَنَى اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع اللَّاتِي يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُنَّ الصَّلَوَات الْخَمْس الْمَكْتُوبَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14358 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ الْجَرِيرِيّ , عَنْ أَبِي الْوَرْد بْن ثُمَامَة , عَنْ أَبِي مُحَمَّد اِبْن الْحَضْرَمِيّ , قَالَ : ثَنَا كَعْب فِي هَذَا الْمَسْجِد , قَالَ : وَاَلَّذِي نَفْس كَعْب بِيَدِهِ إِنَّ الصَّلَوَات الْخَمْس لَهُنَّ الْحَسَنَات الَّتِي يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات كَمَا يَغْسِل الْمَاء الدَّرَن 14359 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ أَفْلَح , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ يَقُول فِي قَوْله : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } قَالَ : هُنَّ الصَّلَوَات الْخَمْس 14360 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } قَالَ : الصَّلَوَات الْخَمْس 14361 - قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : { إِنَّ الْحَسَنَات } الصَّلَوَات 14362 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة جَمِيعًا , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } قَالَ : الصَّلَوَات الْخَمْس 14363 - حَدَّثَنِي زُرَيْق بْن السخت , قَالَ : ثَنَا قَبِيصَة , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } قَالَ : الصَّلَوَات الْخَمْس 14364 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } قَالَ : الصَّلَوَات الْخَمْس 14365 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : الصَّلَوَات الْخَمْس 14366 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة , عَنْ عَبْد اللَّه : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } قَالَ : الصَّلَوَات الْخَمْس 14367 - ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سَعِيد الْجَرِيرِيّ , قَالَ : ثني أَبُو عُثْمَان , عَنْ سَلْمَان , قَالَ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , إِنَّ الْحَسَنَات الَّتِي يَمْحُو اللَّه بِهِنَّ السَّيِّئَات كَمَا يَغْسِل الْمَاء الدَّرَن : الصَّلَوَات الْخَمْس - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا حَفْص بْن غِيَاث , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } قَالَ : الصَّلَوَات الْخَمْس 14368 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مَزْيَدَة بْن زَيْد , عَنْ مَسْرُوق : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } قَالَ : الصَّلَوَات الْخَمْس 14369 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي زِيَاد الْقَطَوَانِيّ , قَالَا : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَيْوَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عُقَيْل زَهْرَة بْن مَعْبَد الْقُرَشِيّ مِنْ بَنِي تَيْم مِنْ رَهْط أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , أَنَّهُ سَمِعَ الْحَارِث مَوْلَى عُثْمَان بْن عَفَّان رَحِمَهُ اللَّه يَقُول : جَلَسَ عُثْمَان يَوْمًا وَجَلَسْنَا مَعَهُ , فَجَاءَ الْمُؤَذِّن فَدَعَا عُثْمَان بِمَاءٍ فِي إِنَاء أَظُنّهُ سَيَكُونُ فِيهِ قَدْر مُدّ فَتَوَضَّأَ , ثُمَّ قَالَ : رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَالَ : " مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى صَلَاة الظُّهْر غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ بَيْنه وَبَيْن صَلَاة الصُّبْح , ثُمَّ صَلَّى الْعَصْر غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنه وَبَيْن صَلَاة الظُّهْر , ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِب غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنه وَبَيْن صَلَاة الْعَصْر , ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاء غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنه وَبَيْن صَلَاة الْمَغْرِب , ثُمَّ لَعَلَّهُ يَبِيت لَيْلَة يَتَمَرَّغ , ثُمَّ إِنْ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الصُّبْح غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنهَا وَبَيْن صَلَاة الْعِشَاء , وَهُنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات " - حَدَّثَنِي سَعْد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثَنَا أَبُو زُرْعَة , قَالَ : ثَنَا حَيْوَة , قَالَ : ثَنَا أَبُو عُقَيْل , زُهْرَة بْن مَعْبَد , أَنَّهُ سَمِعَ الْحَارِث مَوْلَى عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : جَلَسَ عُثْمَان بْن عَفَّان يَوْمًا عَلَى الْمَقَاعِد , فَذَكَرَ نَحْوه عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : " وَهُنَّ الْحَسَنَات , إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات " . - حَدَّثَنَا اِبْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا نَافِع بْن يَزِيد , وَرِشْدِين بْن سَعْد , قَالَا ثَنَا زُهْرَة بْن مَعْبَد , قَالَ : سَمِعْت الْحَارِث مَوْلَى عُثْمَان بْن عَفَّان , يَقُول : جَلَسَ عُثْمَان بْن عَفَّان يَوْمًا عَلَى الْمَقَاعِد , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْو ذَلِكَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : " وَهُنَّ الْحَسَنَات إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات " 14370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَوْف , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثَنَا أَبِي , قَالَ : ثَنَا ضَمْضَم بْن زُرْعَة , عَنْ شُرَيْح بْن عُبَيْد , عَنْ أَبِي مَالِك الْأَشْعَرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " جُعِلَتْ الصَّلَوَات كَفَّارَات لِمَا بَيْنهنَّ , فَإِنَّ اللَّه قَالَ : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } " 14371 - حَدَّثَنَا اِبْن سَيَّار الْقَزَّار , قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ أَبِي عُثْمَان النَّهْدِيّ , قَالَ : كُنْت مَعَ سَلْمَان تَحْت شَجَرَة , فَأَخَذَ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانهَا يَابِسًا فَهَزَّهُ حَتَّى تَحَاتَّ وَرَقه , ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا فَعَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كُنْت مَعَهُ تَحْت شَجَرَة فَأَخَذَ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانهَا يَابِسًا فَهَزَّهُ حَتَّى تَحَاتَّ وَرَقه , ثُمَّ قَالَ : " أَلَا تَسْأَلنِي لِمَ أَفْعَل هَذَا يَا سَلْمَان ؟ " فَقُلْت : وَلِمَ تَفْعَلهُ ؟ فَقَالَ : " إِنَّ الْمُسْلِم إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوء ثُمَّ صَلَّى الصَّلَوَات الْخَمْس , تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتَّ هَذَا الْوَرَق " ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } إِلَى آخِر الْآيَة وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ قَوْله : سُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14372 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } قَالَ : سُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ قَالَ فِي ذَلِكَ : هُنَّ الصَّلَوَات الْخَمْس , لِصِحَّةِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَاتُرهَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : " مَثَل الصَّلَوَات الْخَمْس مَثَل نَهْر جَارٍ عَلَى بَاب أَحَدكُمْ يَنْغَمِس فِيهِ كُلّ يَوْم خَمْس مَرَّات , فَمَاذَا يُبْقِينَ مِنْ دَرَنه " , وَإِنَّ ذَلِكَ فِي سِيَاق أَمْر اللَّه بِإِقَامَةِ الصَّلَوَات , وَالْوَعْد عَلَى إِقَامَتهَا الْجَزِيل مِنْ الثَّوَاب عَقِيبهَا أَوْلَى مِنْ الْوَعْد عَلَى مَا لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر مِنْ صَالِحَات سَائِر الْأَعْمَال إِذَا خُصَّ بِالْقَصْدِ بِذَلِكَ بَعْض دُون بَعْض .

وَقَوْله : { ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } يَقُول تَعَالَى : هَذَا الَّذِي أُوعِدْت عَلَيْهِ مِنْ الرُّكُون إِلَى الظُّلْم وَتُهُدِّدْت فِيهِ , وَاَلَّذِي وُعِدْت فِيهِ مِنْ إِقَامَة الصَّلَوَات اللَّوَاتِي يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات تَذْكِرَة ذَكَّرْت بِهَا قَوْمًا يَذْكُرُونَ وَعْد اللَّه , فَيَرْجُونَ ثَوَابه وَوَعِيده فَيَخَافُونَ عِقَابه , لَا مَنْ قَدْ طُبِعَ عَلَى قَلْبه فَلَا يُجِيب دَاعِيًا وَلَا يَسْمَع زَاجِرًا . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ بِسَبَبِ رَجُل نَالَ مِنْ غَيْر زَوْجَته وَلَا مِلْك يَمِينه بَعْض مَا يَحْرُم عَلَيْهِ , فَتَابَ مِنْ ذَنْبه ذَلِكَ . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 14373 - حَدَّثَنَا هَنَّاد بْن السَّرِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة وَالْأَسْوَد , قَالَا : قَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ إِنِّي عَالَجْت اِمْرَأَة فِي بَعْض أَقْطَار الْمَدِينَة , فَأَصَبْت مِنْهَا مَا دُون أَنْ أَمَسّهَا , فَأَنَا هَذَا فَاقْضِ فِي مَا شِئْت ! فَقَالَ عُمَر : لَقَدْ سَتَرَك اللَّه , لَوْ سَتَرْت عَلَى نَفْسك . قَالَ : وَلَمْ يَرُدّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا . فَقَامَ الرَّجُل , فَانْطَلَقَ , فَأَتْبَعَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا , فَدَعَاهُ , فَلَمَّا آتَاهُ قَرَأَ عَلَيْهِ : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السِّيَات ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } فَقَالَ رَجُل مِنْ الْقَوْم : هَذَا لَهُ يَا رَسُول اللَّه خَاصَّة ؟ قَالَ : " بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّة " - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة وَالْأَسْوَد , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي لَقِيت اِمْرَأَة فِي الْبُسْتَان , فَضَمَمْتهَا إِلَيَّ وَبَاشَرْتهَا وَقَبَّلْتهَا , وَفَعَلْت بِهَا كُلّ شَيْء غَيْر أَنِّي لَمْ أُجَامِعهَا ! فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } فَدَعَاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ , فَقَالَ عُمَر : يَا رَسُول اللَّه , أَلَهُ خَاصَّة , أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّة ؟ قَالَ : " لَا , بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّة " وَلَفْظ الْحَدِيث لِابْنِ وَكِيع - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , أَنَّهُ سَمِعَ إِبْرَاهِيم بْن زَيْد , يُحَدِّث عَنْ عَلْقَمَة وَالْأَسْوَد , عَنْ اِبْن مَسْعُود , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , إِنِّي وَجَدْت اِمْرَأَة فِي بُسْتَان فَفَعَلْت بِهَا كُلّ شَيْء غَيْر أَنِّي لَمْ أُجَامِعهَا , قَبَّلْتهَا وَلَزِمْتهَا وَلَمْ أَفْعَل غَيْر ذَلِكَ , فَافْعَلْ بِي مَا شِئْت ! فَلَمْ يَقُلْ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا , فَذَهَبَ الرَّجُل , فَقَالَ عُمَر : لَقَدْ سَتَرَ اللَّه عَلَيْهِ لَوْ سَتَرَ عَلَى نَفْسه ! فَأَتْبَعَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَره , فَقَالَ : " رُدُّوهُ عَلَيَّ " فَرَدُّوهُ , فَقَرَأَ عَلَيْهِ : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } قَالَ : فَقَالَ مُعَاذ بْن جَبَل : أَلَه وَحْده يَا نَبِيّ اللَّه , أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّة ؟ فَقَالَ : " بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّة " - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَوَانَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة وَالْأَسْوَد عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , أَخَذْت اِمْرَأَة فِي الْبُسْتَان فَأَصَبْت مِنْهَا كُلّ شَيْء , غَيْر أَنِّي لَمْ أَنْكِحهَا , فَاصْنَعْ بِي مَا شِئْت ! فَسَكَتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا ذَهَبَ دَعَاهُ , فَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو النُّعْمَان الْحَكَم بْن عَبْد اللَّه الْعِجْلِيّ , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , قَالَ : سَمِعْت إِبْرَاهِيم يُحَدِّث عَنْ خَاله الْأَسْوَد , عَنْ عَبْد اللَّه : أَنَّ رَجُلًا لَقِيَ اِمْرَأَة فِي بَعْض طُرُق الْمَدِينَة , فَأَصَابَ مِنْهَا مَا دُون الْجِمَاع . فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , فَنَزَلَتْ : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } فَقَالَ مُعَاذ بْن جَبَل : يَا رَسُول اللَّه , لِهَذَا خَاصَّة أَوْ لَنَا عَامَّة ؟ قَالَ : " بَلْ لَكُمْ عَامَّة " - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , قَالَ : أَنْبَأَنِي سِمَاك , قَالَ : سَمِعْت إِبْرَاهِيم يُحَدِّث عَنْ خَاله , عَنْ اِبْن مَسْعُود : أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَقِيت اِمْرَأَة فِي حَشّ بِالْمَدِينَةِ , فَأَصَبْت مِنْهَا مَا دُون الْجِمَاع نَحْوه - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو قَطَن عَمْرو بْن الْهَيْثَم الْبَغْدَادِيّ , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ خَاله , عَنْ اِبْن مَسْعُود , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِهِ . 14374 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : جَاءَ فُلَان بْن مَعْتَب رَجُل مِنْ الْأَنْصَار , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه دَخَلَتْ عَلَيَّ اِمْرَأَة , فَنِلْت مِنْهَا مَا يَنَالهُ الرَّجُل مِنْ أَهْله , إِلَّا أَنِّي لَمْ أُوَاقِعهَا ! فَلَمْ يَدْرِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُجِيبهُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل , إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } الْآيَة , فَدَعَاهُ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ - حَدَّثَنِي يَعْقُوب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , وَحَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , وَحَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان جَمِيعًا , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي عُثْمَان , عَنْ اِبْن مَسْعُود : أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنْ اِمْرَأَة شِيَعًا لَا أَدْرِي مَا بَلَغَ , غَيْر أَنَّهُ مَا دُون الزِّنَا . فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , فَنَزَلَتْ : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } فَقَالَ الرَّجُل : أَلِي هَذِهِ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : " لِمَنْ أَخَذَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي , أَوْ لِمَنْ عَمِلَ بِهَا " 14375 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا قَبِيصَة , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , قَالَ : كُنْت مَعَ سَلْمَان , فَأَخَذَ غُصْن شَجَرَة يَابِسَة فَحَتَّهُ وَقَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوء تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُ كَمَا يَتَحَاتّ هَذَا الْوَرَق " ثُمَّ قَالَ : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } إِلَى آخِر الْآيَة 14376 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة وَحُسَيْن الْجُعْفِيّ عَنْ زَائِدَة , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ مُعَاذ , قَالَ : أَتَى رَجُل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه مَا تَرَى فِي رَجُل لَقِيَ اِمْرَأَة لَا يَعْرِفهَا , فَلَيْسَ يَأْتِي الرَّجُل مِنْ اِمْرَأَته شَيْئًا إِلَّا قَدْ أَتَاهُ مِنْهَا غَيْر أَنَّهُ لَمْ يُجَامِعهَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَوَضَّأْ ثُمَّ صَلِّ ! " قَالَ مُعَاذ : قُلْت يَا رَسُول اللَّه , أَلَه خَاصَّة أَمْ لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّة ؟ قَالَ : " بَلْ لِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّة " 14377 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى : أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنْ اِمْرَأَة مَا دُون الْجِمَاع , فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلهُ عَنْ ذَلِكَ . فَقَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ أُنْزِلَتْ : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } الْآيَة , فَقَالَ مُعَاذ : يَا رَسُول اللَّه , أَلَه خَاصَّة أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّة ؟ قَالَ : " هِيَ لِلنَّاسِ عَامَّة " - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر , قَالَ : سَمِعْت عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى , قَالَ : أَتَى رَجُل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَ نَحْوه . 14378 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبُّويَة , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : 0 ثني عَمْرو بْن الْحَارِث , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن سَالِم , عَنْ الزُّبَيْدِيّ , قَالَ : ثَنَا سُلَيْم بْن عَامِر , أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أُمَامَة يَقُول : إِنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه أَقِمْ فِيَّ حَدّ اللَّه ! مَرَّة وَاثْنَتَيْنِ . فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاة , فَلَمَّا فَرَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الصَّلَاة , قَالَ : " أَيْنَ هَذَا الْقَائِل : أَقِمْ فِي حَدّ اللَّه ؟ " قَالَ : أَنَا ذَا ! قَالَ : " هَلْ أَتْمَمْت الْوُضُوء وَصَلَّيْت مَعَنَا آنِفًا ؟ " قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : " فَإِنَّك مِنْ خَطِيئَتك كَمَا وَلَدَتْك أُمّك , فَلَا تَعُدْ ! " وَأَنْزَلَ اللَّه حِينَئِذٍ عَلَى رَسُوله : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } الْآيَة . - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثني جَرِير , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل : أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَاءَ رَجُل فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , رَجُل أَصَابَ مِنْ اِمْرَأَة مَا لَا يَحِلّ لَهُ , لَمْ يَدَع شَيْئًا يُصِيبهُ الرَّجُل مِنْ اِمْرَأَته إِلَّا أَتَاهُ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُجَامِعهَا ؟ قَالَ : " يَتَوَضَّأ وُضُوءًا حَسَنًا ثُمَّ يُصَلِّي " . فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } الْآيَة , فَقَالَ مُعَاذ : هِيَ لَهُ يَا رَسُول اللَّه خَاصَّة , أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّة ؟ قَالَ : " بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّة " 14379 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ يَحْيَى بْن جَعْدَة : أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ اِمْرَأَة وَهُوَ جَالِس مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاسْتَأْذَنَهُ لِحَاجَةٍ , فَأَذِنَ لَهُ , فَذَهَبَ يَطْلُبهَا فَلَمْ يَجِدهَا . فَأَقْبَلَ الرَّجُل يُرِيد أَنْ يُبَشِّر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَطَرِ , فَوَجَدَ الْمَرْأَة جَالِسَة عَلَى غَدِير , فَدَفَعَ فِي صَدْرهَا وَجَلَسَ بَيْن رِجْلَيْهَا , فَصَارَ ذَكَره مِثْل الْهُدْبَة , فَقَامَ نَادِمًا حَتَّى أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ , فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اِسْتَغْفِرْ رَبّك وَصَلِّ أَرْبَع رَكَعَات ! " قَالَ : وَتَلَا عَلَيْهِ : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } الْآيَة 14380 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا قَيْس بْن الرَّبِيع , عَنْ عُثْمَان بْن وَهْب , عَنْ مُوسَى بْن طَلْحَة , عَنْ أَبِي الْيُسْر بْن عَمْرو الْأَنْصَارِيّ قَالَ : أَتَتْنِي اِمْرَأَة تَبْتَاع مِنِّي بِدِرْهَمٍ تَمْرًا , فَقُلْت : إِنَّ فِي الْبَيْت تَمْرًا أَجْوَد مِنْ هَذَا , فَدَخَلْت فَأَهْوَيْت إِلَيْهَا فَقَبَّلْتهَا . فَأَتَيْت أَبَا بَكْر فَسَأَلْته , فَقَالَ : اُسْتُرْ عَلَى نَفْسك وَتُبْ وَاسْتَغْفِرْ اللَّه ! فَأَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " أَخْلَفْت رَجُلًا غَازِيًا فِي سَبِيل اللَّه فِي أَهْله بِمِثْلِ هَذَا ؟ " حَتَّى ظَنَنْت أَنِّي مِنْ أَهْل النَّار , حَتَّى تَمَنَّيْت أَنِّي أَسْلَمْت سَاعَتئِذٍ . قَالَ : فَأَطْرَقَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَة فَنَزَلَ جِبْرَائِيل فَقَالَ : " أَيْنَ أَبُو الْيُسْر ؟ " فَجِئْت , فَقَرَأَ عَلَيَّ : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } إِلَى { ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } قَالَ إِنْسَان لَهُ : يَا رَسُول اللَّه خَاصَّة أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّة ؟ قَالَ : " لِلنَّاسِ عَامَّة " - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثَنَا قَيْس بْن الرَّبِيع , عَنْ عُثْمَان بْن مُوهِب , عَنْ مُوسَى بْن طَلْحَة , عَنْ أَبِي الْيُسْر قَالَ : لَقِيت اِمْرَأَة فَالْتَزَمْتهَا , غَيْر أَنِّي لَمْ أَنْكِحهَا , فَأَتَيْت عُمَر بْن الْخَطَّاب فَقَالَ : اِتَّقِ اللَّه وَاسْتُرْ عَلَى نَفْسك , وَلَا تُخْبِرَنَّ أَحَدًا ! فَلَمْ أَصْبِر حَتَّى أَتَيْت أَبَا بَكْر , فَسَأَلْته , فَقَالَ : اِتَّقِ اللَّه وَاسْتُرْ عَلَى نَفْسك وَلَا تُخْبِرَنَّ أَحَدًا ! قَالَ : فَلَمْ أَصْبِر حَتَّى أَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَخْبَرْته , فَقَالَ لَهُ : " هَلْ جَهَّزْت غَازِيًا ؟ " قُلْت : لَا , قَالَ : " فَهَلْ خَلَفْت غَازِيًا فِي أَهْله ؟ " قُلْت : لَا , فَقَالَ لِي حَتَّى تَمَنَّيْت أَنِّي كُنْت دَخَلْت فِي الْإِسْلَام تِلْكَ السَّاعَة . قَالَ : فَلَمَّا وَلَّيْت دَعَانِي , فَقَرَأَ عَلَيَّ : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه : أَلِهَذَا خَاصَّة أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّة ؟ فَقَالَ : " بَلْ لِلنَّاسِ عَامَّة " . 14381 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثني سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنْ اِمْرَأَة قُبْلَة , فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه هَلَكْت ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } 14382 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , قَالَ : ضَرَبَ رَجُل عَلَى كِفْل اِمْرَأَة , ثُمَّ أَتَى أَبَا بَكْر وَعَمْرو رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فَكُلَّمَا سَأَلَ رَجُلًا مِنْهُمَا عَنْ كَفَّارَة ذَلِكَ قَالَ : أَمُغْزِيَة هِيَ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : لَا أَدْرِي . ثُمَّ أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : " أَمُغْزِيَة هِيَ ؟ " قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : لَا أَدْرِي . حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } 14383 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , عَنْ عَطَاء , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } أَنَّ اِمْرَأَة دَخَلَتْ عَلَى رَجُل يَبِيع الدَّقِيق , فَقَبَّلَهَا فَأَسْقَطَ فِي يَده . فَأَتَى عُمَر , فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : اِتَّقِ اللَّه وَلَا تَكُنْ اِمْرَأَة غَازٍ ! فَقَالَ الرَّجُل : هِيَ اِمْرَأَة غَازٍ . فَذَهَبَ إِلَى أَبَى بَكْر فَقَالَ مِثْل مَا قَالَ عُمَر . فَذَهَبُوا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا , فَقَالَ لَهُ : كَذَلِكَ , ثُمَّ سَكَتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَات { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح , قَالَ : أَقْبَلَتْ اِمْرَأَة حَتَّى جَاءَتْ إِنْسَانًا يَبِيع الدَّقِيق لِتَبْتَاعَ مِنْهُ , فَدَخَلَ بِهَا الْبَيْت , فَلَمَّا خَلَا لَهُ قَبَّلَهَا . قَالَ : فَسَقَطَ فِي يَدَيْهِ , فَانْطَلَقَ إِلَى أَبِي بَكْر , فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : أَبْصِرْ لَا تَكُونَنَّ اِمْرَأَة رَجُل غَازٍ ! فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ , نَزَلَ فِي ذَلِكَ : { أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل } قِيلَ لِعَطَاءٍ : الْمَكْتُوبَة هِيَ ؟ قَالَ : نَعَمْ هِيَ الْمَكْتُوبَة . فَقَالَ اِبْن جُرَيْج , وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن كَثِير : هِيَ الْمَكْتُوبَات 14384 - قَالَ اِبْن جُرَيْج , عَنْ يَزِيد بْن رُومَان : إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي غَنَم , دَخَلَتْ عَلَيْهِ اِمْرَأَة فَقَبَّلَهَا وَوَضَعَ يَده عَلَى دُبُرهَا . فَجَاءَ إِلَى أَبَى بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ثُمَّ جَاءَ إِلَى عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ثُمَّ أَتَى إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { أَقِمْ الصَّلَاة } إِلَى قَوْله : { ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } فَلَمْ يَزَلْ الرَّجُل الَّذِي قَبَّلَ الْمَرْأَة يَذْكُر , فَذَلِكَ قَوْله : { ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }
وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَسورة هود الآية رقم 115
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّه لَا يُضِيع أَجْر الْمُحْسِنِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاصْبِرْ يَا مُحَمَّد عَلَى مَا تَلْقَى مِنْ مُشْرِكِي قَوْمك مِنْ الْأَذَى فِي اللَّه وَالْمَكْرُوه رَجَاء جَزِيل ثَوَاب اللَّه عَلَى ذَلِكَ , فَإِنَّ اللَّه لَا يُضِيع ثَوَاب عَمَل مَنْ عَمِلَ فَأَطَاعَ اللَّه وَاتَّبَعَ أَمْره فَيَذْهَب بِهِ , بَلْ يُوَفِّرهُ أَحْوَج مَا يَكُون إِلَيْهِ .
فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَسورة هود الآية رقم 116
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَوْلَا كَانَ مِنْ الْقُرُون مِنْ قَبْلكُمْ أُولُو بَقِيَّة يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَاد فِي الْأَرْض إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَلَّا كَانَ مِنْ الْقُرُون الَّذِينَ قَصَصْت عَلَيْك نَبَأَهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَة الَّذِينَ أَهْلَكْتهمْ بِمَعْصِيَتِهِمْ إِيَّايَ وَكُفْرهمْ بِرُسُلِي مِنْ قَبْلكُمْ . { أُولُو بَقِيَّة } يَقُول : ذُو بَقِيَّة مِنْ الْفَهْم وَالْعَقْل , يَعْتَبِرُونَ مَوَاعِظ اللَّه وَيَتَدَبَّرُونَ حُجَجه , فَيَعْرِفُونَ مَا لَهُمْ فِي الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَعَلَيْهِمْ فِي الْكُفْر بِهِ { يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَاد فِي الْأَرْض } يَقُول : يَنْهَوْنَ أَهْل الْمَعَاصِي عَنْ مَعَاصِيهمْ أَهْل الْكُفْر بِاَللَّهِ عَنْ كُفْرهمْ بِهِ فِي أَرْضه . { إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ } يَقُول : لَمْ يَكُنْ مِنْ الْقُرُون مِنْ قَبْلكُمْ أُولُو بَقِيَّة يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَاد فِي الْأَرْض إِلَّا يَسِيرًا , فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَاد فِي الْأَرْض , فَنَجَّاهُمْ اللَّه مِنْ عَذَابه , حِين أَخَذَ مَنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الْكُفْر بِاَللَّهِ عَذَابه , وَهُمْ اِتِّبَاع الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل . وَنُصِبَ " قَلِيلًا " لِأَنَّ قَوْله : { إِلَّا قَلِيلًا } اِسْتِثْنَاء مُنْقَطِع مِمَّا قَبْله , كَمَا قَالَ : { إِلَّا قَوْم يُونُس لَمَّا آمَنُوا } وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْر مَوْضِع بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14385 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : اِعْتَذَرَ فَقَالَ : { فَلَوْلَا كَانَ مِنْ الْقُرُون مِنْ قَبْلكُمْ } حَتَّى بَلَغَ : { إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ } فَإِذًا هُمْ الَّذِينَ نَجَوْا حِين نَزَلَ عَذَاب اللَّه . وَقَرَأَ : { وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ } 14386 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { فَلَوْلَا كَانَ مِنْ الْقُرُون مِنْ قَبْلكُمْ أُولُو بَقِيَّة } . . إِلَى قَوْله : { إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ } قَالَ : يَسْتَقِلّهُمْ اللَّه مِنْ كُلّ قَوْم 14387 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , قَالَ : سَأَلَنِي بِلَال , عَنْ قَوْل الْحَسَن فِي الْعُذْر , قَالَ : فَقَالَ : سَمِعْت الْحَسَن يَقُول : { قِيلَ يَا نُوح اِهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَات عَلَيْك وَعَلَى أُمَم مِمَّنْ مَعَك وَأُمَم سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسّهُمْ مِنَّا عَذَاب أَلِيم } قَالَ : بَعَثَ اللَّه هُودًا إِلَى عَاد , فَنَجَّى اللَّه هُودًا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَهَلَكَ الْمُتَمَتِّعُونَ . وَبَعَثَ اللَّه صَالِحًا إِلَى ثَمُود , فَنَجَّى اللَّه صَالِحًا وَهَلَكَ الْمُتَمَتِّعُونَ . فَجَعَلْت أَسْتَقْرِيه الْأُمَم , فَقَالَ : مَا أَرَاهُ إِلَّا كَانَ حَسَن الْقَوْل فِي الْعُذْر 14388 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَلَوْلَا كَانَ مِنْ الْقُرُون مِنْ قَبْلكُمْ أُولُو بَقِيَّة يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَاد فِي الْأَرْض إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ } أَيْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلكُمْ مَنْ يَنْهَى عَنْ الْفَسَاد فِي الْأَرْض , { إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ }

وَقَوْله : { وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ فَكَفَرُوا بِاَللَّهِ مَا أُتْرِفُوا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14389 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ } قَالَ : مَا أُنْظِرُوا فِيهِ 14390 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ } مِنْ دُنْيَاهُمْ وَكَأَنَّ هَؤُلَاءِ وَجَّهُوا تَأْوِيل الْكَلَام : وَاتَّبَعُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا الشَّيْء الَّذِي أَنْظَرَهُمْ فِيهِ رَبّهمْ مِنْ نَعِيم الدُّنْيَا وَلَذَّاتهَا , إِيثَارًا لَهُ عَلَى عَمَل الْآخِرَة وَمَا يُنْجِيهِمْ مِنْ عَذَاب اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا تَجَبَّرُوا فِيهِ مِنْ الْمُلْك وَعَتَوْا عَنْ أَمْر اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14391 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : { وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ } قَالَ : فِي مُلْكهمْ وَتَجَبُّرهمْ , وَتَرَكُوا الْحَقّ * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَتَرْكهمْ الْحَقّ * - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْل حَدِيث مُحَمَّد بْن عَمْرو سَوَاء . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ أَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ مِنْ كُلّ أُمَّة سَلَفَتْ فَكَفَرُوا بِاَللَّهِ , اِتَّبَعُوا مَا أُنْظِرُوا فِيهِ مِنْ لَذَّات الدُّنْيَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَفَرُوا بِاَللَّهِ وَاتَّبَعُوا مَا أُنْظِرُوا فِيهِ مِنْ لَذَّات الدُّنْيَا , فَاسْتَكْبَرُوا عَنْ أَمْر اللَّه وَتَجَبَّرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيله , وَذَلِكَ أَنَّ الْمُتْرَف فِي كَلَام الْعَرَب : هُوَ الْمُنَعَّم الَّذِي قَدْ غُذِّيَ بِاللَّذَّاتِ , وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : تُهْدِي رُءُوس الْمُتْرَفِينَ الصُّدَّاد إِلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ الْمُمْتَاد

وَقَوْله : { وَكَانُوا مُجْرِمِينَ } يَقُول : وَكَانُوا مُكْتَسِبِي الْكُفْر بِاَللَّهِ .
وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَسورة هود الآية رقم 117
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كَانَ رَبّك لِيُهْلِك الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلهَا مُصْلِحُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا كَانَ رَبّك يَا مُحَمَّد لِيُهْلِك الْقُرَى الَّتِي أَهْلَكَهَا , الَّتِي قَصَّ عَلَيْك نَبَأَهَا , ظُلْمًا وَأَهْلهَا مُصْلِحُونَ فِي أَعْمَالهمْ , غَيْر مُسِيئِينَ , فَيَكُون إِهْلَاكه إِيَّاهُمْ مَعَ إِصْلَاحهمْ فِي أَعْمَالهمْ وَطَاعَتهمْ رَبّهمْ ظُلْمًا , وَلَكِنَّهُ أَهْلَكَهَا بِكُفْرِ أَهْلهَا بِاَللَّهِ وَتَمَادِيهِمْ فِي غَيّهمْ وَتَكْذِيبهمْ رُسُلهمْ وَرُكُوبهمْ السَّيِّئَات . وَقَدْ قِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِيُهْلِكهُمْ بِشِرْكِهِمْ بِاَللَّهِ , وَذَلِكَ قَوْله " بِظُلْمٍ " , يَعْنِي : بِشِرْكٍ , وَأَهْلهَا مُصْلِحُونَ فِيمَا بَيْنهمْ لَا يَتَظَالَمُونَ , وَلَكِنَّهُمْ يَتَعَاطَوْنَ الْحَقّ بَيْنهمْ وَإِنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ , إِنَّمَا يُهْلِكهُمْ إِذَا تَظَالَمُوا .
وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَسورة هود الآية رقم 118
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ شَاءَ رَبّك لَجَعَلَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْ شَاءَ رَبّك يَا مُحَمَّد لَجَعَلَ النَّاس كُلّهَا جَمَاعَة وَاحِدَة عَلَى مِلَّة وَاحِدَة وَدِين وَاحِد . كَمَا : 14392 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَوْ شَاءَ رَبّك لَجَعَلَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } يَقُول : لَجَعَلَهُمْ مُسْلِمِينَ كُلّهمْ وَقَوْله : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا يَزَال النَّاس مُخْتَلِفِينَ , { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الِاخْتِلَاف الَّذِي وَصَفَ اللَّه النَّاس أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ بِهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الِاخْتِلَاف فِي الْأَدْيَان . فَتَأْوِيل ذَلِكَ عَلَى مَذْهَب هَؤُلَاءِ وَلَا يَزَال النَّاس مُخْتَلِفِينَ عَلَى أَدْيَان شَتَّى مِنْ بَيْن يَهُودِيّ وَنَصْرَانِيّ وَمَجُوسِيّ , وَنَحْو ذَلِكَ . وَقَالَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة : اِسْتَثْنَى اللَّه مِنْ ذَلِكَ مَنْ رَحِمَهُمْ , وَهُمْ أَهْل الْإِيمَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14393 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر عَنْ طَلْحَة بْن عَمْرو , عَنْ عَطَاء : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } قَالَ : الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس . وَالْحَنِيفِيَّة هُمْ الَّذِينَ رَحِمَ رَبّك - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا قَبِيصَة , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ طَلْحَة بْن عَمْرو , عَنْ عَطَاء : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } قَالَ : الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس , { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : هُمْ الْحَنِيفِيَّة 14394 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : قُلْت لِلْحَسَنِ , قَوْله : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : النَّاس مُخْتَلِفُونَ عَلَى أَدْيَان شَتَّى , إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك , فَمَنْ رَحِمَ غَيْر مُخْتَلِفِينَ 14395 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ حَسَن بْن صَالِح , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } قَالَ : أَهْل الْبَاطِل .
إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَسورة هود الآية رقم 119
{ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : أَهْل الْحَقّ - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } قَالَ : أَهْل الْبَاطِل . { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : أَهْل الْحَقّ * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه . 14396 - قَالَ : ثَنَا مُعَلَّى بْن أَسَد , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , عَنْ مَنْصُور بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : سُئِلَ الْحَسَن عَنْ هَذِهِ الْآيَة { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : النَّاس كُلّهمْ مُخْتَلِفُونَ عَلَى أَدْيَان شَتَّى . { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } فَمَنْ رَحِمَ غَيْر مُخْتَلَف . فَقُلْت لَهُ : وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ؟ فَقَالَ : خَلَقَ هَؤُلَاءِ لِجَنَّتِهِ وَهَؤُلَاءِ لِنَارِهِ , وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِرَحْمَتِهِ وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِعَذَابِهِ . - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد , قَالَ : ثَنَا أَبُو جَعْفَر , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } قَالَ : أَهْل الْبَاطِل . { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : أَهْل الْحَقّ - قَالَ : ثَنَا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ خَصِيف , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } قَالَ : أَهْل الْحَقّ وَأَهْل الْبَاطِل . { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : أَهْل الْحَقّ * - قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 14397 - قَالَ : ثَنَا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك : { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : أَهْل الْحَقّ لَيْسَ فِيهِمْ اِخْتِلَاف 14398 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عِكْرِمَة : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } قَالَ : الْيَهُود وَالنَّصَارَى . { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : أَهْل الْقِبْلَة 14399 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي الْحَكَم بْن أَبَان عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } قَالَ : أَهْل الْبَاطِل . { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : أَهْل الْحَقّ 14400 - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : لَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ فِي الْهَوَى 14401 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } فَأَهْل رَحْمَة اللَّه أَهْل جَمَاعَة وَإِنْ تَفَرَّقَتْ دُورهمْ وَأَبْدَانهمْ , وَأَهْل مَعْصِيَته أَهْل فِرْقَة وَإِنْ اِجْتَمَعَتْ دُورهمْ وَأَبْدَانهمْ 14402 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : مَنْ جَعَلَهُ عَلَى الْإِسْلَام 14403 - قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن بْن وَاصِل , عَنْ الْحَسَن : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } قَالَ : أَهْل الْبَاطِل { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } - قَالَ : ثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } قَالَ : أَهْل الْبَاطِل { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : أَهْل الْحَقّ * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ فِي الرِّزْق , فَهَذَا فَقِير وَهَذَا غَنِيّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14404 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ الْحَسَن قَالَ : مُخْتَلِفِينَ فِي الرِّزْق , سُخِّرَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ وَقَالَ بَعْضهمْ : مُخْتَلِفِينَ فِي الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة , أَوْ كَمَا قَالَ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي تَأْوِيل ذَلِكَ . بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا يَزَال النَّاس مُخْتَلِفِينَ فِي أَدْيَانهمْ وَأَهْوَائِهِمْ عَلَى أَدْيَان وَمِلَل وَأَهْوَاء شَتَّى , { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } فَآمَنَ بِاَللَّهِ وَصَدَّقَ رُسُله , فَإِنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي تَوْحِيد اللَّه وَتَصْدِيق رُسُله وَمَا جَاءَهُمْ مِنْ عِنْد اللَّه . وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَتْبَعَ ذَلِكَ قَوْله : { وَتَمَّتْ كَلِمَة رَبّك لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّم مِنْ الْجِنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ } فَفِي ذَلِكَ دَلِيل وَاضِح أَنَّ الَّذِي قَبْله مِنْ ذِكْر خَبَره عَنْ اِخْتِلَاف النَّاس , إِنَّمَا هُوَ خَبَر عَنْ اِخْتِلَاف مَذْمُوم يُوجِب لَهُمْ النَّار , وَلَوْ كَانَ خَبَرًا عَنْ اِخْتِلَافهمْ فِي الرِّزْق لَمْ يُعَقَّب ذَلِكَ بِالْخَبَرِ عَنْ عِقَابهمْ وَعَذَابهمْ .

وَأَمَّا قَوْله : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَلِلِاخْتِلَافِ خَلْقهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14405 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ مُبَارَك بْن فَضَالَة , عَنْ الْحَسَن : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } قَالَ : لِلِاخْتِلَافِ 14406 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثَنَا مَنْصُور بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : قُلْت لِلْحَسَنِ , وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ؟ فَقَالَ : خَلَقَ هَؤُلَاءِ لِجَنَّتِهِ وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِنَارِهِ , وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِرَحْمَتِهِ وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِعَذَابِهِ * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَسَن , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْمُعَلَّى بْن أَسَد , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , عَنْ مَنْصُور بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْحَسَن . بِنَحْوِهِ . - قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , عَنْ خَالِد الْحَذَّاء , أَنَّ الْحَسَن قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } قَالَ : خَلَقَ هَؤُلَاءِ لِهَذِهِ , وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِهَذِهِ 14407 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا هَوْذَة بْن خَلِيفَة , قَالَ : ثَنَا عَوْف , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } قَالَ : أَمَّا أَهْل رَحْمَة اللَّه فَإِنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ اِخْتِلَافًا يَضُرّهُمْ 14408 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } قَالَ : خَلَقَهُمْ فَرِيقَيْنِ : فَرِيقًا يُرْحَم فَلَا يَخْتَلِف , وَفَرِيقًا لَا يُرْحَم يَخْتَلِف , وَذَلِكَ قَوْله : { فَمِنْهُمْ شَقِيّ وَسَعِيد } 14409 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ طَلْحَة بْن عَمْرو , عَنْ عَطَاء , فِي قَوْله : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } قَالَ : يَهُود وَنَصَارَى وَمَجُوس . { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } قَالَ : مَنْ جَعَلَهُ عَلَى الْإِسْلَام . { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } قَالَ : مُؤْمِن وَكَافِر 14410 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَشْهَب , قَالَ : سُئِلَ مَالِك عَنْ قَوْل اللَّه : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } قَالَ : خَلَقَهُمْ لِيَكُونُوا فَرِيقَيْنِ : فَرِيق فِي الْجَنَّة , وَفَرِيق فِي السَّعِير وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلِلرَّحْمَةِ خَلَقَهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14411 - حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ حَسَن بْن صَالِح , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } قَالَ : لِلرَّحْمَةِ - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } قَالَ لِلرَّحْمَةِ * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ خَصِيف , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ شَرِيك , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْص , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : لِلرَّحْمَةِ خَلَقَهُمْ 14412 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } قَالَ : لِلرَّحْمَةِ خَلَقَهُمْ 14413 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ ثَابِت , عَنْ الضَّحَّاك : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } قَالَ : لِلرَّحْمَةِ 14414 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } قَالَ : أَهْل الْحَقّ وَمَنْ اِتَّبَعَهُ لِرَحْمَتِهِ 14415 - حَدَّثَنِي سَعْد بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنَا حَفْص بْن عُمَر , قَالَ : ثَنَا الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك وَلِذَلِكَ } قَالَ : لِلرَّحْمَةِ خَلَقَهُمْ وَلَمْ يَخْلُقهُمْ لِلْعَذَابِ وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : وَلِلِاخْتِلَافِ بِالشَّقَاءِ وَالسَّعَادَة خَلَقَهُمْ , لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ذِكْره ذَكَرَ صِنْفَيْنِ مِنْ خَلْقه : أَحَدهمَا أَهْل اِخْتِلَاف وَبَاطِل , وَالْآخَر أَهْل حَقّ ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } فَعَمَّ بِقَوْلِهِ : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } صِفَة الصِّنْفَيْنِ , فَأَخْبَرَ عَنْ كُلّ فَرِيق مِنْهُمَا أَنَّهُ مُيَسَّر لِمَا خُلِقَ لَهُ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنْ كَانَ تَأْوِيل ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْت , فَقَدْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُون الْمُخْتَلِفُونَ غَيْر مَلُومِينَ عَلَى اِخْتِلَافهمْ , إِذْ كَانَ لِذَلِكَ خَلَقَهُمْ رَبّهمْ , وَأَنْ يَكُون الْمُتَمَتِّعُونَ هُمْ الْمَلُومِينَ ؟ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إِلَيْهِ ذَهَبْت وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : وَلَا يَزَال النَّاس مُخْتَلِفِينَ بِالْبَاطِلِ مِنْ أَدْيَانهمْ وَمِلَلهمْ { إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبّك } فَهَدَاهُ لِلْحَقِّ وَلِعِلْمِهِ , وَعَلَى عِلْمه النَّافِذ فِيهِمْ قَبْل أَنْ يَخْلُقهُمْ أَنَّهُ يَكُون فِيهِمْ الْمُؤْمِن وَالْكَافِر , وَالشَّقِيّ وَالسَّعِيد خَلَقَهُمْ , فَمَعْنَى اللَّام فِي قَوْله : { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } بِمَعْنَى " عَلَى " كَقَوْلِك لِلرَّجُلِ : أَكْرَمْتُك عَلَى بِرّك بِي , وَأَكْرَمْتُك لِبِرِّك بِي .

وَأَمَّا قَوْله : { وَتَمَّتْ كَلِمَة رَبّك لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّم مِنْ الْجِنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ } لِعِلْمِهِ السَّابِق فِيهِمْ أَنَّهُمْ يَسْتَوْجِبُونَ صِلِيّهَا بِكُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ , وَخِلَافهمْ أَمْره . وَقَوْله : { وَتَمَّتْ كَلِمَة رَبّك } قَسَم كَقَوْلِ الْقَائِل : حَلِفِي لَأَزُورَنَّك , وَبَدَا لِي لَآتِيَنَّك , وَلِذَلِكَ تُلُقِّيَتْ بِلَامِ الْيَمِين . وَقَوْله : { مِنْ الْجِنَّة } وَهِيَ مَا اِجْتَنَّ عَنْ أَبْصَار بَنِي آدَم وَالنَّاس , يَعْنِي : وَبَنِي آدَم . وَقِيلَ : إِنَّهُمْ سُمُّوا جِنَّة , لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْجِنَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14416 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك : وَإِنَّمَا سَمُّوا الْجِنَّة أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْجِنَان , وَالْمَلَائِكَة كُلّهمْ جِنَّة 14417 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : الْجِنَّة : الْمَلَائِكَة وَأَمَّا مَعْنَى قَوْل أَبَى مَالِك هَذَا : إِنَّ إِبْلِيس كَانَ مِنْ الْمَلَائِكَة , وَالْجِنّ ذُرِّيَّته , وَأَنَّ الْمَلَائِكَة تُسَمَّى عِنْده الْجِنّ , لِمَا قَدْ بَيَّنْت فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا .
وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَسورة هود الآية رقم 120
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكُلًّا نَقُصّ عَلَيْك مِنْ أَنْبَاء الرُّسُل مَا نُثَبِّت بِهِ فُؤَادك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَكُلًّا نَقُصّ عَلَيْك } يَا مُحَمَّد { مِنْ أَنْبَاء الرُّسُل } الَّذِينَ كَانُوا قَبْلك , { مَا نُثَبِّت بِهِ فُؤَادك } فَلَا تَجْزَع مِنْ تَكْذِيب مَنْ كَذَّبَك مِنْ قَوْمك وَرَدّ عَلَيْك مَا جِئْتهمْ بِهِ , وَلَا يَضِقْ صَدْرك فَتَتْرُك بَعْض مَا أَنْزَلْت إِلَيْك مِنْ أَجْل أَنْ قَالُوا : { لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْز أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَك } إِذَا عَلِمْت مَا لَقِيَ مَنْ قَبْلك مِنْ رُسُلِي مِنْ أُمَمهَا . كَمَا : 14418 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { وَكُلًّا نَقُصّ عَلَيْك مِنْ أَنْبَاء الرُّسُل مَا نُثَبِّت بِهِ فُؤَادك } قَالَ : لِتَعْلَم مَا لَقِيَتْ الرُّسُل قَبْلك مِنْ أُمَمهمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه نَصْب " كُلًّا " , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : نُصِبَ عَلَى مَعْنَى : وَنَقُصّ عَلَيْك مِنْ أَنْبَاء الرُّسُل مَا نُثَبِّت بِهِ فُؤَادك كُلًّا , كَأَنَّ الْكُلّ مَنْصُوب عِنْده عَلَى الْمَصْدَر مِنْ نَقُصّ بِتَأْوِيلِ : وَنَقُصّ عَلَيْك ذَلِكَ كُلّ الْقَصَص وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ قَوْله بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة , وَقَالَ : ذَلِكَ غَيْر جَائِز وَقَالَ إِنَّمَا نُصِبَتْ " كُلًّا " ب " نَقُصّ " , لِأَنَّ " كُلًّا " بُنِيَتْ عَلَى الْإِضَافَة كَانَ مَعَهَا إِضَافَة أَوْ لَمْ يَكُنْ . وَقَالَ : أَرَادَ : كُلّه نَقُصّ عَلَيْك , وَجَعَلَ " مَا نُثَبِّت " رَدًّا عَلَى " كُلًّا " . وَقَدْ بَيَّنْت الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ .

وَأَمَّا قَوْله : { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَجَاءَك فِي هَذِهِ السُّورَة الْحَقّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14419 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ خُلَيْد بْن جَعْفَر , عَنْ أَبِي إِيَاس , عَنْ أَبِي مُوسَى : { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } قَالَ : فِي هَذِهِ السُّورَة * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ خُلَيْد بْن جَعْفَر , عَنْ أَبِي إِيَاس مُعَاوِيَة بْن قُرَّة , عَنْ أَبِي مُوسَى , مِثْله . 14420 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنِي سَعِيد بْن عَامِر , قَالَ : ثَنَا عَوْف , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } قَالَ : فِي هَذِهِ السُّورَة - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ أَبِي عَوَانَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ عَمْرو الْعَنْبَرِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } قَالَ : فِي هَذِهِ السُّورَة - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , عَنْ أَبِي عَوَانَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي الْعَنْبَر , قَالَ : خَطَبَنَا اِبْن عَبَّاس فَقَالَ : { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } قَالَ : فِي هَذِهِ السُّورَة - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس قَرَأَ هَذِهِ السُّورَة عَلَى النَّاس حَتَّى بَلَغَ : { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } قَالَ فِي هَذِهِ السُّورَة - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ عَوْف , عَنْ مَرْوَان الْأَصْغَر , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَر : { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } فَقَالَ : فِي هَذِهِ السُّورَة 14421 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } قَالَ : فِي هَذِهِ السُّورَة * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَجَاءَك } فِي هَذِهِ السُّورَة * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ شَرِيك , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . 14422 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ : هَذِهِ السُّورَة 14423 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , مِثْله . 14424 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } قَالَ : فِي هَذِهِ السُّورَة * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنْ الْحَسَن , بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع . وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي رَجَاء عَنْ الْحَسَن . مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أَبَان بْن تَغْلِب , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 14425 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } قَالَ : فِي هَذِهِ السُّورَة - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا آدَم , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي رَجَاء , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن الْبَصْرِيّ يَقُول فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } قَالَ : يَعْنِي فِي هَذِهِ السُّورَة وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَجَاءَك فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الْحَقّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 14426 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار وَمُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } قَالَ : فِي هَذِهِ الدُّنْيَا 14427 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , وَحَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة : { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } قَالَ : كَانَ الْحَسَن يَقُول : فِي الدُّنْيَا وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَوْل مَنْ قَالَ : وَجَاءَك فِي هَذِهِ السُّورَة الْحَقّ , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل , عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَأْوِيله . فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَوْ لَمْ يَجِيء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَقّ مِنْ سُوَر الْقُرْآن إِلَّا فِي هَذِهِ السُّورَة فَيُقَال وَجَاءَك فِي هَذِهِ السُّورَة الْحَقّ ؟ قِيلَ لَهُ : بَلَى قَدْ جَاءَهُ فِيهَا كُلّهَا . فَإِنْ قَالَ : فَمَا وَجْه خُصُوصه إِذَنْ فِي هَذِهِ السُّورَة بِقَوْلِهِ : { وَجَاءَك فِي هَذِهِ الْحَقّ } ؟ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَجَاءَك فِي هَذِهِ السُّورَة الْحَقّ مَعَ مَا جَاءَك فِي سَائِر سُوَر الْقُرْآن , أَوْ إِلَى مَا جَاءَك مِنْ الْحَقّ فِي سَائِر سُوَر الْقُرْآن , لَا أَنَّ مَعْنَاهُ : وَجَاءَك فِي هَذِهِ السُّورَة الْحَقّ دُون سَائِر سُوَر الْقُرْآن .

وَقَوْله : { وَمَوْعِظَة } مَنْ يَقُول : وَجَاءَك مَوْعِظَة تَعِظ الْجَاهِلِينَ بِاَللَّهِ وَتُبَيِّن لَهُمْ عِبَره مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ وَكَذَّبَ رُسُله . { وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } يَقُول : وَتَذْكِرَة تُذَكِّر الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرُسُله كَيْ لَا يَغْفُلُوا عَنْ الْوَاجِب لِلَّهِ عَلَيْهِمْ .
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5